ما أصعب أن تتعامل مع الجهل ؛ والجهل يندغم بالتعبير ، والتعبير لغة حيث يتلاغى الناس ليتدافعوا بها ولذلك يقولون أن كل خطاب يتسم بالعنف حتى عندما يكون بين حبيبين. هناك إثنان يجب أن يكون المرء صادقا معهما عندما يلجأ إليهما ، الطبيب والمحامي. ولكن هذا لا يحدث في الغالب. يأت الموكل ليطرح قضيته من وجهة نظره هو ؛ وهو يأتي مسبقا لا لكي يعرف أنه سينتصر في دعواه أم لا ، بل يأتي ليؤكد فقط نصره مسبقا. الموكل العكليتة هو الذي يأتي للمحامي فيلف ويدور ويدور ويلف ولا يجيب على أسئلة المحامي بشفافية ، لديه اعتقاد أنه يفهم أكثر من المحامي وأنه مصيب دائما وأن المسألة محسومة وأن القضية بسيطة. اذهب أيها المحامي وارفع الدعوى وقل لهم ما قلته لك واحصل على الحكم وشكرا. أغلب من يخسرون دعاواهم ينسبون الفشل للمحامي ويلجأون لمحام آخر ، فيضطر المحامي الثاني للإطلاع على محاضر الجلسات ويكتشف أن قصة الموكل مختلفة تماما عما سرده له. يستمر الموكل في شعوره بالخذلان بسبب خسارته للدعوى من مرحلة لأخرى. وهو لا يعرف أن عكلتته هي التي أدت إلى توجيه الدعوى إلى وجهة خاطئة منذ البداية. لذلك فعل المحامي دائما أن يتعامل مع موكليه بحصافة. إن الموكل أكثر صعوبة من الخصم الذي سيرفع المحامي الدعوى ضده ، وترويض الموكل العكليتة أكثر أهمية من خوض الدعوى نفسها. لأن هذا النوع من الموكلين يخفي الحقائق والأدلة ويكذب في الوقائع ويدلس في كلامه. لذلك فالأسلم للمحامي هو أن يبدأ حوارا طويلا مع موكله قبل اتخاذ قراره باتخاذ الإجراءات القانونية. اولا: يجب على المحامي أن يتعامل مع الموكل بعقلية خصمه. أي كلما اكتشف ثغرة في كلام الموكل عليه أن يفاجئه بالسؤال عنها ولا يتركها لتعبر. ثانيا: الاستماع لشخص آخر قريب من الموكل أو من اعتبره الموكل شاهدا على الوقائع القانونية أو الواقعية التي تمت. ثالثا: قبل أن يفهم المحامي إدعاءات موكله عليه أن يفهم شخصية موكله قبل كل شيء. وأن يؤسس قبوله أو رفضه لوكالته على أساس شخصية الموكل لا الملابسات فقط ، لأن شخصية الموكل هي التي سيحتك بها المحامي طوال إجراءات الدعوى أكثر من خصمه وأكثر من الدعوة نفسها. هناك موكل يغالط دائما في مسائل قانونية ، وهذا من الأفضل أن ترفض قبول دعواه لأن لديه اعتقاد بأن القانون مثل قيادة الركشة. هناك موكل يكذب كثيرا ويتذاكى بشكل غبي وهذا أيضا من المفترض أن تطلب منه بكل احترام أن يلجأ لمحام آخر. هناك موكل يعتقد أن المحامي يجب أن يكون ####################ا يقدم الرشاوي ويشتري شهود الزور ويغير في الأدلة ...الخ وهذا أيضا يجب الابتعاد عنه. هناك موكل يعتقد أنه اشتراك بمجرد توكيله لك وأنك يجب أن تتفرغ له هو وحده بالكامل وأنك يجب أن تكون متوفرا له خمسا وعشرين ساعة في اليوم وثمانية أيام في الأسبوع ، هذا أيضا عليك بالنأي عنه. إن أصعب ما يواجهه المحامي هو أنه يلتقي بعشرات الأصناف من البشر يوميا ، مجبرا على أن يتعامل مع اللص والكذاب والأمين والصادق والمحترم وال#################### والمجرم والقديس. وهذا أمر يتطلب مهارة كبيرة ومرونة عالية. لذلك فمن أهم النصائح للمحامي هو ألا يهتم بالكم وإنما بالنوع. وألا يهتم بقبول تمثيل كل من يدخل إلى مكتبه بل عليه أن يحصحصهم ، فسمعة المحامي لا يحددها عدد الموكلين بل نوعية الموكلين.
العنوان
الكاتب
Date
كمحام..كيف تتعامل مع الموكل العكليتة؟ بقلم د.أمل الكردفاني
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة