تذكرت من يبكي عليّ فلم أجد سوى السيف والرمح الرديني باكيا وأشقر خنذيذ يجر عنانه إلى الماء لم يترك له الدهــــــــــر ساقيا لكن بأطراف السمينة نسوة لو شهدنني بكين وفدين الطبيب المداويا فمنهن أمي وابنتاها وخالتي وباكية أخرى تهيج البواكيا البكائية الشهيرة للشاعر الأموي مالك بن الريب التميمي ، خاطب فيها رفاقه في الجهاد ، وخاطب بها المكان النائي ، خاطب الموت غربة ، وخاطب أهل بلدته ، ومشائخه ، ، لكن مالكا الصعلوك ، قاطع الطريق ، الذي تاب وأبلى في الجهاد بلاء حسنا ومات وهو يجاهد في بلاد عرفت فيما بعد بالاتحاد السوفيتي ، لم ينس أصحاب الوداد والوفاء ،، سيفه ، فرسه ،، وهما اللذان شهدا وفاته ،، لكن من يأسى على مالك من الذين لم يشهدوا تلك الوفاة ؟ الإجابة عند مالك نفسه ،نساء لو شهدن ما يحل به لكنّ أول من يدفع عنه البلاء ، وأول من يفدّيه ، وأول من يهتم بأمر علاجه ،، أمه ، ابنتاها ( أخوات مالك ) ، خالته ، وأخرى ،، من هي ؟ قالوا زوجته ،، وهي بلا شك حمالة الأسى ، وحاملة المسئولية منفردة بعد موته ،، ويمكن أن تكون الباكية الأخرى هي كل النساء اللاتي عرفن مالكا ، رجلا متمردا ، يعلن الحرب على الظلم والظالمين ،، ويأخذ من الأغنياء عنوة ليرد إلى الفقراء ، ، قال مالك لسعيد بن عثمان بن عفان حينما سأله لم يقطع الطريق ويمتهن الصعلكة وهو من أوسم الناس : يدعوني إلى ذلك العجز عن المعالي ، ومساواة ذوي المروءات ، ومكافأة الإخوان .. هل في ذلك منهج ؟ هل في ذلك فلسفة ؟ مالك لم يكن عاجزا عن بلوغ المعالي ، لكنهم أعجزوه ،، مالك يرى في كل البشر مروءة ، لكن هناك من سلب البشر مروءتهم ، وهو يسعى لردها إليهم ،، مالك يرى أن الناس اخوة ، والاخوة شركاء في كل خير ، ومتقاسمين لكل شر ، وبالتالي فما ينعم به الأغنياء لابد أن يشاركهم فيه الفقراء ،، وإن لم يستجب الأغنياء لهذا النداء فإن لمالك طرقه في الأخذ من الأغنياء والرد إلى الفقراء .. وإذا كانت نساء عصرنا يشعرن أنهن مسلوبات الإرادة ، وأن حريتهن منتقصة ، فإن نساء عصر مالك أكثر إحساسا بهذا التعدي وهذا السلب ،، ومالك يمثل لنساء عصره رمزا كما كان مارتن لوثر كينج للسود والفقراء ، ، لم يكن مالكا ينظر إلى نساء عصره أنهن نائحات فقط ، هن عرفن قدر مالك ، ومالك عارف بقدرهن ، ، لذا مالك بدا واثقا بهن ، وبموقفهن الافتراضي ، ما كان سيكون موقفهن سلبيا ، ولن يكنّ غير مباليات ، ومالك يموت أمام أعينهن ،، كان سيكون لهنّ شأن آخر ،، نساء مالك يتحدين الموت ، ويتحدين المرض ، ويهزمن الإنكسار ، ويجدن بأنفسهن فداء ودفاعا عن الفقراء والمظلومين ، وعن المدافعين عنهم ، الحادبين على إعادة الحق لأهله .. وفي التاريخ كثير من الرجال استعانوا بقوة المرأة وصلابتها، ومواقف أمنا خديجة بنت خويلد في الدفاع عن الرسالة ورسولها لا يغفلها أحد ،، ومالك عرف ذلك باكرا ، وفهمه ، ، عرف أن المرأة صانعة الرجل ،، وإلا لما قيل أن وراء كل عظيم إمرأة ،، نساء بلادي امتداد لنساء مالك ، ملكن زمام المبادرة ، وحملن المشعل ، وتقدمن الصفوف ، ولا تراجع أبدا عن إحقاق الحق وهزيمة الباطل ، ولا تراجع أبدا عن تحقيق العدالة والحرية والمساواة .. دخلت نساؤنا معترك الحياة من كل أبوابه ، لم تلن لهن قناة ،، فكانت الشراكة الكلية مع الرجال في تعمل أعباء الحياة ، وكان النضال السياسي ، وكان العمل الاجتماعي ، وكان التنافس في مجال العلم والتقنية ، وكان حمل هم الوطن أينما حللن الترحال ، وكان الدفع إلى الأمام ، وسيكون النصر للفكر المستنير المتجه قدما .. في يوم المرأة العالمي ، أزف التهنئة الحارة لكل المناضلات من أجل الحرية ، والعدالة ، والمساواة ،، في هذا اليوم أقدم التهنئة لأمي وبناتها وخالاتي وعماتي ، وكل اللاتي يسهمن يوميا في الانتاج في حقول القطن بالجزيرة ويقفن بنديةمساهمات مع إخوانهن الرجال . في هذا اليوم أحيي امرأة جعلت اكتمال إنسانيتي ممكنا ، زوجتي فوزية محمد فضل ،، في هذا اليوم أحيي نساء قدّمن لي العلم وأسهمن في تطوير عقلي ،، د. فهيمة زاهر السادات ، د. فاطمة بابكر ، وأحيي زميلات تعلمت منهن الكثير ،، العز فضل الله ، فاطمة السنوسي ، آمال عبد الرحيم ، والسنين أضاعت أسماء عديدة .. والرائعات في منبرنا هذا لهن التحية والتهنئة ، وأشبّك يدي في أيديكن لنسهم سويا في جعل الحرية والمساواة واقعا .. وأحيي كل نساء بلادي اللاتي يتطلعن دوما إلى مستقبل مشرق ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
ودقاسم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست