دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-07-2024, 11:12 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-27-2004, 03:23 AM

WadalBalad
<aWadalBalad
تاريخ التسجيل: 12-20-2002
مجموع المشاركات: 737

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! (Re: WadalBalad)

    لقد وردت جملة من الإنتقادات للمبادرة التى تقدم بها حزب الأمة بشأن قضية دارفور ويمكننا أن نشير إلى بعض الملاحظات حولها أهمها هو عدم إكتراث حتى النظام الحاكم به الشيئ الذى أثار غضب الصادق المهدى شخصياً وإنتقد قرارات البشيرمقارنة بالمقترحات التي تقدم بها هو لحلِّ أزمة الاقليم (البيان 12/2/2004م). إنَّ شكوك الفعاليات السياسية نحو هذه المبادرة لم يقتصر على الحكومة فقط بل إنَّ غالبية الردود التى أشارت إليها كانت باردة مما دفع دكتور عبد النبي علي أحمد الامين العام لحزب الامة القومي أن يدافع عنها في الورقة التي قدمها أمام الإجتماع الذي عقد بالمركز العام للمؤتمر الوطني ويشير إلى إمكانية تجاوب حملة السلاح والرأي العام المحلي والعالمي معها, وأنَّ فرصها لحل أزمة دارفور أكبر من التجاوب الذي يمكن أن تحصل عليه المبادرة الرسمية التي أطلقتها الحكومة السودانية، كما أشار أيضاً إلى أن مبادرة حزبه قد حددت مفهوم القومية وأوضحت صلاحيات المنبر السياسي القومي، وحددت موعدا لإنجاز المهام بالقوي الوطنية, وأنَّها تدعو إقليميا جيران السودان في الغرب للحضور كمراقبين, لكنه فى الوقت ذاته وجه إنتقادات عديدة لمبادرة الحكومة وقال إنها خلت من تحديد مواعيد معينة تنتهي فيها ولم تتضمن تفاصيل لإجندة المؤتمر الجامع ولم تتحدث بصراحة عن وقف إطلاق النار ولم تحدد صلاحيات المؤتمر الجامع والقوي السياسية المشاركة وأجندة المؤتمر (موقع سودانيز أون لاين 16/2/2004م), إنَّ التساؤل الذى ينبرى هنا هو كيف ضمن قادة هذا الحزب إمكانية تجاوب قادة حملة السلاح مع مبادرتهم فى الوقت الذى أكدَّ فيه هؤلاء القادة أنفسهم رفضهم للجلوس على أى مائدة للتفاوض دون رعاية ورقابة دولية؟ إنَّ مثل هذا الموقف يستدعى من حزب الأمة إجراء عملية جراحية عميقة لمبادرته حتى تستقيم وتكون مقبولة على الأقل من الجهة المعنية تحديداً.

    حقيقة يمكن القول وبالنظر إلى تطور الأمور فى دارفور أنَّ حزب الأمة يمكن أن يفقد كثيراً من رصيده الإنتخابى فيها, ليس بسبب عزوف أنصاره عنه, بل بسبب عزوفه هو عنهم, وتقاعسه عن التفاعل معهم فى ظروف كانوا فيه فى أمَّس الحاجة إليه وإلى من يواسيهم ويقف بجانبهم, وبالنظر إلى الواقع أيضاً فقد كان لحزب الأمة ثقل كبير ووضع هام بين مختلف القبائل بدارفور, خاصة العربية منها, وقد ساندته مجتمعة فى آخر إنتخابات ديمقراطية حرة وأعطته عدد 34 مقعداً برلمانياً يوازى ثلث المقاعد التى حصل عليه الحزب فى البرلمان ومكنت رئيسه الصادق المهدى لأن يتبوأ رئاسة الوزارة, ولذلك فقد كان عشم أهل دارفور كبيراً فى أن يتمكن هذا الحزب من لجم زمام الفتنة ووقف حملات المجازر التى يتعرضون لها لكنَّ يبدو أنَّ أملهم قد خال وذهب ظنَّهم مع السراب, ولا أدرى بأى وجه سيواجه قادة هذا الحزب أهل دارفور فى أول إنتخابات برلمانية حرة بعد زوال هذا النظام! لقد إعتذر الرئيس اليوغندى يورى موسيفينى للشعب اليوغندى يوم أمس وأبدى أسفه عن عدم تمكنه من حماية أرواح مجموعة من الأهالى الأبرياء قام قوات جيش الرب بقتلهم فى قراهم وترك البقاء فى قصره بكمبالا ليجلس مع أهالى الضحايا تحت الشجر فى قراهم يطيب خاطرهم ويوجه الجيش لتوفير الحماية لهم (أخبار البى بى سى 24/2/2004م), فهل سيفعل الصادق أو البشير ذلك, ولو من باب الإعتذار, بحق الضحايا الأبرياء من أهل دارفور؟

    إنَّ رفض البشير لأى رقابة دولية على المفاوضات كما يطالب به مسلحو دارفور يتضمن إعترافاً صريحاً وخوفاً من أن يجرجر ذلك التدخل لقضايا أخرى, خاصة فيما يتعلق بتهم الإبادة البشرية والتصفية العرقية, ومن هنا كانت دعوته لقيام مؤتمر قومى لحلَّ أزمة دارفور غير معروف الشكل والرائحة والهوية لينعق فيه محاسيب النظام ويتم من خلاله تبرئة الحكومة من كل جرم إقترفته, هذا إن لم يشمل قراراتهم توجيه أصابع اللوم لأهل دارفور أنفسهم.

    إنَّ فكرة المؤتمر القومى الجامع ما هى إلاَّ محاولة لتعميم القضية وتذويبها تحت أطنان هائلة من الخطب الرنانة والزعيق والنعيق والتلاعب بالآيات القرآنية بحيث تضيع معها عين الحقيقة وتتلاشى الآمال المعقودة عليه من خلال وعود فارغة قد تكون سبباً لتمرد جديد. إنَّ مصدر الشك فى كفاءة هذا المؤتمر هو أنَّ قراراتها ونتائجها سوف ترفع لهذه الحكومة نفسها لتنفيذها! وكأننا يا عمرو لا رحنا ولا جئنا, فما هى الضمانات لذلك؟ وإذا كانت الحكومة هى نفسها جزء من المشكلة وسبب الكارثة فكيف يمكن الوثوق بها فى أنَّها ستنفذ ما سيتم الإتفاق عليه؟ وهل فعلت ذلك تجاه مواقف مشابهة فى السابق؟ هذا المؤتمر ما هو إلا حرث فى البحر.

    من ناحية ثانية, ومن خلال نظرة أولية لتكوين اللجنة العليا لتنظيم ذلك المؤتمر, نرى أنَّ الحكومة قد حرصت على أن يكون المؤتمر هو مؤتمرها هى, لتمرير قراراتها, لا مؤتمراً لحل القضية من أساسها, فحشدت أنصارها وجاءت بعزالدين السيد كرئيس للجنة العليا للتحضير للمؤتمر بالرغم من أنَّه ليس من أهل دارفور, من ناحية أخرى نجد أنَّ طاقمها المؤلف للإشراف السياسى على ملف دارفور يتكون من المهندس المهندس الحاج عطا المنان أمين المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم, وهو من أبناء الولاية الشمالية, ممسكاً بملف دارفور فى حزب المؤتمر الوطنى, وعباس الخضر رئيس الهيئة البرلمانية بالمجلس الوطنى هو أيضاً رئيس اللجنة البرلمانية لمعالجة الأوضاع في دارفور, ودكتور محمد مندور المهدي أمين أمانة الخدمات بالتنظيم الحاكم يمثل عضو الحزب الموفد لمتابعة مشكلة دارفور, و الشريف عمر احمد بدر وزير الاستثمار رئيس اللجنة القومية العليا لدعم دارفور, كل هؤلاء ليسوا من أهل المنطقة ولا يعرفون خصائصها وتراثها المتنوع لكن الحكومة أوكلت لهم بملفات مفصلية عن الأزمة هناك, وقد أشارالحاج وراق إلى ذلك بنبرات واضحة فى عموده "مسارب الضي" بجريدة (الصحافة 22/2/2004م) وذلك بقوله: "يأتي تشكيل اللجنة القومية المكلفة بتنفيذ بيان رئيس الجمهورية ليضرب بكل ذلك عرض الحائط! رئيس اللجنة من غير أبناء دارفور وليس له سابق علاقة بالملف! ومقرر اللجنة أحد الولاة الحكوميين بما يعني أنَّه من أطراف الازمة المباشرين! ولا تضم اللجنة سوى عددية قليلة من الشخصيات المستقلة التي تصدع بالحق، وعددية ضئيلة من الشخصيات الناقدة أو المعارضة، وفي ذات الوقت تحتشد اللجنة إحتشاداً بعشرات الشخصيات الرسمية من الوزراء وممثلي الهيئات والإتحادات الحكومية! والإنطباع الذي تعطية اللجنة لاتخطئه عين : هذه لجنتنا كحكومة ومن لا يريدها فليشرب من البحر، حتى ولو كان بحراً من الدماء!! والمأساة أنَّ الهدف من تشكيل اللجنة إنَّما هو إيقاف بحر الدماء بالذات!", ثمَّ يمضى فيقول "أما المأساة الأكبر فحقيقة أنَّه لا توجد آلية للمحاسبة على الأخطاء السياسية في الحكومة، لو كانت هناك مثل هذه الآلية لعزل المستشارين السياسيين الذين أشاروا على رئيس الجمهورية بمثل هذا التشكيل, ولعلَّ الفرصة لا تزال سانحة لإستدراك الأمر: لماذا لا يراجع أعضاء اللجنة تكوينها في إجتماعهم الأول، فيلتمسوا من رئيس الجمهورية أن يرأس اللجنة أحد أبناء دارفور: إبراهيم دريج أو عبد الله آدم خاطر أو د. عبد البني علي أحمد أو فاروق أحمد آدم أو التجاني آدم الطاهر أو إبراهيم سليمان أو الشفيع أحمد محمد أو من غيرهم بمن فيهم مسؤول الهيئة البرلمانية لنواب دارفور من المؤتمر الوطني نفسه؟! ويلتمسوا كذلك أن تفتح عضوية اللجنة لتشمل عناصر أخرى هامة وأساسية من أبناء دارفور من أولئك الذين يريدون حل قضايا ولاياتهم وفي ذات الوقت لديهم الحذر الأخلاقي اللازم تجاه دماء أهاليهم!!", نعم لقد صدق الرجل وهو حس وطنى أصيل فى مجال الحريات وصلابة الرأى, وهكذا تخطط الحكومة لعقد مؤتمرها دون إشراك فاعل لأهل القضية أنفسهم, وتعد العدة لحشده بكم هائل من محاسيبها وأنصارها الذين سيعملون بكل جهدهم لتفريغ قضية دارفور من معانيها ومآلاتها, وكنس أوساخها تحت البساط, خاصة فيما يتعلق بجرائم الإبادة العرقية وتجاوزات الجنجويد التى تريد الحكومة إبقائها بعيدة عن أعين التدخل الدولى.

    أمَّا فيما يتعلق بالمؤتمر الشعبىفقد طالب الدكتور الترابى في حوار خلال الأيام الماضية مع طلاب جامعة النيلين بالخرطوم إلى بضرورة حل قضية دارفور في إطار الحل السوداني بعيداً عن التدخل الخارجي مسانداً موقف الحكومة من ناحية تكتيكية (الشرق الأوسط 24/2/2004م), وقد لا يكون له أو لحزبه خير فى جرِّ تحقيق دولى لما حدث ويحدث بدارفور, ولعلَّه بمراجعة التاريخ القريب فإنَّ الترابى متورط فى كارثة دارفور شأنه شأن الآخرين, يكفيه تصريحاته المبكرة فى سنوات الإنقاذ الأولى, عندما كان الكل فى الكل, بضرورة تهجير بعض القبائل من مواطنها الأصلية ونزعها من سلاحها لصالح قبائل وافدة, ثمَّ إنَّ النزاع السياسى العنيف الذى جرى فى الماضى بينه وبين عدد من كوادره الشابة من أبناء دارفور قد يشكل حاجزاً مستعصياً لتجاوزه, إنَّ المقولة التى تسرى فى أجهزة الإعلام حول تبعية الحركة المسلحة بدارفور للمؤتمر الشعبى لفيه كثير من خلط الحقائق, وعلى العموم مهما بلغ من وجود بعض كوادر دارفورية فى حزب الترابى فإنَّ صندوق الإقتراع الإنتخابى يظل هو الفيصل, ففى إنتخابات عام 1986م لم تحصل الجبهة الإسلامية القومية إلاَّ على مقعدين جماهيريين فقط فى كل الإقليم بجانب مقاعد الخريجين الأربعة, وكلنا نعلم التكتيكات التى تمَّ إتباعها للسيطرة على تلك المقاعد, أمَّا فى التنافس الحزبى الحر القادم فربما لا نرى بعدها أى وجود مؤثر لهذه الأحزاب مجتمعة وربما نرى تياراً سياسياً دارفورياً جديداً, وما هذه الثورة إلاَّ إرهاصات لذلك.

    كل هذه الحقائق تشير إلى أنَّ لكل من هذه الأحزاب الكبيرة حساباتها الخاصة فى مسألة دارفور, لكنَّها جميعاً تتفق على ضرورة تفريغ ثورتها الناشبة من أى مضمون مستقبلى قد تهدد هيمنتهم الطويلة على مقدرات البلاد, كما أنَّها تتفق أيضاً على ضرورة ألاَّ يتمكن هذا العملاق النائم من الوقوف على قدميه لأنَّه حينها ستتغير أوضاع كثيرة, كما إنَّ الثابت فيها هو أنَّ لكل من هذه الأحزاب وكلاء من أبناء الإقليم قد لا يتوانون, كما هو مشاهد اليوم, فى لجم طموح أهليهم ونيل حقوقهم المشروعة من أجل مناصب ثانوية ديكورية يصيرون فيها "كتمومة الجرتق", ولا ندرى هل ينام هؤلاء ملء جفونهم بينما الديار التى ترعرعوا فيها وخرجوا منها تحترق آناء الليل وأطراف النهار, أين هم منها؟

    هل يتعامل نظام الإنقاذ مع قضية دارفور من خلال نظرة فوقية؟

    مثقفو دارفور المتابعون بخفايا أمورها يعلمون أن موضوع دارفور يقع فى دائرة المسكوت عنه فى دهاليز حزب الأمة ولذلك لا طائل من رجائه فى شيئ, وكذلك يعرفون مدى الإنتهازية التى يحاول من خلالها الترابى وحزبه المؤتمر الشعبى التأثير على حركة دارفور ولو بقصد النكاية والكيد السياسى, أمَّا النخبة الحاكمة من أهل الإنقاذ فحدث ولا حرج فألسنتهم تجاه قضية دارفور لا تخلو من سكاكين مسنونة و نظرة فوقية وقول فاحش تنبئ عن قدر غير قليل من الإزدراء والصفق المتعمد, وقد أشرنا فى سابق مقالاتنا إلى ذلك وخلصنا إلى أن مردَّه قد يعود إلى أحداث بعينها صارت الآن فى ذمة التاريخ لكنها تركت بقعاً داكنة فى الذاكرة تنبعث أبخرتها بين الفينة والأخرى لتشكل سياسات محددة تجاه دارفور فى محاولة أشبه بعملية جلد الحاضر بسياط الماضى. لقد جمعتنى ظروف مظاهرة رابطة أبناء دارفور بالولايات المتحدة الأمريكية والتى جرت مؤخراً بنيويورك بالسيد السفير الفاتح عروة ممثل السودان الدائم بالأمم المتحدة والذى إستقبل وفدنا إستقبالاً حسناً بمكتبه بالبعثة السودانية أثناء تسليمنا له خطاباً إلى الرئيس البشير بخصوص قضية دارفور, ولقد ذكرت له فى تلك المقابلة أنَّ مشكلة الإنقاذ مع أهل دارفور تتمثل بجلاء فى نقاط ثلاثة: أولها القتل الجائر وعدم إدانة الحكومة أبداً لما يحدث من قواتها ومليشيات الجنجويد وتجاوزاتها اللا إنسانية بحق المواطنين الأبرياء بجانب إصرارها على عدم حل تلك المليشيات ونزع سلاحها رغم الإلتزام بذلك فى محادثات أبَّشى الأولى, ثانيها اللغة التخاطبية الفوقية والإستهجان التى تصف الثوار من أبناء الإقليم بالنهابين واللصوص وقطاع الطرق وإصرار النائب الأول ورئيسه على تكرار ذلك بصورة دائمة تنم عن سياسة إغتيال للشخصية وتبسيط للقضية, ومن المعروف إنَّ إستخدام مثل هذه اللغة لم يتم من قبل أبداً ضد أى من الحركات التى رفعت السلاح فى وجه الحكومة فى أقاليم السودان الأخرى فلماذا يتم الآن إستخدامها ضد مقاتلى دارفور وبهذه الكثافة؟ وثالثها عدم إعتراف الحكومة مطلقاً بأنَّ لهؤلاء الناس قضية أصلاً ومحاولة تبسيط المشكلة فى نزاعات متفرقة بين الرعاة والمزارعين إنخدع بها محاسيبها من أبناء الإقليم وصاروا يرددون ذلك مثل الببغوات دون إعتبار لدورهم فى التعبير عن حقوق أهاليهم, وهنا تنبع جلَّ مشاكل الحكومة مع أهل دارفور. لقد إبتدع النائب الأول عبارة "الحساب ولد" وكررها كثيراً فيما يختص بمطالب أهل دارفور فى التنمية وتبعه البشير فى ذلك إلى درجة وصفه للحركات المسلحة بأنَّهم يريدون السلطة ولا يشبهونها! لقد حكى لى بعضهم أنَّ وزير إنقاذى أخذ يسخر من أفراد وفد الحركة المسلحة الذين إلتقاهم فى مفاوضات أبَّشى الأولى, ووصفهم قائلاً بأنَّ هؤلاء ليسوا بسودانيين لأنَّهم لا يتحدثون اللغة العربية وهم ليسوا بتشاديين لأنهم لا يتحدثون اللغة الفرنسيةَ! ونحن بالقطع نتعجب ونتساءل: إذن من أين جاء هؤلاء؟

    نقطة أخرى تتعلق بالخطاب الحكومى وتقاريرها الرسمية عن الأوضاع فى دارفور, فبينما ظلَّت الحكومة تدعى كل يوم بسيطرتها المطلقة على كل الإقليم وفتح الممرات وتوصيل مواد الإغاثة نظلُّ نسمع تصريحات بخلاف ذلك من قادة الحركة المسلحة ومن المسئولين الدوليين الذين يسمح لهم بزيارة الإقليم, فقد أوردت قناة الجزيرة فى موقعها على الإنترنت يوم الجمعة الماضى خبراً مفاده أنَّ المبعوث الأميركي لشؤون السودان مايكل بيرغر قد دعا فى لقائه بالأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى, الجامعة العربية والحكومة المصرية إلى العمل معا من أجل تهدئة ما وصفه بالوضع الخطير في دارفور غربي السودان, وفي غضون ذلك قال مبعوث الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان توم إريك فرالسين يوم الأربعاء الماضى إن موظفي الإغاثة عاجزون عن الوصول إلى أغلبية كبيرة من النازحين الذين أرغموا على الفرار بسبب القتال في دارفور ويبلغ عددهم حوالي مليون شخص, وأنَّ قنوات تقديم المساعدات لا تزال مغلقة، مضيفا أن الموقف غير آمن وأن فرق الإغاثة لا تملك وسيلة للدخول، والممرات التي يشار إليها من قبل الحكومة بأنَّها مفتوحة ليست مفتوحة, كما أوضح بأن الحكومة لا تعطي تصاريح للموظفين لمغادرة العواصم الثلاث لدارفور (الجزيرة نت 20/2/2004م). من نصدق إذاً؟ إنَّ المواطنين فى المدن الكبرى بالإقليم يقولون أنَّهم وقوات الجيش موجودون داخل المدن لكن لا أحد يستطيع الخروج منها! الشيئ الذى يدعم تصريح السفير توم فرالسين.

    مبررات التدخل الدولى:

    صارت إحتمالات التدخل الدولى لرعاية ملف السلام بدارفور واردة إلى حد كبير, ومع إقتراب نهائيات ماراثون نيفاشا فإنَّ الأنظار بدأت تتجه بقلق نحو طى ملف دارفور بالتزامن معها, والأمريكان والدول الغربية الراعية للشأن السودانى إضافة للمنظمات الدولية ذات العلاقة, خاصة منظمتى العفو الدولية وأطباء بلا حدود, سوف لن تسعد بأى إتفاق سلام يوقع بشأن جنوب السودان بينما تظل نيران الحرب مشتعلة بدارفور, وقد ورد كثير من التصريحات من مختلف الجهات تشير إلى حتمية التدخل خاصة وأنَّ ثوار دارفور أصبحوا مقتنعين أكثر من أى وقت مضى بضرورة التدخل, بل ووضعوه كشرط لازم لأية مفاوضات, وبينما ترفض الحكومة ذلك وتستنكرها فليس لها خيار آخر. إنَّ العقدة الرئيسية فى مبادرة الحكومة ومبادرات القوى المساندة لها هى أنَّها جميعاَ لا تخاطب جذور المشكلة, وتتعداها بمكر لتتناول قضايا فرعية قد لا تصل إلى مراتب الأهمية بالنسبة إلى لب القضية, فقضايا مثل توزيع الثروة وإقتسام السلطة وتعويض كل المتأثرين بالنزاع, خاصة أولئك الذين فقدوا ذويهم وقراهم وأملاكهم وأموالهم, وإجراء تحقيقات قانونية حول جرائم المذابح والحرائق سوف لن تهتم بها الحكومة كثيراً, وبالتالى فإنَّ دعوتها الحالية لعودة اللاجئين من تشاد إلى داخل السودان هى دعوة فطيرة إذ كيف يعودون ولأجل ماذا طالما أنَّ قراهم ومزارعهم وبساتينهم قد دمرت بما فى ذلك مصادر المياه ومراكز الخدمات مثل المدارس والشفخانات والأسواق. إنَّ الذين يطالبون بعودة هؤلاء الناس عليهم أن يسألوا أنفسهم أولاً عن ماذا جهزوا لهم من إعتمادات تعينهم على العودة إلى مسار حياتهم الطبيعية؟ الأمر الثانى والأهم فى ذلك هو هل تمكنت الحكومة من السيطرة على مليشيات الجنجويد حتى تطلب من هؤلاء الأبرياء العودة وتتركهم ليصيروا بعدها فى قوائم الموتى؟ إنَّ مليشيات الجنجويد ما زالت تمرح وتسرح فى الإقليم وتخفَّى جزء كبير منهم في فيالق ما يسمى بقوات الدفاع الشعبى وليس هناك من ضمانات ألاَّ يعودوا لمواصلة جرائمهم وهى جرائم كبيرة لا يعلم مداها إلاَّ الله, لكلِّ ذلك فإنَّ التدخل الدولى صار أمراً لازماً وذلك ما أكده السيد أحمد ابراهيم دريج، رئيس التحالف الفيدرالي الديمقراطى السوداني وعضو هيئة قيادة التجمع الوطني الديمقراطي المعارض، وبالرغم من إجتماعه مع النائب الأول فى نيروبى إلاَّ أنَّه قد عبَّر بشدة عن مطالبته برقابة دولية على أية إتفاقات لوقف إطلاق النار في دارفور, بل وحمَّل الحكومة السودانية خرق إتفاقية أبشي التي وقعت في تشاد مع المسلحين في إقليم دارفور، معتبرا أنَّ العمليات العسكرية قد إزدادت أكثر بعد تلك الإتفاقية بدلا عن العكس, وشدد على أن أي إتفاق بلا ضمانات دولية «لا يمكن أن يحدث تغييرا نظرا لإنعدام الثقة الذي ساد بعد الهجومات العسكرية على القرى الآمنة بعد توقيع إتفاقية تشاد» (الشرق الأوسط 28/1/2004م).

