عقدة العقوبات الأمريكية بقلم محمد علي طه الملك

عقدة العقوبات الأمريكية بقلم محمد علي طه الملك


10-06-2019, 07:53 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1570388028&rn=1


Post: #1
Title: عقدة العقوبات الأمريكية بقلم محمد علي طه الملك
Author: محمد علي طه الملك
Date: 10-06-2019, 07:53 PM
Parent: #0

07:53 PM October, 06 2019

سودانيز اون لاين
محمد علي طه الملك -Amsterdam NL
مكتبتى
رابط مختصر




كثيرون يبنون تحليلاتهم حول استمرار العقوبات الأمريكية على السوان ، من خلال فرضية الحرب على الإرهاب وحدها ، وعلى الرغم من أن هذه الفرضية كانت صحيحة إبان النظام السابق ، غير أنها الآن لم تعد الحجة الرئيسة لكي تستمر الإدارة الامريكية في تمنعها ، لقد غدت نظرتهم الآن تقرأ بحذر الفضاء السياسي المسيطر الذي أفرزته الثورة ، و يعدون العدة لاعادة صياغة استرتيجيتهم في وجه الحكم الجديد دون التخلي عن العقوبات المفروضة.

الإدارة الأمريكية يمكنها التعاون مع الشيطان ، في سبيل تحقيق استراتيجيتهم ، ألم يدعموا ويتعاملوا مع مجموعة بن لادن إبان الحرب ضد النظام الشيوعي في افغانستان ؟

ثم ألم يتعاونوا مع الحركة الشعبية الأم على الرغم من وجهها اليساري الظاهر للعيان؟

إذن لا غرابة إن رأيناهم يتعاونون ولو بطريقة غير مباشرة ، مع الحركات المسلحة السودانية على الرغم من علمهم بوجهة أكثريتهم اليسارية ، إذ يكفيهم الارتكاز على مظلامها يرمون به نظام الانقاذ بغية اضعافه واسقاطه ، الآن بعد سقوط حكم الاسلام السياسي ، ويقينهم بأن الشعب السوداني بلغ منهم مبلغ التشبع الذي يعيق عودتهم قريبا ، ظن العديدون أن الدروب أضحت سالكة أمام حكومة الثورة ، وأنها سوف تجد أذرع الإدارة الأمريكية ممدودة لاحتضانهم ولكن هيهات !!

ضمن ما تعلمناه من فنيات العمل الإجرائي في مهنة القضاء ، القدرة على استخلاص النقاط المتنازع عليها بين الخصوم ، ومن دون الوصول لتلك النقاط وفهم ما ورائها من أسباب ، لن تنجح المحكمة في الوصول لتسوية عادلة للنزاع ، ولعل فهم استراتيجية الإدارة الأمريكية من وراء اصرارها على استمرار العقوبات ، ضروري لتحديد النقاط المتنازع عليها ، ومن ثم البحث عن الحلول ، ليس من أحد يستطيع القول بأن الادارة الامريكية غير مدركة للبديل الذي أفرزته ثورتنا الشعبية الظافرة ، حتى وإن دثر اليساريون وجوههم أمام كمرات الفحص الأمريكي ، حيث لن تخفى عليهم غلبة المسحة اليسارية على من سيطروا على الفضاء السياسي وشؤون الحكم ، لذا من غير المنطقي أن نفترض أمكانية تساهل الإدارة الأمريكية في تعاملاتها مع النظام الجديد ، لمجرد أن الثوة اسقطت النظام الذي كرسوا العديد من عقوباتهم ضده ، ولا لأن سيادة الدولة لازال يجلس على قمتها عسكريون ، ولا لأنهم يرغبون في أن تصل الحركات الحاملة للسلاح إلى مقاليد الحكم في البلاد كما تظنت تلك الحركات ، استراتيجية الإدارة الأمريكية تتطلع لنظام سياسي حاكم يسطر عليه وسطيون لا هم من أتباع الاسلام السياسي ولا أتباع اليسار ، إنهم عالمون بطبيعة حكومة الثورة ووجهتها الغالبة ، حتى وإن ضمت قواها الثورية تحالفات بينها الكثير من التناقضات الفكرية ، ومن جهة أخرى أتمنى ألا تقع الحركات المسلحة بدورها في هذا الرهاب المفاهيمي ، لأن هوية أكثريتهم كما أسلفت ليست مجهوله لديهم ، لذا عليهم ألا يستمروا في إسناد ظهورهم على العقوبات الأمريكية كما كان الحال إبان عهود الانقاذ المظلمة ، وليتهم يتعظون بمقولة منسوبة للرئيس المصري السابق حسني مبارك ( المتغتي بالأمركان عريان ) ، إن موقف الإدارة الأمريكية لن يتبدل تجاه السودان ، لأنهم مدركون في حال نجاح حكومة الثورة في الوصول لحلول ناجزة للأزمة الأقتصادية ، واتفاق يحقق السلم الوطني مع الحركات الحاملة للسلاح ، فلا يعنى لهم ذلك سوى أن حكم البلاد قدم على طبق من ذهب لليسار السوداني الأكثر بروزا في الساحة السياسية الآن ، وربما تطور الأمر لنظام أكثر سوءا من نظام اليمين المتطرف الذي حكم لثلاثين عاما بقبضة السلاح ، قد يقول قائل إن الإدارة الأمريكية تعاونت مع الحركات المسلحة ولو من باب الضغط على الحكومة لانجا ز السلام ، ولكن كان هذا صحيحا قبل سقوط الانقاذ ، أما الآن وقد حدث التغيير ، لن يدّعوا هذه الحركات تصل لسلام مع حكومة الثورة ، حتى لا يتحول الحكم لنظام يساري كامل الدسم بشقية المدني والعسكري ، سوف تستمر عصا العقوبات مرفوعة إلى أن تبرز فئة وسطية ، لا هي يمينية متطرفة ولا هي يسارية التوجه بها يحدث توازن القوة ، عندها فقط يمكنهم النظر رفع العقوبات وتقديم الدعم بما يثبت أركان الحكم ، والمؤسف لا يهمهم كثيرا أن يكون الوسطيون هؤلاء من ذوي الميول اللبرالية أو ياقات العسكر الشمولية ، فقط وسطيون ، يبعدون عن الحكم شبح الإسلام السياسي واليسار معا ، لعل الوقوف على تلك المعاني وفهمها مهم للشعب السوداني وثواره من المدنيين والعسكريين والحركات المسلحة على حد سواء ، حتى يتبينوا طريقهم بحسبانهم أهل الخيار والاختيار في توجيه بوصلة الحكم.