( لماذا فشلت القوى السياسية أن تخلق توازن للقوة في المجتمع حتى تمنع المؤسسة العسكرية من الانقلابات العسكرية؟ هل القوى السياسية نفسها تشكل قاعدة أساسية متينة يمكن أن يشيد عليها البناء الديمقراطي؟ أم هي نفسها فاقدة للديمقراطية و تفرخ عناصر حاملة للفكر الشمولي؟ هل الثقافة الحزبية السودانية هي ثقافة ديمقراطية أم ثقافة أيضا حاملة للجينات الشمولية؟ لماذا ترفض الأحزاب السياسية إجراء مراجعات فكرية حول قضية الحرية و الديمقراطية و محاربة وسائل العنف؟ لماذا كان دور الكارزمة في الأحزاب مغيب لدور المؤسسية؟ ) .
الأخ الفاضل / زين العابدين صالح عبد الرحمن السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
تلك نقطة جوهرية في غاية الأهمية .. وخاصة والسودان في طريقه للتجربة الديمقراطية الرابعة .. ولكن صدقني يا أخي الفاضل لو غربلت هذا السودان شرقاُ وغرباُ وشمالاُ وجنوباُ لن تجد شخصاُ واحدا في قيادات تلك الأحزاب السودانية يستوعب أهمية تلك النقطة !! .. ناهيك أن تجد نخبة جماعية مثقفة عالية في لجان تلك الأحزاب تؤمن بدولة المؤسسات .. وعيب الأحزاب السودانية أنها دائماُ تقدس الرموز وتقدس المناسك التي تثبت الأقدام .. منتهى النزعات التي تؤكد الأنانية الفئوية .. وهي أنانية في صورتها تماثل الممارسات العشائرية .. وحتى في الممارسات العشائرية قد تجد نوعاُ من الديمقراطية .. تلك الديمقراطية المعدومة كلياُ في الأحزاب السودانية !. وسوف يتقدم جاهل من الجهلاء ليقول لك أن الديمقراطية في الأحزاب السودانية متوفرة !! وهو كعادته سوف يفهم تلك الديمقراطية بمعنى حرية النزاعات في قيادة الأحزاب .. ولن يفهم إطلاقاُ أن الديمقراطية التي نقصدها هي الديمقراطية التي تستميت من أجل ترسيخ دولة المؤسسات في البلاد !.
والخلل الأكبر خطورة لا يتمثل فقط في تدني مقدرات وأجندات تلك الأحزاب .. ولكن المعضلة ثم المعضلة تتمثل في ذلك الإنسان البسيط الذي يوالي ويساند تلك الأحزاب .. وهو الذي يشكل السند والدعم الوفير عند المحك .. ومع الأسف الشديد فكل من يدرس ذلك الإنسان يجده ذلك الأعمى تفكيراُ ونهجاُ .. والمصاب بداء الأتباع في السراء والضراء .. ومن سابع المستحيلات أن يستوعب ذلك الإنسان معنى ( دولة المؤسسات ) .. فبالنسبة له فإن مثل تلك المصطلحات يعد من الألغاز والطلاسم التي تخالف الشريعة !!
ويا أخي الفاضل كل من يملك العمر ليعيش تلك التجربة الرابعة القادمة في البلاد سوف يقف مستغرباُ من أحوال ذلك الإنسان .. حيث بعد ستين عاماُ من تلك التجارب الفاشلة الخائبة بمعية الأحزاب السودانية سوف يجد أن العقلية القديمة هي السائدة .. وبطريقة مضحكة وساخرة سوف يكتشف أن إنسان السودان مازال يراوغ عند المربع الأول !! .. وحينها يا أبا زيد لا رحنا ولا غزينا .. ( لا دولة مؤسسات ولا دولة بطيخ !! ) .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة