|
السخرة/ الطائفية: حرية الاختيار في الثقافة السودانية والفكر اليساري
|
الثقافة كلمة حمالة أوجه تنطوي على معاني كثيرة و لا يوجد تعريف جامع مانع لها ولكن ببساطة شديدة يمكن أن نقول إنها ذلك الكل المتمثل في العادات والتقاليد والأعراف والأديان وكل ما أفرزته التجارب الحضارية الإنسانية للشعوب.
بالنسبة لنا نحن أهل السودان ، تتشكل ثقافتنا من تراكم حضاري يمتد إلى آلاف السنين قبل الميلاد وان أميز اثر ترك في حياتنا هو ما تركته الأديان السماوية التي اعتنقها أهل السودان بكل اختيارية وإرادة حرة ، فامتزجت مادتها حتى بطقوس أهل السودان الإفريقية ووثنيا تهم حتى تأسلمت أو تنصرت عادتنا وتقاليدنا ووثنياتنا أيضا التي يحسبها البعض إنها من الدين ... فأصبح حالنا كحال العرب في فترة نقلهم للعلوم والمعارف وترجمتها من الحضارة اليونانية إلى الإسلامية حتى قال أهل المغرب العربي :"تأسلمت الفلسفة وتفلسف الإسلام".
امة صنعت حضارة وادي النيل العريقة التي تسمى بالحضارة الفرعونية والتي ما هي في الأصل إلا حضارة سودانية نوبية هندسها العنصر السكاني الواقع ما بين القاهرة و مقرن النيلين في خرطوم اليوم ، امة قامت ثلاث دول مسيحية في رحلتها ما بين الشك واليقين والتحرر من عبادة الأوثان وإخلاص الوجه لله رب العالمين ، امة تحولت غالبية مكوناتها إلى الإسلام حين عرفت إن الدين الحق وان الدين عند الله هو الإسلام... امة كهذه حقا إنها امة حرة وأمة متطورة وواعية امة لا يمكن استغلالها بالمعنى المجرد لكلمة استغلال أو سخرة ...امة تصدر عن ما تفعل عن طواعية وإرادة وهي لا تريد مقابل ذلك جزاءا و لا شكورا ، ناهيك عن أن يقول أحدا إن ذلك سخرة، هذا وجه من وجوه الحياة الفكرية الجماعية الاختيارية التي تتمظهر إلى اليوم في شكل الأسرة الممتدة ، التمسك بالعشيرة أو القبيلة حتى في أوساط حملة أعلى الشهادات الجامعية وفوق الجامعية من اكبر جامعات الغرب أو أمريكا ، ويفسر هذا العقل الاختياري الجمعي أيضا ظاهرة ا لطريقة الدينية وهي واحدة من منظمات المجتمع المدني و الفعاليات الاجتماعية في أي وجود بشري شأنها شأن النادي الأدبي أو رابطة المثقفين أو الفنانين ( لا ينقص من حقيقتها كونها مؤسسات تقليدية أو طائفية) ، و إن اختلفت في الفكرة أو الوسيلة أو المظهر...فالفكر اليساري اليوم دخل متحف التاريخ و يعتبر تقليديا باليا يتيما في موائد الفكر والثقافة ، وان عنجهية المبشرين به وعصبيتهم في لا موضوعية تصنفهم باعتبارهم جماعة طائفية بالمعنى السياسي الانغلاقي للكلمة ... لأنه كما يقول المثل لا يعجبهم العجب و لا الصيام في رجب... في عصر العولمة وحوار الحضارات ما زالوا يؤججون الحروب وينادون بتشكيل جبهات لحروب وهمية..".فرابطة مقاومة الطائفية " ما هي إلا معركة في غير معترك وما هي إلا هوس يساري ، لقد فقد اليساريون من كل ملة دليل عملهم وهو التبشير بالشيوعية والماركسية أو الاشتراكية المادية وكل هذا الأفكار غدا الحديث عنها " هترشه " حال من يتمسك بها كحال من يصارع طواحين الهواء .... إنهم كسجين الكهف.... فالإنسان عندما يحار دليله يتخبط ....فاليساريون كما أسلفت ما عاد لديهم دليل عمل يبشرون به... ويحاولون إيجاد دور لأنفسهم نعم هناك دور لكل من يحتل حيزا في هذا الوجود ، ولكن الدور بالفكر والوسيلة اليسارية – الشيوعية ما عاد له أرضية ليس في السودان بل في الكون كله ، لذلك صاروا كالمجزوم يملأه الحقد يسعى للامساك بكل من يمر لينشر عدواه هذه..... فالأشكال والتكوينات المزعومة من رابطة محاربة الطائفية وغيرها ما هي إلا اطر بلا مضمون و لا هدف و لا رؤية واضحة يهندسها اليسار فاقد البصر والبصيرة عن واقع تشكل من آلاف السنين وهو في تطور اجتماعي تدريجي ووفقا لقوانين التطور وليس قوانين التحليل المادي للتاريخ الذي يفسر كل فعل جماعي بأنه سخرة وطائفية..... الطائفية المزعومة متخيل لا يوجد إلا في الذهن اليساري – الشيوعي. ا إلى الحلقة القادمة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|