الفلسفة .. صيغة عملية أم هيام وراء الأخيلة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-25-2024, 06:59 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-04-2004, 06:50 PM

Yaho_Zato
<aYaho_Zato
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفلسفة .. صيغة عملية أم هيام وراء الأخيلة (Re: Yaho_Zato)



    في العالم الإسلامي


    سنأخذ أيضا مرحلة معينة أو شريحة معينة من تاريخ المجتمع الإسلامي كمثال .. و هذه المرحلة بطلاها الغزالي و إبن رشد.

    في أفريقيا و آسيا عموما .. لم يكن مسار تطور الفلسفة كذلك الذي كان في أوروبا .. إذ لم يكن العلم و الدين على شقاق .. و لم يمرا بمراحل مماثلة لتلك التي مر بها الدين و العلم في أوروبا .. فقد كانا على وفاق في حضارة كوش .. و كانا على وفاق في حضارة زمبابوي القديمة .. و كانا على وفاق في حضارات الصين القديمة .. و كانا على وفاق في حضارة فارس و حضارة بابل و الحضارات الهندية القديمة و الحضارة الإسلامية .. و لا نعني بالوفاق هنا أنهما كانا متساويان في القيمة و السلطة .. بل من المؤكد أن سلطة الدين كانت مهيمنة على سلطة العلم تماما في معظم الأحيان .. و قد رضي العلم بأن يصبغ بالصبغة الدينية عموما في هذه الحضارات .. فكانت الهندسة الخلاقة في الأهرامات مستثمرة أساسا لخدمة الرموز الدينية .. و كافة الإكتشافات العلمية للمصريين القدماء تندرج تحت ذلك التصنيف .. و لايخرج عن هذا خارج في باقي الحضارات المذكورة أعلاه إلا شذرا .. إلا أن الإسلام قد أتى بعد تراكم عدة قرون من وفاة النبي محمد بمحاولات لتمييز المحاولات العقلية البحتة عن الدين .. و قد سمي العلم التأملي العقلي البحت بالفلسفة في الحضارة الإسلامية .. و ذلك في زعمنا لم يتولد من داخل المجتمع الأفريقي و الآسيوي (اللذان أنجبا المجتمع الإسلامي) عامة.. و لكنه تولد في معظمه بعد حركة الترجمة للكتب الإغريقية القديمة للعربية .. و لم يكن للفلسفة في المجتمع الإسلامي في ذلك الوقت أن تحاول التملص من الدين .. فذاك كان أمرا خطيرا جدا كما أنه كان محكوم عليه بالفشل في الوسط الإسلامي الشعبي الذي يقر إقرارا تاما بسلطة الدين و إن لم يلتزم في الغالب بحرفياته في كل ما يأتي و ما يدع .. لهذا كان غاية محاولات الفلاسفة المسلمين أن يجعلوا الفلسفة بمعزل عن الدين و لكن غير مواجهة له و إنما مكملة له .. و كان هذا غاية ما طالب به إبن رشد .. أبرز شخصية في الفلسفة الإسلامية .. و قد مضى إبن رشد في محاولة تلميع وجه الفلسفة عند المسلمين للقول بأن علم الفلسفة إنما هو العلم الذي يزيد الإيمان بطروحات الدين .. و نحن لا نقول أن إبن رشد قد أخطأ في ذلك و لكننا لا نبرر دوافعه تماما .. فابن رشد كان قد وجد نفسه في مواجهة غريبة مع المدارس الدينية في عصره و العصور التي سبقت ميلاده مما دفعه لمحاولة تبرئة الفلسفة من أي معارضة عندها للدين .. و كل هذه المدارس الدينية كانت تنظر للفلسفة بعين الشك و الريبة و الإتهام .. حتى الصوفية المعروفين بتسامحهم الفكري العام كانوا قد صالوا و جالوا في هذا الميدان عن طريق أحد أبرز شخصياتهم أبو حامد الغزالي الذي كتب أكثر الكتب الإسلامية قسوة على الفلاسفة ( تهافت الفلاسفة) .. و إنتقدهم بشكل لاذع في كتبه (إحياء علوم الدين) و(المنقذ من الضلال) .. هذا بالرغم من أنه كان أفضل من غيره بكثير عندما أشاد ببعض حسناتهم الفكرية و إجتهاداتهم المنطقية الطيبة كما أنه نفسه قد كانت له سياحة فكرية كبيرة في ذلك المجال .. و لكن إبن رشد الذي لم يكن قد خرج للحياة بعد عندما كتب الغزالي (تهافت الفلاسفة) أخذ المسألة بشكل شخصي .. و كان أن كتب كتابه الذي ليس بشهرة كتاب الغزالي (تهافت التهافت) . . و نلحظ من عنوان الكتاب موقع تصويب إبن رشد ، فهو رغم غضبه الجام لم يتحامق تحامقا كبيرا .. فهو لم يقل (تهافت الغزالي) و هو يعرف أن الغزالي ليس بمن يوصف بالتهافت .. و لم يقل (تهافت أفكار الغزالي) لأنه يعلم أن الغزالي في كثير من أفكاره قد أنصف الفلاسفة و لو بعض الشيء .. و لكنه قال (تهافت التهافت) ليحدد موقع تصويبه ، و هو كتاب الغزالي المدعو (تهافت الفلاسفة) و هو ينتقده في عمومه و لا ينتقده كله برمته لأن الكتاب لم يكن كله مخالفا لأفكار إبن رشد .. و لكن إبن رشد لم يستطع أن يكظم غيظه أكثر من ذلك فكال للغزالي إتهامات الجهل و (العامية) و غيرها ( المقصود بالعامية أن الغزالي تفكيره كتفكير العامة من الناس .. و كان هذا يعد إستخفافا كبيرا في ذلك الوقت) .. و لكن حتى لا نظلم إبن رشد فمن المنصف أن نذكر أن الغزالي لم يكن أقل تحاملا على الفلاسفة في كتابه المذكورأعلاه .. هذا مع أن الغزالي نفسه يسمى اليوم في أغلب الأحيان فيلسوفا عندما نقدمه للعالم كشخصية تاريخية إسلامية .. و هي ليست تسمية خاطئة على الإطلاق لو نظرنا للمعنى الأصيل لكلمة الفلسفة .. و الفلسفة بمعناها الأصيل المذكور في أول المقال تنطبق على أصحاب الرسالات السماوية من البشر أيضا .. و رغم أن الغزالي بطبيعة كتاباته يعمد لأن لا يشير بأصابع الإتهام لشخصيات بعينها إلا أنه لم يكن رحيما بــ(الفلاسفة) بشكل عام في ذلك الكتاب .. و كان عذر الغزالي أنه كان يريد أن يصرف العامة عن هؤلاء (الفلاسفة) و لو بالزجر الفكري لكون ضررهم أعظم من نفعهم في نظره .. و الغزالي في النهاية كان يرى نفسه مرشدا دينيا يهتم بالتربية الدينية لمريديه و أتباعه و العامة قبل كل شيء .. و يتخذ الطريقة التي يراها مناسبة لعدم تشتيت فكرهم بما رآى فيه مضيعة للوقت في معظمه إن لم يكن أكبر ضررا من ذلك على بعض ضعاف النفوس في نظره .. و قد كان عهد الغزالي عهد وصاية فكرية واضحة .. و في هذه النقطة بالذات يتفق الغزالي و إبن رشد في أن هناك خاصة من الناس يتفوقون في القوة العقلية على العامة من الشعب و يتسترون بعلومهم عنهم لأنهم لا يطيقونها .. و إبن رشد كان يسمي هؤلاء الخاصة بالفلاسفة في حين كان الغزالي يدعوهم بأهل الكشف أو علماء الباطن .. و أوروبا نفسها لم يسلم فلاسفتها الكبار من تلك النظرة التي تعد غير مقبولة على الإطلاق في عصرنا الحاضررغم أنها تكون مفهومة جدا إذا وضعت في أطارها الزماني.

    و الغزالي له صولات و جولات مع غير الفلاسفة أيضا مثل علماء الكلام مثلا .. و لسنا هنا بصدد الحديث عن ذلك .. و لكننا نريد أن نشير لإحدى الإشارات الذكية جدا للغزالي في خصوماته الفكرية مع خصومه الفكريين .. فهو الذي أشار قبل غيره إلى أهمية عدم تقليب معاني المصطلحات .. فأهل الفتاوي في زمان الغزالي كانو يسمون بالفقهاء .. و يسمون أيضا بالعلماء كما كان يسمى كذلك أهل الكلام .. في حين أنف الصوفية عن منازعة هؤلاء في تلك الاسماء و رضوا بمسمى الصوفية و لم يهتموا بحرب المصطلحات الحامية الوطيس من حولهم .. و لكن الغزالي في كتابه (إحياء علوم الدين ) لم يرض أن يفوت هذه القضية دون توضيح .. فأسهب في تبيين أن اللعب بهذه المفاهيم هو الذي أوصل الناس إلى أن يشيروا بها إلى الذين لا يستحقوها في نظره و يستشهدون بها على أهلها الأصليين في نفس الوقت .. و إستشهد مثلا ببعض الأحاديث النبوية الشريفة كقول النبي (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) و أشار إلى كيف أن أهل الفتوى اليوم يتشدقون بمثل هذا الحديث و هم أبعد الناس عنه .. و هو يعني معظمهم و ليس كلهم .. فالغزالي هنا يوضح مشكلة الصراع حول المصطلحات و التي قد تغيب الكثير من الحقائق على الناس مع مرور الزمن .. فعامة من يقرأ الحديث النبوي اليوم ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) تقفز إلى ذهنه صورة المجلدات المتراكمة على بعضها من التفاصيل المملة لفتاوي الحيض و النفاس .. و أحكام بيع الطير في السماء .. و شبيهاتها.

