| 
 | Post: #1 Title: العسس بقلم علي بلدو
 Author: علي بلدو
 Date: 11-12-2019, 06:26 AM
 
 
 05:26 AM November, 11 2019  سودانيز اون لاينعلي بلدو-السودان
 مكتبتى
 رابط مختصر
 
 خواطر طبيب
 
 
 تشكل الثقافة وعاء جامعا لكل امة و انعكاسا لحضارتها’ و تتنوع تعريفاتها من مجتمع لاخر و من عصر لاخر’ و حاول البعض سابقا تقسيم الاجناس بحسب الثقافة الى راقية و اقل رقيا او انحطاطا’ و برزت في ذلك نزاعات و حروب  و اشتباكات عقدية و فكرية لا تزال اثارها متواصلة الي اليوم.
 و لعل الحرب العالمية الثانية كانت حرب ثقافة في المقام الاول لابراز سمو العنصر الاري على باقي الشعوب’ و التي ظن بعضهم انها ما خلقت الا لتقوم على خدمتهم’ و يبرهن على ذلك مقولة الفوهرر ادولف هتلر قبل انتحاره:(لقد كان بامكاني ان ابيد جميع اليهود في العالم ’ و لكني ابدت نصفهم فقط’ ليعلم العالم من النصف الباقي انني كنت على حق).
 بل ان الجاحظ عمرو بن بحر قد اسبغ الثقافة على الحيوانات  في الكلاب و الحمير و الغربان’ و خلد ذلك في كتابه الحيوان’ و اعتبر ان بعض الحيوانات كالقرود مثلا ’ تسمو في بعض تعاملاتها حتى على بعض البشر ’ و ذلك لكونها ذات ثقافة اعمق.
 
 و ضربت واقعنا الان موجة جديدة و هي ثقافة اهل المال و الاعمال’ و من يسبحون في بحر السوق الحر و هو بحر لا ساحل له و لا رقيب و لا حسيب’ و كانت الفرصة لهؤلاء المغامرين ان يقتنصوا و يصطادوا ما لذ و طاب’ معتمدين على ظهور الاخرين و دماء البسطاء و الصفقات المشبوهة و العقود الضاربة.
 و اغرقوا المجتمع بانواع جديدة من الثقافة الاستهلاكية في الملبس و المشرب و الماكل و الترفيه’ وزادت بذلك الاسعار و التضخم و انهيار الجنيه امام العملات الاجنبية’ و دخول الناس في ضغوط اقتصادية و اجتماعية كثيفة اثرت على الفرد  و الجماعة’ و ابرزت انواع و انماط جديدة من التفسخ و الجرائم و الظواهر الدخيلة على المجتمع’ قبل ان ياتيه هؤلاء العسس.
 و نرى اثار هذا التنابز و التنافر الفكري و الثقافي في كل مظاهر الحياة’ في دواوين الحكومة و في االشارع العام و في البيوت و المؤسسات و المصالح و الشركات الخاصة, و في الاسواق و المواصلات و المواقف و الاستادات و في كل مكان و منحى.
 حيث يكثر الشجار و المشاجرات و المشاحنات’ و يضيع ادب الحوار’ و كما تدنى مستوى الاخلاق و  الذوق العام و كثر الغش و الاحتيال و الفساد و الرشوة و المحسوبية’ ووقع الناس في السرقة و الحرام و المخدرات’ و تغلبت المصلحة الخاصة على العامة و ضاعت هيبة الدولة و  اصبح كل فرد  يفكر في نفسه فقط’ و يدوس بنعله على كل شئ في سبيل ذلك’ في اصدق تعبير للوصولية و الميكافيلية و التى ارادها لنا الامير.
 
 و حار البعض في تحديد موقفهم و اتجاهاتهم و  ظهرهنا التطرف كرد فعل طبيعي للرفض و الجهجهة الفكرية و ووجه نيرانه للجميع و بدون استثناء و لا يزال.
 
 | 
 |