المرأة والحجاب في الخطاب القرآني (1 ــ 2) :Dr. Algadal

الأسلحة الكيميائية وحقيقة استخدامها في السودان في منتدى ميديكس للحوار
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 09-15-2025, 02:08 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-06-2004, 04:11 PM

merfi
<amerfi
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 685

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المرأة والحجاب في الخطاب القرآني (1 ــ 2) :Dr. Algadal

    [size=18]المرأة والحجاب في الخطاب القرآني (1 ــ 2)

    اولا : المرأة
    المرأة والحجاب موضوعان مترابطان في القرآن ، وقد افرزا مواقف متباينة وجدلا حادا ، فهناك من يرتد بهما الى رؤية سلفية لا تاريخية ، ومن يجنح بهما جنوحا مخلا ، ويذهب فريق ثالث الى تبريرات لا يستسيغها عقل ، فلا يخلو موضوع المرأة من تعقيد ، يقول الدكتور محمد شحرور : «إن بحث المرأة في الإسلام يعتبر من اكثر المواضيع حساسية ، وهو من المواضيع التي بحثها العديد من مؤىدي الاسلام ومن اعدائه ، ابتداء من عصر النهضة وحتي يومنا هذا ، ولا اعتقد انه تم الى الىوم تقديم بحث اصيل حول المرأة في الاسلام انطلاقا من الجدل بين الاستقامة والحنفية والفطرة الانسانية التي تعتمد ان حدود الله هي العمود الفقري لهذا المنطلق» (الكتاب والقرآن ، ص 592) . ويقول الدكتور محمد اركون : «ارجو ان يغفر لي القارئ لانني لم انخرط في تحليل تفصيلي للعديد من الآيات التي رسخت لقرون متطاولة حالة المرأة ووضعها المعروف في المجتمعات التي يسيطر علىها الإسلام كدين ، وهذا العمل لم يقم به احد حتي الآن ضمن الشروط الجديدة لنقل العقل العربي» (اركون ص 129) .
    ويثير موضوع المرأة والحجاب خلافا حادا ، ليس فقط بين مؤيدي الاسلام ومعارضيه فهذا امر هين ، وانما يأتي الخلاف بين المجموعات المسلمة ، بل بين اكثر تلك المجموعات حماسة للإسلام ، ولسنا هنا بصدد تناول المدارس الفكرية والمذاهب والتيارات التي تناولت موضوع المرأة في الاسلام وموضوع الحجاب المتفرع منه ، وانما نتناول الموضوعين في إطار منهج الخطاب القرآني واستنادا على آيات القرآن .
    ماهو الخطاب ؟
    ماهو المقصود بالخطاب (discourse) ؟ هو مجمل الأفكار الاساسية التي تعبر عن مبدأ أو فكرة معينة ، والأسالىب التي عرضت بها ، وتظل تلك الافكار تتري باستمرار وربما بالحاح ، حتي يتشكل منها الخطاب المعين ، فالخطاب القرآني هو مجمل الافكار الاساسية التي وردت في القرآن بالحاح ، وليس ذلك الخطاب هو استلال آية ورفعها على اسنة الرماح باعتبارها الحجة الدامغة والرأى الاوحد ، ان الخطاب منهج ممتد ومتكامل وشمولي ، ويعرف ميشيل فوكو الخطاب بأنه مجموعة من التعابير التي يبدو انها منظمة بشكل معين ، والتي يبدو ان لها ترابطا وقوة مشتركة بينها .
    ويبدو أن بعض العلماء المعاصرين قد تنبهوا لموضوع الخطاب القرآني ، فيقول الشيخ محمد الغزالى :«وهناك معنى آخر للتفسير الموضوعي لم اتعرض له ، وهو تتبع المعني الواحد في طول القرآن وعرضه وحشده في سياق قريب ، ومعالجة كثير من القضايا على هذا الاساس .. ولا ريب ان الدراسات القرآنية تحتاج هذا النسق الاخير» (الغزالى 1992 ص ،6) ،وهذا المنهج الذي تنبه الىه اخيرا الشيخ الغزالى ، بتطبيق هذا المنهج في الدراسات التي طرحها طولا وعرضا كما لم يطبق هذا المنهج في الدراسات القرآنية السائدة ، فتلك الدراسات تقوم على اجترار الروايات السابقة ، ولم تتناول النص بعيدا عن الحواشي ، ولاشك ان تطور مناهج البحث هو الذي فرض تطبيق هذا المنهج وليس مجرد المزاج الخاص بالباحث ، انها الرؤية الجديدة في البحث العلمي .
    يقع موضوع المرأة ضمن الخطاب القرآني في مراحله المختلفة ، فتناول موضوع المرأة ضمن رسالته لتغيير واقع الجزيرة العربية وتأهيل اهلها لحمل الرسالة ، ومن خلال ذلك التناول وضع مؤشرات للهداية يمكن بها معالجة قضية المرأة في المجتمعات البشرية المختلفة في مجري الحركة التاريخية .
    فالقرآن خاطب مجتمع الجزيرة العربية ومن خلاله خاطب المجتمعات البشرية العريضة ، وفي هذا الصدد يقول الاستاذ حسين احمد أمين :«الدين لا ينشأ في فراغ ، وإنما في مجتمع معين وزمن معين ، فتتلون تعالىمه بالضرورة بظروف ذلك المجتمع ومقتضيات ذلك الزمان وتراعيها ، هو إذن حقيقة مطلقة وردت في اطارتاريخي ، وظهرت في بيئة اجتماعية انعكست معالمها علىه ، وذلك من اجل ان يلقي القبول ويضمن الانتشار ، فلو ان الرسالة الخالدة لم تراع جهاز الاستقبال لدي من تسعي لمخاطبته ، والوصول الىه ، لضاعت في الاثير واستحال التقاطها» «من مقدمته لكتاب عبدالله النعيم ، نحو تطوير التشريع الاسلامي ، ص 8» فالنص الالهي فعل في الزمان والمكان ، أي فعل من خلال قوانين العالم ذاته ، (نصر حامد ابوزيد ص 99) .
    وضع المرأة في الجاهلية والنقلة التي احدثها الاسلام
    كانت في الجزيرة العربية عند نزول القرآن معتقدات وموروثات تفاوتت درجاتها واشكالها مثل الوثنية والرق والظهار ، اما الوثنية فقد صادمها النص القرآني مصادمة لا هوادة فيها ، حتي نقل اهل الجزيرة الى الإيمان بالله . وتصدى لقضية الرق بأسلوب مختلف يقوم على التدرج حتي لا يختل التركيب الاجتماعي ، حتي تلاشي نظام الرق ، وحرم الظهار لأنه عاد ةلا تهز المجتمع عند تحريمها . وكانت المرأة تعيش في اوضاع تستوجب التغيير ، ولكنه تغيير يقوم على التدرج وليس على حرق المراحل حتي لا يختل التركيب الاجتماعي ، وحتي يتضح لنا منهج القرآن بالنسبة لوضع المرأة ، نتناول اولا السمات العامة لوضعها في الجاهلية حسب ما وصف بعضه القرآن ، ثم نتعرض للنقلة التي احدثها في وضعها ، ونشير اخيرا لموجهات الهداية التي تمتد خارج الزمان والمكان لتخاطب المجتمع البشري العريض .
    ماهي السمات العامة لوضع المرأة في الجاهلية ؟ كان اهل الجزيرة العربية يكتئبون عندما يرزق احدهم بنتا ، ولعل البعض مازال يكتئب حتي يومنا هذا ، ولكن بعض اهل الجزيرة العربية لم يكتف بالاكتئاب ، بل كان يدفن بنته حية ، ويسمي الوأد ، ويصفه الإمام محمد عبده بأنه من ابشع العوائد الفاشية في الجاهلية ، وكان لهم تفنن في ذلك ، فكان البعض يستبقي البنت حتي اذا كانت سداسية ، قال لامها طيبيها وزينيها حتي اذهب بها الى احمائها ، وقد حفر لها بئرا في الصحراء ، فإذا بلغها دفنها حية ، وكان بعض الأمهات إذا جاءهن المخاض حفرن حفرة ، فإن ولدن بنتا رمينها فيها ، (محمد عبده الاعمال الكاملة ، ج5 ، ص 33 . فالبنت تقتل ليس لجرم ارتكبته ، وإنما لما يمكن ان ترتكبه ، فالعقاب موقع على النوع البشري وليس على جريمة ارتكبت ، فكان لابد من اعطاء المرأة حقها في الوجود في ظروف يتعرض فيه كل الجنس للابادة .