    لقد ظلَّت الحكومة والأجهزة الإعلامية تردد بأنَّ القوات الحكومية دحرت التمرد في دارفور لكن عضو البرلمان الأوروبي ريتشارد هويت نفى ذلك وأكَّد عقب زيارته لعدة مدن بدارفور خلال الأيام القليلة الماضية إستمرار القتال فى دارفور, وأنه ليس ثمة دلائل على توقف العمليات العسكرية بالمنطقة رغم تأكيد الحكومة على إنَّها توقفت, وأضاف الرجل بأنَّ "الجنجويد" يواصلون أعمال الشغب في معظم المناطق الريفية، وأنَّ الوضع الإنساني في دارفور يمثل "كارثة مروعة وعميقة" وإتَّهم الحكومة بمنع الصحفيين من الذهاب إلى المنطقة "لإخفاء هذا الصراع عن العالم". وقال إنَّ منظمات الإغاثة لا تصل سوى إلى 15% فقط من المحتاجين بسبب إتساع نطاق الصراع والقيود التي تفرضها الحكومة. وقال هويت إنَّه ما لم تدخل الحكومة في محادثات للسلام مع المتمردين غرب البلاد فلن يكون لمفاوضات السلام التي تجرى في كينيا لإنهاء الحرب الأهلية في الجنوب معنى. وأضاف "لا يمكنهم أن يصوروا أنفسهم على أنَّهم أنصار السلام الذين يعملون لإنهاء الحرب الأهلية في الجنوب.. في وقت ينفذون فيه ما يوصف بأنه تطهير عرقي في دارفور" (الجزيرة نت 24/2/2004م).

    إنَّ مسألة التحقيق فى جرائم الإنتهاكات والقتل الجائر بواسطة المليشيات فى دارفور لا يمكن أن تقوم بها إلاَّ جهات دولية محايدة لها من الأمكانات العلمية والتمويلية والشفافية ما ستجعل نتائج تحقيقاتها مقبولة على المستوى العالمى ومقنعة على المستوى المحلى, كما إنَّ هذه الجهات مستعدة للقيام بالمهام الموكلة إليها دون كلل أو تفريط, فمثلاً بالنسبة للمذبحة التى إرتكبتها قوات جيش الرب الأوغندى ضد الأهالى الأبرياء فى قراهم قبل أيام قليلة أعلنت "محكمة الجزاء الجنائية الدولية" فتح تحقيق حولها, وقد أدَّت تلك الجريمة إلى مقتل أكثر من 200 شخص يوم السبت الماضي في شمال أوغندا في أعنف هجوم نسب إلى متمردي «جيش الرب» خلال تسع سنوات, وقالت المحكمة إنَّ «المدعي العام لويس مورينو أوكامبو سيحقق في تلك الجرائم التي أرتكبت في مخيم بارلونيو للنازحين. وأوضحت المتحدثة باسم المحكمة كلاوديا بيردومو إنَّه «تحقيق أولي وسيبت المدعي في وقت لاحق في فتح تحقيق رسمي» (الشرق الأوسط 25/2/2004م). فإذا كانت هذه مثل هذه الجهات تهتم بمقتل مأتى شخص فما بالها إذا عرفت بأنَّ هنالك الآلاف قد لاقوا نفس المصير أو أسوأ منه. إنَّ التدخل الدولى فى هذه الحالة "خير" لا بد منه!

    مقترح توفيقى كمدخل لحل قضية دارفور:

    نعتقد أنَّ النزاع بين أهل دارفور والحكومة السودانية سيستمر دون محاولة للتوفيق بين مطلب كل من طرفى القضية, فالحكومة تصر على مبادرتها رغم قصورها وتضاؤل فرص نجاحها, والحركة المسلحة تصر من جانبها على ضرورة إشراف المراقب الدولى على أية مفاوضات رغم رفض الحكومة على ذلك, وطالما أن الأمور تسير بهذه الكيفية فستنتهى إلى طريق مسدود, وعليه نرى ضرورة دمج هاذين المطلبين فى مبادرة واحدة الشيئ الذى يتضمن تنازلات متبادلة من الطرفين, وعلى هذا الأساس نود أن نطرح حلاً توفيقياً كمخرج مناسب من خلال الرؤية التالية:

    لقد دعا البشير اللجنة المكلَّفة بالإعداد للمؤتمر الجامع إلى تقبل أي اقتراحات من أبناء دارفور في الداخل والخارج, وبالرغم من الشكوك الكثيفة حول إمكانية خروج المؤتمر بأى شيئ نافع نود أن نسجل موقفنا هنا شهادة للتاريخ, ولا خير فينا إن لم نقلها ولا خير فى الحكومة إن لم تستمع. ومن منطلق حرصنا على تحقيق السلام العادل فى دارفور, وفى كل ربوع البلاد, وتأكيدنا على الوحدة الوطنية الراسخة, أود أن أؤكد على جملة من الملاحظات حول التطورات الأخيرة بدارفور وموقفى الشخصى كإبن من أبناء دارفور منها, أجملها فى النقاط التالية:

    (1) يجب الترحيب بوقف النزاع الذى ضرب أرجاء دارفور خلال الفترة الماضية, ونرجو أن يعم السلام والوفاق وسمات التعايش السلمى بين كل مكونات شعب الإقليم, وأن تعود دارفور إلى سابق عهدها من الإلفة والوئام, ولقد عبَّر أبناء دارفور بمختلف إتجاهاتهم فى داخل السودان وخارجها عن ذلك وفى مناسبات كثيرة, وناشدوا الحكومة لتوخى الإنحياز للحلول السلمية والكف عن تكرار أخطاء تاريخية ظلَّت الدولة السودانية تعانى من آثارها المدمرة وإلى اليوم.
    (2) طالما أنَّ القتال ليس هدفاً فى حد ذاته فمن الأوجب أن تدلف محاولات رأب الصدع إلى لبِّ الصراع مباشرة, والوصول إلى جذور المشكلة لإيجاد الحلول الناجعة لها والتى تحفظ لأهل دارفور إحترامهم وحقوقهم المشروعة وطنياً ودستورياً فى نطاق الدولة السودانية.
    (3) لقد إحتوى بيان الرئيس البشير على تعميم مستفيض وتبسيط مخل للقضية وأغفل جملة من القضايا المفصلية المتعلقة بصلب النزاع, وبدا وكأنَّ الهدف من وراء البيان هو إلقاء الذين حملوا السلاح لأسلحتهم وتسليم أنفسهم ثمَّ ترك مناقشة القضايا الجوهرية والتى تمثل لب الصراع لمؤتمر يتم إعداده بلهفة, ودون أية هويَّة سوى أنَّها قومية فضفاضة, ثمَّ لا يملك أى من الصلاحيات أو الضمانات التى تجعل لها القدرة على تنفيذ ما سيخرج به من قرارات.
    (4) إغفال الحكومة للإتصال المباشر مع حملة السلاح ورفضها حضور مؤتمر جنيف للمسائل الإنسانية تشى بغموض موقفها الحقيقى من القضية إجمالاً, وتعكس شكوكاً جمَّة حول مصداقية تعاملها مع أهمَّ قضية تشغل بال الشعب السودانى والمجتمع الدولى اليوم فيما يتعلق بالأوضاع فى السودان, إنَّ محاولات تهميش النزاع فى دارفور وتبسيطه عبرالماكينة الإعلامية سوف لن يساعد على حلَّه بتركيز وعمق كافيين مما قد يجعل القضية لا تراوح مكانها.
    (5) أى محاولة جادة لحلِّ النزاع تستوجب بالأساس مخاطبة أطراف عديدة لها صلات قوية ومباشرة بقضية دارفور والإستئناس بآرائهم, يشمل ذلك أبناء دارفور والقيادات الأهلية بالداخل وفصائل الحركة المسلَّحة وأبناء دارفور ومثقفيها بالخارج.

    لكل ذلك فإنَّه يجدر التحفظ على ما يجرى الآن من عجلة وهرولة لتبسيط القضية وإعتماد الحلول المؤقتة التى لا تخاطب روح القضية أو تشملها حصراً مما قد يفتح الباب واسعاً لأساليب الخداع والمناورة, وبناءاً عليه نعتقد بأنَّه إذا كان لا بد من قيام مؤتمر قومى لحلِّ قضية دارفور بالداخل فيجب أن يتم ذلك عبر تدرج معقول قد يشمل ثلاثة مراحل أساسية نوجزها فى الآتى:

    أولاً: ترتيب مفاوضات مباشرة للسلام بين الحكومة وفصائل الحركة المسلحة برعاية دولية تكون مقبولة من الطرفين, ويمكن أن تكون الحركة الشعبية لتحرير السودان ممثلاً فيها بحسب وضعها كشريكة فى الحكم أثناء الفترة الإنتقالية بجانب الولايات المتحدة الأمريكية بوصفها راعية لتطبيق إتفاقية السلام فى السودان على الأقل خلال الفترة الإنتقالية المتمثلة فى الست سنوات, وكذلك الأمم المتحدة بوصفها المعنية بالجوانب الإنسانية وإعادة تأهيل الحياة بدارفور, وأن تتم فى دولة محايدة مثل كينيا أو جنيف مثلاً, وتتصدى هذه المفاوضات لكل الملفات والملاحق وكافة القضايا المتعلقة بصلب النزاع وتحديد الضمانات الكافية لتنفيذ ما سيتم الإتفاق عليه على أن تنتهى بتوقيع إتفاق سلام نهائى.
    ثانياً: أن يسبق بدء هذه المفاوضات هدنة لوقف إطلاق النار يتمكن خلالها كل طرف من ترتيب أوراقه وملفاته, وأن يُترك للحركات المسلحة الخيار فى أن تأتى بوفد موحَّد يمكن أن يضموا إليه آخرين من أبناء الإقليم من غير المنضوين تحت ألويتها كما يشاءون, وقد يشمل ذلك السياسيين والمثقفين وغيرهم من كوادر وأبناء الإقليم.
    ثالثاً: فى غضون فترة تلك المفاوضات المباشرة يتم الترتيب بصورة هادئة لعقد مؤتمر قومى دستورى تُرفع إليه نتائج تلك المفاوضات الموقعة بين الحكومة وفصائل الحركة المسلَّحة بدارفور لإعتمادها بصورة قومية حتى لا يقفز عليها أو يتجاوزها أى أحد مستقبلاً, ذلك بجانب مناقشة هذا المؤتمر القومى لتصورات وبرامج دعم التعايش السلمى ورتق الخروق القبلية بإقليم دارفور.

