|
لعبدالله علي ابراهيم : حولية محمود محمد طه: الوسطاء يمتنعون !!
|
حولية محمود محمد طه: الوسطاء يمتنعون د. عبد الله علي إبراهيم [email protected] نحن على قبايل الذكرى السنوية لاستشهاد المرحوم محمود محمد طه الذي شنقه نظام النميري في 18 يناير 1985، وكنت دائماً ضد ابتذال هذه الوقفة الشمّاء بواسطة من يجترونها كذكرى من معارضة لنميري أو لمعارضة الإنقاذ. فلم يرتق المحتفلون بالواقعة من إدانة النظم الحاكمة الى تشخيص السياسة والثقافة والشوكة التي استبطنت المحنة. ويركز المعارضون لهذه النظم بصورة خاصة على تحميل الحركة الاسلامية الترابية أقصى الوزر في مقتل الرجل. وقد عاد الترابي مؤخراً الى تجديد النظر في مسوؤلية حركته عن مقتل محمود. فقد تنصل عن تبعة موت الرجل في ندوة أخيرة له بعد شهادة للأستاذ عمار محمد آدم نفى فيها ان يكون الترابي وراء الاغتيال. والحق أن ذنب الحركة الاسلامية في القتل قليل جداً بالمقارنة مع طبقة العلماء الدينية في الدولة. غير ان المعارضين أرادوا ان يعلقوا كل الذنب عليها لأنها خصمهم اللدود الذي يكسبون بتذنيبه. والحق ايضاً ان الترابي لم يكف عن مساعدة خصومه لغايتهم بتصريحات عديدة افتخر فيها بقتل محمود وقال انه "ذبح عظيم".
من جهة أخرى، استغربت لماذا ركز مخلدو ذكرى محمود على مقتله دون بقية وقائع تلك الأيام المشوؤمة في يناير 1985، فقد بدت لي إستتابة احباب الرجل مشهداً لا يقل بشاعة من قتل الأستاذ إن لم يفقه. فهي ربما كانت الحادثة الأولى في تاريخنا الحديث التي اضطر صاحب رأي أن يتنصل عنه تحت التهديد وعلى روؤس الأشهاد.أما الموت في سبيل العقيدة فهو سنة فينا سبقت محموداً وتلته. ولم ينتبه شيعة محمود الى خطر آلية الاستتابة حتى بعد أن صوبها العلماء في 2000 على السيد النيل ابوقرون لما اظهره من تشيع غير حسن. وربما سعد شيعة محمود بمحنة أبي قرون لاتهامهم له بأنه المدبر الخفي وراء مصائر محمود وأحبابه.
والشماتة لا تسعف ولا تغني عن موقف. فكيف تهدأ للداعين لحقوق الإنسان خاطرة وقد استأثرت جماعة رجال الدين بسلطة محاكمة اهل الرأي والإزراء بهم بآلية الاستتابة. وكان من شأن إعمال الأستتابة بصورة مكررة أن يدفع بدعاة حرية الرأي الى تحليل هذه الجبرة المستجدة للعلماء. ولكن ذاكري محمود مشغولون عن ذلك بتذنيب الحركة الاسلامية بمقتل محمود في كل يناير للكسب الحزبي.
تثير آلية الإستتابة سؤال العلمانية والثيوقرطية (الدولة الدينية) في الاسلام من زاوية مبتكرة. وقد عالج هذه الناحية الدكتور برنارد لويس في كتابه الأخير الذائع عن لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم. فقد قال إنه لم يعد بوسع المسلمين القول بانهم براء من العلمانية التي هي عندهم خاصية مسيحية. واتفق لويس مع ذلك أن العلمانية تقليد فكري مسيحي نشأ في ملابسات جهاد الكنيسة نفسها للاستقلال عن السلطة الزمنية. ومضي يقول ان الكنيسة ليست مصلى كالجامع، وإنما مؤسسة لها قوانينها ومحاكمها ومراتب لقسسها لحفظ بيضة العقيدة. غير ان لويس ينبه الى ان هذا الوضع "الكنسي" ربما لم يعد قاصراً علي المسيحية. فالإسلام المعاصر في رأيه قد اخذ ببعض عناصر هذه "الكنسية" المسيحية. فقد نشأت في تركيا العثمانية طبقة دينية عالية التركيز. وقال أن بروز آيات الله الإيرانيين لا سابقة له في الاسلام وقد استقووا بآليات التمكين المسيحية نفسها من تسلسل هرمي لرجال الدين ومحاكم تفتيش. وقد صور هذه المحاكم كتاب صدر في 1999 لكاتب اسمه ابراهامين. وقد توقفت بأسى عند الفصل الذي أنكر فيه قادة مؤسسون لحزب تودة الشيوعي كافة عقائدهم بين يدي آيات الله. وختم لويس كلمته بقوله إنه ربما لم تعد العلمانية داءاً مسيحياً. ومضى يقول إنه خلافاً لذلك انها ربما كانت الدواء الناجع للوخم الذي اصاب المسلمين من المسيحية. ويقصد به نشوء طبقة دينية مهنتها تفتيش عقائد الناس.
يستحق محمود ذكرى تناسب انشغاله بالفكر. كفوا عن ابتذال ذكراه بعصبيات الحزبية وثأراته د. عبدالله علي ابراهيم
نقلا عن سودانيز أون لاين
جامعة ولاية ميسوري-كولمبيا
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
لعبدالله علي ابراهيم : حولية محمود محمد طه: الوسطاء يمتنعون !! | خالد عويس | 01-17-04, 02:47 PM |
Re: لعبدالله علي ابراهيم : حولية محمود محمد طه: الوسطاء يمتنعون !! | Imad El amin | 01-17-04, 03:27 PM |
Re: لعبدالله علي ابراهيم : حولية محمود محمد طه: الوسطاء يمتنعون !! | Gazaloat | 01-17-04, 11:39 PM |
Re: لعبدالله علي ابراهيم : حولية محمود محمد طه: الوسطاء يمتنعون !! | Yasir Elsharif | 01-22-04, 10:42 AM |
Re: لعبدالله علي ابراهيم : حولية محمود محمد طه: الوسطاء يمتنعون !! | kofi | 01-22-04, 11:18 AM |
Re: لعبدالله علي ابراهيم : حولية محمود محمد طه: الوسطاء يمتنعون !! | Yasir Elsharif | 02-23-04, 10:57 AM |
Re: لعبدالله علي ابراهيم : حولية محمود محمد طه: الوسطاء يمتنعون !! | omar ali | 02-24-04, 03:38 AM |
Re: ردة فكرية، بعد فوان الاوان اصحي يا بريش | Agab Alfaya | 02-24-04, 05:17 AM |
Re: ردة فكرية، بعد فوان الاوان اصحي يا بريش | Yasir Elsharif | 02-25-04, 00:41 AM |
Re: ردة فكرية، بعد فوان الاوان اصحي يا بريش | maryoud ali | 02-25-04, 03:57 AM |
|
|
|