    وكانت الحياة في الجزيرة العربية يغلفها شظف العيش والصراع الضاري حول موارد الرزق الشحيحة ، مما ولد عصبيات قبلية وتناحرا وحروبا قد تستمر لحقب متتالىة ، وفي ذلك المناخ فإن دور الرجل في الدفاع عن القبيلة وتأمين مقومات حياتها ، اكبر من دور المرأة ، وهو دور مرهون بتلك الظروف القاسية ، وهو الذي اعطي الرجل وضعه الاجتماعي المتميز ، ووضع المرأة في ادني السلم الاجتماعي والسياسي ، فجاء الخطاب القرآني لينتشل المرأة من ذلك الوضع ويمنحها آدميتها ، فتفاصيل الخطاب وخصوصيته مرتبطة بذلك الوضع ، اما جوهره فيمتد عبر المجتمعات الاخري التي تكون قد تخطت وضع الجاهلية نتيجة للتطور الذي لعب الخطاب القرآني دورا في تطوره ، فالتفاصيل تاريخية والجوهر مقدس وباق . والجوهر هو مواصلة تطوير وضع المرأة مع مستجدات الحياة.
    وبعد اعطاء المرأة حقها في الوجود وادميتها ، اعطاها القرآن كرامتها . فقد كانت المرأة تعيش في خضم فوضي جنسية يبدو انها كانت بلا شطآن . فعرف اهل الجزيرة الجاهلية زواج الضماد ، وهو ان يكون للمرأة اكثر من زواج ، وهناك زواج الاستبضاع ، وهوان الرجل الذي لا يستطيع ان ينجب ، يسمح لزوجته بالاتصال برجل آخر لتنجب منه ، وهناك بغاء الشريفات ، وهن النسوة من الاسر الكريمة اللاتي يحترفن البغاء ، ولكن لا يسمحن لأى شخص بالاتصال بهن ، وإنما يقمن بدعوة من يشتهين من الرجال ، وكان البعض يتزوج من زوجات آبائهم ، والبعض الآخر يجمع بين الاختين ، وكان بعض النسوة يطفن بالبيت عاريات .
    يبدو ان العلاقات الجنسية في بعض انحاء الجزيرة العربية قد فاقت حد المعقول ، بل وصلت بعض ممارساتها درجة اللامعقول والشطح الجنوني ، ويبدو ان خيال الجنس في تلك الصحاري البيد الضاربة في التيه ، كان خيالا جامحا بلا حدود ، وان الجنس كان ملاذهم الاول والاخير ومبدأهم ومنتهاهم وسلوتهم الوحيدة ووسيلتهم لحفظ جنسهم من الانقراض في ظروف معيشية يغلفها ضنك ومعاناة ومفاجآت لا يستطيعون لها تحسبا ، ويقف لهم فيها الموت بالمرصاد .
    فجاءت آيات القران في تحديد العلاقات الجنسية قاطعة وحادة وحاسمة (النساء 22 ــ 23) . ولم تأت تلك الآيات لتنهي عن ممارسات لم تكن موجودة ، بل جاءت لتنهي عن ممارسات ان لم تكن شائعة فقد كانت موجودة بدرجة او اخرى.
    وتناول الخطاب القرآني مواضيع آخرى عن المرأة ، فأكد ان الرجل والمرأة متساويان في الخلق وفي العمل الصالح (النساء 1 ــ 124 ، النحل : 97 ـ غافر 40) .
    وتناول الخطاب القرآني قيما عامة متعلقة بالحياة الزوجية واستعمل في هذا الصدد جملا قصيرة مشحونة بمعاني جمة : هن لباس لكم وانتم لباس لهن ـ وقد افضي بعضكم الى بعض ، خلق لكم من انفسكم ازواجا ، وجعل بينكم مودة ورحمة (البقرة : 187 ـ 222 ــ النساء : 127 ـ 130 ـ النحل : 72 ــ الروم : 21).
    وافرد الخطاب القرآني حيزا واسعا للطلاق ، لما ينشأ عنه من تعقيدات متشابكة ، بل هناك صورة خاصة بالطلاق ، بجانب آيات اخرى .
    وجهت الآيات السابقة خطابها الى أهل الجزيرة العربية ، فاعطت المرأة حقها في الوجود وآدميتها وكرامتها وساوتها بالرجل في الخلق والعمل الصالح كما تناولت بعض القيم الخاصة بالحياة الزوجية ، والخطاب موجه ايضا الى المجتمع البشري العريض ، ولكن الانتقال بالمرأة من وضعها في الجاهلية الى المجتمع الجديد الذي حدد الخطاب القرآني موجهاته ، لم يكن انتقالا كاملا ولكنه انتقال توخي فيه الخطاب القرآني ظروف الزمان والمكان وتركيب المجتمع ، حتي لا يؤدي الانتقال الى ارتباك في الحياة الاجتماعية ، فجاءت بعض آيات الخطاب القرآني لتناسب ظروف الجزيرة العربية ، فحصل الرجل على بعض الميزات التي هي من مواصفات ذلك الانتقال التي اقتضاها التدرج المنبثق من مهج الخطاب القرآني .. فهي ليست ميزات مطلقة بل فيها خصوصية الزمان والمكان ، ولكنها تضمنت ايضا موجهات تفتح السبل للانتقال بالمرأة الى وضع افضل كلما استجدت الظروف التي تهيئ لذلك الوضع الافضل .

    [/size]








                  

02-06-2004, 04:25 PM

merfi
<amerfi
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 685

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة والحجاب في الخطاب القرآني (1 ــ 2) :Dr. Algadal (Re: merfi)

    The above is part 1 of 2 by Prof. Mohd S. Al-Gadal. I will post part 2 if and when I find it.

    Source: Al-sahafa newspaper.
                  

02-06-2004, 04:40 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30774

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة والحجاب في الخطاب القرآني (1 ــ 2) :Dr. Algadal (Re: merfi)

    Thanks for this xlant read
    shall wait for part2
    jini
                  

02-06-2004, 09:20 PM

Elwaleed Ibrahim

تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 282

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة والحجاب في الخطاب القرآني (1 ــ 2) :Dr. Algadal (Re: jini)

    waiting
    thenk u merfi
                  

02-11-2004, 03:17 PM

merfi
<amerfi
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 685

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة والحجاب في الخطاب القرآني (1 ــ 2) :Dr. Algadal (Re: merfi)

    المرأة والخطاب الديني السائد (2-2)

    الرجال قوامون على النساء
    أما الخطاب الديني السائد لقرون عديدة فيعتمد في قضية المرأة على آيتين، رغم انه لا يتوفر لهما مقومات الخطاب القرآني الذي يعتمد على تكرار المباديء الاساسية التي يدعو لها، ورغم انه يقوم على التوجيه والارشاد. الآية الأولى هي الآية «34» من سورة النساء (الرجال قوامون على النساء....)
    يمكن ان ننظر الى الآية من منطلقين. اما انها قانون مطلق او انها خطاب مرتبط بخصوصية الزمان والمكان، أي انها نص تاريخي في كتاب مقدس. فهناك نصوص في القرآن ابطل الناس العمل بها. فقد اعترض الخليفة عمر بن الخطاب على تطبيق الآية 41 من سورة الانفال التي تعطي المجاهدين اربعة اخماس الغنائم، ووافقه الامام مالك فيما بعد، واتفق معهما الشيخان المعاصران جاد الحق الشيخ الاسبق للجامع الازهر ومحمد الغزالي. ولم يؤد اعتراضهم على النص ان خرجوا من ملة الاسلام، لان الاعتراض على تاريخية النص لا يعني معارضة قدسية للقرآن. وتساقط نظام الرق، رغم ان القرآن لم يلغه. وسيضل الخلط بين درجات الخطاب القرآني يغيم مواقف المفسرين الذين لا يحفلون بتلك الدرجات. والذين حصروا تناولهم لتلك الآية في ظروف الجزيرة العربية عند نزول القرآن، ولم يضعوها في مكانها الذي تحتله في الخطاب القرآني، ولا احد يلومهم على ذلك، لانهم تناولوها وفق قدرات وعيهم التاريخي.
    فنجد ابن كثير (متوفي 774هـ) يشرح الآية قائلاً: الرجل قيّم على المرأة أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها اذا اعوجت، لان الرجال افضل من النساء، والرجل خير من المرأة ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال (ابن كثير، ج1، ص 275).