    نزعم أن مثل ذلك الصراع المصطلحي الذي بينه الغزالي حول المسميات الدينية هو نفس الذي جرى لمفهوم مصطلح الفلسفة .. فالفلسفة في حقيقتها هي أكبر ما يميز الإنسان عن الحيوان .. إنها الإنتاج العقلي الواعي بخواص البيئة و حدود قدرة الإكتشاف عند الإنسان .. و هي ببساطة (أم العلوم) و خصوصا التجريبية .. فعلوم الرياضيات و الفيزياء و الكيمياء و الأحياء و هندساتها .. كل هذه لم تكن منفصلة عن الفلسفة في بدايتها حتى في العالم الإسلامي .. فنحن اليوم مثلا نذكر إبن رشد الفيلسوف فيغيب عن ذاكرتنا إبن رشد الطبيب و القاضي .. و نحن اليوم بالعكس مثلا نذكر إبن سينا الطبيب و لا نكاد نذكر إبن سينا الفيلسوف صاحب الكتاب الفلسفي المعروف (الإشارات و التنبيهات) .. في حين أن كل ما جاءنا من إبن سينا كان نتاجه الفلسفي .. فوجد بعض منه فرصة التطبيق التي أكدت صحته فسمي علما .. و تكاثرت علامات الإستفهام حول بعضه الآخر و ظهرت فيه بعض التناقضات مع الدين فسمي فلسفة .. لهذا نجد أنه لم يكن من الإنصاف وضع الفلسفة (كمصطلح) في خط مصادم للدين أو حتى منعزل عنه .. و هنا نجد الإنصاف الديني في قول الأستاذ محمود محمد طه (الدين و الفلسفة نبعا من الأرض .. أما الدين فقد إلتقت به أسباب السماء فهذبته) (قد لايكون اللفظ من عندي مطابقا).. و هذا يعني عندنا بالقياس أيضا أن الفلسفة لها حظ كبيرفي المعرفة - حتى الغيبية منها - و هي كما تصيب كثيرا تخطئ أيضا لأنها غير مسددة بقدر السداد الذي لقيه الدين بالتقائه السماء (من الناحية الإيمانية) .. و لكن إنكار إنتاجها و الإستخفاف به قد يكون في النهاية إستخفافا بالدين و العلم سويا إذ أنه متجذر فيهما .. و على العموم فإن نتاج الفلسفة الذي أثبتت التجربة صدقه يمنع كل ذي حلم من أن يسيء لها أو يبخس قدرها.. و لكن ما بال أقوام اليوم جعلوها صنعة تمتاز بالكسل و السلبية و البعد عن العملية .. حتى أفرغوها أو كادوا من محتواها و جعلوها محصورة في جانب ضيق جدا من تخصصاتها الواسعة؟ .. و هل بإمكاننا نحن اليوم أن نعي أهمية عدم الإستخفاف بمصطلحات أخرى لقيت نفس ما لقيه هذا المصطلح و أصبح يستخدم لأذية أهله و أصحابه بالأصالة مثل ما أشار له الغزالي أعلاه؟ .. و غير ذلك الكثير من المصطلحات المعاصرة التي بدأت تواجه نفس المصير .. مثل "العلمانية" و "العلمية" و "الإشتراكية" .. بل و حتى مصطلح "الإسلام" نفسه.

    في الختام .. لا أستبعد أبدا وجود ثغرات كثيرة في هذ المكتوب .. و لكنه على الأقل يصلح للإبتداء في إتجاه قد يكون صحيحا حسب زعمي .. فمن المعروف أن اللغة سلاح قوي .. و اللعب بها و تحويرها لا يستهان بتأثيره البطيء - و لكن فعال - عبر التاريخ... و لا يضر المصطلح شيء بقدر تحويره عن معناه الأصلي .. و لو كان بهدف إيجابي كتجميله أو تحبيبه إلى مشاعر الناس.










                  

العنوان الكاتب Date
الفلسفة .. صيغة عملية أم هيام وراء الأخيلة Yaho_Zato05-04-04, 06:44 PM
  Re: الفلسفة .. صيغة عملية أم هيام وراء الأخيلة Yaho_Zato05-04-04, 06:49 PM
    Re: الفلسفة .. صيغة عملية أم هيام وراء الأخيلة Yaho_Zato05-04-04, 06:50 PM
  Re: الفلسفة .. "حب الحكمة" Yasir Elsharif05-06-04, 04:50 PM
    Re: الفلسفة .. "حب الحكمة" Abdel Aati05-06-04, 09:58 PM
      Re: الفلسفة .. "حب الحكمة" Yaho_Zato05-07-04, 02:42 AM
        Re: الفلسفة .. "حب الحكمة" yumna guta05-09-04, 03:49 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de