اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-21-2024, 07:51 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-03-2004, 07:58 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال (Re: Abdel Aati)


    مهام ما بعد الاستقلال :

    واجه السودان عند استقلاله ؛ عدة مهام تاسيسية ؛ لارساء قواعد الدولة الوطنية الفتية ؛ والتى يمكن اجمالها فى التالى :
    · بناء النظام الدستورى وترسيخ المؤسسات الديمقراطية
    · التنمية الوطنية المتوازنة ورفع التخلف الاقتصادى
    · تعزيز الوحدة الوطنية للبلاد واكمال عملية الاندماج القومى
    · النهضة الثقافية وتوسيع التعليم
    · بناء الخدمة المدنية وتوفير الخدمات الاساسية .
    · ترسيخ السيادة الوطنية ولعب دور عالمى فعال .
    فاما من ناحية النظام الدستورى وترسيخ المؤسسات الديمقراطية والمشاركة الشعبية ؛ فقد تم اختيار النظام الديمقراطى البرلمانى كنظام للحكم ؛ والنمط المركزى لادارة البلاد ؛ واطلاق الحريات العامة كوسيلة لضمان المشاركة الشعبية . وقد كانت انتخابات العام 1954 وما تلتها من انتخابات ؛ كما كان اقرار دستور 1956 ؛ واعلان الاستقلال من داخل البرلمان ؛ خطوات جيدة فى هذا الطريق . الا ان خطل المفاهيم السياسية للنخبة التى حكمت ؛ وثقل وزن الدوائر التقليدية وسطها ؛ ونقل التجربة البرلمانية البريطانية بحذافيرها للتطبيق فى البلاد ؛ دون ادراك للواقع السودانى ؛ قد كانت اول العثرات التى اعترضت تكوين النظام السياسى المتين والديمقراطى فى آن .
    الا ان الخطا الاكبر الذى وقعت فيه حكومات ما بعد الاستقلال ؛ قد كان فى انتهاجها المركزية طريقا وحيدا للحكم ؛ وتجاهلها لكبر حجم السودان ؛ وتعدد اقاليمه وثقافاته والتباين فى تطوره الاقتصادى وواقعه الاجتماعى ؛ الامر الذى يحتاج الى درجة عالية من اللامركزية ؛ واعطاء سلطات واسعة للاقاليم فى ادارة شؤونها .
    ان مساهمة الجماهير السودانية فى الانتخابات الاولى ؛ وانخراطها فى العمل النقابى والحركات الاجتماعية ؛ وخصوصا جماهير العمال والمزارعين والمهنيين ؛ قد اوضح حجم النشاط الكامن فى الجماهير الشعبية ؛ ورغبتها فى تطوير البلاد ؛ وامكانية استيعاب حيويتها فى تطوير وتغذية النظام الديمقراطى الناشئ . الا ان النخبة قد اختارت الطريق الصفوى ؛ وبدات بتاثير من استقطابات عالمية ؛ فى معاداة الحركة الشعبية والنقابية ؛ فكانت محاولات تفتيت الحركة النقابية العمالية ؛ ومحاصرة وتهميش الاحزاب الصغيرة ( الجمهورى والجبهة المعادية للاستعمار ) ؛ وحوادث عنبر جودة الدامية ؛ اول المؤشرات على الشروخ القائمة فى كيان المؤسسات الدستورية الجديدة والنظام السياسى الناشئ .
    اما فى مجال التنمية الاقتصادية وخططها ؛ فقد كان هنا التحدى الاكبر لقادة ما بعد الاستقلال ؛ حيث ورثوا اقتصادا ذو طابع زراعى متخلف ؛ ومناطق واسعة تعيش على نمط الاقتصاد المعيشى ؛ وقطاع حديث محدود فى الزراعة والخدمات والصناعات الخفيفة ؛ وتبادل تجارى يعتمد على منتوج زراعى واحد . ان حجم التحديات التنموية للسودان ؛ لم يقابلها اى مبادرة من قبل قيادة الاحزاب والقوى التى حكمت بعد الاستقلال ؛ ولا عجب فى ذلك ؛ اذا ما كانت شعاراتها من نوع " تحرير لا تعمير " ؛ واذا ما كان خيالها الاقتصادى محدودا بحدود تجاربها الضئيلة فى تجارة الجلابة واستغلال الفائض الزراعى للاتباع كما فى حالة الزعماء الطائفيين والقبليين ؛ واذا ماكانت نتيجة لتمترسها فى المواقع اليمينية ؛ قد اقفلت على نفسها كل الابواب للتعرف على والاستفادة من التجارب الاجتماعية فى دول المنطقة وفى العالم .
