|
التسوية السياسية الجارية وتحديــات الأزمـــة السودانيــة
|
محمد علي جادين مقدمة:- اتفاق الترتيبات الأمنية العسكرية في الفترة الانتقالية الذي توصلت إليه الحكومة وحركة تحرير شعب السودان في مفاوضات نيفاشا (24/9) يمثل حلقة هامة علي طريق إيقاف الحرب الأهلية وتحقيق السلام في البلاد. فقد اتفقت تصريحات الطرفين والوسطاء والشركاء علي أهمية الاتفاق ودوره المحوري في فتح الطريق للوصول إلى اتفاق سلام شامل في وقت قريب. ويبدو أن ذلك يرتبط بمجهودات المبعوث الأمريكي للسلام في السودان الذي زار الخرطوم في سبتمبر 2001 ونجح في تحريك عملية مفاوضات الإيقاد بعد تعسرها لسنوات طويلة (1994 – 2001) حتى تمكنت من الوصول إلى اتفاق مشاكوس الاطاري في يوليو 2002. وهو اتفاق هام يمثل أول اختراق عملي في طريق السلام. وذلك لأنه حدد إطاراً عاماً لاتفاقية سلام شامل ولمجرى عملية المفاوضات نفسها, تحت رعاية منبر الإيقاد وبدفع مباشر من شركائها وخاصة أمريكا وبريطانيا والنرويج وإيطاليا. واتفاق الترتيبات الأمنية الحالي يمثل خطوة عملية كبيرة في طريق تحويل اتفاق مشاكوس الاطاري إلى اتفاقية شاملة ومحددة في محاورها المختلفة (السلطة, الثروة, الترتيبات الأمنية... الخ) وتتضاعف أهميته لارتباطه بالترتيبات الأمنية والعسكرية المعروفة بحساسيتها وتعقيداتها ومكانتها المحورية في نظرة الأطراف المتفاوضة لمحاور الاتفاق النهائي والتسوية السياسية المرتبطة به. فقد كان هذا المحور نفسه أهم العوامل التي أدت إلى انفجار خلافات واسعة بين الطرفين حول (مسودة ناكورو) ومن ثم فشل جولة المفاوضات السابقة في أغسطس الماضي. وجاءت مفاوضات نيفاشا بقيادة النائب الأول لرئيس الجمهورية وزعيم الحركة الشعبية لتجاوز تلك الخلافات وتدفع عملية السلام خطوات إلى الأمام. ويبدو أن الاهتمام الكبير الذي وجده هذا المحور يرتبط بتراكمات الصراع الطويل والممتد وانعدام الثقة المتبادلة بين الطرفين وتخوفات القوى الجنوبية الناتجة عن تمادي السياسيين الشماليين في نقض العهود والمواثيق كما يقول السياسي الجنوبي البارز أبيل الير – فقد كان الطبيعي أن تأتى الترتيبات الأمنية والعسكرية كتتويج لاتفاق سياسي شامل حول قضايا التسوية الوطنية السياسية والاقتصادية وغيرها وليس العكس. وأياً كانت أسباب ذلك, فإنها لا تقلل من أهمية المحاور الأخرى ولا من أهمية الاتفاق كخطوة في طريق السلام ووضع البلاد في أعتاب مرحلة جديدة لها سماتها وملامحها المحددة.
|
|
|
|
|
|