قالت الخارجية الاميركية انه سيكون من التهور توقع التوصل قريبا لاتفاق سلام في السودان يضع نهاية لحرب اهلية استمرت 20 عاما الا انها لاتزال تتمسك بالامل.وجاء هذا التقييم المتشائم من جانب الخارجية الاميركية قبل يوم واحد من الموعد المحدد لتقديم الرئيس جورج بوش الى الكونغرس تقريرا حول احراز تقدم في المفاوضات الجارية بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان من اجل وضع حد للصراع الذي حصد ارواح مليونين من السكان. وفي اكتوبر الماضي قال كولن باول وزير الخارجية الاميركي ان نهاية الصراع «تبدو قريبة» الا ان الاطرف فشلت في التوصل لاتفاق سلام بنهاية العام كما كان المسئول الاميركي يأمل.
وقالت الخارجية الاميركية ان محادثات السلام تتعثر بسبب امور مثل ما إذا كان يتعين تطبيق الشريعة الاسلامية في الخرطوم العاصمة وولايتي النيل الازرق وجبال النوبة واقتسام السلطة. وكانت الحكومة السودانية اتهمت الولايات المتحدة بانها مسئولة عن المأزق الحالي في مفاوضات السلام الجارية عبر تهديدها بفرض عقوبات على البلاد.
وكانت وزارة الخارجية الاميركية امهلت مطلع ابريل الجاري حكومة الخرطوم ومتمردي الجيش الشعبي لتحرير السودان حتى 21 الجاري للتوصل الى اتفاق سلام والا سيتعرض السودان لعقوبات بموجب قانون وقعه الرئيس الاميركي جورج بوش في 21 اكتوبر الماضي ويعرف باسم «سودان بيس آكت».
وفي تصريح اوردته صحيفة الانباء الحكومية، دعا وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان اسماعيل الولايات المتحدة الى عدم القيام بمبادرات «سلبية» يمكن ان تؤثر على عملية السلام لا سيما عبر تطبيق هذا القانون.
وينص القانون المذكور على فرض عقوبات على السودان في حال لم تتفاوض الخرطوم «بحسن نية» مع المتمردين. ويفترض ان يجري بوش كل ستة اشهر تقييما للتقدم المسجل في مفاوضات السلام السودانية. ويتوقع اجراء تقييم في 21 الجاري. وبموجب هذا القانون تسعى الولايات المتحدة الى منع السودان من استخدام عائداته النفطية لشراء اسلحة ولتشجيع مجلس الامن الدولي على تبني قرار يقضي بفرض حظر على الخرطوم على مشتريات الاسلحة.
ويقضي القانون ايضا بقطع العلاقات بين واشنطن والجيش الشعبي لتحرير السودان في حال اعاقت هذه الحركة التوصل الى حل لاطول نزاع في القارة الافريقية. وندد اسماعيل بالقانون الاميركي مؤكدا ان حكومته ليس لديها اي نية بتعليق المفاوضات الجارية في كينيا.
وفي الخرطوم اكد علي عثمان محمد طه النائب الأول للرئيس السوداني ورئيس وفد الحكومة المفاوض مع الحركة الشعبية عزم الحكومة على التوصل لاتفاق سلام نهائي خلال الأيام المقبلة. وطمأن طه القوى الجنوبية بالداخل ضمن الاتصالات التي اجراها مع القوى السياسية بان مصالحها لن تضار من أي اتفاق تتوصل اليه الحكومة وحركة قرنق.
كما قدم طه لحزب الامة -الاصلاح والتجديد- الذي يقوده مبارك الفاضل المهدي تفاصيل القضايا العالقة خاصة ما يخص العاصمة القومية. وقال مكواج تيج وزير الدولة بوزارة الحكم الاتحادي وأحد قيادات جبهة الإنقاذ الجنوبية المتحالفة مع الحكومة ان النائب الأول طمأن القوى الجنوبية بان مصالحها لن تضار من أي اتفاق وان كل ذي حق سيأخذ حقه. وان عودته الى كينيا خلال الايام القليلة القادمة ستشهد توقيع اتفاق سلام.. واضاف ل«البيان» أن جبهة الإنقاذ تقدمت برؤية محددة طالبت فيها بعدم جعل تطبيق القوانين الإسلامية عقبة امام توقيع الاتفاق النهائي لان تطبيق الشريعة لم يكن في الاساس سبب الحرب وان الجنوبيين أمامهم خيار تقرير المصير بعد 6 سنوات وأن تمسك الحركة بعدم تطبيق الشريعة في الخرطوم يصبح من باب الجدل البيزنطي لأن تقرير المصير جاء في الاساس لتمسك الشمال بالشريعة.
وقال ان الحديث في هذا الجانب يصبح معركة في غير معترك لان المسلمين من حقهم أن يحتكموا للشريعة شريطة الا يتعدوا على حقوق الاخرين وان تطبيق الشريعة أهون من العودة للحرب وعلى الجنوبيين ان يقبلوا بالقوانين الاسلامية خلال الفترة الانتقالية ليحددوا مصيرهم بعد ذلك.
وتوقع تيج العودة الطوعية للجنوبيين عقب توقيع السلام الامر الذي سيقلل من عدد غير المسلمين بالعاصمة وزاد «من اختار البقاء من الجنوبيين بالعاصمة فعليه ان يتقبل قوانين ولاية الخرطوم). وقال مبارك المهدي ل«البيان»: قدم لنا طه تنويراً ضافياً حول القضايا العالقة وما وصلت اليه المفاوضات بشأنها والاراء المطروحة للعمل.
واكد لنا ان الحوار افضى الى تقارب في وجهات النظر حول المقاصد خاصة ما يتعلق بالتعايش السلمي واحترام التعدد الديني في البلاد وفقاً للمبادئ التي تم التوصل اليها في اتفاق مشاكوس والحفاظ على الوحدة الوطنية واعمال المبادئ الديمقراطية في حل العقبة التي تعترض الاتفاق على ما تبقى في المناطق الثلاث.
وقال ان الأمة قدم رأياً مكتوباً خلال اللقاء الذي استغرق ساعتين تدعيماً للحوار الذي يدور بين الحركة والحكومة. وقال الحزب الاتحادي الديمقراطي (جناح الهندي) في بيان له عقب اللقاء انه تلقى ما يفيد ان توقيع اتفاق السلام اصبح قاب قوسين أو ادنى وأن ثوابت الشعب وأعراف الامة تمثل مرجعيات اساسية للوفد الحكومي المفاوض في نيفاشا واضاف الحزب ان طه نفى ان يكون الوفد الحكومي تعرض لضغوط في محادثات السلام وانه ليس على استعداد للاستجابة لاي ضغوط.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة