الحزب الشيوعي السوداني وإصلاح الخطأ (3-3) بقلم د. أحمد عباس أبو شام

الحزب الشيوعي السوداني وإصلاح الخطأ (3-3) بقلم د. أحمد عباس أبو شام


08-27-2019, 07:08 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1566929283&rn=1


Post: #1
Title: الحزب الشيوعي السوداني وإصلاح الخطأ (3-3) بقلم د. أحمد عباس أبو شام
Author: أحمد عباس أبو شام
Date: 08-27-2019, 07:08 PM
Parent: #0

07:08 PM August, 27 2019

سودانيز اون لاين
أحمد عباس أبو شام-UK
مكتبتى
رابط مختصر




دأب السكرتير السياسي للحزب الشيوعي السوداني، وبصورة راتبة في مؤتمرات الحزب الصحافية الهجوم على الرأسمالية والإمبريالية العالمية بصورة تذكرنا بالأدب السياسي في فترة الستينات والسبعينات من القرن المنصرم، عندما كانت استراتيجية الحزب الشيوعي تدعي أن الصراع العالمي هو بين معسكرين: المعسكر الاشتراكي وحركات التحرر الوطني العالمية والأحزاب الشيوعية والعمالية في الدول الرأسمالية من جهة ضد الدول الرأسمالية والإمبريالية من جهة أخرى، إلا أن هذا الفهم قد تجاوزه الزمن وتجاوزته حقائق العصر والتطورات الهائلة التي حدثت على مستوى الوطن والإقليم والعالم. فلم يعد هناك معسكر اشتراكي حليف، فلقد انهارت كل أنظمة الحكم في أوروبا الشرقية وتفككت دولها بفعل التناقضات الداخلية والأزمات الهيكلية وانعدام الديموقراطية وتفشي الفساد.
الدولة الوحيدة ذات النظام الشيوعي هي الصين أصبحت تنتهج نظام رأسمالية الدولة، وتقوم بأبشع أنواع الاستغلال الاقتصادي، وتدمير البيئة لدول العالم الثالث بصورة أكثر فظاعة وإجراما من الاستعمار التقليدي، كما انهزمت أنظمة حركات التحرر الوطني العربية والإفريقية وانحسر دور الديموقراطيين الثوريين في المنطقة، وبفضل انتصار الثورة العلمية التكنولوجية حدثت تطورات عاصفة في تركيبة الطبقة العاملة، ونتيجة لتطور وسائل الانتاج تضاءل وتراجع دور البروليتاريا التقليدي وصاحب ذلك نموا مضطردا للطبقة الوسطى واتسع تأثيرها في الحياة العامة والسياسية، كما تعاظم دور الدول في توفير وتوسيع الضمانات الاجتماعية وحماية الحقوق.
شهدت السنوات الأخيرة تدفق الملايين من شباب وشابات العالم الثالث إلى الدول الرأسمالية والذين أصبحوا يستجيرون بدول الاستكبار، حيث تستضيف هذه الدول أكثر من ثلاثة ملايين سوداني ومن بينهم مئات الشيوعيين، وفرت لهم هذه الدول الاقامة والاستقرار والرعاية والعيش الكريم. كما لا يفوتنا أن نذكر قادة الحزب الشيوعي بأن هذه الدول سهلت واستضافت جل اجتماعات ومؤتمرات أحزاب المعارضة السودانية، كما فتحت سفاراتها في الخرطوم أبوابها لوفود الأحزاب السودانية، وساهمت في قيام بعض منظمات المجتمع المدني، ومنظمات الإغاثة. ولا يفوتنا إلا أن نشيد ونشكر دول الاتحاد الأوروبي ودول الترويكا على وقوفهم ودعمهم السياسي والمادي والمعنوي للثورة السودانية، ونتطلع للمزيد من دعمهم في رفع العقوبات عن السودان، وتخفيض الديون وإلغاء أعبائها، ومنح القروض الميسرة، وذلك للمساعدة في رفع المعاناة عن كاهل شعبنا ومساعدته على النهوض في فترة الانتقال وما بعدها.
إذا كانت استراتيجية الحزب الشيوعي في مبتغاها هي هزيمة الامبريالية ودحر الرأسمالية العالمية، فإننا كشعب، وفي ظروف التخلف والفقر والمعاناة من ويلات الحروب والانهيار الشامل الذي حاق بوطننا لا نريد أن نزايد ونكون كالعنز التي تناطح الصخر، لأن السياسة يجب أن تتسم بالواقعية والموضوعية وأن تعلو مصلحة الوطن على أيديولوجية الحزب.
لقد اختار الشيوعيون السودانيون الإبقاء على حزبهم بشكله الكلاسيكي اسما ومنهجا وتوجها أيديولوجيا، وهذا خيارهم الديموقراطي الذي لا نهدف إلى منازلتهم فيه، بل نحترم خيارهم هذا وإن لم نكن على توافق معهم، ويحق للشيوعيين السودانيين أن يفتخروا بالمآثر التي جسدوها على أرض السودان، بالرغم من التضحيات الجسام والجراحات والقمع وقيود العمل السري الطويلة. ومكابر من ينكر تلك التضحيات أو ينكر دور الشيوعيين السودانيين الايجابي في الحياة السياسية والنقابية والذي أكسبهم ثقة واحترام وتقدير شعبهم، إلا أن عليهم أن يستيقظوا على حقائق العصر والمستجدات التي طرأت على الخارطة السياسية السودانية، وذلك لتصحيح المسار حتى يتمكنوا من لعب دورهم المناط بهم في الحياة السياسية وفي رسم ملامح مستقبل السودان.
لا يساورني شك في أن الشيوعيين مدركين للقضايا التي ستواجه السودان في فترة الانتقال، وهي قضايا شائكة ومعقدة، الصراع حولها بين القوى التي تتطلع إلى التغيير، والقوى المحافظة على القديم ستكون أشد ضراوة وأكثر حدة، وسوف يحتدم الصراع عند صناعة الدستور وصياغته، وفي مقدمة هذه القضايا: مسألة فصل الدين عن الدولة، وتأسيس الدولة المدنية، والصراع حول النظام البرلماني والرئاسي، وقضايا التطور الاقتصادي، وتفعيل دور القطاع العام والتعاوني وتأسيس دولة الرعاية الاجتماعية. كل هذه القضايا تستوجب توحيد وتمتين تحالف القوى الديموقراطية، مع توسيع الممارسة الديموقراطية وتعضيدها، مع احترام التباين والاختلاف داخل هذا التحالف.