|
|
 أسئلة التقدم والتخلف في عالم اليوم يثيرها لقاء العالِم الحائز على «نوبل ))
|
رصد : جمال عدويü
عن جريدة الراى العام
كانت الخرطوم على موعد مع الحدث العلمي المميز ، وتهيأ الكثيرون للقاء العالم الحائز على نوبل البروفيسور أحمد زويل ، منذ أن ضربت (كمبيوترمان) موعداً سابقاً للقائه، تأجل لبعض الوقت ، إلى أن حانت اللحظة الموعودة للقائه بالجمهور المتشوق لحديثه العلمي ، صباح أمس الأول - السبت - بقاعة الصداقة .. الزحام للقاء (زويل) كان متوقعاً ، ومنذ وقت مبكر امتلأت مقاعد القاعة الدولية الكبرى بقاعة الصداقة بالحضور وفي مقدمتهم العديد من المسؤولين والرموز الفكرية والاكاديمية والسياسية ، جاءوا للانصات الى محاضرة البروفيسور زويل بعنوان «رؤية مستقبلية معلوماتية للعالم العربي والافريقي» .. ونظمت هذه المحاضرة كلية دراسات الحاسبات الآلية (كمبيوترمان) ، بالتعاون مع وزارتي العلوم والتقانة والتعليم العالي والبحث العلمي .
وتحدث في مستهل اللقاء العلمي الدكتور ابوبكر مصطفى مدير كلية دراسات الحاسبات الآلية (كمبيوترمان) مشيرا إلى أن ترتيب الكلية لزيارة العالِم زويل إلى السودان ، بالتعاون مع الوزارتين ، تنبع من إيمان إدارتها «بالسعي لتكون جزءاً من التطور التكنولوجي» . ووصف مدير «كمبيوترمان» - وصف البروفيسور زويل بأنه «عالِم وادي النيل بشقيه» . واشار إلى أن الرئيس البشير سيكرم زويل بمنحه وسام النيلين من الدرجة الاولى ، وهو التكريم الذي تم بالفعل ظهر أمس . وذكر د. ابوبكر مصطفى ان فكرة توجيه الدعوة للعالم «النوبلى» زويل لزيارة الخرطوم قد تبلورت قبل عام ونصف العام، حينما دعت الكلية حينئذ الدكتور فاروق الباز عالم الفضاء المصري الشهير مدير معهد بوسطن - بأمريكا - لأبحاث الفضاء لزيارة السودان وعقد عدة لقاءات علمية.
وإبتدر البروفيسور زويل محاضرته بالحديث عن نشأة الكون ونشأة الحضارات ، وقال في هذا السياق إن عمر الكون منذ لحظة الإنفجار العظيم يقدر بـ 13 بليون سنة حيث بدأت الكواكب تتكون . وأضاف أن أول خلية حية تشكلت منذ 3.5 مليار سنة . وانتقل بعد ذلك للتطرق الى نشوء الحضارات الانسانية قائلا انه قبل ما يزيد عن 10 آلاف سنة كانت هنالك مجتمعات غير متحضرة ، موضحا ان حضارة وادي النيل التي تعد من اولى الحضارات نشأت قبل خمسة آلاف سنة.
وذكر في مجمل تحليلاته العلمية حول القيم الحضارية التي ارستها المجتمعات البشرية ان التدين جعل الناس يحاولون فهم الكون. وقال«ان الانسان ظل يبحث عن فهم الكون والحياة منذ بدء الخليقة» . واستطرد : اذا لم يبحث الانسان ويتأمل فكرياً ، فسيصبح شأنه شأن الحيوان.
وقال البروفيسور زويل ان القدرة الذهنية والتفكير والبحث عن المعلومات هي ما يفرقنا عن المخلوقات الاخرى . واشار في هذا الجانب الى أن «التركيبة الجينية للانسان لا تختلف عن التركيبة الجينية للقرود». واوضح ان الجزء المختلف بين التركيبة الجينية للانسان والتركيبة الجينية للقرد هو «جزء جيني بسيط».
ومن ثم انتقل العالم زويل للحديث عن مقولة «صراع الحضارات» وقال في هذا الشأن ان ما يثار من نظريات في اعلامنا العربي حول صراع الحضارات اعتبره «كلام فارغ» لا صحة له جينياً او تاريخيا. وتابع : لا فرق في جينات الانسان الأمريكي عن جينات الانسان العربي . واضاف : بالتالي فمن ناحية البحث ليست هنالك جينة تكشف ان العلماء العرب مختلفين عن العلماء من جنسيات اخرى . وإعتبر ان ما يحكم الابداع الفكري هو النظام الذي يوجد فيه الانسان.
وقدَّم زويل تساؤلاً مباشرا : (لماذا يهتم الناس بالقرن الحادي والعشرين؟) واجاب بقوله : من وجهة نظري فإن القرن(21) يختلف كليا عن القرن الذي سبقه وتابع : ان القيم السياسية والاقتصادية لن تختلف . وذكر ان عدة صراعات ستبقى مثل الصراع حول النفط اوالمياه ، كما ان القيم الاقتصادية لن تتغير - خلال القرن الحالي .. فبعض الشعوب ستصبح غنية جدا وبعضها ستصبح فقيرة .
وعاد للقول بأن «ما سيختلف هو دور العلم والمعرفة في القرن «21» وبرَّر لذلك قائلا ان السبب فيه يتمثل في أنه «لأول مرة ينكمش الزمان والمكان بهذه السرعة».
وقال في السياق ذاته أن أول تقييم زمني في تاريخ البشرية وضع على حوض النيل. واضاف : هذا قلته في كتابي الذي فزت عنه بجائزة نوبل عام 1999م. وذكر ان سكان حوض النيل رصدوا «نجمة سالينس» كل أربع سنوات ، ليستنبطوا عبر عملية حسابية أن السنة تتكون من 365 يوماً و «كسور» . وقال ان التطور الحضاري يترسخ اكثر عبر فهم قيمة الزمن . واوضح ان الكشف العلمي الذي حصد من خلاله - منفردا - جائزة نوبل للكيمياء (التي كانت احيانا تمنح لثلاثة علماء) هو اكتشاف قياس للزمن (أقل من ثانية). وكانت الاكاديمية السويدية الملكية قد ذكرت - في حيثيات منحه الجائزة - ان البروفيسور زويل أحدث ثورة هائلة في العلوم الكيميائية «وذلك من خلال ابحاثه الرائدة في مجال ردود الفعل الكيميائية واستخدام اشعة الليزر.. حيث أدت ابحاثه الى ميلاد ما يسمى بكيمياء الفمتو واستخدام آلات التصوير الفائقة السرعة لمراقبة التفاعلات الكيميائية . وذلك بسرعة الفمتوثانية».
وقال البروفيسور زويل ان الاهتمام بمتابعة ورصد (الاحداث العلمية) في العالم العربي اليوم قد صار ضعيفا . وذكر مثالا على ذلك أن تغطية وسائل الاعلام العربية (الاعلام المرئي) لحدث هبوط المركبة الامريكية (أوبو رشونتي) على سطح كوكب المريخ كانت ضعيفة .. وذكر ان المركبة كانت ترسل صورا عن لحظات هبوطها الى كوكب المريخ ، وان تلك الصور كانت تصل الى الأرض (كل 10 دقائق) ... أي بسرعة 300 ألف كيلومتر في الثانية . وقال إن المتابعة لهذا الحدث العلمي تكشف عن قيمة الزمن وما تحقق من تطور في المنجزات العلمية والتقنية حالياً .
واضاف : نحن نتحدث الآن عن اتصالات جديدة وكواكب جديدة . وذكر أن أمريكا «تعتزم الآن الخروج من المجموعة الشمسية» وذلك عبر إرسال مركبات فضائية في الفترة المقبلة . وقال : لا استبعد بعد 50 سنة قادمة ان تكون هنالك مستعمرات جديدة في القمر وأن يوضع هنالك علم أمريكي.
(ما هو وضع العالم العربي والاسلامي؟) .. تساؤل آخر قدمه البروفيسور زويل في محاضرته ، وجاءت اجابته على التساؤل بقوله : إذا إنتقدنا فقط لن نكون موضوعيين . وذكر في هذا السياق ان مجال الاتصالات والعديد من البنيات قد تحسنت في الوطن العربي لكنه إستدرك قائلاً «ولكن العالم العربي يحتاج إلى نهضة علمية!».
واسترسل في الحديث ليقول : لابد لنا من أن نتجاوز سرعة السلحفاة الحالية! واشار عبر عدة امثلة اوردها إلى ان الكثير من المقارنات الاحصائية توضح حقيقة تخلف الواقع العربي عن مواكبة التطور العلمي الذي يشهده العصر الراهن. وذكر في هذا السياق ان دخل الفرد العربي يعد من أقل المداخيل في العالم ، واضاف أن نسبة الأمِّية - عربياً - تعتبر من بين اعلى النسب في العالم حيث تتجاوز الــ «50»% . وتابع ان «أكثر من 25% من الشباب العربي عاطلون عن العمل ، أو يقومون بوظائف لا تتناسب مع مؤهلاتهم».
وقال إن نسبة مشاركة العالم العربي في البحوث والتقدم العلمي عالمياً هي نسبة متدنية . وذكر ان احصائية أعلنت اخيرا تشير الى ان مساهمة العرب في نشر الابحاث العلمية هي أقل من (1%) . واوضح ان اسرائيل - التي يبلغ عدد سكانها (6) ملايين شخص - حققت نسبة (2%) في مجال نشر البحوث العلمية. واشار الى ان امريكا حققت في هذا المجال نسبة (34%) ، فيما بلغت نسبة مساهمة اليابان في ذات المجال (22%) . واضاف : ان هنالك علاقة واضحة بين التقدم العلمي والدخل القومي ، مشيرا الى ان «أمريكا على سبيل المثال تسيطر على 35% من الاقتصاد العالمي.
وعاد للقول بأن العالم العربي «غني بموارده البشرية .. ولدينا علماء ومثقفون واقتصاديون.. ويمتلك ثروات طبيعية هائلة» .. وقال ان السودان ليس اقل من كوريا الجنوبية او ماليزيا بما يمتلكه من موارد وامكانيات في مجالي الزراعة والبترول.
وفي تعديده لأسباب «أزمة التخلف العربي» قال البروفيسور زويل : الاستعمار كان احد تلك الاسباب .. وكذلك «حروب المنطقة» . وتمنى زويل في هذا الصدد ان تشهد زيارته «غداً أو بعد غدٍ» توقف الحرب في السودان.. بعد صراع مسلح استمر لخمسين عاماً.
ومضى في الحديث قائلاً : ان حرية الابداع والابتكار تنقصنا . واضاف : علينا ان ننتبه لسوء حالة التعليم في الدول العربية . واشار - أيضاً - الى أن «هنالك استخدام للدين لمنع التقدم في العالم العربي والاسلامي».
ومضى قائلاً : انني اتابع كل هذه المعطيات لأنني مهموم بالقضايا العربية .. وإنني ألحظ إنخفاض المستوى الثقافي في العالم العربي .. إننا إذا أجرينا مقارنة بين عدد الفضائيات وعدد المؤسسات العلمية القوية فلن نجد مؤسسة علمية واحدة تستطيع الوقوف امام «المؤسسات الاسرائيلية»!.
|
|
 
|
|
|
|
Omar
Sobajo
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست