كتاب «الجيش السوداني والسياسة»

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-07-2024, 06:31 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-14-2004, 03:44 PM

عصام الدين ميرغني

تاريخ التسجيل: 02-09-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كتاب «الجيش السوداني والسياسة»

    كتاب «الجيش السوداني والسياسة»
    عصام الدين ميرغني طه «أبوغســان»

    صدر كتابي «الجيش السوداني والسياسة» من دار آفرو ونجي السودانية بالقاهرة في مطلع شهر أغسطس 2002. منذ ذلك التاريخ، تعذر لأسباب عديدة توزيعه في السودان ومعظم دول المهجر. تعرضت أول نسخ من الكتاب أرسلت للوطن مع عائدين للمصادرة، وخضع حاملها الأول للاعتقال والتحقيق.. وفي وقت لاحق أصدر مجلس المطبوعات قراراً بحظر تداوله في السودان. رغم تلك المخاطر دخلت الوطن نسخ محدودة من الكتاب، بينما تم توزيع معظم ما طبع منه عبر قنوات توزيع في مصر ومنطقة الخليج.

    في السابع من يناير الماضي كتب العميد الركن (م) عبدالرحمن الحاج خوجلي تعقيباً عن الكتاب في منبر الحوار بسودانيزأونلاين. لقد اتضح لي من متابعة النقاش إن العديد من المشاركين لم يطلعوا عليه.. أو لم يسمعوا به مطلقاً. لذا رأيت من المنفعة العامة أن يكون الكتاب موضع النقد والتقييم معروف الإطار والمحتوى، وأن يتعرف القراء على ما ورد فيه حتى يمكنهم متابعة التعقيب والنقد، والمشاركة بأي معلومات تساعد في تنقيح وتمتين طبعة تالية. عليه سأعمل على نشر بعض الفصول الهامة، وخاصة تلك التي دار حولها جدل، أو اختلف فيها التقييم كحركة 19 يوليو 1971.

    سيأتي تعليقي وتعقيبي متمشياً مع ما يبرز خلال النقاش. وسيكون تسلسله الابتدائي كما يلي:
    أ. موجز عن كتاب «الجيش السوداني والسياسة».
    ب. مقدمة كتاب «الجيش السوداني والسياسة».
    جـ. الحلقة الأولى من التعقيب
    د. الحلقة الثانية من التعقيب.
    هـ. تسلسل مستمر لحلقات التعقيب والنقاش.

    (كما تحجب الغيوم وجه الشمس ولا تطفئها، كذلك يحجب الجهل وجه الحقيقة.. وتبقى الحقيقة حقيقة)..
    ميخائيل نعيمة

    أبوغســـان

    14 فبراير 2004
    ---------------------------------
    موجز عن كتاب «الجيش السوداني والسياسة»
    تقديم
    يغطي هذا الكتاب فترة زمنية تمتد طوال قرن كامل، تبدأ منذ أول تكوين لوحدات عسكرية سودانية ضمن منظومة الدفاع عن السودان، والتي وضعتها دولتي الحكم الثنائي «بريطانيا ـ مصر» بعد فتح السودان في العام 1898. مروراً بـ «قوة دفاع السودان» التي أنشأت في العام 1925، ثم إعلان «الجيش السوداني» في يناير 1954 قبل استقلال البلاد، وأخيراً.. «القوات المسلحة السودانية» حتى نهاية العام 2000م. خلال معظم تلك الحقب الزمنية والسنوات الماضية كان الجيش السوداني في صدارة الأحداث السياسية التي صاغت تاريخ السودان الحديث.

    هدف هذا الكتاب إلى بحث الجذور التاريخية لدخول الجيش السوداني أسوار السياسة، ولرصد العوامل والمؤثرات التي قادت إلى تدخله بصورة متتالية، وإسقاطه للسلطة المدنية الديمقراطية، وليصبح السودان على أثرها من أكثر الدول الأفريقية هيمنةً وحكماً تحت ظل الأنظمة العسكرية الدكتاتورية. يغطي الكتاب في الجزء الأول، جذور وتمدد العمل السياسي داخل القوات المسلحة السودانية.. وما قاد إليه ذلك من انقلابات عسكرية، وسفك دماءِ وظلم وخراب .. وهي محاولة لرصد معظم الأحداث السياسية العسكرية التي حفرت خطوطها على وجه السودان. أما الجزء الثاني منه، فهو عن تجربة المعارضة السياسية العسكرية في مقاومة أكثر الأنظمة العسكرية الشمولية التي اختطفت السودان وارتهنت شعبه بعد انقلاب يونيو 1989.


    [B]الجزء الأول: الجيش والسياسة في السودانالفصل الأول: جذور السياسة في الجيش السوداني
    الدخول من بوابة السياسة
    التدخل الأول: انقلاب 17 نوفمبر 1958
    الجيش السوداني والعمل السياسي المنظم
    الفصل الثاني: النظام المايوي .. الانقلاب والانقسام 1969 ــ1971
    التدخل الثاني: انقلاب 25 مايو 1969
    الانقسام والصراع الدموي.. 19 يوليو 1971
    الفصل الثالث: مرتزقة أم مناضلون؟ النظام المايوي والجبهة الوطنية المعارضة 1970 ـ 1976
    الصدام الأول: الجزيرة أبـا
    انقلاب المقدم حسن حسين
    الغزو 1976 .. مرتزقة أم مناضلون؟

    الفصل الرابع: النظام المايوي .. المعارضة من داخل القوات المسلحة
    مذبحة الجنرالات
    التنظيمات العسكرية السرية
    القوات المسلحة السودانية والنظام المايوي
    الفصل الخامس: من الانتفاضة إلى مذكرة الجيش
    الموقف السياسي والعسكري 86 ـ 1989
    الأزمة السياسية ــ العسكرية
    مذكرة الجيش والطريق إلى الانقلاب
    الفصل السادس: الإخوان المسلمون والجيش السوداني
    الإخوان والجيش السوداني 49 ـ 1977
    استراتيجية الخرق 1977
    البناء العسكري الإسلامي 77 ـ 1985
    الفصل السابع: الانقلاب .. اختطاف الوطن
    الطريق إلى الانقلاب
    الخطة العامة لانقلاب الجبهة الإسلامية
    خطط الخداع وتأمين السلطة الجديدة
    تنفيذ الانقلاب
    الجزء الثاني: مقاومة الدكتاتورية العسكرية
    الفصل الثامن: السباق بين التمكين والتصدي المضاد
    الانقلاب المتدثر بالخداع
    خطة الجبهة الإسلامية لتأمين السلطة
    التصدي الأول: «حركة مارس 1990»
    الفصل التاسع: «المذبحة».. حركة أبريل 1990
    المواجهة والتحركات المضادة
    التحقيق والمحاكمات والمذبحة
    قائمة ضباط «حركة أبريل 1990»
    تقييم القصور وعوامل الإخفاق
    الهوية السياسية «لحركة أبريل 1990»
    الإدانة والاستهجان
    المسئولية الجنائية ولائحة الاتهام
    الفصل العاشر: الجناح العسكري للتجمع الوطني الديمقراطي
    مولد مشروع الجناح العسكري
    تكوين «القيادة الشرعية»
    الفصل الحادي عشر «أنا السودان»..
    عملية «أنا السودان»
    «القيادة الشرعية» إلى أين؟
    قوات «أنا السودان»
    الفصل الثاني عشر «القيادة الشرعية»..العمليات النوعية
    العمليات السرية
    الغزو البحري والجوي
    الفصل الثالث عشر: انشطار «القيادة الشرعية»
    الطريق إلى التفرق
    العشاء الأخير.. الانشطار
    المستقبل
    الفصل الرابع عشر: الانقلابات العسكرية في السودان ــ المؤثرات ..التحليل والمستقبل
    النهج الانقلابي في السودان.. الحقائق والتحليل
    تحليل النهج الانقلابي المقارن
    البيانات العسكرية ( البيان الأول: 58 ــ 69 ــ 89)
    الإحصائية: الانقلابات والمحاولات:: (1956 ـــ 2000)
    مجموعة الخرائط: ( عدد أربعة خرائط توضيحية).
    قائمة المراجع استند هذا الكتاب في التوثيق وتقصي الحقائق على ما تيسر من مراجع، وبلغ عددها ثمانية وثلاثين مرجعاً، ثم التجربة الشخصية والمعايشة الآنية لبعض الأحداث التي شملها الكتاب، واستقصاء وحوار بعض قادة القوات المسلحة من معاصريها، إضافة لوثائق المعارضة السودانية في الفترة من 90 ـ 2000.
    ( عدد صفحات الكتاب 575 صفحــة)
    -----------------------------
    «الجيش السوداني والسياسة»
    المقدمــــة
    {
    يغطي هذا الكتاب فترة زمنية تمتد طوال قرن كامل، تبدأ منذ أول تكوين لوحدات عسكرية سودانية ضمن منظومة الدفاع عن السودان، والتي وضعتها دولتا الحكم الثنائي «بريطانيا ـ مصر» بعد فتح ـ أو غزو ـ السودان في العام 1898. مروراً بـ «قوة دفاع السودان» التي أنشأت في العام 1925، ثم إعلان «الجيش السوداني» في يناير 1954 قبل استقلال البلاد، وأخيراً.. «القوات المسلحة السودانية» حتى يومنا هذا. خلال معظم تلك الحقب الزمنية والسنوات الماضية كان الجيش السوداني في صدارة الأحداث السياسية التي صاغت تاريخ السودان الحديث، ومن أجل هذا، هدف هذا الكتاب إلى بحث الجذور التاريخية لدخول الجيش السوداني أسوار السياسة، ولرصد العوامل والمؤثرات التي قادت إلى تدخله بصورة متتالية، وإسقاطه للسلطة المدنية الديمقراطية، وليصبح السودان على إثرها من أكثر الدول الأفريقية هيمنةً وحكماً تحت ظل الأنظمة العسكرية الدكتاتورية.

    منذ العام 1955، وفي أغسطس تحديدا،ً دخل الجيش السوداني معترك السياسة بتمرد وحدات الفرقة الجنوبية لأسباب سياسية ناتجة عن ترسبات الاستعمار، وبقوة دفع من الساسة الجنوبيين.. ثم تلى ذلك الانقلاب العسكري الأول الذي قاده الفريق إبراهيم عبود في 17 نوفمبر 1958 والذي أدخل الجيش السوداني في لجة السياسة، ولتبدأ الحلقة الشريرة التي اشتهر بها السودان.. إسقاط الحكم المدني الديمقراطي بانقلاب عسكري يستولي على السلطة.. لتعقب بعدئذٍ انتفاضة شعبية تهدف لاستعادة الديمقراطية السليبة. إن تلك الحلقة الشريرة ما هي إلا نتيجة مشتركة لخيبة الأنظمة الديمقراطية المدنية من جهة، وتغول الجيش السوداني من جهة أخرى. فشلت الأنظمة المدنية الديمقراطية في قيادة البلاد بانتهاج حكم ديمقراطي معافى، قادر على تحقيق طموحات الجماهير في الاستقرار والتنمية، وأدخلت الوطن في أزمات سياسية متلاحقة عبر نصف قرن من الزمان، كانت تنتهي دائماً بفتح الطريق لتدخل الجيش.. ذلك الجيش الذي تحصل على ثلاث بطاقات دعوة للتدخل بكرم «حاتمي سوداني» طال حتى مصير الوطن.. وقاد ذلك إلى ثلاثة انقلابات عسكرية ناجحة، وطدت ثلاثة أنظمة حكم عسكري دكتاتوري، مختلفة الهويات والتوجهات، أسهمت جميعها بصورة مباشرة في المأساة التي يعاني منها الشعب السوداني اليوم.

    إن أنظمة الحكم الديمقراطي الثلاثة منذ استقلال السودان في العام 1956، تتشارك الفشل في عدم إكمال أي منها دورة حكم ديمقراطية كاملة تأتي بعد انتخابات نيابية.. وهي الفترات التي تعارف عليها العالم في التداول الديمقراطي للحكم، وفي متوسطها أربعة أعوام، إذ سرعان ما ينقض نظام عسكري لإجهاض التجربة الديمقراطية، دون إتاحة الفرصة للجماهير للحكم عليها وعلى السياسيين الحزبيين الذين قادوها.. والذين أخفقوا ـ كحالهم دائماً ـ في تنفيذ وعودهم لناخبيهم، ومدى التزامهم ببرامجهم السياسية.. إن كانت هنالك أصلاً برامج وسياسات واضحة.

    حاولتُ تقصي العوامل والمؤثرات، التي دفعت الجيش السوداني للتدخل في المرات الثلاث التي أدت إلى تقويض الأنظمة المدنية الديمقراطية منذ نيل السودان لاستقلاله، فوجدتُ أن معظم العوامل والدوافع تبدو متماثلة، ولا تختلف كثيراً عن تلك التي حركت الجيوش في العديد من دول العالم الثالث للزحف والإطاحة بالنظم الديمقراطية. هنالك نظرية عن تدخل الجيوش في السياسية تسمى بـ «نظرية الخلاص»، وهي نتاج لتجربة أمريكا اللاتينية من دوامة الانقلابات العسكرية التي عصفت بها خلال النصف الثاني من القرن الماضي. تقول تلك النظرية: «الجيش لا يعمل بالسياسة، إنه فوق السياسة.. لكن في اللحظات الحرجة، وعندما تتعرض البلاد للخطر، يجب أن يظهر على مسرح الأحداث وينقذ الأمة». كان ذلك ما أعلنه العسكريون الثلاثة الذين أطاحوا بالديمقراطيات المدنية في السودان، في قولهم المكرر: أنهم «جاءوا لإنقاذ الأمة».. وسيجد القارئ المتتبع ذات العبارات قاسماً مشتركاً في البيان الأول لكل منهم.. الأحزاب الفاشلة المتناحرة.. عدم الاستقرار.. تردي علاقاتنا الخارجية، ووقف الفساد ورفع معاناة الجماهير.

    في الوجه الآخر للعملة، لا يمكننا إغفال الضعف المستمر الذي عكسته الأحزاب الطائفية السودانية في إدارة الأنظمة الديمقراطية، ولا يمكننا إعفاؤها من مسئوليتها في خلق الأزمات السياسية المستعصية التي أدخلت فيها البلاد في كل مرة.. فالأزمات السياسية المستعصية، والفراغ السلطوي وضياع هيبة الحكم، هي أكثر العوامل لبناء المناخ الملائم للتدخل العسكري. أما الظاهرة الأسوأ والأدهى، فهي عدم دفاع الأحزاب السياسية عن النظام الديمقراطي، وعوضاً عن ذلك تكون المسارعة والهرولة في تأييد القادمين الجدد، الذين انتزعوا منها السلطة قسراً.. وذلك خير دليل على عدم القناعة الكاملة بالنظام الديمقراطي من قبل القائمين على أمره، وإثبات دامغ على تمكن نزعة انتهازية واضحة، تحاول الحصول على المغانم من كعكة السلطة العسكرية الجديدة.

    لعل السؤال الذي يطرح نفسه، ونحن في مطلع قرن جديد تسوده الديمقراطية وحقوق الإنسان على نطاق العالم.. كيف سيتسنى لنا إخراج السودان من وهدته الحالية؟ وكيف يمكننا وضع الضوابط حتى لا تتكرر تجارب الماضي القاسية التي خربت حال السودان وشعبه؟ وهنالك المسألة الجوهرية في أمر إعادة بناء جيش السودان مستقبلاً.. ذلك الجيش الذي تعرض للتسييس العقائدي، ولأهواء ثلاثة أنظمة عسكرية دكتاتورية تأرجحت «وفي معيتها الجيش» من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين المتطرف.. وكيف سنقوم بتخطيط وبناء منظومة الدفاع عن السودان، ضمن منظومة الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.. وبحيث يضمن كلاهما السلام والاستقرار الدائم، ويحققان التنمية والعدالة.

    يغطي هذا الكتاب في الجزء الأول جذور وتمدد العمل السياسي داخل القوات المسلحة السودانية.. وما قاد إليه ذلك من سفك دماء وظلم وخراب.. وهي محاولة لرصد معظم الأحداث السياسية العسكرية التي حفرت خطوطها على وجه السودان. أما الجزء الثاني من الكتاب فهو عن تجربة المعارضة السياسية العسكرية في مقاومة أكثر الأنظمة العسكرية الشمولية التي اختطفت السودان وارتهنت شعبه بعد انقلاب يونيو 1989.. كيف كانت بداية معارضة ضباط القوات المسلحة، وقيادتهم محاولتين لإسقاط نظام حكم الجبهة الإسلامية في السودان.. تلك المحاولات التي انتهت بالمذبحة المروعة لثمانية وعشرين ضابطاً في أبريل 1990. يبحث الكتاب أيضاً تصدي قائد الجيش الذي أطيح به، ومعه ضباطه المؤمنون بحقوق الشعب السوداني في الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان، لبناء «حركة سياسية ـ عسكرية» عملت في إطار التجمع الوطني السوداني المعارض على استعادة الديمقراطية والسلام والاستقرار. تلك تجربة مثيرة اختلطت فيها السياسة بالعمل العسكري، واستبانت لنا فيها كثير من الرؤى وخبايا الأحزاب السياسية السودانية، وهي دهاليز وسراديب قلما يدركها الجندي المحترف.

    يأتي هذا الكتاب نتاجاً لتجربة سياسية ـ عسكرية امتدت لما يقارب الأربعين عاماً، تأتي في خضمها التجربة الشخصية بدءاً من المشاركة في الحركة الطلابية خلال حقبة الستينات، ثم انخراطاً في خدمة عسكرية نظامية امتدت لواحد وعشرين عاماً.. وانتهاء بتجربة عمل سياسي معارض لنظام الجبهة القومية الإسلامية الحاكم في السودان منذ العام 1989. كانت التجربتان الطلابية والعسكرية في فترة زمنية صاغت فيها القوات المسلحة السودانية كل الأحداث السياسية الحاسمة في تاريخ السودان الحديث، منذ الانقلاب العسكري الأول، وحتى الأخير الذي نفذته جماعات الإسلام السياسي الأصولي. جاءت فترة التجربة الشخصية الثانية في ساحة المعارضة السياسية العسكرية بعد اختطاف الوطن وتعثر الحوار الوطني، ودعوة النظام الحاكم المعارضة لحمل السلاح إن أرادت للتغيير سبيلاً.. تحولنا فيها إلى قادة «حركة سياسية ـ عسكرية معارضة»، حملت سلاحها في مواجهة القوات المسلحة السودانية.. ذلك البيت الكبير الذي خرجنا منه مُشبعينَ بالقومية والانتماء لقضايا الوطن. خلال كل تلك الفترة الزمنية الطويلة، عايشنا معظم الأحداث الجسام التي كانت القوات المسلحة السودانية طرفاً فيها.. شهود عيان أحياناً، ومشاركين في أحايين أُخر. إن ذلك المسار الطويل، يتطلب الحياد والدقة والموضوعية عند الكتابة لتوثيق التاريخ، ولإظهار الحقائق التي يمكن أن تكون عظة لسياسيي الوطن، وهادياً لشعبه المتسامح من مغبة الوقوع في أخطاء الماضي.. ونبراساً لأجيال قادمة حتى لا يُظلموا كما ُظلِم آباؤهم من قبل.

    على الرغم من أنني بذلت كل جهدي في توثيق الأحداث التي يتضمنها ويخوض فيها هذا الكتاب بدقة.. وهي دقة أثّرَ فيها ـ بلا شك ـ فترة غياب قسري عن الوطن لأكثر من اثني عشر عاماً.. والوطن يعني القدرة على حوار شهود الأحداث وتقصي المصادر، وذلك يتعذر بالطبع في المنافي والغربة. وهنا يجدر بي أن أشير إلى أن بعض التوثيق أو أسماء المشاركين في الأحداث أو المتأثرين بها، لربما لازمه شيء من اللبس أو الخطأ.. فإن حدث هذا فذلك أمر يستلزم المعذرة، والتصويب مستقبلاً.

    أخيراً.. يجدر بي أن أدعو جميع القادة السياسيين، وقادة وضباط الجيش السوداني الذين شاركوا في صنع الأحداث الجسام في تاريخ السودان الحديث، أو الذين عاصروا مجرياتها، ألا يظلموا الأجيال القادمة بحجب الحقائق والسكوت عن كشف تفاصيلها الخافية. وكما هو معلوم فإن معظم الدول المستقرة ديمقراطياً، تُطبق قوانين واضحة في الكشف عن الوثائق والأسرار بعد مضي فترة خمسة وعشرين عاماً، وقد يذهب بعضها في إطالة تلك الفترة إلى أربعين عاماً.. ولكن خاتمة الأمر وغايته.. هو تمليك الشعب والتاريخ الحقائق المبرأة من كل غرض لتكون عبرة ومنفعة، ودروساً مستفادة تساعد على رسم خُطى مستقبل أفضل.. أكثر إشراقاً ووعداً.








                  

العنوان الكاتب Date
كتاب «الجيش السوداني والسياسة» عصام الدين ميرغني02-14-04, 03:44 PM
  Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» theNile02-14-04, 04:31 PM
  Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» Elmosley02-14-04, 06:24 PM
    Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» بكرى ابوبكر02-15-04, 05:11 AM
      Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» nile102-15-04, 02:00 PM
  Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» (2) عصام الدين ميرغني02-19-04, 04:24 PM
  Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» (3) عصام الدين ميرغني02-21-04, 04:16 PM
  Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» (4) عصام الدين ميرغني02-27-04, 12:38 PM
  Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» (5) عصام الدين ميرغني02-29-04, 01:26 AM
    Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» (5) Alia awadelkareem03-01-04, 09:01 PM
      Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» (5) elfaki03-02-04, 08:18 PM
  Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» Raja04-04-04, 01:13 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de