    إنَّ من الأهمية بمكان أن تكون الحلول المطروحة للأزمة المتفاقمة بدارفور ناجزة وشاملة بحيث لا تترك مجالاً لتكرار ما حدث مستقبلاً, كما تجدر الإشارة إلى أهمية أن تكون هذه الحلول والمداخلات عادلة ومنصفة ومقنعة وأن يشعر مواطن الإقليم بالرضاء الذى سيزيل الغبن المكبوت ويجبر الخواطر ويطفئ بؤر التذمر والإحتجاج, لكن فى سبيل ذلك كله تجدر الإشارة فى نفس الوقت إلى جملة من المحاذير التى يتوجب الحذر حيالها نوجزها فى النقاط التالية:

    (1) سيرة الحكومة فى إبرام العهود والمواثيق مجروحة فيها بشهادة كل طوائف الشعب السودانى والمراقبون الدوليون, فمثلاً تمَّ التعاهد من قبل على إتفاقية الخرطوم للسلام مع الفصائل الجنوبية التى إنشقت عن الحركة الشعبية لتحرير السودان, بل وتمَّ تضمين تلك الإتفاقية فى دستور البلاد عام 1998م, لكنها إنتهت من حيث بدأت الشيئ الذى دفع بموقعيه من قادة الفصائل الجنوبية للإحتجاج والعودة مرة أخرى إلى أحضان الحركة التى إنسلخوا منها مبكراً.
    (2) بالنسبة لدارفور فقد خرج مؤتمر الفاشر التداولى, والذى إنعقد مع بداية إستفحال الأزمة العام الماضى, والذى حضره أكثر من 500 شخص, بقرارات هامة يعتقد الكثير من الذين شاركوا فى صياغتها بإمكانيتها أن تكون ناجزة لكنها إنتهت بدورها فى محلها عندما ذهب الرئيس البشير إلى ذات المدينة وأعلن إطلاق يد الجيش لحسم التمرد. تجنباً لعدم تكرار ذلك يتوجب وجود ضمانات دولية قوية وحازمة لأى إتفاقات يتم إبرامها بين الطرفين.
    (3) عقدة العقد فى أزمة دارفور هو إنعدام الثقة بين الجانبين, الحكومة من جانب والحركات المسلَّحة وأهل دارفور من جانب آخر, وشعور بعض الأطراف فى الإقليم بأنَّ الحكومة غير مستعدة أو جادة لتقديم أى شيئ لهم حتى وإن بادروا هم بمد أيديهم, وهم فى ذلك يشيرون لكارثة طريق الإنقاذ الغربى كحقيقة مجسدة. على الحكومة أن تدرك ذلك وأن تتعامل معها كحقيقة يقع العبء عليها أولاً لتجاوزها.
    (4) محاولات طى الأزمة ودفنها لا تجدى لدعم مستقبل دارفور أو السودان أجمع, بل لا بد من الصراحة والشفافية والسماح للجان تحقيق مستقلة, دولية ومحلية, للقيام بدراسات وتحليلات كافية لمسببات الأزمة, بجانب إجراء تحقيقات قانونية عميقة حول إتهامات القتل والتشريد وحرق القرى وتحديد التعويضات اللازمة, والبحث عن الحقيقة, حتى لا تتكرر هذه المأساة مرة أخرى, ثمَّ يعقب ذلك تنشيط مبادرات المصالحة والوحدتين الإقليمية والوطنية.
    (5) على قادة الحكومة أن يعدلوا من خطابهم نحو أهل دارفور ويجنحوا نحو اللغة التوفيقية التى لا تستفز أحداً, كما يجب على حكام ولايات دارفور والوزراء المشاركين على المستوى القومى أن يتبصروا دورهم ويحسنوا حديثهم أيضاً, وينصرفوا لخدمة أهليهم والتعبير عن همومهم بدلاً عن محاولات خداع الذات والرأيين الداخلى والعالمى بحقيقة الأوضاع فى دارفور إلى درجة أنَّهم قد صاروا معها يمثلون جزءاً أساسياً من المشكلة.








                  

العنوان الكاتب Date
دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! WadalBalad02-27-04, 03:21 AM
  Re: دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! WadalBalad02-27-04, 03:23 AM
  Re: دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! Mohamed Adam02-27-04, 04:38 AM
  Re: دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! WadalBalad02-28-04, 01:32 AM
  Re: دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! الجندرية02-28-04, 09:21 AM
  Re: دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! Alsawi02-28-04, 10:16 AM
    Re: دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! Kostawi03-01-04, 08:02 AM
      Re: دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! إسماعيل وراق03-29-04, 10:38 PM
        Re: دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! Mohamed Bang03-30-04, 01:53 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de