Un matin sur Khartoum, un soir a Riyadh
Un matin sur Khartoum, un soir a Riyadh عذراً ميشيل سوكيه .. للوطن نشوة؛ وسحر خطير .. أن تصحو كل صباح وإحساسك أن كل ما حولك ملكك ... تلك العصافير اليتيمة والنجوم البعيدة، الشمس والضياء، والغبار .. لا تكفي كلمات العالم لوصف هكذا إحساس. أحس بكم وكأننا كنا نسكن الغربة .. ولا نملك وطناً .. فاجتمعنا ذات يومٍ وقررنا أن نبني برجاً عظيماً نصل به إلى عنان السماء ...... لنسألها : لماذا ؟ ومثلما تنبأ سوكيه - في رائعته "بابل ذات صباح .. منهاتن ذات مساء" – بخراب عظيم، يصيب أبراج العالم الحر، ويحيل وحدته المصطنعة إلى خراب .. أستطيع الآن أن أتنبأ مثله بخراب عظيم ..... يصيب وحدتنا في هذا البرج السايبري، ويجعلنا نتفرق مرة أخرى في أرض الله .... وخطوط الشبكة الواسعة. أحياناً .. أشك أننا كنا نسكن جميعاً ذات المنزل في مدينة الرياض وندخن ذات النوع من السجائر والعطر والونسة والأشياء هي أشياؤنا جميعاً ... ثم فجأة قررت أن أسافر وأترككم، مسجونين داخل جهاز الكمبيوتر ! وكلما أشتاق إليكم هنا أقول لنفسي : أوف .. كيف سأقطع هذه الأميال البعيدة ؟ أشتاق لحنينكم، وسؤالكم، وأشيائكم، وونساتكم (بعد العِصير) .. أشتاق - أيضاً - للمبة النيون المهتزة في سقف غرفتي، والتي تشتعل أحياناً، وتخبو أحياناً أخرى، ونحن نواصل البوح الحميم في غياب الرقيب العتيد ! وأعتذر لكم ... أتابع عن بعد .. هذه الأشياء الجميلة التي تبدو ولا تكون .. وأتابع بعض السخافة أحياناً، حينما تكتسح موجاتها المالحة أرخبيلنا الصغير، وأوطن نفسي على قبولها باعتبارها بهاراً لابد منه، وإلا فما طعم الحياة ؟ أرحب أيضاً - سراً – بالقادمين الجدد معكم تماماً مثلما ترحبون؛ وأودع الراحلين أيضاً .. وأسأل نفسي في دهشة : أين حدود الدهشة في هذا العالم ؟ بالأمس .. اغتسلت من أدران الرحيل، هذا المرض الجلدي اللعين .. ليتنا نعلم كم من دقائق جميلة نفقدها ونحن بعيدون عمن نحب، وكم من أمسيات لا تعوضها كنوز الأرض، نقضيها في غربتنا ونحن نعاني ويلات الهموم، والآخرون، البعيدون عنا، سعداء لا يكدر صفوهم غير هذا الكائن السخيف الذي خطف - كما الموت – أحباءهم .. وغيبهم في مجاهيل البلاد. لكل من سأل عني وافتقدني .. لكل من بحث عني بشوق، قريبٌ جداً أنا، ولكني مهموم بهموم لذيذة، وأبحث عن أشياء نادرة تأخذ مني أطول الأوقات في نهاري، فأعود منهكاً في المساء، لا أقوى على الكلام، ولكن صدقوني أنا أستمع جيداً دون لا يراني أحد. إلى أصدقائي بالرياض (الأهل حينما عز الأهل)، الكثيرون جداً، الودودون حد السخاء، لكم أجمل الأشياء الممكنة، ولأمين محمود (هدهد) وللصغير/الكبير حسام، اللذين ما مكنتني صروف الحياة أن أرد على رسالتيهما الجميلتين، كم أنا ضعيف أمامكما. ولعادل عبد العاطي، الإنسان اللطيف الذي افتقدته كثيراً في الشهور الماضية، وراقبت عن بعد معركته مع الآخرين (كان قلبي حقيقة معك) .. لخالد العبيد الإنسان الجميل، الذي قرأت تحذيره الموغل في الحنين، فصرت لا أستطيع النظر إلى اسمه مرتين، ولرجاء ومانديلا والأحبة في أرض الكنانة، ولأساسي الذي لازال يعاني ويلات البقاء في مدن الملح. لكم جميعاً يا مصابيح الوفاء .. تحيات بعمق الجراح النازفة. وتصبحون على حنين. علاء شاموق شمبات أبريل 2004

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]