|
Re: أسماء محمود محمد طه إلى الأردن (Re: Rawia)
|
هكذا هن نساء السودان ...
الي الامام... استاذتنا .. اسماء ..
وربنا يجيبك بالسلامه ...
وكدي حاولى تشوفي ليك طريقة ...تغشينا بي جاى .. في المملكة ...
على العموم الف مرحب بيك ...في جزيرة العرب ..والشام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أسماء محمود محمد طه إلى الأردن (Re: Rawia)
|
الشكر للاخت راوية لهذه المعلومة القيمة .
الاخت الحبيبة اسماء اتمني لك النجاح وربنا يوفقك ويسدد خطاك بالنجاح وانتي تشاركين في مؤتمر هام باسم كل المطحونات بنيران العنف المنزلي .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أسماء محمود محمد طه إلى الأردن (Re: Rawia)
|
اختيار صادف أهله
من غير المنتمين/ات للفكر الجمهوري يمكن أن يناقش التحديات الشائكة المتعلقة بوضع المرأة المسلمة المعاصرة.
شكرا يا راوية ، نحن حقا فخورون بالسيدة أسماء محمود محمد طه، رافقتها السلامة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أسماء محمود محمد طه إلى الأردن (Re: Rawia)
|
فعلاً التحديد غالباً من لجان المؤتمر...لكن الشي المريح أن اسماء شخصية عامة..ملك لكل السودانيات والسودانيين.. وقضية الجهل أو قضية المرأة كما يسميها البعض.. هي قضية عامة.. يمكن الفكرة الجمهورية قد حددت بصورة دقيقة مكامن الخلل في جميع شكول القضية..الزواج.. الإستعباد.. الإستيلاد.. التشغيل.. الجهل.. الرق.. الميراث.. الشهادة..اللون.. الجنس..المولد.. النشأة.. الأجور.. العمل..العنصر.. الوصاية..الإستحواذ..الإنفاق..الحجاب.السفور.. التبرج..الغيرة.. والشي المريح جداً أن أسماء شخصية عامة يعرفها من عايشها عن قرب..كلها للناس..تفرح وتطرب وتعيش تفاصيل حياتها وسط الناس..بالإضافة الي ذلك فهي المحامية المحنكة(جامعة الخرطوم)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أسماء محمود محمد طه إلى الأردن (Re: منصوري)
|
العزيزة راوية
التحية لكم في ركب الثورة التحية للاستاذة اسماء في طليعة الركب .. ومعكم ومع هالة قوته نردد : ان عالما يتم تغييره لصالح النساء .. حتما سيكون جميلا للرجال
Hats off
صلاح / شتات
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أسماء محمود محمد طه إلى الأردن (Re: شتات)
|
انتصار الأستاذة أسماء محمود محمد طه للمرأة السودانية في مثل هذه المحافل الدولية هو انتصار لقضية الرجل. أن الثقافة الذكورية بهيمنتهاعلى مقاليد الأمور في كل مجالات الحياة انما تمثل العسف والاجحاف في حق نصف المجتمع.
أحسنت يا راوية صنعا وأنت تنشرين خبرا جمعت فيه بين الخبرة المهنية والانحياز لقضية ينبغي أن تظل دائما في قائمة أولوياتنا.
فضيلي جماع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أسماء محمود محمد طه إلى الأردن (Re: Rawia)
|
خبر ..طازج.. الأستاذه أسماء (علة قولكم).. وماما أسماء (على قولي)... .. عادت إلى الولايات المتحدة قبل يومين....
ننتظر أن نسمع منها الكثير المثير عن هذه الرحلة...
بنت الحسين
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أسماء محمود محمد طه إلى الأردن (Re: Rawia)
|
الأعزاء مشاركو، وقارئو هذا الخيط.
تواجه الأستاذة أسماء محمود محمد طه بعض المشاكل في جهاز الكبيوتر. وقد كلفتني بتثبيت هذه الورقة التي كانت قد قدمتها في مؤتمر الأردن، نيابة عنها، عبر نافذتي، هذه.
النور حمد _______________________________________________________________________________________
المفكر محمود محمد طه وقضية تطوير التشريع الإسلامي: منظور سوداني وتجربة سودانية أسماء محمود محمد طه
مقدمة:
تنصب هذه الورقة على إبراز مساهمة المفكر السوداني الشهيد، الأستاذ محمود محمد طه، في قضية تطوير التشريع الإسلامي. بدأ الأستاذ محمود محمد طه دعوته لتطوير التشريع الإسلامي في السودان في مطلع خمسينات القرن الماضي. وقد طاف أرجاء السودان المختلفة، محاضرا في دور الثقافة والأندية، مؤكدا على ضرورة تطوير التشريع الإسلامي، ومبينا أن النص القرآني قد اشتمل على مستويين من الخطاب: خطاب في مستوى المسؤولية والحرية تضمنته آيات الأصول المكية، وخطاب على مستوى الوصاية، تضمنته آيات الفروع المدنية. ويرى الأستاذ محمود أن آيات الفروع التي رسخت مبدأ الوصاية، قد نسخت آيات الفروع التي نصت على الحرية والمسؤولية الفردية، حين بداية الدعوة. ويرى الأستاذ محمود أن ذلك قد تم وفق حكمة حكيمة، مفادها أن مجتمع القرن السابع، وطاقة القرن السابع قد كانتا دون مستوى خطاب الأصول. ويرى الأستاذ محمود محمد طه، أن الآوان قد حان لكي يقوم المسلمون ببعث آيات الأصول في حياتهم، وإقامة دساتيرهم، وقوانينهم، على مستوى الأصول المنسوخة، بدلا عن الفروع التي ظلت محكمة منذ القرن السابع الميلادي، والمتمثلة في كثير صور الشريعة الإسلامية التي هي بين أيدينا اليوم. خاصة بعد أن أصبح من غير العملي تطبيق كثير من صور تلك التشريعات الفروعية، بسبب ما افرزته مسيرة التطور البشرية في الأربعة عشر قرنا المنصرمة.
أسس الأستاذ محمود محمد طه تنظيم الإخوان الجمهوريين، والإخوات الجمهوريات في السودان عل مراحل. وقد عمل التنظيم تحت لوائه في مهام نشر مبادئ وأسس الدعوة، عبر العقود الأربعة التي انتهت بإعدام ألستاذ محمود محمد طه، شنقا، في 18 يناير 1985 . وقد جاء الحكم بالإعدام 1985 نتيجة لإصدااره منشورا عارض فيه التطبيق الوحشي، لما سمي بقوانين الشريعة الإسلامية، في أخريات أيام حكم الرئيس السوداني الأسبق، جعفر محمد نميري. حوكم الأستاذ محمود بتهمة الردة عن الإسلام، والعمل على تقويض نظام حكم أسماه القائمون وراءه (نظام حكم إسلامي). وقد استنكر الرأي العام الدولي، والإقليمي، والمحلي في السودان، جريمة إغتيال الأستاذ محمود. وقد مثلت حادثة إعدامه أكبر تجسيد للعنف ضد الأفراد بسبب الرأي.
ظاهرة العنف ضد المرأة
رغم ان قوانين الشريعة الإسلامية الموروثة منذ القرن السابع، لم تعط المرأة كل حقوقها المكفولة لها في أصول القرآن، إلا أنه لن يكون صحيحا أن ننسب ظاهرة العنف ضد المرأة، لتلك الشريعة. بل على العكس من ذلك، فإن الشريعة الإسلامية القائمة على فروع القرآن، والمحكمة منذ القرن السابع الميلادي، قد قفزت بالمرأة قفزة كبير، في مجال الحقوق، خاصة إذا نظرنا إلى ما كان عليه واقع الحال في تلك الحقبة التاريخية. فالشريعة الإسلامية القائمة على آيات الفروع قد منحت المرأة حق الحياة، وهو حق لم تكفله لها الأعراف في حقبة ما قبل الإسلام، في جزيرة العرب. وحق الحياة هو أصل كل الحقوق. فحق الحرية، وسائر الحقوق المرتبطة به، إنما تتفرع من حق الحياة. فالثابت أن الشريعة الإسلامية قد أوقفت عادة وأد البنات، وهن حيات. وبذلك وضعت الشريعة الإسلامية، حجر الأساس لبنية مشروع تحرير المرأة مستقبلا. جاء في القرآن الكريم قول جل من قائل: ((وإذا الموؤودة سئلت، بأي ذنب قتلت)). واستكمال مشروع التحرير الذي بدأ بإيقاف الوأد سوف يتم استكماله، حين تنضج الظروف الموضوعية التي تجعل ذلك الإستكمال ممكنا، بل وواجبا. وهذا هو ما يطرحه واقع المرأة المعاصرة التي اقتحمت مجالاات التعليم، ومجالات العمل العام، وأصبح من غير المعقول عقلا، ولا دينا، أن تعامل على النحو الذي كانت تعامل به رصيفاتها من نساء القرون الغابرة. ولابد من الإشارة هنا إلى أن الظرف التاريخي لم يكن ليسمح بإخراج المراة من حفرة الوأد، ثم سوقها دفعة واحدة حتى نهاية الشوط، وجعلها مساوية تمام المساواة للرجل. فقد كان لابد من مراعاة النظرة المتخلفة تجاه النساء في ذلك الوقت. كما كان لابد أيضا أن تراعي الشريعة الإسلامية قصور النساء، أنفسهن، في ذلك الوفت. فالحرية لا توهب، وإنما تنتزع بالوعي بها، وباكتمال أسباب استحقاقها. والعبارة الشهيرة تقول، (الحرية هي وعي الضرورة). الشاهد أن وقف الوأد قد ثبت الأساس الذي عليه يتم استكمال حرية المرأة فيما هو مقبل من وقت.
العنف كظاهرة خارجة من شعاب التاريخ، ومن عهود الغابة، لم يستهدف المرأة وحدها، وإنما استهدف كل المستضعفين الذين منهم رجال أيضا، إلى جانب النساء والأطفال. ومعلوم أن الرجال قد استضعفوا أيضا، وجرى استرقاقهم في كثير من الحضارات البشرية. وبطبيعة الحال، لا تزال بقايا الإسترقاق هذه قائمة، حتى يومنا هذا. غير أن صورتها قد لطفت كثيرا، بعد أن تخفت في كثير من القوانين الجائرة، التي تسود عالم اليوم. إذ لا تزال السلطة والثروة هما اللتان تصنعان الحقوق، وهم اللتان تتقاضيان تلك الحقوق. فهناك الكثير من القوانين الجائرة، في عالم اليوم، في مجالات القانون العام، وفي مجالات قوانين العمل، وغيرها من صور القوانين. ويشمل هذا الدول الصناعية، ذات الأنظمة الديمقراطية، كما يشمل الدول النامية، ذات الأنظمة الديكتاتورية، سواء بسواء.
وبالرغم من أن الإستضعاف، والإستغلال يشمل قطاعا واسعا عبر مختلف الأوضاع الجهوية، المرتبطة بالدين، والثقافة، والعنصر، والجندر، إلا أن النساء والأطفال قد نالهم الحظ الأكبر من ذلك الإستضعاف، وذلك بسبب ضعف البنية الجسدية. ويمكن القول من غير مواربة، أن التاريخ البشري قد قام، في مجمله، على قوة الساعد. وهذا هو ما نسميه في اصطلاح العصر الحديث، بشريعة الغاب. فحتى يومنا هذا، لا تزال القوة الغاشمة، هي التي تحدد ما هو حق، وهي التي تتقاضى ما تراه حقا، أيضا. فهي المشرِّع، وهي القاضي، وهي المنفذ. والبشرية في عموم أمرها لا تزال بعيدة من عهد الإنسانية الذي ينفصل فيه الحق من القوة الغاشمة، (قوة الساعد، وقوة الآلة الحربية). ولا تزال هناك مسافة نقطعها، قبل أن يصبح الحق ملتصقا إلتصاقا عضويا، بالعقل، وبالخلق.
العنف ضد النساء ظاهرة كوكبية. وكما تقدم فهو من مخلفات شريعة الغاب، حيث يأكل القوي الضعيف. وفي الدول الصناعية، كالولايات المتحدة الأمريكية، نجد أن العنف المنزلي، منتشر بشكل مخيف، بالرغم من انتشار التعليم، وانتشار سبل الحماية للأفراد. ولربما كان العنف المنزلي واحدا من أسباب انهيار مؤسسة الزواج، وتنامي ظاهرة العزوف عنه في بلد كالولايات المتحدة. ويبدو أن التعليم الحديث، قد اثبت أن ليس كافيا وحده، في الحد من ظاهرة العنف المنزلي. ولربما تشير هذه الظاهرة إلى ضرورة التفكير في دخول عنصر التدين الصحيح في الصورة. فالسلام إنما يبدأ أصلا من النفس التي ترى المسالمة، والعزوف عن العنف، مطلبا دينيا، بالأساس. فالتقدم الصناعي قد دلل، بالتجربة العملية، على أنه لم يقض على ظاهرة العنف ضد النساء. غير أن التقدم الصناعي، قد باعد بين المجتمعات الصناعية، وأعراف القبيلة. وبذلك فقد حصر مجال العنف ضد النساء في نطاق جعل نتائج ذلك العنف، في غالب الحال، اقل فداحة، مقارنة بنتائجه في المجتمعات التي لا تزال أعراف القبيلة، والعشير، تسيطر عليها.
لقد اتسمت منطقة الشرق الأوسط، بما يسمى بجرائم العرض. وواضح أن هذا النوع من الجرائم، الذي يطال النساء دون الرجال، قد عاش، وعمر طويلا، رغم اعتناق أغلبية سكان المنطقة للدين الإسلامي، ومن قبله للدين المسيحي. فالإسلام مثلا، قد وضع إطارا محددا جدا لإدارة التخاصم القانوني في جرائم العرض. والضوابط في هذا الإطار معروفة. ورغم ذلك، فإننا نجدى أن أهل المرأة المتهمة بتلويث شرف العائلة، في منطقة الشرق الأوسط، يجنحون إلى أخذ القانون في يدهم، ويقومون بقتل المرأة المسكينة، ويرون في هذا حقا طبيعيا لهم، يمليه عليهم واجبهم في تطهير شرف العائلة من التلويث الذي لحق به. يقومون بذلك، رغم أن القانون لا يقره، ورغم أن الدين لا يقره أيضا! ومن المحزن أن كثيرا من صور القتل التي تتم وفق هذا المنظور تتم لمجرد الإشتباه في سلوك المرأة. الأمر الذي يتعارض تعارضا تاما مع أحكام الشريعة الإسلامية!!
وكما تقدم، فإن شريعة الإسلام المحكمة منذ القرن السابع، لم تخل من تأثير بالملابسات الظرفية للعصر الذي أحكمت فيه. فالقرآن قد منح في تشريع الفروع الرجل حق القوامة على المرأة. ويصل ذلك الحق درجة ضربها بغية تأديبها: ((واللاتي تخافون نشوزهن، فعظوهن، وأهجروهن في المضاجع، وأضربوهن، فإن أطعنكم، فلا تبغوا عليهن سبيلا، إن الله كان عليت كبيرا)). وقد تفرع من تشريع الوصاية على المرأة، ما عرف في وقت لاحق، في مجالات الفقه الإسلامي، بـ ((بيت الطاعة)). وهو يمثل واحدة من صور العنف بالنساء.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أسماء محمود محمد طه إلى الأردن (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
الشاهد أن أعراف القبيلة، والعشيرة، في قتل من يُظن بها تلويث شرف العشيرة، قد استمرت رغم الإسلام وتعاليمه الواضحة في هذا الصدد. هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى، فإن تشريعات الإسلام الفرعية التي قفزت بأوضاع المرأة في القرن السابع، لم تجد بدا من مجاراة أحوال مجتمعات القرن السابع.
ولتوضيح الخطوط العريضة لفكرة التطوير، في فكر الأستاذ محمود محمد طه، أورد بعضا ما جاء في المقدمة التي شاركت في كتابتها لكتاب، ((نحو مشروع مستقبلي للإسلام: ثلاثة من الأعمال الأساسية للمفكر الشهيد محمود محمد طه)) الصادر عن دار قرطاس بالكويت، والمركز الثقافي العربي ببيروت. ورد في تلك المقدمة:
((ربما يكون من المفيد أن نقدم، للقارئ الكريم في هذه المقدمة، ملخصا للمفاهيم التي طورها، ـ (الأستاذ محمود محمد طه) ـ وأصبحت أساس فكرته. وهي باختصار شديد، مفاهيم جديدة كل الجدة. ولا نعرف أن أحدا قد شاركه فيها، لا من القدامى ولا من المحدثين. يرى الأستاذ محمود أن الآيات المكية التي نزلت في فجر الدعوة بمكة تمثل أصول القرآن. في هذه الآيات، الإسلام ديانة كوكبية تقوم على المساواة التامة بين بني البشر. فقد قامت الآيات المكية، التي يسميها الأستاذ محمود "آيات الأصول" على الإسماح، ونبذ الإكراه. وهي الآيات التي بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته بها في مكة، ومثال ذلك قوله تعالى: "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" أو "فذكر إنما أنت مذكر* لست عليهم بمسيطر" أو "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن". غير أن المدعوين وقتها كانوا أقل من قامة ذلك الخطاب المتسامح. فقد رفضوا الدعوة، وضيقوا على الدعاة، وعذبوهم، وبلغوا أن تآمروا على حياة النبي نفسه، حتى اضطروه إلى الهجرة. ومن ثم، جاء الإذن بالجهاد، ونسخت آيات الإسماح وحلت محلها في التشريع الآيات التي حملت الناس على الإسلام كرها. ومثال ذلك قوله تعالى: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين لله، فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين"، أو "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، وخذوهم، وأحصروهم، واقعدوا لهم كل مرصد، فإن تابوا، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، فخلوا سبيلهم" ثم كان الحديث النبوي الذي لخص كل آيات الإكراه على الإسلام، والذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا فعلوا، عصموا مني أموالهم ودماءهم، إلا بحقها، وأمرهم إلى الله الخ". فالقتال لم يكن دفاعا عن النفس كما حاول بعض علماء المسلمين تبريره، وإنما السبب الأول والأخير وراء القتال، هو أن يشهد الناس أنه لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله كما، هو وارد في نص الحديث الذي لخص كل آيات الجهاد.
يرى الأستاذ محمود أن نسخ الأصول بالفروع في القرن السابع الميلادي لم يكن إلغاء وإنما كان إرجاء. والسبب في النسخ إنما هو التنزل من الأصول التي كانت فوق طاقة وحاجة مجتمع القرن السابع، إلى الفروع التي تلبي حاجة وطاقة مجتمع القرن السابع. ويدعم الأستاذ محمود ذلك بحجة مفادها، لو كان النسخ إلغاء لأصبح خير تغيير رأي. أي أن الله تعالى نزل الأصول، وعندما لم يستجب الناس لها، غيرها بالفروع، وتعالى الله عن ذلك. فالله حين خاطب المدعوين بالإسماح في البداية، كان يعلم منذ البداية، وتلك بداهة دينية، أن المدعوين لن يستجيبوا لدعوة الإسماح. ولكنه تعالى أراد أن يقيم عليهم الحجة وذلك يتأكد عمليا للمدعوين أنفسهم قصورهم ونكوصهم عن شأو آيات الأصول. كما أنه تعالى أراد أن يضمن الأصول في القرآن حتى يجئ الوقت الذي يحس فيه الناس إحساسا عمليا بحاجتهم إليها. ثم هناك نقطة أخرى، يثيرها الأستاذ محمود، وهي لو كان النسخ نهائيا لأصبح أحسن ما في ديننا قد نُسخ بما هو أقل منه. أي أن الإسماح، وهو خير من الإكراه، يكون قد نسخ إلى الأبد. ولذلك يرى الأستاذ محمود أن الحكمة من النسخ هو إرجاء آيات الأصول حتى يجئ وقتها. ولكي يجئ وقتها لابد من عنصر الزمن الذي تتطور فيه الحياة على ظهر الكوكب بوسائل أخرى غير وسائل الدين. فيتوحد الكوكب، وتتوحد مشكلة الكوكب، وتتحقق من ثم الحاجة إلى أصول القرآن. ويرى الأستاذ محمود أن ذلك قد حدث بالفعل خلال فترة الأربعة عشر قرنا التي أعقبت نشأة الدعوة الإسلامية. ولذلك فإن زماننا هذا هو زمان بعث أصول القرآن المكية، حيث يجب ألا يكون هناك إكراه في اعتناق الدين أو في تركه. وهذا يعني ضمن ما يعني مثلا، أن حكم الردة في الإسلام حكم مرحلي، اقتضته ظروف الماضي، وليس حكما دائما. كما يتوفر منهج الأستاذ محمود على تبيين حقيقة أن آيات الأصول تتوفر على مبادئ الحكم الديمقراطي، الذي هو في نظره أكمل من حكم الشورى ومن نظام البيعة الذي أقامته الشريعة واعتمدته. يضاف إلى ذلك أن أصول القرآن تتوفر على المساواة الكاملة بين بني البشر، مسلمين وغير مسلمين، رجالا ونساء. في حين أن الشريعة التي قامت على فروع القرآن المدنية، لم تكفل المساواة التامة، بين المسلمين وغير المسلمين وبين الرجال والنساء. والسبب وراء ذلك إنما كان حكم الوقت الماضي. ويؤكد الأستاذ محمود أن التشريع الذي قام على فروع القرآن، في الماضي، قد كان حكيما وعادلا في زمانه، ابلغ ما يكون العدل، وأتم ما تكون الحكمة. أما بمقاييس اليوم فالأمر غير ذلك. وسيجد القارئ الكريم، على سبيل المثال، في كتاب "الرسالة الثانية من الإسلام" الذي تتضمنه هذه المجموعة بضع العناوين الجانبية التي تقول: "الجهاد ليس أصلا في الإسلام" و "الرق ليس أصلا في الإسلام" و "الرأسمالية ليست أصلا في الإسلام" و "عدم المساواة بين الرجال والنساء ليست أصلا في الإسلام" و "تعدد الزوجات ليس أصلا في الإسلام" و "الطلاق ليس أصلا في الإسلام" و "الحجاب ليس أصلا في الإسلام". وواضح هنا أن الأستاذ محمود قد وضع يده على أحكام آيات الفروع التي أصبح تناقضها مع متطلبات الحياة الحديثة وقيم العصر واضحا أشد ما يكون الوضوح. والأستاذ محمود هنا لا ينتقد الإسلام كما يظن بعض المتعصبين، وإنما بالعكس من ذلك، فهو إنما يشرح قدرة الإسلام على استيعاب طاقات الحياة المتجددة. كل ما في الأمر أن الخروج من كل هذه التناقضات لا يكون ببعث أحكام شريعة القرن السابع، فقد أصبحت تناقضاتها مع واقع الحياة الراهن جلية غاية الجلاء. بل إن كثيرا من صور شريعة الفروع لم يعد ممكن التطبيق بأي حال. ولو كان بعث أحكام شريعة الفروع ممكنا ومطلوبا الآن، لكانت جماعة طالبان خير من يجسد التطبيق للشريعة الإسلامية. فبعث الأصول يمثل مخرجا متميزا وممتازا لقضية التشريع الإسلامي. وسيجد القارئ الكريم في مجموع مؤلفات الأستاذ محمود محمد طه المتضمنة في هذه المجموعة شرحا وافيا لكيفية الانتقال من أحكام الفروع إلى أحكام الأصول.
