|
إنسان "ورائي"!
|
إنسان "ورائي"!
خالد عويس ليس انشداد السودانيين الواضح لمعاقرة الماضي ناجما فحسب عن إفراطهم في التشاؤم حيال الحاضر ورغبتهم العارمة في الهروب من اللحظة الراهنة بكل تداعياتها على الأصعدة كافة، وإنما ينتج أيضا عن زاوية نظر "ماضوية" تستحثهم دائما على الالتحاق بالماضي الأزهى والأعظم.
وتكشف لي هذه المعضلة على نحو ما عن قلة ثقة السودانيين بأنفسهم وقدراتهم، ما يدفعهم للبحث عن عناصر للمجد فيمن سبقوهم. والمحير فعلا أن كل لحظة تعبر وتصبح جزء من ماضينا، تتوهج في الحاضر كحدث لافت و"كامل". لن أخوض كثيرا في رصد هذه الظاهرة على المستوى السياسي وما أفرزته في هذه الناحية من كاريزمات غاية في المهابة منتمية للماضي ومهشمة في الوقت ذاته أي اجتهاد سياسي ناشئ عن الظروف الحالية، وما أورثته كذلك من شعور مسيطر علينا بأن أحداث الماضي إنما هي أمجاد مطلقة لا تستدعي حتى النقد، فالأمر نفسه ينطبق وعلى نحو داع للرثاء على شؤوننا الثقافية والرياضية والاجتماعية.
فاللاعب الفلاني الذي سكب عرقه على الملاعب في الخمسينات والستينات لا يتكرر، والفنان العلاني الذي رحل في الستينات تعجز الأمة عن إنجاب نظير له. والمجتمع بكامله الذي كان يملأ هذه الجغرافيا قبل خمسين سنة لا يشبهنا، فهو مجتمع مثالي بالنظر إلى المجتمع الحالي.
الأكثر غرابة هو أن هذا التشخيص الخاطيء والارتهان إلى الماضي كمثال يستحيل علينا اللحاق به، تؤمن به الغالبية العظمى من الشعب السوداني. وبالطبع ليس هذا التقييم ناتجا عن دراسة أكاديمية محكمة، لكنه حصيلة معايشة ودراسة متأنية لطروحات ورؤى يتقن تمريرها الكبار والصغار في السودان.
ويصبح مثل هذا الأمر عبئا كبيرا على مستقبلنا حين النظر في آثاره السالبة على تكويننا النفسي وعقلنا الجمعي. فأمة بكاملها حين يصار – بإرداتها – إلى حبسها في الماضي، وتتعطل طاقاتها الذهنية وقدراتها على إبداع مستقبل أفضل، ينتهي بها الحال ولابد إلى إعادة إنتاج أزماتها.
والأزمة - أي أزمة مجتمعية – في بعض جوانبها هي أزمة فرد. والفرد بتكوينه والمؤثرات التي حفرت عميقا في عقله ووجدانه، يشكل جماعة فاقدة بوصلة المستقبل. هل يستدعي ذلك شطب التاريخ؟ كلا، ولكن يجب أن تتأسس نظرة جديدة إلى التاريخ، بحيث نفضي إلى تأمله وتأمل أنفسنا بداخل حركته إلى الأمام، ومعاينته وفقا لرؤية علمية لا تكرس بطولته المطلقة ومثاليته اللامنطقية، وإنما تجذر طاقة دفع باتجاه المستقبل، مستقبل الفرد الواثق بقدراته والنازع إلى تأسيس مستقبل أفضل. ومن مجموع أفراد على هذه الشاكلة النافضة يدها من عبء الماضي ووساوسه تتكون الجماعة القادرة على تفجير أقصى طاقاتها من دون اعتبار الماضي أبا يحطم ثقتنا بأنفسنا.
انشداد السودانيين ينبغي أن يكون باتجاه مستقبلهم لا باتجاه الماضي. والماضي بكل أحداثه وشخوصه العظيمة لا يكبح جماحنا في رغبة لابد أن تتولد - جميعا – لتخطي عظمته إلى عظمة مستقبل نصنعه بأيدينا. وعظمة شخوص الماضي يجب أن تكون حافزا لأن نكون نحن أعظم !! _________________
مجلة "الخرطوم الجديدة" .. زاوية "هموم فكرية" / عدد يونيو 2005
|
|
|
|
|
|
|
|
الاستاذ خالد عويس - تحياتى (Re: خالد عويس)
|
هل صحيح نحن أمة محبوسة فى الماضى؟ هل صحيح أننا نحبس أنفسنا فى ماضينا ونركن اليه ولا نكاد نطيق فراق ذلك الماضى ؟ لا اعتقد ذلك مطلقا . احتفاء السودانيين ببعض نجاحاتهم الباهرة فى بعض صنوف الابداع مثلا لم يحبسهم من تجلية ابداعات جديدة وبصورة أقوى . كان عندنا العباسى والتجانى يوسف بشير فى الشعر العربى الفصيح فاصبح عندنا محمد المكى ابراهيم وصلاح احمد ابراهيم والمجذوب وكان عندنا فى الشعر الغنائى العبادى وعبد الرحمن الريح فاصبح عندنا فضل الله محمد وعمر الشاعر وكان عندنا فى المسرح خالد ابو الروس فاصبح عندنا حمدنا الله عبد القادر ومحمد نعيم سعد وغيرهم وغيرهم وكان عندنا الطيب صالح منذ بعض الوقت فاصبحت الساحة الآن تضج بالمبدعين الشباب - هل احدد اسماء - لا استطيح ولكنى اذكر صاحب البنت التى طارت عصافيرها ذلك الكتاب الكسول الذى نقول له بشرى الفاضل . استاذ عويس : عظمة الشعوب دائما فى استذكارها لماضيها والحرص عليه فالذى ليس له قديم لن يكون له جديد وقديما قيل الماعندو قديم تياه . الامريكيون - يمجدون قدماءهم حتى الذين فشلوا لأنهم يعتبرون تاريخ الأمة كلا لا يتجزأ فحتى الآن تسمى بعض المرافق على بعض قادتهم الذين قادوا عملية الانفصال التى اشعلت الحرب الاهلية الطاحنة فى تاريخ امريكا . ليتنا نحتفى اكثر بقديمنا ونحرص اكثر على البناء فوق ذلك القديم وليس تدميره او الغاءه . مما نسمع ونشاهد من غلو فى هذا الاتجاه هذه الايام ----------- على حمد ابراهيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاستاذ خالد عويس - تحياتى (Re: ali ibrahim)
|
الأستاذ الجليل خالد عويس ..
فى الحقيقة .. الموضوع ليس عملية تفاؤل أو تشاؤم .. وانما التاريخ هو الشاهد .. ان الظروف الحالية التى يعيشها السودان ، هى خير دليل على التغييرات التى حدثت للمجتمع السودانى .. وكيف نحكم على المجتمع ؟.. نحكم عليه من تصرفات الأفراد .. فقد استطاعت الحكومة الحالية تغيير جيلا كاملا بمفاهيم ونعرات لم تكن موجودة من قبل .. فهل .. عندما نتباكى على سودان الأمس .. نعتبره تشاؤما ..؟؟ !!
عندما .. تجد أنواع التفرقة فى الدين .. وعندما تكثر مفردات الكفر والتكفير .. وعندما تتكرر كلمة النصارى .. النصارى .. قد عشنا فى السودان وتعايشا مع السودانيين .. ولكننا لم نشعر قط .. أكرر لم نشعر قط .. بالتفرقة ؟؟ الا فى خلال سنوات هذه الحكومة الحالية ؟
أستاذى .. اننى لا أتباكى على اللبن المسكوب .. وانما أتباكى على موت شخصية السودانى الأصيل شخصية السودانى القديم .. والتى من الصعب أن تعود كما كانت ..
آسف أخى .. قد أكون أسأت فهمك فى جملة الموضوع .. وانما اعتبرنى قد قمت بالتعليق على نقطة جانبية لم تكن فى لب الموضوع ..
وشكرا مرة أخرى .. على مداخلاتكم التى أعتز بها .. والى الأمام ..
عمكم العجوز .. أرنست
| |
|
|
|
|
|
|
|