    ان انعدام اى برنامج للتنمية الاقتصادية خلال الفترات الديمقراطية قد كان مربط فشلها الاول ؛ ولذلك فقد سار السودان فى تدهور مستمر ؛ وقد كانت محاولات التنمية فى الفترات العسكرية ؛ والتى كان من اشسهرها الخطة العشرية لعبود ؛ وخطط التنمية المتعددة لنميرى ؛ وسياسة ناكل مما نزرع ونلبس مما نصنع فى عهد الانقاذ ؛ محاولات طموحة ؛ ما كان لها ان تنجح فى ظروف الديكتاتورية وابعاد الجماهير عن مركز القرار ؛ وتحطيم منظماتها المدنية ؛ وسياسة الاستقطاب السياسى الحاد الناتجة عن كل تسلط ؛ وطغى الاحلام الايديولوجية والشعاراتية ؛ والمحسوبية والفساد ؛ على قوانين الاقتصاد والتقنية والادارة .
    اما فى مجال الوحدة الوطنية ؛ فان سيادة المفاهيم التى قامت على التوجه العربى الاسلامى للسودان ؛ وتجاهل واقع التعددية ؛ وسيادة العقلية الاستعلائية فى التعامل مع جماهير الجنوب والمناطق التى همشها الاستعمار ؛ قد ادت الى امر الثمار ؛ والتى كان من نتائجها اندلاع الحرب الاهلية فى البلاد ؛ واذدياد الشروخ فى النسيج الاجتماعى السودانى .
    ان موروثات انعدام الثقة المتبادلة منذ قرون بين مختلف القبائل والتكوينات السكانية ؛ وتاثيرات سياسة المناطق المقفولة الممارسة من قبل الاستعمار ؛ لم تجد اى توجهات جادة للانتصار عليها من قبل النخب الحاكمة ؛ بل كانت سياستها الوحيدة هى المركزية والتعريب والاسلمة ؛ طريقا لتحقيق الوحدة الوطنية للبلاد .
    اننا هنا نحمل المسؤولية كاملة لقيادات النخبة الشمالية الحاكمة ؛ فقد تحلت القيادات الجنوبية بمسؤولية كبيرة ؛ سواء فى وسط المثقفين او الزعامات التقليدية ؛ تجاه قضية الاستقلال والوحدة الوطنية . فقد وقفت هذه القيادات فى مؤتمر جوبا فى العام 1946 مع انضمام الجنوب الى الشمال فى دولة موحدة ؛ بدلا من خطط ضمه الى اوغندا او كينيا ؛ التى كانت تروج لها دوائر فى الادارة الاستعمارية . كما وققت هذه القيادات الجنوبية بالاجماع مع استقلال السودان ؛ ووقف نواب الجنوب مع وحدة البلاد واستقلالها ؛ مقابل الوعد الذى قطع لهم ببناء نظام فيدرالى بعد الاستقلال . ان هذا الوعد لم ينجز فحسب من قبل النخب الشمالية الحاكمة فيما بعد ؛ بل تحولت مجرد الدعوة الى النظام الفيدرالى الى جريمة للخيانة فى عرف الحاكمين ؛ يحكم علي دعاتها بالسجن فى السودان المستقل .
    ان الحرب الاهلية التى بدات بتمرد محدود ؛ كان يمكن بالتعامل المسؤول وبالانتباه الى جذور المشكلة ووضع الاسس السليمة لحلها ؛ ان تتحول الى مجرد ذكرى اليمة وقديمة ؛ ولكنها نتيجة سياسات الاستعلاء القومى والميل الى الحل العسكرى للمشكلة وتكريس السياسات التهميشية والاقصائية ؛ قد تحولت الى ازمة وطنية مستفحلة ؛ قطعت الطريق ولا تزال تقطعه امام ضمان الوحدة الوطنية .
    كما واجهت البلاد مهام انجاز نهضة ثقافية شاملة ؛ تخرج البلاد من تخلفها ؛ وتلحقها ببلاد العالم المتقدم . ان السودان عندما حصل على استقلاله ؛ فقد كانت اغلبيته العظمى ترزح تحت ظلام الامية الكتابية ؛ كما تعشعش فيه المفاهيم المتخلفة والممارسات الاجتماعية الضارة ؛ من الدجل والشعوذة والخرافات ؛ وضعف الوعى الصحى والبيئى ؛ ومستوى منخفض من الوعى التقنى وانعدام استخدام التقانة الحديثة فى العمليات الانتاجية . ان هذه النهضة الثقافية قد كانت بمثابة الشرط الضرورى والاساسى لاجراء اى عملية تنمية فى البلاد اقتصادية كانت ام اجتماعية ؛ تؤدى الى رفع المستوى المعيشى والثقافى للجماهير ؛ وتنهض بالبلاد من تخلف القرون .

    ان هذا الواجب ؛ اى انجاز نهضة ثقافية ؛ قد لاقى الاهمال من قبل النخب المختلفة بعد الاستقلال ؛ واختصرت كل السياسة الثقافية للدولة فى السياسة التعليمية ؛ وكانما ليس هناك غيرها من مهام واجراءات وادوات ثقافية ؛نكفل التطور الثقاغى . وحتى فى حدود السياسة التعليمية ؛ فقد ساد ضيق الافق والاتجاه الصفوى النخبوى ؛ وبدلا عن توسيع التعليم راسيا وافقيا ؛ فقد وفرت امتيازات فائقة للفئة المتعلمة من السودانيين ؛ سواء تلك التى صعدت الى مؤسسات الدولة ( الافندية ) ؛ او تلك التى تدرس بالجامعات السودانية والاجنبية ؛ حيث سادت امتيازات ضخمة حتى منتصف السبعينات للدارسين والمتخصصين ؛ فى الوقت الذى لم يجد فيه التعليم الاساسى اى دعم وتطوير . كما ساد الميل الى اعلاء شان التعليم النظرى على حساب التعليم التقنى ؛ وبقيت مرافق الانتاج الاساسية من زراعة ورعى غارقة فى ادوات العمل التقليدية والمتخلفة ؛ الا من جزر محدودة للانتاج الحديث خلفها الاستعمار ؛ ولم تدخل فيها الحكومات الوطنية يد التطوير والاصلاح ؛ وانما اكتفت باحلال المدير الانجليزى بآخر سودانى ؛ مع كل امتيازاته ؛ ودون احداث تطوير يذكرفى اساليب الانتاج او ادواته .

    ان استمرار الامية الكتابية وسط نصف السكان ؛ بعد 46 عاما من الاستقلال لا يزال عارا على بلادنا ؛ وهى مسؤولية مباشرة للنخب الحاكمة ؛ فقد بادرت جماهيرنا بانشاء التعليم الاهلى ؛ وكانت سخية فى دعمه من مالها وجهدها ؛ وقد توافرت للدولة كل الظروف ؛ لو ابتدرت حملة وطنية لرفع الامية الكتابية ؛ ان تنجح فيها ؛ ولكنه قصور الخيال السياسى ؛ والانكسار للمصالح المباشرة والضيقة ؛ وانعدام البرنامج التنموى والثقافى الذى اغلق اعين حكامنا عن هذ الفقضية الجوهرية لتطور بلادنا ورفعتها .

    كما ورث السودان خدمة مدنية فى حدودها الدنيا ؛ وخدمات اجتماعية من صحة ورعاية اجتماعية وتامينات فى حدودها الادنى ؛ حيث تمتعت بها مجموعات قليلة من سكان المدن ؛ وحرمت منها الغالبية العظمى من سكان البوادى والارياف . ان تعامل حكومات ما بعد الاستقلال مع الخدمة المدنية قد سعى الى تحويلها الى اداة سياسية لخدمة الحزب او المجموعة الحاكمة ؛ اكثر منها اداة لادارة الدولة وخدمة المواطن . ان السياسة الاساسية التى نفذت فى هذا المجال ؛ اى السودنة ؛ قد سعت الى تغيير الكادر الادارى فقط ؛ دون ان تغير من القوانين واللوائح التى حكمت هذه الخدمة ؛ فى اتجاه جعلها اكثر ديمقراطية وقربا من المواطن ؛ واقل تكلفة وايسر تعاملا . ان واقع اقتصار كوادر الخدمة المدنية على النخبة العربية الاسلامية قد كان واحدا من اسباب تاجيج الحرب الاهلية ؛ حيث اصبحت سياسة السودنة مجرد سياسة " شمألة " اى احلال الكوادر الشمالية محل الكوادر الانجليزية والاجنبية . ان الادارة المدنية لم تمسها يد الاصلاح والتطوير فى العهد الوطنى ؛ وحينما برزت هذه الشعارات ؛ فقد طبقت باسلوب عشوائى وعقيدى خاطى ؛ كما فى تجربة مايو باسم التطهير ؛ وتجربة يونيو باسم اسلمة جهاز الدولة .

    ان الزعم بان السودان قد ورث خدمة مدنية ممتازة ؛ وخدمات على مستوى عال ؛ لا يماثله فى الضحالة الا الحديث عن انجازات الاستعمار ؛ فالخدمة المدنية الاستعمارية قد انشات وبنيت على خدمة المصالح الاستعمارية ؛ كما ان الخدمات كانت محصورة فى الفئات المتميزة من الشعب السودانى ؛ ولا تزال هذه الاوهام معشعشه فى اذهان البعض . لكن حكومات ما بعد الاستقلال لم تفعل غير ان ذادت الطين بلة ؛ وخصوصا مع الاذدياد المضطرد فى تعدد السكان ؛ وزيادة احتياجات المواطن من الخدمات الاساسية ؛ والحوجة الى جهاز ادارى مرن وفعال ؛ فى دولة هى اشبه بالقارة كالسودان .

    ان السودان وهو قد حقق استقلاله كاحد اولى الدول الافريقية ؛ وبواقع حجمه الجغرافى وعدد سكانه ؛ وبحكم التعدد الثقافى الكامن فيه ؛ وتجربته الديمقراطية الرائدة ؛ كان يمكن ان يلعب دورا فعالا فى المحيطين الاقليمى والعالمى ؛ وخصوصا فى دعم حركات التحرر الافريقية ؛ وفى دعوات الوحدة الافريقية ؛ وكرابط بيبن العالمين العربى والافريقى ؛ وكداعية للتعاون الاقليمى الاقتصادى والثقافى ؛ وطداعية للديمقراطية والسلام فى المنطقة والعالم . الا ان التوجه العروبى السائد ؛ واحتقار افريقية السودان ؛ والنظرة الانغلاقية الضيقة ؛ قد جعلت السودان تابعا فى محاور اقليمية وعالمية مشكوك فى توجهاتها ؛ وابعدته عن مواقع التاثير الايجابى فى المنطقة والعالم . ان فشل بناء تنمية اقتصادية ؛ وانتكاس النظام الديمقراطى ؛ واستمرار الحرب الاهلية لعقود ؛ قد جعلت من هذا الكيان الشاسع ؛ منفعلا سلبيا ؛ لكثر منه فاعلا ايجابيا فى لعبة السياسية الدولية والاقليمية .



    فى اسباب الفشل :



    ان الاسقلال الذى حقق بتضحيات غالية لاجيال عديدة ؛ قد اهدر ؛ والمهام العزيزة الى نهضت امام الدولة السودانية ؛ لم تنجز ؛ واصبحت بلادنا على ما هى عليه من الفقر والتخبط الاقتصادى ؛ والاحتراب والاختلاف السياسى ؛ وهجرة ولجوء مواطنيها فى مشارق الارض ومغاربها ؛ وتراجع دورها بين دول وشعوب العالم ؛ حتى اصبحت لا تذكر الا وهى مقترنه بمصيبة وكارثة ؛ من حرب او مجاعة او انقلاب ؛ او خرق لحقوق الانسان اوشبهة ارهاب ؛ او استرقاق وامتهان لكرامة الشعب والمواطنين .

    هل كانت معانى الاستقلال الحقيقية ومغزاه عصية على الفهم ؛ لكى ما نزعم بانها كانت سبب ذلك الفشل ؟ كلا ؛ فقد كتب احد قادة جيل الاستقلال ؛ احمد خير المحامى ؛ فى العام 1948 مخاطبا الاحزاب السودانية " فعلى الاحزاب السودانية لكى تكسب التاييد الشعبى الوطيد الراسخ الا تكتفى بعنوان الدولة فى المستقبل ؛ بل عليها ان تبين ماذا سيكون نظام الحكم ؛ المركزى والمحلى ؛ وماذا تكون الاسس الاقتصادية فى البلاد ؛ وفى يد من تكون مصادر الثروة ؛ وكيف تمحو الامية ؛ وما هى القيم الاجتماعية التى ننوى ان تسود فى السودان ؟" وغيرها وغيرها من الاسئلة الجوهرية التى طرحها وغيره على قادة الحركة الوطنية آنذاك .

    هل كان الشعب السودانى عيا متباطلا ؛ بسارع الى الفساد ولا يرغب فى العمل ؛ كلا وحاشاه . فقد هب الشعب مستجيبا لكل نفير وطنى ؛ وقدم من ماله وجهده ودماه قربان الحرية ؛ وانشأ التعليم الاهلى ؛ والمنظمات التعاونية والاجتماعية ؛ وهب ضد التسلط والارهاب فى انتفاضتين عارمتين ؛ مقدما فى سبيل حرية الوطن وكرامة المواطن ؛ كل غال ورخيص ؛ ولم يجن من ذلك الا عنت العيش وتسلط الحكام وتعامل الدولة معه من عل ؛ وها هو اليوم يقف امام ضنك اشد وتسلط اكبر ودولة معادية له حتى النخاع .

    هل كان فى الظروف العالمية والاقليمية من الكوابح ما ارجع السودان القهقرى ؛ او تامر على استقلاله ومنجزاته ؟ نعم ولا .. نعم لان السودان كجزء من افريقيا قد عانى مشكل الحرب الباردة ؛ وسقط فى دوامة التبادل التجارى العالمى غير العادل . ولا للان السودان كان بمقدوره ان يخرج من هذه المصايد بانتهاج سياسة مستقلة لا تميل لاحد المعسكرين ؛ ولو طور تعاونا اقليميا واسعا ؛ ولو فجر موارده الداخلية واستغلها لخير مواطنيه ؛ ولو اكتسب قادته روح الوطنية التى رفعت بلاد عديدة من العالم المتاخر ؛ فى غضون عقود قليلة الى اكثر البلدان والمجتمعات حركية فى التطور .

    اننا نعتقد بان السبب الرئيسى لفشل السودان وشقاء شعبه يكمن فى النخب التى حكمت وفشلت ؛ فى القيادات الطائفية ومن والاها من المثقفين ؛ فى النظرة الضيقة لكينونة السودان ؛ وفى احزاب السودان الرئيسية ذات الباع الطويل فى الانقلاب على الديمقراطية وتحطيم المؤسسات وتفريخ الفساد والمحسوبية ؛ وفى كل مشروعها السياسى الذى ساد ثم لم يبورثنا العذاب .

    ان خطل المفاهيم التى حكمتنا ؛ وتخلف القيادات التى اعتلت رؤوسنا ؛ وتقاعس المتعلمين منا ؛ وتغليب المصلحة الخاصثة على العامة ؛ والانكسار لاسؤا العناصر ظلاما وانغلاقا فى ثقافاتنا ؛ قد كان موطن الداء . ان مقولة الاستاذ محمود محمد طه ؛ بان الشعب السودانى عملاق ؛ يقوده اقزام ؛ يؤكدها حال السودان اليوم .



    ذكرى الاستقلال ومهام اليوم والغد :



    اننا نعتقد ان حال السودان لن يصلح ؛ الا بانجاز المهام الاساسية التاسيسية ؛ والتى عجزنا عن حلها ؛ وعن التخلى عن كل المشروع الاحادى الاقصائى الذى حكم ماضى السودان وحاضره ؛ اى فى جملة واحدة ؛ الخروج من اسار السودان القديم الى افاق السودان الجديد .

    ان السودان الجديد يجد جذوره فى كل النضالات والتضحيات التى اجترحت ؛ وفى آمال الشعب التى احبطت ؛ وفى الآلام التى عايشتها الاجيال . ولكن هذا المشروع لن يتحقق الا اذا استند على برنامج علمى قابل للتطبيق ؛ وعلى حركة سياسية حديثة ؛ ديمقراطية الشكل والمحتوى ؛ وعلى نظام ديمقراطى راسخ ؛ وحركة شعبية تراقبه وتقومه .

    لن يقوم السودان الجديد على اكتاف القيادات التى انتجت الازمة ؛ و لا تلك التى تقاعست فى المحنة . بل سيقوم على اكتاف الشباب المخلصين ؛ والجماهير التى همشت عقودا ؛ وعلى النضال الصبور الذى لا يغرف الككل ؛ من جل واقع جديد .

    ان سياسة الموازنات والمسومات والمصالحات فى قضايا الوطن الجوهرية ينبعى ان تذهب الى غير رجعة ؛ ولا بد من تطوير حس نقدى عال ؛ لكل مكونات السودان السياسية والاجتماعية والثقافية ؛ وتحديد دقيق للمسؤوليات ؛ ومحاسبة صارمة لكل من افسد وخرب ؛ وسرق وقتل ؛ من غير ذلك فدون نهضة السودان خرط القتاد .

    اننا نختم بمقولة اخرى للاستاذ احمد خير ؛ ذكرها فى كتابه لآنف الذكر ؛ حيث كتب : " ليست الغاية اذن من كفاح السودان ضد الاستعمار ؛ هى اختيار الاسم الذى يستطيع القادة ان يطلقوه على الدولة ؛ بل ينبغى ان تكون غايتنا اقامة الاسس والضمانات التى تكفل للمواطن حقوقه فينالها فى عزة واحترام ؛ كما تتقاضاه واجباته فيؤديها عن رضا ورغبة . دون محاباة او استثناء . غايتنا ان نغرس فى نفس رجل الدولة ؛ الوزير قبل الخفير ؛ ذلك الاعتقاد الراسخ الذى يجعله يحس احساسا كاملا بانه خادم المجتمع واجيره ؛ الذى تتوقف مكانته واحترامه ؛ كما يتوقف رزقه وقوت عياله ؛ على مقدار ما يؤديه للمجتمع من خدمات ؛ وما يؤديه من جهد."

    كما كتب ايضا ؛ فى نهاية كتابه ؛ ما نكرره معه اليوم " فى سبيل ديمقراطية سليمة تكفل للمواطنين ؛ حرية القول بجميع وسائله ؛ وحرية العقيدة ؛ وتهيئ للجميع الفرص بالتساوى ؛ ونحو اللامركوية الادارية التى تحقق استقلال القرية الادارى ؛ ارجو ان توجه الجهود ؛ ويجند المكافحون قواهم ونضالهم ."



    عادل عبد العاطى


    --------------------------------------------------------------------------------

    المقال الحالى هو الصيغة المكتوبة لندوة قدمت بنفس العنوان ؛ فى منبر السودان الجديد بالانترنت ؛ فى يوم السبت 22 ديسمبر 2001.








                  

العنوان الكاتب Date
اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال Adrob wad Elkhatib01-01-04, 10:51 PM
  Re: اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال Adrob wad Elkhatib01-01-04, 11:09 PM
    Re: اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال Abdel Aati01-03-04, 07:52 AM
      Re: اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال Abdel Aati01-03-04, 07:53 AM
        Re: اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال Abdel Aati01-03-04, 07:54 AM
          Re: اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال Abdel Aati01-03-04, 07:56 AM
            Re: اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال Abdel Aati01-03-04, 07:58 AM
              Re: اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال Abureesh01-03-04, 09:28 AM
                Re: اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال اساسي01-03-04, 10:49 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de