    ويمتد هذا التناول حتى القرن العشرين، فيقول ابو الاعلى المودودي في كتابه الحجاب: «ان الرجل قوّام على الاسرة، أي هو حاكم الاسرة وراعيها ومراقب اخلاقها وشؤونها وواجب الطاعة لجميع افرادها الا اذا امر بمعصية الله ورسوله. ثم هو مكلف بعيالة الاسرة وتزويدها بحاجات حياتها. (ص 9). وكتاب المودودي في جملته يعكس ازمة القلة المسلمة وسط طوفان من الهندوس. وفي اطار تلك الازمة تشكلت مرتكزاته الايديولوجية. فجاء كتابا مأزوما، ان صح التعبير، والكتابات التي تستلم لمحاصرة الازمة، لا تضيء طريقا ولا تنير بصيرة. ولم يحدث ان خرج فكر متوهج من ضبابية الوضع المأزوم وعتمته، لانه يكون في الغالب رد فعل للازمة، فيرتد الى ظلمات الماضي الذي يحتمي بها من نور الحاضر الذي يرتعد من وهج ضيائه.
    ويتواصل هذا الفهم لدى مفسرين معاصرين. مثل الصابوني (صقوة التفاسير) ومحمد فريد وجدي (المصحف المفسر) وشوقي ضيف (الوجيز في تفسير القرآن الكريم)، وغيرهم.
    اما الامام محمد عبده فقد اضفى بعضاً من استنارته على شرح الآية ليستبين مدلولها. فقال: «المراد بالقيام هنا هو الرئاسة التي يتصف فيها المرؤوس بإرادته واختياره، وليس معناها ان يكون المرؤوس مقهورا مسلوب الارادة». ويقول ان مشروعية ضرب النساء ليست بالامر المستنكر في العقل او الفطرة الى تأويل، فهو يحتاج اليه في حال فساد البيئة وغلبة الاخلاق الفاسدة، وانما يباح اذا رأى الرجل ان رجوع المرأة عن نشوزها يتوقف عليه. واذا صلحت البيئة وصارت النساء يعقلن النصيحة.. فيجب الاستغناء عن الضرب.. ونحن على كل حال مأمورون بالرفق بالنساء واجتناب ظلمهن.. والرجال الذين يحاولون بظلم النساء ان يكونوا سادة في بيوتهم انما يلدون عبيدا لغيرهم» (ج5. ص 208-211).
    يتضح من العرض السابق الخلافات التي نشبت حول تفسير الآية. ان الآية جزء من الخطاب القرآني الذي يسعى لانتشال المرأة من الدرك الاسفل الذي كانت فيه وهي تقبع في مجتمع يحيطها فيه الرجل بكل جبروته. وتقع الآية ضمن المنهج المتدرج الذي سار عليه الخطاب القرآني لتحقيق نقلة تاريخية في المجتمع. «ووضع تحرير المرأة في الاسلام». كما يقول الدكتور شحرور، «كوضع الرق تماما. فالاسلام في امور كهذه لا يسمح بقفزات فجائية -حرق مراحل- لانها تؤدي الى تدمير المجتمع. ولكن وضع لها اسسا في الكتاب كي تحل هذه الامور مع سياق الزمن التاريخي» (شحرور، ص 594).
    ان الذين يقولون بقوامة الرجل على المرأة لانه يقوم بالانفاق عليها، سيجدون انفسهم امام مشكلة اذا اصبحت المرأة هي التي تقوم بالانفاق كما يحدث في بعض الحالات على أيامنا هذه، او حتى اذا تساوت مع الرجل في القيام بمهام الانفاق كما في كثير من حالات عالمنا. اما التفاصيل الاخرى التي وردت في الآية، فهي رهينة بظروف تاريخية.
    وقد أدرك الشيخ محمد الغزالي، وهو ليس من المفكرين الذين يمثلون الاستنارة في عصره، هذا الواقع الجديد، فقال: «ليس من المعقول ان تمنع المرأة عندنا من ركوب سيارة، على حين يعطيها العالم حق قيادة أمة والسهر على مصالحها. (محمد الغزالي، السنة النبوية بين اهل الفقه واهل الحديث، ص 22). ويذهب الدكتور القرضاوي الى ملامسة الموضوع ملامسة هامشية. فيقول هناك مستجدات في عصرنا هي: التغييرات الاجتماعية والسياسية ـ معارف العصر وعلومه التي لم تكن لدى اسلافنا ـ ضرورات العصر وحاجاته فرضت سفر المرأة دون محرم. (القرضاوي، الاجتهاد الاسلامي الذي نريده، ص 16- 1).
    ان التفاصيل الخاصة بعلاقة الرجل بالمرأة، تحتاج لفهم اجتماعي عميق ورؤية تاريخية لا تمس قدسية القرآن واعجازه، وانما تسترشد بمنهجه في الهداية وتقتفي مراحله في الخطاب. اما ان نستل آية من سياقها التاريخي لنصادم بها واقع العصر فهذا ليس من الخطاب القرآني في شيء. فقد جاء القرآن بمنهج للهداية ليطور البشرية لا ليحجرها ويحنطها مثلما يفعل المحنطون تاريخيا.
    تعدد الزوجات:
    الآية الاخرى التي تستحق وقفة هي الآية الثالثة من سورة النساء المتعلقة بتعدد الزوجات، وتقرأ متصلة مع الآية السابقة لها. هناك عدة اجتهادات حول فهم الآية. التفسير السائد يقول ان الآية تبيح الزواج من اربع زوجات. ونجد مفسرا معاصرا يقول: «ان تعدد الزوجات ضرورة اقتضتها ظروف الحياة. وقد وجد الاسلام وضع المرأة بلا قيود ولا حدود وبصورة غير انسانية فنظمه وشذبه وجعله علاجا لبعض الحالات الاضطرارية. ويعتبر تشريع تعدد الزوجات مفخرة من مفاخر الاسلام، لأنه استطاع ان يحل مشكلة اجتماعية من اعقد المشاكل التي تعاني منها الامم، وذلك عندما يصبح عدد النساء ضعف عدد الرجال. فهل نحرم المرأة من نعمة الامومة، ام نتركها تسلك سبيل الرذيلة؟». وضرب مثلا بألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية حيث اصبح عدد الفتيات ضعف عدد الشباب. (الصايوني، ج1، ص 261). وهذا التفسير ومن لف لفه، لا ينظر الى الزواج باعتباره مؤسسة اجتماعية متشابكة، وانما ينظر فقط للممارسة الجنسية. وهذه آراء ضعيفة ولا يمكنها ان تصمد امام المنطق وحقائق العصر الساطعة.
    اما الفهم المستنير لوضع المرأة فقد ابتدره الشيخ رفاعة الطهطاوي في كتابه «المرشد الامين في تربية البنات والبنين». فدعا المرأة للتعليم والعمل من اجل انماء ملكتها. ورفض ان تكون مجرد أنثى، بل اعتبرها كائناً انسانياً له الحقوق كافة التي للرجل. وفسر الشرع تفسيرا يأخذ بالحدود التي تكاد تحرم الطلاق وتعدد الزوجات. (غالي شكري. من الحق الإلهي الى العقد الاجتماعي. ص 25).
    ويقول الامام محمد عبده: «كان للتعدد في صدر الاسلام فوائد اهمها صلة النسب والصهر الذي تقوى به العصبية ولم يكن له من الضرر مثل ما له الآن لانه كان متمكنا من نفوس الرجال والنساء. وكان اذى الضرة لا يتجاوز ضرتها. اما اليوم فان الضرر ينتقل من كل ضرة الى ولدها والى والده والى سائر اقاربه، فهي تغري بينهم العداوة والبغضاء.. فلا سبيل الى تربية الامة مع تفشي تعدد الزوجات فيها.. ولهذا يعلم ان تعدد الزوجات محرم قطعاً عند الخوف من عدم العدل؟ (ج5، ص 170).
    ويتناول الاستاذ خليل عبد الكريم تعدد الزوجات من منظور تاريخي. فيقول كان العرب قبل الاسلام يجيزون تعدد الزوجات الى غير حد، ولم يكونوا يستسيغون تحديد عدد الزوجات، وهو ذات النظام الابوي الذي كان يسود القبائل الرعوية على وجه العموم، والذي يتكون فيه البيت من الاسرة البطريركية التي تتمحور حول الرجل وعدد من الزوجات الحرائر بالاضافة الى السراري، وفيه كان الرجل يسمي بعل المرأة. ولفظ بعل يرمز الى المركز السيادي المتعالي الذي يتمتع به الزوج في المجتمع القبلي وفي الاسرة العربية، فهو مالك الزوجة وسيدها وربها. ويقال للزوجة المبعول وايضا الحرمة أي ما لا يحل انتهاكه. فالزوجة هنا بمثابة مملوكة ومسودة ومربوبة لبعلها، فيجتث من الزوجة شعورها بأي اعتداد او حتى احساس بالكينونة والتمييز في محيط الاسرة، وتتغرس فيها بذور الاستكانة والاستسلام والطاعة والتبعية المطلقة والرضى بالوظيفة التي حددها البعل وهي المتعة الجسدية والانسال والخدمة المنزلية وتربية الاطفال.
    ويستمر الاستاذ خليل قائلاً: ولما جاء الاسلام اقر تعدد الزوجات، وحدد العدد بأربع. ولكن هذا التقييد لم يكن عائقاً امام التقليد العربي. فكان الطريق الى الإفلات منه هو الطلاق. فمن حق المسلم ان يطلق زوجته ويتزوج غيرها بشرط الا يجتمع لديه في وقت واحد اكثر من اربع زوجات. ثم يقول إن الخلفاء الراشدين عمر وعثمان وعلي تزوج كل واحد منهم تسع زوجات. ويخلص الى ان هذا المدخل يمكننا من التعرف على موقف الاسلام من المرأة، وهو احد الموضوعات التي طال فيها او حولها الحوار والجدل. فموقف الاسلام من المرأة عامة وكما حددته بدقة صارمة النصوص المقدسة، جاء موافقا تمام الموافقة من موقف العربي السابق للاسلام من المرأة. (خليل عبد الكريم. الجذور التاريخية للشريعة الاسلامية، ص 36- 47).
    ورغم اختلاف مدخل كل من الطهطاوي والصابوني ومحمد عبده وخليل عبد الكريم، إلا انهم ينطلقون من الاوضاع التاريخية وارتبط النص بها. فهو نص تاريخي في كتاب مقدس، وليس ادل على تاريخيته من هذا الاختلاف في التناول بين مجموعة من كرام العلماء المسلمين.
    أما الدكتور شحرور فيشرح الآية شرحاً لغوياً مستفيضا، ويقدم دليلاً آخر على تاريخية النص. يبدأ بالتفريق بين كلمتي قسط (ألا تقسطوا) وعدل (ألا تعدلوا) الواردتين في الآية. فيقول إن لكل منهما معنيين متضادين فالقسط يعني العدل مع المساعدة، ويعني الظلم كما في قوله تعالى «واما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا» (الجن 15). اما العدل فله معنيان متضادان. الاول استواء والثاني اعوجاج. والقسط يكون من طرف واحد والعدل من طرفين. والآية معطوفة على الآية التي قبلها، فتبدأ الآية بالعطف: "وان خفتم ألا تقسطوا في اليتامى...."
    ثم يقول إن الآية تبدأ بالزوجة الثانية حتى الرابعة: فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع. بما ان الآية لم تذكر الزوجة الاولى من ناحية الكيف، فهذا يعني انها اطلقت الكيف بالنسبة للزوجة الاولى حيث يمكن ان تكون بكرا او ارملة او مطلقة. ولكن نربط جواب الشرط «فانكحوا ما طاب لكم من النساء»، بالشرط وهو الاقساط في اليتامى، فينتج لدينا بالضرورة ان الآية تتكلم عن امهات اليتامى «الارامل». وهنا نرى ان الآية اطلقت الكم حتى الرابعة وقيدت الكيف بان تكون الزوجة الثانية حتى الرابعة من الارامل ذوات الايتام، وان يتزوجهن الرجل ويأخذهن كزوجات مع اولادهن. وفي هذه الحالة يضم الرجل اولاد الارامل في الاعالة والتربية الى اولاده فيقع عليه عبء مالي كبير، ويتضح هنا ما جاء في بقية الآية: «فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة» أي ان تعدلوا بين الاولاد: اولاد الرجل واولاد الارامل. وهنا ظهر فعل «عدل» بين اولاد الرجل واولاد زوجاته. اما فعل قسط فقد جاء لليتامى فقط أي طرف واحد لأن الآية تبدأ: «وان خفتم ألا تقسطوا في اليتامى» فان خاف ألا يعدل بين الاولاد فواحدة.
    ويستمر الدكتور شحرور قائلاً بما ان الكلام عن التعددية فالخطاب للمتزوج، لذا بدأ بالمثنى. فالواحدة هنا تعنى الثانية وليست الاولى، أي اذا كان الرجل قادراً على التعددية من الناحية المالية، فقد شجعه الله سبحانه وتعالى ان يتزوج على الاقل ارملة واحدة كزوجة ثانية ويأخذها مع اولادها. وأكد على هذا المعنى في نهاية الآية بقوله: «ذلك أدنى ألا تعدلوا» وتعدلوا جاءت من الاصل «عدل»، ومعناها كثرة العيال والجور. فعندما يصبح الرجل كثير العيال وتكبر عليه المسؤولية المالية والتربوية، فيمكن ان يقع في عجز وبالتالي يقع الجور. (شحرور، ص 597 - 603).
    ان وضع المرأة في الخطاب القرآني وفي الخطاب الديني السائد لا يتفقان. فبينما الخطاب القرآني يقوم أساساً على الهداية، يعتمد الخطاب الديني على قوانين صارمة لا يمكنها البقاء في كل زمان ومكان. وأدى هذا الى كثير من الجدل غير المجدي.
    وقد تصدت بعض الدول المعاصرة لمشكلة تعدد الزوجات، وأخضعتها لحكم القضاء، بدلاً من ان تترك لتصرفات الافراد ونزواتهم. وهذا مدخل حديث، والسبل مفتوحة للمزيد من المداخل التي تناسب روح العصر.
                  

02-12-2004, 10:49 AM

doma
<adoma
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 15970

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة والحجاب في الخطاب القرآني (1 ــ 2) :Dr. Algadal (Re: merfi)

    thanks Merfi long time indeed!!.
                  

02-12-2004, 03:44 PM

merfi
<amerfi
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 685

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة والحجاب في الخطاب القرآني (1 ــ 2) :Dr. Algadal (Re: merfi)

    salaam ya Doma, good to see you around

    This article fits pretty good with your motto

    عريان العرض ما بسترنو هدومو
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de