" حمار " الشيخ .. و " عقبة " المحاسبة !

Quote: في مائدة قومية مستديرة جمعت إعلاميي الشمال والجنوب الحكومة تعلن التزامها بحرية التعبير والمجتمع الدولي يتعهد بدعم الإعلام رصد: المحرر السياسي التأمت امس بقاعة الصداقة فعاليات المائدة القومية المستديرة حول: «تشجيع حرية التعبير ومشاركة المجتمع المدني في تشريع قانون اعلام ديمقراطي». والتي نظمها بالاشتراك مركز الخرطوم لحقوق الإنسان وتنمية البيئة، ومنظمة (19) article المادة (19) ومنظمة العون الشعبي النرويجي Norwegian people's Aid والمنظمة العالمية لدعم الاعلام international media support ، لاعلاميي الشمال والجنوب للنظر في تطوير اجهزة الاعلام والعاملين فيها، وتغيير البيئة القانونية التي يعملون فيها من اجل بناء السلام وقيادة عملية التحول الديمقراطي. وكانت قد سبقت انعقاد هذه المائدة القومية مائدتان العام الماضي في كل من نيروبي والخرطوم، ثم مائدتان اخريان الاولي لاعلاميي الجنوب علي حدة في رمبيك في سبتمبر الماضي، والثانية لاعلاميي الشمال بالخرطوم قبل ايام . دعم حكومي: وزير الدولة برئاسة الجمهورية، تيلارا دينق، الذي اناب عن النائب الاول لرئيس الجمهورية سلفاكير ميارديت الذي كان يفترض ان يفتتح فعاليات المائدة، الا ان مغادرته الي جوبا امس للتوقيع علي دستور الجنوب، حالت دون حضوره، قال في كلمته ان رسالة سلفاكير للمائدة المستديرة هي ان حكومة الوحدة الوطنية تريد ان ترى ا لحريات الاساسية وبينها حرية التعبير واقعا معاشا، وان تطبيق اتفاقية السلام تطبيقا تاما من شأنه ان يكفل هذه الغاية، ويحمي كافة حقوق الانسان لأنها كفلت فيها وضمنت في الدستور، مؤكدا ان هناك التزاما بأن تعمل حكومة الوحدة الوطنية على تعزيز حرية الفكر والاعتقاد لحماية حرية التعبير بالقانون، لأن هذا يحقق وحدة السودان. وشدد دينق علي ان الحريات ليست منحة من جهة او اشخاص، وانما هي من ا لحقوق الاساسية خاصة وان السودانيين يعشقون الحرية. وقال منسق مجموعة اعلاميي شمال السودان محجوب محمد صالح، ان المائدة المستديرة القومية مهمة جدا حيث لم يتم من قبل مثل هذا الاجتماع بسبب الحرب الاهلية، كما انها تأتي في اعقاب التوقيع علي اتفاقية السلام واجازة الدستور الانتقالي الذي كفل حرية التعبير وكافة الحقوق الاسياسية للمواطنين. واوضح ان المائدة تبحث موقف اجهزة الاعلام بعد تحقيق السلام ودورها في تعزيزه حتى يمضي للامام، وللخروج بالتزامات من الجميع بان تكون حرية التعبير اساسا للعمل الاعلامي ، مشيرا الي ان اجهزة الاعلام كانت تعمل في ظل ظروف قمعية قبل توقيع اتفاق السلام، غير ان الصحافة ومنذ التوقيع علي الدستور الانتقالي في يوليو الماضي، صارت تعمل دون رقابة من الاجهزة الامنية. ورغم تأكيد الاستاذ محجوب علي كفالة الدستور للحريات، الا انه قال ان القوانين لم تتغير بعد لتتماشى مع الدستور، مشددا على اهمية تعديلها ، ورأى محجوب ان ترقية الاعلام في السودان لا تقف على تغيير الاطار القانوني فحسب، وانما الي تغيير كامل البيئة مثل ان يصبح تمليك المعلومات للإعلام حقا قانونيا ، وكذلك تغيير قوانين منح ترخيص اصدار الصحف وانشاء اجهزة الاعلام الاخرى وغيرها، بالاضافة الي بناء القدرات من اجل انشاء اعلام مهني متقيد بالاسس والضوابط، وقادر على قيادة عملية التغيير في البلاد، لافتا