انتشرت في أواخر الثمانينات .. أوائل تسعينات القرن الماضي و حتى بدايات الالفية الثالثة .. انتشرت ظاهرة وبعبع مخيف ظل يطارد اصحاب الدخل المحدود ألا وهي ظاهرة "السياحي" .. ظهور باصات التاتا الهندية ذات "الكندشة" المؤقته قبل أن يأكل من سنامها الدهر و يتقادم عليها الزمن وتطولها أيدي الخراب .. ارتبط هذا البص بأسم السياحي فسمي "بالباص السياحي" كذلك أسعار بعض المنتجات المحلية والعالمية النادرة في الأسواق السودانية آنذاك والباهظة الثمن .. أساسها بعض المأكولات الغذائية الشعبية والغربية والفواكه و المشروبات المعلبة التي تحتوي على مواد حافظه .. جميعهاأصبح أسعارها يطلق عليها "السعر السياحي" كافتيريا زيد السياحية".. "مطاعم عبيد السياحية" "منتجع فلان السياحي" .. ويا ويلك لو ساقتك الأقدار إلى أحد الفنادق الكبيرة حتى ولو عن طريق الخطأ الغير متعمد مثل المريديانوهيلتون أو حتى شهر زاد أو لوكاندة كردفان بالمحطة الاوسطى ام درمان أو قل صالة القدوم أو المغادرة بمطار الخرطوم، وكذلك انتشرت الأندية والكافيتريات السياحية على ضفاف النيل أما عن هذه فحدث ولا حرج البته،(سياحه بالجملة) .. تلبية دعوة في هذا المكان كان بمثابة جميل يجب عليك حفظه للذي يتكرم بدعوتك في هذا المكان "الراقي" طوال حياتك، وغالباً ما يكون احد اصدقائك أو اقاربك من المغتربين الاوائل .. أو احد اصدقاءك من "اصحاب المصارين البيض" .. حتى انه أصبح الشكل الظاهري للإنسان مرتبطاً بهذا الاسم في زماننا هذا، فالشخص الغير مقبول الشكل يقال عليه أن فلان هذا "شكلوا سياحي" وناس قريعتي راحت ديل "شكلهم غير سياحي" وجهه يقطع الخميرة من البيت.
بهذه المناسبة مرت بخاطري طرفتين قديمتين بعض الشئ: عندما تقدم أحد الشباب لخطبة فتاة وكان "شكلوا غير سياحي" فأصبح يتحدث إلى والدة الفتاة عن نفسه كثيراً لتعزيز موقفه أمام النسيبة القادمة - أنا زول عصامي والحمد لله، أنا رجل إعمال عندي قروش كثيرة عندي عربات وبيوت عندي شقة في القاهرة أنا يا خالة اجتهدت وعملت كل شيء بنيت نفسي كويس، أنا ولله الحمد خلقت نفسي بنفسي، ضحكت والدة العروسة المرتقبة وقالت: أنا يا ولدي من قبيل أقول الخلقه بتاعتك دي ما خلقت ربنا" .. ولله في خلقه شئون ..
والطرفة الثانية بظهور الباص السياحي في الخرطوم عندما كان احد المواطنين يركب أحد باصات امدرمان المتجهة إلى الخرطوم وعند محطة المجلس البلدي، يعني اول محطة رئيسية للبص حدث نقاش حاد بين الكمساري واحد المواطنين عندما رفض دفع قيمة مبلغ الباص السياحي الذي يزيد عن الباص العادي بضع الجنيهات، بحجة "السياحي" فطالبه كمساري البص بالنزول في حالة عدم الدفع فرفض وفي نهاية الأمر استسلم تحت إصرار الكمساري فنزل و أدار وجهه ناحية الركاب قائلاً: "أتمنى لكم رحلة سعيدة، وأن يطيب لكم المقام، وإنشاء الله البلد تكون عجبتكم يا جماعة" ..
تتعدد الأسباب والمسميات واحدة مع الاختلاف في الأهداف التي من اجلها انطلق هذا الشبح المخيف كما ذكرنا في ذلك الوقت والدليل على ذلك أن شخص ما في أي مكان ما بمجرد ذكر كلمة سياحي كانت تعني له .. لا جدال .. لا تفاوض .. لا نقاش في ما تريد، أما إن تأخذ أو تذهب إلى الجحيم..
نتسأل؟؟؟ ما علاقة هذه المقدمة الطويلة بلب الموضوع "الزواج السياحي" .. أطلعت اليوم في الاخبار عن موضوع بهذا الشكل فأثار فضولي في قراته .. وددت اطلاعكم عليه .. رضيتم ام ابيتم
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة