هل من حقنا أن نصـــــــــــــــرخ ؟؟؟
هي بالنسبة لي زهرة لكل المواسم، إذ أنها دائما تقلب موسمك الذي تعيشه إلى ربيع، تنثر عبقها، وطيبها، وحلاوة روحها، ولطفها بلا حدود. تقابلك بابتسامة تشرح صدر كل معنّى، وترد روح كل منهك. وجهها كالبدر، والعود منها فارع، والخصر منها نحيل. عرفتها صديقة وأختا وزميلة درب. راقبت أيامها تمر كشريط روائي يبث أمامي بالصورة والصوت، وتساءلت كثيرا في داخلي، لم لم يحالفها الحظ في الالتقاء بمن يظفر بقلبها ليسعدها وتسعده، فهي على الأقل تمتلك مقدرة فائقة على بث السعادة في نفوس الذين يعرفونها... لم تُتح لي الفرصة لأوجه لها هذا السؤال بصورة مباشرة، وكأنني لاحظت أنها منصرفة عن التفكير في هذا الأمر، لكن السؤال ظل ينام ويصحو معي ويجد له محرضا في نفسي. تحينت الفرص لأصطاد إحداها، ولأنتزعها من استغراق دوامة الحياة ومن بين الكثيرين من المتعلقين بها. حانت واحدة، فقررت أن أستثمرها، شبعت منها تبسما وحلاوة وعذوبة، وتبادلنا أحاديث شتى. وجدتها تغوص في داخل كثير من أمور الحياة ، المرأة، الاقتصاد، السياسة، مواسم الضياع والشتات، وجدتها تفيض حبا للناس، وتلامس الدين في الجوهر، وجدتها تفكر بعمق في همومها الأكاديمية لتنجز الدرجات العلمية التي تتطلع إليها.. لكن السؤال الذي يعتمل في داخلي أبى إلا أن ينطلق فجأة وكأنني هيأت له منصة انطلاق راسخة القواعد. سألتها مباشرة ودون تغليف: وحياتك الاجتماعية، أراك لا تأبهين بها، وكأنها ليست جزءا منك!!! لأول مرة في تعاملي معها لفترة ليست بالقصيرة، رايتها تتردد، وكأن سؤالي كان بالنسبة لها مفاجأة العمر. فكرت بسرعة آنية أن اسحب سؤالي وأعتذر، لكن الحال لم يكن يسمح لي بذلك الانسحاب الذي وددته... أطلقت من داخلها زفرة، وأمالت وجهها إلى الأسفل، وكأنها تريد أن تقرأ سيرة من كتاب، ثم أعادت نظراتها إليّ، فوجدت نفسي أسبقها بالحديث لأقول لها: أنا آسفة إن كان سؤالي يزعجك، لكني أجد في داخلي ما يدفعني للسؤال ليس فضولا، لكني أتساءل دائما ألم تتجرأ يد وتمتد لتقطف هذه الزهرة العبقة!!! استجمعت قواها، ثم قالت: سآتيك من الآخر، هناك أمور كثيرة تعتمل في داخلنا لكنّا نكتمها، نفعل ذلك ونعلم أن ما نكتمه ربما يتحول إلى جرح غائر يصعب التعايش معه. ودوما نجد من حولنا ما يخنقنا ويمنعنا من الصراخ رغم حاجتنا لذلك. والويل لمن يرفع صوتا أو حتى يهمس همسا حين يتصل الأمر بالوضع الاجتماعي للبنات في هذا العمر.... قلت: إذن لم تبدئين من الآخر... قالت: بل هذا الآخر نفسه، فنحن لا نملك أمر أنفسنا، ولا نملك كامل حريتنا في الاختيار. حياتنا التي نريد أن نحياها يتحكم فيها الآخر، والآخر هذا يمكن أن يكون أبا، أو أخا، أو وليّ أمر بصفة أو أخرى، لكنه في غالب الأمر يكون رجلا. فالرجل دائما ينصّب نفسه حاميا للحمى، فيمنع كل يد تمتد إلى قطف كل زهرة، إلا إذا كانت يدا يرتضيها... قلت: إذن هناك أياد كثيرة امتدت لكنها منعت... قالت: بعضها مُنع، وبعضها بُتر، وبعضها رُمي أصحابها بالجنون، وبالقصور، وبالتطاول!!! قلت: وما بال حامي حماك هذا لا يضع في حسبانه أن العمر يمضي وأن الزهرة يمكن أن تذبل فيأتيها زمان لا تمتد لها يد لتقطفها، إلا أن تكون يدا مضطربة!!! قالت: هذا سؤال يدخل في دائرة الصراخ، والصراخ كما قلت لك ممنوع. فحين تقدمت اليد الأولى، كانت بيننا معرفة وجيرة وقربى، لكن أبى كان يحلم لي بفارس أحلام يرسمه هو في مخيلته، ولا يأبه بما أرسم أنا في مخيلتي، وكأنه لا يثق مطلقا بأن لي مخيلة ولي مقدرات تمكنني من معالجة ما يمكن أن يطرأ، فما كان منه إلا أن تحجج ورفض.. وتكرر امتداد الأيادي، مرة، ومرتين، وثلاث، أقرباء، أصدقاء و منهم زملاء، لكن النتيجة واحدة، كل المتقدمين لم يفوا بقائمة شروط أبي ولم يشبعوا نهم مخيلته... قلت متسائلة: وأنت، ألم يكن لك دور، هل تمّ تغييبك تماما عمّا يدور حولك!!! قالت: أبدا، المصيبة أنني كنت أُستشار في كل مرة، وكنت أُبدي رأيا في كل مرة بالموافقة حينا وبالرفض أحيانا، وكنت دائما أنظر للأمور بنظرة مختلفة، وأؤكد عزمي ومقدرتي على مجابهة الحياة، لكن كان لحامي الحمى دائما رأي آخر، هو ينتظر من يسعدني، لكنه يريد ذلك بمقاييسه هو، إذ يرى أنني قارورة يمكن أن تنكسر من الضربة الأولى... سألتها: وهل للمال أهمية عند أبيك؟؟؟ قالت: لا ... لا، ليس المال من اهتمامات أبي، تصوري أن أبى يمكن أن يدفع للرجل الذي يفي بمقاييسه، هو لا يهتم أبدا بغناه وربما يعينه في فقره، لكنه يرفضه لحسابات أخرى، ويرسم له صورة لا يطلعني عليها... قلت: هل من الممكن إعطائي أمثلة على اعتراضاته؟؟؟ قالت: أحيانا يعترض على شخصيته، أمه، أبيه، أهله عموما، مستوى تعليمه، وأمور شتى... خضنا في الأمر طولا وعرضا، نبشنا صغيره وكبيره، وأثبتنا حق الآباء في الرعاية والإشراف والتوجيه، لكن حقهم الذي يفترضونه في إطفاء نور شمعاتنا، وتجفيف اخضرار أوراقنا، وابتلاع فترة الإيناع لزهرات شبابنا، كل هذا ليس حقا أصيلا، إنما هو اعتداء يستوجب الصراخ ... وسؤال موجه لكم آبائي وأمهاتي أولا وثانيا لكم انتم أخواتي وأخوتي: هل من حقنا أن نصرخ؟؟؟ هل من حقنا أن نرفض؟؟؟ هل سترحمون صراخنا، وتقدرون رفضنا؟؟؟ أم أن المسيرة ستسير هكذا إلى ما لا نهاية؟؟؟ (عدل بواسطة Mayada on 04-18-2004, 06:05 PM)

العنوان	الكاتب	Date
هل من حقنا أن نصـــــــــــــــرخ ؟؟؟	Mayada	04-18-04, 04:04 PM
Re: هل من حقنا أن نصـــــــــــــــرخ ؟؟؟	Raja	04-18-04, 05:25 PM
Re: هل من حقنا أن نصـــــــــــــــرخ ؟؟؟	Mayada	04-19-04, 09:55 AM
Re: هل من حقنا أن نصـــــــــــــــرخ ؟؟؟	bushra suleiman	04-19-04, 10:18 AM
Re: هل من حقنا أن نصـــــــــــــــرخ ؟؟؟	Mayada	04-19-04, 04:14 PM
Re: هل من حقنا أن نصـــــــــــــــرخ ؟؟؟	ودقاسم	04-19-04, 02:35 PM
Re: هل من حقنا أن نصـــــــــــــــرخ ؟؟؟	Mayada	04-19-04, 07:47 PM
Re: هل من حقنا أن نصـــــــــــــــرخ ؟؟؟	Ayman Alamin	04-19-04, 03:25 PM
Re: هل من حقنا أن نصـــــــــــــــرخ ؟؟؟	ابو جهينة	04-19-04, 05:08 PM
Re: هل من حقنا أن نصـــــــــــــــرخ ؟؟؟	Mayada	04-20-04, 01:43 AM
Re: هل من حقنا أن نصـــــــــــــــرخ ؟؟؟	Mayada	04-20-04, 00:37 AM
Re: هل من حقنا أن نصـــــــــــــــرخ ؟؟؟	ودقاسم	04-20-04, 04:02 PM
Re: هل من حقنا أن نصـــــــــــــــرخ ؟؟؟	Mayada	04-21-04, 08:15 PM
Re: هل من حقنا أن نصـــــــــــــــرخ ؟؟؟	Raja	04-21-04, 05:28 PM
Re: هل من حقنا أن نصـــــــــــــــرخ ؟؟؟	حبيب نورة	04-21-04, 09:55 PM
Re: هل من حقنا أن نصـــــــــــــــرخ ؟؟؟	Mayada	04-22-04, 08:37 AM

[رد على الموضوع]

صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]