| 
 | Post: #1 Title: اربعين ليلة و ليلة! بقلم اد/ علي بلدو
 Author: علي بلدو
 Date: 09-11-2019, 07:06 PM
 
 
 07:06 PM September, 11 2019  سودانيز اون لاينعلي بلدو-السودان
 مكتبتى
 رابط مختصر
 
 خواطر  طبيب
 
 
 بينما كانت سماء الخرطوم تتلالأ بنجومها الناصعة و التي بدت كعقد من الماس  يتهادى بين غلائل السحاب و القمر’ و بينما كان الليل البهيم يواصل معركته الخاسرة مع جحافل الصبح المبين ’ لتبدو  ستائر الليل المنبلجة عن ضوء الصباح و كانها عرائس غسق تطارحها الهوى اشباح الظلام.
 كل  ذلك و شباب امنوا بربهم  و زادهم الشعب هدى’ جلسوا على الارض حتى لا يدخلهم اهل المدينة الظالمة و شيطانها الاكبر و راقصتها الاثمة في ملتهم المنحلة و الضالة و فكرهم المريض و نفوسهم المضطربة’ افترشوا الارض ثباتا و التحفوا السماء شموخاً’ و نظروا باعينهم على مد البصر ليستشرفوا ملامح السودان الجديد الذي ليس فيه سيدة او سيد, سودان العدالة و الحرية و السلام’ وطن ارادوه كما اراده لهم شاعر الشعب و الامة:
 
 وطن حدادي مدادي    ما بنبنيهو فرادي
 و لابالضجة في الرادي  وطن شامخ وطن عاتي
 وطن خيرٌ ديمقراطي
 كل ذلك و هم يتماسكون على الوجعة و يتقاسمون الهجعة ممنين النفس بيوم جديد تبزغ فيه شمس الحق بعد ان اظلمت علينا ثلاثين عاماُ ’ لم تكن فيها الشمس هي الشمس و لم يكن فيها لاالقمر هو القمر و لا السماء السماء,كان كل شئ قاتما مكفهرا’ كما وجوه اخوان الشياطين و اخوات الابالسة الذين و اللائي حثموا و جثمن على صدورنا سنينا عددا و لم نجد من ضمنها و لو عاما واحدا ليغاث فيه الناس او فيه يعصرون ’ بعد ان اعتصرهم اخطبوط الهوس الديني و ضلالاات الافكار التي جاء بها كبيرهم و شيطانهم الاكبر.
 منهم من نام على امل شرب شاي الصباح باللقيمات و قهوة الاصحاب و الثوار:
 و في واديك ذاك الحوش     احب الشاي مع القرقوش
 متذكرا امه التي تركها في البيت على امل النصر و العودة.’و منهم من اراد ان يستيقظ على حلم كبير ووطن عريض’ و لكن كان للغدر و الخيانة كلمتها التي ظلت تتردد في البلاد لعشرات السنين’ و جاءت خفافيش الظلام و افاعي الخديعة و الفجيعة و الدم’ و ضباع المنكر و الفاحشة و الرذيلة’ و خنازير الشهوة و المال و المنصب’ جاءوا كلهم بليل ليغتالوا الامل و يذبحوا الحلم و يطلقوا نيران الخسة على المستقبل و يخنقوا الطريق بلا رحمة او هوادة’ و بلا ادنى درجة من الشرف و الكرامة و الاخلاق و هم ينتاشوا العزل و يطاردون  الحرائر مجسدين البربرية و البوهيمية في ابشع صورها و ليجعلوا المغول و التتار يتوارون خجلا مما فعلوا ومما لم يخطر لهم على بال.\
 اربعين ليلة و ليلة و نواح امهات الشهداء يشق ليالي الخرطوم و مدن الوطن المكلومة’ بعد ان جعل  هؤلاء القوم في كل بيت سوداني خنساء تبكي بحرقة:
 
 قذىً بعينيك ام بالعين عوار    ام ذرفت ان قد خلت من اهلها الدار
 تبكي خناس على صخر و حق لها    اذ رابها الدهر ان الدهر ضرار
 يا وارد ماء قد توارده     اهل الموارد ما في ورده عار
 ام لم ترى من قتل ابنها و من سرق حلمها , ام لم تقتص من المجرم و الذي يتنعم بالمخصصات و الحوافز و يرفل في النعيم و كانه لا يعلم ان جدارا من رصاص و حبالا للقصاص ستناله و ان طال الزمن.
 اربعين ليلة و ليلة و العديد من الا سر لا تعلم عن ابناءها و بناتها شئياٌ’ هل ماتوا او قتلوا’ هل ابتلعهم اليم بعد ان قيدت اقدامهم الطاهرة بالحجارة و الجنازير’ هل زج بهم والينا المعظم في سجونه الكثيرة فوق الارض و تختها’ ام قد احرقهم اصحاب الاخدود بالنار و الجنود’ ام هل القوا بهم في مقابر جماعية دون شاهد و لا صلاة في ضواحي الخرطوم’ ام انهم يا ترى قد حملوها لكبيرهم في محل اقامته الاختيارية ليبرهنوا له على ولاءهم له  و ان المسرحية تجري على قدم و ساق.
 اربعين ليلة و ليلة و لا يزال والينا المعظم يجمع حوله اللصوص حتى وصلوا هم ايضا لاربعين حرامي و حرامي  بمسميات و هيئات و تنسيقيات و تحالفات شتى’ و لعله عندما يمر بذلك الشارع بموكبه و زينته  سيتذكر من اسم الشارع ايضا هذه الاربعين و يعلم وقتها ان من مر قبله بهذا الشارع  يجعله موقنا انه ايضا سيلحق به  ليلا او صبحاً و ان موعده و لصوصه الاربعين الصبح ’ او ليس الصبح بقريب!!
 | 
 |