الى ان غياب الاعلام الحر لقرابة عشرين عاما افقر المؤسسات الاعلامية من كوادرها المؤهلة، وجعل هناك فجوة بين الاجيال في اكتساب الخبرة والتأهيل اللازمين. مشيرا ايضا لبنية الاعلام التحتية المنهارة خاصة وان الاعلام صار صناعة مكلفة، موضحا في هذا الصدد افتقار الجنوب حتي الآن لمطبعة يمكنها ان تخرج صحيفة. وطالب محجوب بتحويل جهازي الاذاعة والتلفزيون المملوكين للدولة الي مؤسسات خدمة عامة كما هو معمول به في كل العالم الديمقراطي، واضاف ان هذه قضايا كبيرة وحلها بيد السودانيين وحدهم لأنهم الادرى بظروف وامكانات بلادهم، ولكنهم يستعينون بخبرة بعض منظمات المجتمع المدني الدولية والاقليمية ذات الباع في هذا المجال للخروج برؤية تأخذ في اعتبارها التنوع العرقي و الثقافي والديني في السودان. وأكد محجوب على ان المائدة المستديرة تهدف الى خلق اعلام قادر علي تحمل تبعات بناء السلام لأن دوره مهم للغاية، خاصة في دولة خارجة من تجارب حروب اهلية طويلة الامد مثل السودان، لأنه اذا كان اعلاما منفلتا وغير مهني سيقود الي انهيار عملية السلام، بينما اذا كان اعلاما حرا ومنضبطا بمهنيته سيخرج بعملية السلام الي بر الامان. العالم يدعم: واكد القائم بأعمال سفارة النرويج بالسودان علي اهمية حرية التعبير، مشيرا في هذا الصدد الى ان الحريات عموما تتقدم في السودان بعد اتفاقية السلام. واضاف ان الاعلام هو سلطة رابعة حقيقية وان حرية التعبير تشكل معلما اساسيا ومعيارا لأي مجتمع متقدم. موضحا ان الاعلام الحر لا تقتصر مهمته على تمليك المعلومات للمواطنين فحسب، وانما تبصير الحكومة ايضا بالمعلومات التي توفرها لأجهزتها المختلفة. غيران السفير رهن قدرة الاعلام على القيام بهذه المهمة بتأكيده على ان ما يكتبه ويقوله صحيح، مطالبا الاعلاميين بالتقيد الصارم بالمصداقية حتى وان كانوا يعملون في ظل ظروف قمعية ، معتبرا ان جزءا من خدمة الاعلام للناس ايضا القيام بالرقابة علي الدولة، واصفا هذه المهمة بالدور الجوهري في ترقية الحكم الراشد وتعزيز حقوق الانسان والديمقراطية لأنه سيكون صوت من لا صوت لهم. واكد السفير علي دعم بلاده اللا محدود للاعلام في السودان لأنه احد الادوات المهمة في تنفيذ اتفاقية السلام وقيادة التحول الديمقراطي وتعزيز قيم الحكم الرشيد، واضاف (دعمنا للإعلام هو جزء من دعمنا للفقراء حتى يحققوا ما يعتقدون انه حق لهم)، واوضح ان دعمهم يتمثل في بناء القدرات للإعلاميين والضغط مع المجتمع الدولي من اجل تغيير الاطار القانوني الذي يعمل فيه، حتى يتمكن الاعلام من اداء رسالته علي الوجه الاكمل، ومساعدة الصحافيين الذين يعتقلون ودعم اسرهم وكذلك الصحافيات اللائي يمارس ضدهن تمييز على اساس النوع، وزاد ان بلاده ستدعم الاعلام بآليات التي تمكنه من الانتشار عبر تقنيات نشر جديدة وبناء قدرته ليتمكن من الوصول الي المعلومات الصحية. من جانبه، اكد ممثل اليونسكو بالسودان ابراهيم سديبي على جاهزيتهم لمساعدة السودانيين في بناء السلام والتحول الديمقراطي وتطبيق اتفاقية السلام، مشيرا الى ان دعمهم سيكون عبر ترقية الاطار القانوني لعمل الاعلام ليتناسب مع المعايير الدولية المعمول بها ، وكذلك بدعم المؤسسات والتدريب الاعلامي وتوفير المعدات والبنى التحتية له، واضاف: سيكون هناك تعاون كبير بيننا وبين المؤسسات الاعلامية. واكدت المديرة التنفيذية لمنظمة المادة (19) على دعمهم لتعزيز حرية التعبير في السودان ومساعدة الاعلاميين في الشمال والجنوب في وضع اطار مؤسسي لعمل الاعلام في المرحلة القادمة، واضافت : يمكننا تكوين لوبي لتطبيق ما تتوصل اليه المائدة المستديرة، وشكرت السلطات التي اتاحت لهم عقد المائدة المستديرة في الخرطوم. رؤى من الشمال والجنوب: وقال فيصل الباقر، من مركز الخرطوم لحقوق الإنسان ان المائدة المستديرة تهدف لفتح الطريق نحو التحول الديمقراطي في ادارة الاعلام بالسودان ، واضاف ان الاعلاميين كانوا يأملون في قيام مفوضية للإعلام ضمن اتفاقية السلام، غير انه رأى امكانية تضمين شأن الاعلام ضمن مفوضية حقوق الانسان ، مشيرا الى ان اعلاميي الجنوب قدموا وثيقة لإعلام ديمقراطي حقيقي نظرا لعدم وجود قوانين سابقة لديهم تقمع الحريات، عكس اعلاميي الشمال الذين ادروا معارك كبيرة ضد القوانين القمعية. وقال جاكوب أكول، منسق مجموعة اعلاميي جنوب السودان ان مائدة رمبيك المستديرة خرجت بسياسة اعلامية موحدة لجنوب السودان، لافتا للتعاون الكبير الذي وجدوه من قبل حكومة وبرلمان جنوب السودان اللذين رحبا بوثيقتهم التي خرجوا بها، ودعواهم لوضع مسودة لقانون العمل الاعلامي في الجنوب، والتي انتهوا منها بمساعدة من منظمة المادة (19). من جانبه، اوضح مصطفى بيونق، ان ورشة رمبيك رأت ان مجلس الصحافة هو جهة مقيدة، وطالما ان هناك مسجلا للشركات فيجب الغاؤه بجانب رفضها لشرط القيد الصحفي لممارسة مهنة الصحافة. واقترح محجوب عروة، وضع مسودة لقانون الصحافة ووسائل الاعلام الإلكترونية وميثاق جديد للشرف الصحفي. بينما رأى رئيس تحرير صحيفة (سيتزن) الناطقة بالانجليزية نيال بول، ان التغيير في الشمال يستغرق وقتا طويلا اكثر من سنوات الحرب نفسها نظرا للتعقيدات الكبيرة فيه، رافضا مجلس الصحافة الحالي، معتبرا اياه ليس قوميا الي جانب رفضه لكامل السياق القانوني والسياسي والاجتماعي الذي تعمل فيه اجهزة الاعلام في الشمال، داعيا الى قيام جسمين ينظمان العمل الاعلامي واحد في الجنوب والآخر في الشمال واضاف: (لست مستعدا لاضاعة زمني في جدال حول القوانين الاسلامية مرة اخرى)! فيما رأى فيكتور، من سودان راديو سيرفس بنيروبي، ان مجلس الصحافة الحالي انشأته حكومة السودان السابقة وليس حكومة الوحدة الوطنية، مطالبا بحله وتكوين مجلس آخر اذا كانت هناك جدوى منه، يكون مستقلا عن الحكومة لتنظيم عمل الصحافيين. وذهبت جين في ذات اتجاه فيكتور، وطالبت بحل المجلس ولكنها اكدت ان الصحافيين ليسوا فوق القانون . واتفق معها مصطفى سري من صحيفة الشرق الاوسط، وطالب بحل المجلس وتغيير كامل البيئة التي يعمل فيها الاعلام حاليا. ورأى جاكوب اكول ان المجلس ليس عادلا، وكانت له اجندته الخاصة، واضاف اننا عندما نطالب بحله فإننا جادون في ذلك. وذهبت اغلب الاصوات بالمائدة الى اتجاه حل مجلس الصحافة ، بينما طالبت الغالبية بوضع اطار جديد لخدمة الاذاعة والتلفزيون، ورفضوا ملكية الدولة لأجهزة الاعلام حتى لا تستغل الموارد العامة للدعاية لنفسها . وقد تكونت مجموعات عمل لوضع مسودات لميثاق الشرف الصحفي الجديد ولبناء القدرات المهنية، واطار عمل لخدمة الاذاعة والتلفزيون ، توطئة لطرح هذه المسودات للمناقشة واستصحابها في وضع البيان الختامي للمائدة المستديرة الذي سيصدر في ختام اعمالها اليوم.