|
لنا العذر -- فما تعودنا سوى الخيبة والحزن
|
لنا العذر، فما تعودنا على غير الخيبة والحزن
لنا العذر فى أن نفرح، فرحا ممزوجا ربما بالدهشة أو هيستيريا الطرب
أستطيع الآن، ملء الشعور والتخيل، أن أرى أهلى المشعثين المغبرين، فى كل أفياء الوطن، وهم ينصبون للفرحة سرادقا داخل أرواحهم العطشة للفرحة والمتوثبة دوما للبهجة، أستطيع أن أتخيلهم وهم يسيرون مواكب الإنتشاء ويقيمون كرنفالات الإحتفاء، فى كل شارع، كل حارة وكل بيت
إنتصر فريق الهلال لكرة القدم فى واحدة من تجليات الحدث، ونحن الذين تعودنا على السير تحت "ضرا" الهزائم ردحا من الزمن ودهرا من الحزن، ومن وقت لآخر، تستطيل بعض جذوة من الفرح المؤقت هنا وهناك، يأتينا فريق بنصر مجزوء تعقبه هزائم غلاظ، لكن ما قام به الفريق الهلالى هذه المرة، أعتقد جازما أنه سيكون علامة فارقة لعدة أسباب ليس أقلها، أنه إنتصر على فريق يعد فى مصاف الفرق المتميزة ليس قاريا أو إقليميا، بل على مستوى العالم قاطبة، ثم أنه ونسبة لأبعاد سيكولوجية وسوسيولوجية وسياسية، يتخذ الحدث موقعه فى مقدمة صفوف الأبعاد والرؤى، ومن هنا ربما يظهر عمق المدلول
ولنا العذر فى أن تحتوينا الدهشة قبل الفرحة، ليس إغراقا فى سوداوية الإحساس أو إمعانا فى عمق التشاؤم والترقب السلبى، بل لأننا ما تعودنا على غير أن نكون، ليس كما نود، وليس كما نحلم، وليس كما يجب أن نكون، إعتدنا على الوقوف مع المتفرجين فى آخر الصفوف، وفى كل المناحى، اللهم إلا من بعض أمجاد علاها صدأ التقادم وبدأت عتة النسيان تنخر فى عظامها، الهشة أصلا
ليكن الإنتصار فاتحة لتثبيت الثقة فى دواخلنا، الثقة أولا بأننا قادرون على أن نكون كما نريد، وليكن الإنتصار بداية الإعداد لتشذيب الوسائل وتقويمها وتخير الطرق التى لا تفضى الى نهايات لم يخطط لها جيدا، هذا فى كل مجال وليس فى مجال كرة القدم وحدها.
أعترف بمحدودية ثقافتى الكروية تحديدا، وقد نأت بنا الدروب عنها سنينا عددا، ولكن أبجديات الفعل الرياضى تظل معروفة حتى لأمثالنا ممن يكتفون بمعرفة المحصلة والنتيجة النهائية، وهذا قد يكون مرده، وربما بشطل لا شعورى، الى كثرة ما عانيننا من ألم ونحن نتفرج على السقوط يتلوه سقوط، فى هذا المجال تحديدا، وغيرنا من أمم قد لا يكون حالها، إقتصاديا أو ماديا، بأفضل منا، نراها ترتاد مشارق الأحداث وتجلس قرب الشموس العليه ويسطع نورها ليراه القاصى والدانى
لا أملك الأدوات الصحيحة لأن أحلل وأغوص فى تفاصيل كرة القدم بكل أبعادها وخصائصها، لكن يبدو لى أنه وبعد ترسيخ الثقة فى النفوس، يكون العلاج الأمضى لداء التخلف العضال هذا، بأن يكون اللاعبون فى مستوى ما يقومون به بمعنى أن يؤهل اللاعب نفسه قبل أن يؤهله الأخرون، وما أعنيه بالتأهيل، هو أن يزيد وينمى حصيلته من كل المعارف، فكريا وجسديا، فما عادت ممارسة هذه الرياضة تعتمد على فسيولوجيا الجسد دون إعمال العقل والتفكير، ومن هنا تنبع أهمية التثقيف وخلق الكوادر المؤهلة عمليا ونظريا للقيام بما هو مناط بها
ولا يبقى سوى الأمل والحلم فى أن نرى كل ضروب الرياضة، هذا الفعل الإبداعى الجمسل والسامى، أن نراها تعتلى كل منصات التتويج، ونرى علمنا يرفرف ويهفهف على ساريات الدنيا
والأمل والحلم فى أن يرتدى الوطن بردة السلام والصفاء، وأن يستقيم ميزان العدل فى كل ربوعه، ويكون كل الأهل، شرقا وجنوبا وغربا وشمالا، أن يكونوا "أهل البلد بالجد"
والتهنئة مجددا لفريق الهلال الذى دفق نوره الأزرق الزاهى نشوة وجمالا وفرحا على كل قلوب أهلنا الطيبين
|
|
 
|
|
|
|