والشاهد أننا أصبحنا نرى التناقض في تطبيق الشريعة الإسلامية الموروثة من القرن السابع مع واقع الحياة الحديثة في كثير من مناحي حياتنا اليوم. وقضية المرأة تمثل واحدا من إشكاليات تطبيق شريعة القرن السابع على واقع اليوم. وعلى سبيل المثال فقط، فإننا نجد أن بعض الدول العربية والإسلامية أعطت المرأة حق الانتخاب، في حين حرمتها دول أخرى ذلك الحق. بعضها سمح لها بقيادة السيارة، وبعضها لم يسمح لها. بعضها سمحت لها بالسفر بمفرده،ا وبعضها منعها من السفر بمفردها. بعضها سمحت لها بتسلم كل الوظائف في الدولة، حتى تلك التي لا تتلاءم وطبيعتها كأنثى، وبعضها منعتها بعض صور العمل وسمحت لها بالبعض الآخر، في حين حجرت عليها دول أخرى الخروج كليا. الشاهد أن هناك اضطرابا عجيبا. والمدهش أن كل هذه المسالك المتناقضة تزعم أن لها سندا من الشريعة الإسلامية! ونحن حين نقدم للطرح المحكم الذي قدمه الأستاذ محمود محمد طه، والذي يفرق بين أصول القرآن وفروعه، وبين حاجتي مجتمع القرن السابع الرعوي البسيط، ومجتمع الحاضر الصناعي والزراعي المركب والمعقد، نرى أن أفكاره تمثل مخرجا ناصعا من كل هذا الاضطراب والتناقض. وعليه فربما كان من الصائب أن نعطى فكرة الرجل فرصة التدارس الذي يليق بقوة حجتها وبتماسكها وحكمتها، ومن ثم تقليب جوانبها بتأن ومن غير عجلة، وبلا رفض مسبق، فربما يكون الحل فيها. ويقيننا نحن الذي لا يتطرق إليه الشك، أن الحل كامن فيها. ولابد أن نشير إلى أن فكرة الأستاذ محمود محمد طه ليست قولا في الدين بالرأي. أي أنها ليست اجتهادا بالمعنى المعروف للاجتهاد، إذ من المعلوم أن الفقهاء قد حصروا الاجتهاد فيما ليس فيه نص. وإنما هي دعوة إلى الانتقال من نص فرعي في القرآن، خدم غرضه حتى استنفده، إلى نص أصلي في القرآن ظل مدخرا، حتى يحين حينه، وقد حان حينه. هذه نقلة جديدة كليا في مفهوم مقابلة قضايا الحياة المستجدة. وغني عن القول أنه لا مجال لقياس مشاكل الحياة المعاصرة بمشاكل مجتمع القرن السابع الميلادي في جزيرة العرب. فعالم القرن السابع ووعي إنسان القرن السابع محدودان بمحدودية التجربة البشرية وقتها. لقد كان ذلك العالم غير مترابط جغرافيا. أسرع وسيلة مواصلات وقتها كانت الحصان والجمل. وغني عن القول أن ذلك العصر قد سبق عصر الكشوف العلمية بزمان طويل. فالمعرفة بالوجود - ونقصد هنا الوجود المادي- ضرورية جدا لتطور المعرفة الروحية، فهما في الحقيقة لا تنفصلان. وهذا ما من أجله قال تعالي : " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد". فآراء الفقهاء التي عالجت القضايا المستجدة في ماضي تجربة المجتمعات الإسلامية لا تصلح في غالبها لمجتمع اليوم، لأن الأساس المعرفي الذي قامت عليه، والإطار المعرفي الذي ضمها قد كانا محدودين بحدود ذلك العصر. وما يجري اليوم هو من الضخامة والتعقيد بحيث لم يخطر على عقل فقيه من فقهاء الماضي، بالغا ما بلغ ذلك الفقيه من القدرة على الاستشراف. لقد تغير المسرح تغيرا كبيرا عبر الأربعة عشر قرنا الماضية. وسوف لن تستوعب طاقات الحياة الحديثة، وأسئلة العقل المعاصر سوى أصول القرآن، وحياة النبي الكريم.)) .. إنتهى ..
