|
إنطباعات إجازة في السودان (1) سلاح المنشات
|
التحية لزملاء المنبر.. وكل عام وأنتم بخير وإن جاءت متأخرة فقد كنت في السودان وتعمدت أن لا أبحث أو أفكر في الذهاب لمقهى إنترنت رغم انتشارها رغبة في قضاء إجازة بعيدة عن الإعلام بالكامل، لا جرايد ولا تلفزيون ولا إذاعة و لا إنترنت وفعلاً قضيت إجازة هادئة بدون أية عكننة.
جاءت زيارتي للسودان هذه المرة في يناير على غير العادة، ذلك لم يحدث منذ سنوات طويلة، ويبدو أن الخرطوم تتلون وتتشكل بألوان وأشكال مختلفة حسب المواسم. و في يناير رأيت الخرطوم غير الخرطوم التي في يوليو أو أغسطس. وأول ما لفت انتباهي هذه العام في الخرطوم و في يناير، اختفاء الذباب.. قد تبدو هذه الملاحظة غريبة بعض الشيء ربما توقع البعض انطباعات أكثر أهمية وحرارة، ولكنها بالنسبة لي غير ذلك. فقد تعودت منذ سنوات أن أضمن بنداً مهماً لقائمة مشتريات الهدايا ومستلزمات الإجازة عندما أبدأ في التخطيط لقضاء إجازة بالسودان ذلك البند هو منشة الذباب. قطعة بلاستيكية تشبه مضرب التنس، إذ لا بد لي من تأمين عدد كافي من هذه المنشات استعداداً لمواجهة الأوضاع المحتملة هنالك، فأنا مستعد لتحمل كل المضايقات الممكنة والمحتملة.. نور ما في لا مشكلة موية مافي لا مشكلة.. حر برد كله مافي مشكلة إلا الذباب !!! لذا كنت وبمجرد وصولي للبيت أقوم بتوزيع عدد من هذه المنشات للموجودين من الأطفال (وبعض المتطوعين من الكبار)، بعد إبرام اتفاقية خاصة أنا طرفها الأول والأطفال طرف ثاني والطرف الثالث هو العدو المشترك (الذباب). وتنص الاتفاقية على مكافأة مالية متصاعدة لكل طفل يتمكن من دحر عدد محدد من الذباب و نتيجة لهذه الاتفاقية أضمن قضاء أوقات محدودة في مزاج رائق لا يعكر صفوه هجوم هذه الكائنات. ربما يسأل سائل وأين المبيدات؟ ريد وبيف باف؟ أقول أنني لم ألجأ لهذه الحلول إلا بعد أن جربت كل المبيدات المتوفرة هنالك ووصلت لقناعة أن الذباب السوداني وبما له من إرث وتاريخ طويل قد طور جيناته وبات يكتسب مناعة متينة ضد تلك المبيدات، حيث أنني وجدت أن رش تلك المبيدات أصبح يسبب اختناقاً قوياً ونوعا من الحساسية والعطاس المتواصل لي ولبقية أفراد الأسرة من البشر بينما العدو المستهدف أصلاً يسرح ويمرح متلذذاً على ما يبدو بطعم ذلك المبيد، و عليه ومنذ ذلك الحين قررت اللجوء إلى سلاح المنشات، فهو آمن جداً على البشر وقوي وفتاك على العدو. المهم في الموضوع، أنني في هذه الإجازة قد أصبت بخيبة أمل كبيرة حينما وجدت الخرطوم خالية من الذباب، وأسفت على المجهود الاستثنائي الذي بذلته هذه المرة وأنا أشتري المنشات اللازمة فقد تنقلت بين محلات كثيرة وأنا أنتقي النوعيات الممتازة من تلك المنشات والتي تتوفر فيها شروط الجودة والمباغتة دون إحداث أي صوت أو ضغط هوائي يلفت انتباه العدو قبل الهجوم، وتوصلت لنوعية ممتازة وقمت بشراء درزن (دستة كاملة). بمجرد وصولي أخرجت هذه المنشات وتوقعت تدافع الأطفال عليها لحجز نصيبهم كما كان يحدث، غير أن شيئاً من ذلك لم يحدث، وتركز اهتمامهم تماماً على الهدايا والطلبات، غير عابئين بتلك المنشات المطورة بألوانها المزركشة وأشكالها الجميلة، فحاولت لفت الانتباه للمنشات واستعدادي لرفع مبلغ المكافأة هذه المرة ولكن دون جدوى فقد اكتشفت أن البيعة بالنسبة لهم خاسرة هذه المرة إذ لا يوجد ذباب داخل المنزل وهم ليسو على استعداد لمطاردة العدو خارج الحدود! وفي تعبير طريف عن خيبة أملهم أيضاً في فقدان المكافأة قال أرشدهم (خلي المنشات لغاية عيد الضحية الضبان حيكون كتير)
وإلى انطباع آخر
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
|