|
في احتراق الدم والوقت لـ كمال عبدالحميد
|
خُذْ ما تركتْ لكَ خلفها خُذْ الريح المسجونة في الأدراج رائحة الليل على حواف الوسائد الصوت المعتق في كاميرا الفيديو الحصان الطائر الذي يركض في سقف الغرفة أثر فمها على كوب القهوة والشاي خُذْ ما تركتْ لكَ خلفها
خُذْ صوت أصابعها على خشب الباب حركة عينيها الوسيعتين حين تشدها الغيرة إلى الغضب والعتب شخبطاتها المحلقة بأجنحة لا تهبط بها إلا على ورق الدهشة فرشاة أسنانها المرصوصة كجدار أبيض ابتكره البناؤون في زمن بعيد
خُذْ ما تركتْ لكَ خلفها·· خُذْ من الصور ما تشتهي عيناك وقفةُ الملاكِ على رمل الأبيض المتوسط ابتسامتها على أريكة تواجه الزجاج المسكون بالغبشِ والرطوبةِ نعاسٌ طفولي في قطارٍ عائدٍ من الجنوب وجهها المستدير أمام موقد النار في قريةٍ ودعتها بأغنية عن الفرح بالبشر الطيبين
خُذ ما تركتْ لك خلفها خذ وصاياها المباركة النوم قبل احتراق الدمِ والوقتِ اليقظة أمام ثعابين تمشي على قدمين هجرة التعب الذي لا جدوى منه وامتلاك ما يغني عن الحاجة والسؤال والطمأنينة في الصلاة والدعاء والتطهر من غبار الطرقات التي قطعتها يأساً·· وعبثاً·
خُذْ ما تركتْ لكَ خلفها خُذْ الكتب التي أيقظتْ روحها على المعرفةِ والقلقِ، خُذْ "النص·· السلطة الحقيقة"، "إشكاليات القراءة وآليات التأويل··، "دوائر الخوف"، "الاتجاه العقلي"، "مفهوم النص"، "الأسطورة والتراث"، و"هذا الغد العجيب"
خُذْ ما تركتْ لكَ خلفها خُذْ عنادها في الحقِ، عنادها في الحب عنادها في الاكتفاء بما ملكت يداها، عنادها في الفرح بالعابرين إلى الموتِ والشهادة، عنادها في اقتفاء أثر الإجابات المستحيلة، في تتبع أحوال الطيبين في القرى والخيام
خُذْ ما تركتْ لك خلفها خُذْ طريقك إلى دمها الذي لا يشبه سوى دمها خُذْ الحكمة من محبتها، والفرح من بهجة المساءات التي اكتستْ بالضوء والموسيقى· كرر إهداءك إليها واجهرْ بالذي تظنكَ لم تجهر به قُلْ "أحبكِ"، واحبس شياطينكَ التي تجركَ إلى البكاء والنقمة
خُذْ ما تركتْ لكَ خلفها خُذْ اسمها وحدها وادخلْ قبركَ الذي صنعته بيديكَ
للشاعر كمال عبدالحميد
|
|
|
|
|
|
|
|
|