بعث الجوانب المشرقة في شريعة الفروع
لقد فطن فقهاء المسلمين إلى عنصري الزمان والمكان وتأثيرهما على التشريع. وقد جاءت كثير من الإجتهادات الفقهية سائرة في اتجاه توسيع ماعون الحقوق للنساء. وبناء على ذلك فقد قدمت تجربة الجمهوريين محاولات عملية في إعطاء النساء بعضا من حقوقهن وفقا لإجتهادات السلف التي اتسمت بالإستنارة والتعقل، وانفتاح الذهن. ومما قام تنظيم الإخوان الجمهوريين في السودان، تجربة مشروع (خطوة نحو الزواج في الإسلام). وقد هدف ذلك المشروع إلى ما سمي في السودان بأزمة الزواج. هدف المشروع إلى تقليل التكاليف الباهظة التي تحول بين الشباب والزواج، ودعا النساء إلى التخلي عن المهور العالية، واستبدالها بشروط كرامة يجري تضمينها في عقد الزواج. وهذه الشروط مأخوذة من بعض الجوانب المشرقة في اجتهادات السلف. وهي اجتهادات صحيحة شرعا، ومعمول بها قضاء. جاء قي كتيب ((خطوة نحو الزواج في الإسلام)): كما ذكرنا ، فإن تقليل المهر المادي يعني أنه لابد من ترجمته إلى شروط كرامة للمرأة .. وهذه الشروط تثبت في وثيقة تعاقد الزواج، وتلزم الطرفين قضاءً، لحماية هذا الزواج بسيط التكاليف من الإستهتار .. والشروط هي: 1- يجب أن تكون العصمة بيد المرأة، كما هي بيد الرجل، فلا يستأثر بها أحدهما .. ولا يهولن أحداً هذا الكلام، فإنه جائز شرعاً، ومعمول به قضاءً .. وهو مسنود بأصل الدين، ومستمد من مبدأ التفويض الذي بواسطته يملك الزوج زوجته أن تطلق نفسها .. ففي صفحة 334 من الطبعة الأولى لكتاب (الأحوال الشخصية حسب المعمول به في المحاكم الشرعية المصرية والسودانية والمجالس الحسبية) للأستاذ معوض محمد مصطفى سرحان جاء ما يلي: (ثم أن التفويض عند الحنفية يصح قبل العقد، وعند إنشائه، و بعد تمامه في أي زمن كان حال قيام الزوجية . وصورة التفويض قبل حصول العقد أن يعلق التفويض على المتزوج بها، كأن يقول أن تزوجتك فأمرك بيدك تطلقين نفسك متى تشائين. فإنه أن تزوجها ثبت التفويض غير المقيد بزمن، وكان لها الحق في تطليق نفسها متى أرادت. وصورة التفويض عند إنشاء العقد أن تقول إمرأة لرجل يحل له التزوج بها زوجت نفسي منك على أن يكون أمري بيدي أطلق نفسي متى شئت، أو كلما شئت فقال لها قبلت صح الزواج، وكان أمرها بيدها على الصورة التي قالته، وقبلها الزوج .) و ما يفعله الأخوان الجمهوريون في هذا الأمر إنهم يثبتونه في عقد الزواج ، و يجعلونه حقاً تلقائياً لكل إمرأة .. كل إمراة كريمة تتنازل عن مهرها المادي و تطلب التفويض بدلاً عنه .. 2- يشترط أن لا يقع الطلاق إلا بعد أن يرفع الأمر إلى حكمين عدلين ، موثوق بهما من الطرفين، أو كل طرف ، على الأقل ، واثق من حكمه الذي إرتضاه .. قال تعالى : "وإن خفتم شقاق بينهما فأبعثوا حكماً من أهله، وحكماً من أهلها، إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما، إن الله كان عليماً خبيراً" وقد نصت المادة الخامسة عشرة من المنشور الشرعي السوداني رقم 17 على اللجوء إلى الحكمين (أنظر كتاب معوض صفحة 389).
و يرى الجمهوريون في مسألة التحكيم ما يلي : ـ أ- أن أهم ما يميز الحكمين هو الدين، ثم تأتي القرابة، والجيرة ، والخبرة، مع ثقة الزوجين فيهما .. وذلك لأن صاحب الدين لا يسعى في هذا الأمر إلا وهو واثق من أنه يريد الإصلاح .. ب ـ مهمة الحكمين أن يعيدا الصفاء، والمودة ، وحسن العشرة، إلى الحياة الزوجية بكل وسيلة ممكنة .. وخلافاً لماجاء في المنشور سالف الذكر، ليس من حقهما أن يحكما بالطلاق، لأن حق الطلاق ملك للزوجين لا يستعمله سواهما .. جاء في صفحة 390 من كتاب معوض ما يلي : "ففهم الحنفية، والظاهرية والشيعة الإمامية، والشافعي، أن مهمة الحكمين مقصورة على الإصلاح بين الزوجين، و ليس لهما أن يفرقا بينهما، إذ التفريق لا يكون إلا بتفويض من الزوج، وتوكيل من الزوجة بقبول الخلع، إذا دعت إليه داعية."
ج ـ إذا أصر الطرفان المتعاقدان، أو أصر أحدهما، على الطلاق فإنه لا محالة واقع .. ولا يملك الحكمان أمر تعليقه، كما لا يملكان الحكم به .. ولكن من حقهما أن ينصحا الطرف المصر، بالترك، أو بالتريث .. كما لهما أن يفرضا تعويضاً، إذا رأيا، يقدر حسب حال الزوجين ، ويأخذه الجانب المضرور، وهو، في الغالب، الذي يقع عليه الطلاق .. وحكم الحكمين بالتفويض ملزم قضاءً .. د ـ إذا إختلف الحكمان، فيمكنهما أن يختارا، في مثل شروطهما، إذا أمكن، حكماً ثالثاً للترجيح ..
هـ ـ في حالة وقوع الطلاق، فإن على الحكمين تحديد من تكون له حضانة الأطفال، حيث تتوفر الرعاية والشفقة .. والقاعدة المتبعة هنا أن تكون الحضانة للأم ما دامت صالحة .. فإن فقدت الأم صلاحيتها، جعلا الحضانة لمن يليها، حسب الترتيب الشرعي .. ونفقة الأطفال على الزوج، ويحددها الحكمان .. 3ـ ينص في العقد أنه لا يصح تعدد الزوجات إلا لضرورة قصوى، كالعقم، أوالمرض الذي لا يرجى منه شفاء، مثلاً .. ولا يقع إلا بعد إستئمار الزوجة المضرورة، وإلا بعد تدخل الحكمين، اللذين عليهما أن يراجعا الزوج، إذا رأيا ذلك .. وللزوجة أن تطلق نفسها إذا لم تقبل في زوجها مشاركة .. و هذا الشرط لا يتنافى مع أصل الدين، إذ أن الدين قد نفّر من تعدد الزوجات .. فكأن عدم تعدد الزوجات، في نظر الدين، أفضل من تعدد الزوجات .. فإذا إشْتُرِطَ عدم تعدد الزوجات، إلا لضرورة ملجئة، فإن هذا الشرط تدعيم للأحسن، والأقضل في نظر الدين..)) ..انتهى.. دعت فكرة الأستاذ محمود محمد طه لتطوير التشريع إلى إعطاء المرأة حقوقا مساوية لحقوق الرجل مستلهمة أصول القرآن التي تنص على الحرية والمسؤولية الفردية. غير أن حركة الأستاذ محمود لم تنتظر حتى يقبل الناس فكرة التطوير بالإنتقال من فروع القرآن إلى أصوله، والتي ربما استغرقت زمنا، وإنما اتجهوا إلى بعث بعض صور الشريعة الإسلامية المهجورة، وذلك لإعطاء النساء بعضا من حقوقهن، وفق ما تسمح به الشريعة السلفية في هذه المرحلة. وذلك ريثما يتم الوعي بضرورة بعث أصول القرآن، ويتم الإتقال إلى الدستور المأخوذ من أصول القرآن، حيث لا تفرقة في الحقوق بسبب العرق، أو اللون، أو الدين، أو "الجندر". وقد تمت في عقدي السبعينات، والثمانينات من القرن الماضي، زيجات جمهوريات كثيرات، جرت كلها وفق صيغة عقد موحدة تضمنت شرطين شرعيين، بإقتسام حق العصمة، وعدم التعدد إلا لدى ضرورة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أسماء محمود محمد طه إلى الأردن (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
تطوير التشريع كوسيلة لتصحيح رأي النساء في أنفسهن القهر التاريخي الذي وقع على جنس النساء، وصل ببعض النساء إلى الإعتقاد بأنهن فعلا أقل من الرجال، وأنهن لا يستأهلن تمام المساواة مع الرجال. وربما قاد مثل هذا الإعتقاد إلى قبول كثير من صور التعدي، بما في ذلك تحديد الإقامة في المنزل، والعنف اللفظي، والقهر النفسي، والعنف البدني. ولذلك لابد من الإصلاح القانوني، وليبدأ الإصلاح القانوني بقوانين الأسرة، وخاصة عقد الزواج. إذ يجب أن تكون المرأة شريكة في الحقوق التي ينص عليها عقد الزواج كما تقدم. كما أن موضوع الحكمين المنصوص عليه، يباعد بين الأسرة وبين ذيوع أسرارها في قاعات المحاكم. إضافة إلى ان مسألة الحكمين تباعد أيضا بين الأسرة وبين من يعملون في دوائر الأحوال الشخصية ممن لا يسمح لهم نمط تعليمهم، وتدريبهم، بإنصاف المرأة ضد الرجل، أي رجل. فهؤلاء قد قام تعليمهم أساسا النظرة الدونية للمرأة. وهم في غالب الأحوال، ما ينتصفون للرجال ضد النساء، وليس العكس. فالحكمان أفضل في فض النزاعات الزوجية، من قضاة الأحوال الشخصية وطواقمها العاملة. فالحكمان منصوص عليهما أن يكونا من الأهل. وذلك يجعلهما أحرص على العدل، مقارنة بموظف لا يحفزة لفض النزاع في حقيقة الأمر، سوى كونه يتلقى راتبا على ذلك العمل. ولابد من الإشارة إلى أن الإصلاح القانوني لا يغني عن التربية الخلقية السليمة، التي تعيد تشكيل وعي الذكور وفق جوهر تعاليم الإسلام المتمثلة في توخي العدل، وانتهاج نهج المسالمة، والمرحمة، كبديل للإهطاع الأعمى لأعراف القبيلة والعشيرة المحمولة من شعاب التاريخ. فكثير من صور الإنتهاك لإنسانية المرأة إنما يرجع في أكثر صوره تطرفا، إلى أخلاقيات قبلية، حسبها جهلا كثير من المعارضين لحقوق المرأة، أنها من جوهر الدعوة الإسلامية.
جهل المثقفين بالدين
يظن كثير من المثقفين العرب والمسلمين أنه لا ضرورة لمعرفة الدين. وقد أصبح المثقفون مستلبين ثقافيا. فحين يحس المثقف العربي بأنه لم يقرأ تلك الرواية للكاتب الغربي فلان، أو ذلك الكتاب للمفكر الغربي علان، يحس بالإستخذاء، وبالحرج. ولكنه لا يحس نفس الإحساس، حين يتعلق الأمر بمكونات تراثه، وثقافته، التي أساسها الدين الإسرلامي. وربما يكون سبب هذه النظرة الإعتقاد الأعمي في فكر الحداثة الغربية، الذي انبنى على أن الدين إنما يمثل ظاهرة من مخلفات الماضي. ولذلك فإن مسار التطور في الدول العربية والإسلامية، سوف يسير، لامحالة، في نفس الخط الذي سارت فيها قبلنا الدول الغربية. وقد مكن هذا الموقف السلبي تجاه الدين، من يسمون عندنا برجال الدين من أن تصبح لهم الكلمة الأولى والأخيرة، في شؤؤون حياتنا. وقد أسهم هذا بقدر معتبر في تعطيل دورانى عجلة إصلاح القوانين، واخراج النساء من مستنقع الهوان، العسف، والمصادرة. جرى هذا تاريخيا، رغما عن الإسلام لم يعرف في بداياته النقية، ظاهرة رجال الدين. فكل مسلم، وكل مسلمة مفترض فيهما تحقيق أكبر قدر ممكن من المعرفة بالدين, فالدين ليس طقوسا وحسب، وإنما هو نهج مفترض فيه أن ينتظم كل تفاصيل حياتنا في متقلبها ومثواها. والمعرفة به فرض عين على كل رجل وكل إمرأة. ومن يلاحظ مسار العقود الأربعة الأخيرة في الدول العربية والإسلامية يلاحظ تزايد معدلات التردي الفكري، والتقنين لمصادرة الرأي الآخر، والمزيد من الإنحدار نحو مستنقع الهوس الديني، والترويج للعنف وإسكات صوت العقل.
خاتمة لن يكون ميسورا على حركة الإصلاح التي تستهدف رفع العنف عن النساء، وترقية المجتمع، ليترفع عن العنف بالنساء، أن تصيب نجاحا وهي تهمل عنصر المرجعية الدينية، وضرورة فحص هذه المرجعية، وردها إلى جوهرها الإنساني النقي. وكما تقدم فإن حركة التصنيع والتحديث في الغرب لم تنجح في القضاء على العنف المنزلي المستشري، رغم القوانين، والثقافة الحقوقية الراسخة. هناك عنصر تربوي، يمثل الدين حجر الزاوية فيه.
لابد للمثقفين من الخروج من حالة السلبية التي تلفهم فيما يتعلق بمناقشة قضايا الدين. ولابد من كسر الرهبة التي يجدها الكثيرون في أنفسهم تجاه من يسمون عندنا برجال الدين. ليس هناك فرد وصي على الآخرين، وليس هناك فرد ينوب عن السماء في تنفيذ مشيئتها على الأرض. كما أن علينا أن نعيد فحص تراثنا، وأن ننقب عن وجوهه المشرقة، التي تساعدنا على التصدي ايجابيا لقضايا حاضرنا المعقدة. أيضا، لابد من استخدام الخطاب الديني في التنفير من ارتكاب جرائم العرض. فجرائم الشرف هذه تتم في أغلب أحولها بناء على الشبهة، وقد نهى الإسلام من أخذ الناس بالشبهات، مهما كانت الدوافع. فالذي يفشل في اثبات جريمة الزنا عن طريق الإتيان بأربعة شهود، يجلد بوصفه قاذفا، ولا تقبل له شهادة أبدا، بعد ذلك. كما أن الإسلام قد أوصى على الستر، وألا يكشف المرء ستر الله عنه. فالذين يقومون بقتل القريبات بهدف تطهير شرف العشيرة، أو الأسرة، إنما يقومون بالعكس تماما. فهم بالإضافة إلى قتلهم النفس التي حرم الله غلا بالحق، فقد شهروا ايضا بأنفسهم، وبمن قتلوا من نسائهم، وبلا دليل، أو اي إثبات شرعي. فرؤية الفرد والفردين، وحتى الثلاثة للفعل الجنسي، لا تعطيهم حق التحدث عنهم، إلا إذا اتوا برابع.
لابد من تكثيف حملات التوعية، في أجهزة الإعلام، والمدارس، ودور الثقافة والأندية، لمناقشة هذه القضايا، وإجلاء راي الدين فيها. والإعلام عندنا إعلام مقصر في أغلب أحواله. فهو إعلام غير مبادر، ولا تجتذبه القضايا الحية، بقدر ما تجتذبه القضايا السطحية، ونزعات التسلية، وتملق القائم والمستقر، بل وعبادة ما هو قائم، ومستقر. لابد للإعلام من دور تنويري في التعريف بالقيم الإنسانية الرفيعة التي تباعد بين الذكور، وبين نعرات التسلط الجائر على النساء، ومن التعامل غير الإنساني معهن. وقبل ذلك لابد من إصلاح القوانين، باستلهام روح الدين، وليس استلهام التشاريع التي تأثرت بملابسات التاريخ.
كما يجب أيضا تشديد العقوبات، في حالة مرتكبي جرائم الشرف. فهناك تساهل في العقوبات من جانب الدول التي تقع فيها مثل هذه الجرائم مع المرتكبين. وكأن الدولة تريد انتقول أن هذا شأن أسري بحت، وأنها لا دخل لها فيه. غير أن الأفراد يجب أن يكونوا كلهم في حماية الدستور، والقانون، وليس في حماية الأسرة. فالدولة يجب ان تقف مع الفرد ضد اسرته، إن حدث ان تغولت الأسرة على حقوق الفرد بغير حق.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أسماء محمود محمد طه إلى الأردن (Re: Rawia)
|
العزيزة أسماء تحياتي
ظهرت بباريس مؤخراً الترجمة الفرنسية لـ "الرسالة الثانية". وقد تمت الترجمة منذ عام 2002، إلا أن الكتاب ظهر في المكتبات مع نهاية العام المنصرم. قدم لهذه الترجمة المفكر الكبير سمير أمين. ٍوسأقدم على صفحات البورد في الأيام القريبة القادمة ترجمةً لهذا التقديم، وقد بدأت فيها بالفعل. ولتكن هذه بداية ـ أتشرف بها ـ لمواضيع أخرى أتطرق إليها لتعم الفائدة.
نجاة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أسماء محمود محمد طه إلى الأردن (Re: Rawia)
|
شكرا لك يا استاذي د. النور على هذا النقل ولك التحية و السلام استاذة اسماء و فرحين جدا بعودتك بالسلامة وكنا في حالة انتظار وترغب كبير لهذا النقل ونحن كلنافخورين بك. لولا رحيل الاستاذ عبدالله اميقو الفاجئ كان عندي رغبه اكتب لكم اكثر. لكن اود ان انقل عبركم السلام للجميع في ايوا وسلام
| |
|
|
|
|
|
|
|