| 
 | Post: #1 Title: و اخيراً .. عاد الانجليز! بقلم اد/ علي بلدو
 Author: علي بلدو
 Date: 08-20-2019, 03:04 PM
 
 
 03:04 PM August, 20 2019  سودانيز اون لاينعلي بلدو-السودان
 مكتبتى
 رابط مختصر
 
 خواطر طبيب
 
 
 على الرغم من ان السودان كان مستعمرة بريطانية نالت استقلالها وفق ترتيبات عالمية و تفاهمات بين مكونات شتى, و بالرغم من الفظائع التي ارتكبها الخواجات ضد ابناء شعبنا و قمع الثورات الحقيقية كثورة الدينكا و النوير و النوبة و ثورات النيل الازرق و التي لم تجد حظها من الاحتفاء لاسباب معروفة للجميع من اهل الحظوة و اهل الهامش كذلك’ على الرغم من كل ذلك الا اننا هوىً و تعلقاً من الكثيرين من ابناء البلاد بهم و حب عميق يتغلغل في دواخلهم منذ ذياك الزمان و الي اليوم ’ مع اختلاف الاسماء و المسميات و الاحزاب طبعاً .
 عمد الانجليز بدايةً الي سحق  الهوامش و محق تراث و ثقافة الاطراف انتصاراً لثقافات اخرى وافدة لم تكن موجودة في السودان في بداية الامر, و تم الاحتفال و الاحتفاء ببطولات  سيدة باعتبارها بطلة اسطورية على الرغم من انها لم تقم سوى باطلاق زغرودة عند مرور جيش اهلها  الذين قاتلوا لاجل ارضهم و محاصليهم و مصالحهم الخاصة و ليس لاجل البلاد ككل.
 في حين اندثر ذكر و بطولات ( مندي) بنت السلطان و التي حملت السيف و قاتلت و رضيعها على ظهرها ليستشهد الاثنان’ و لم تنل حظاً من الاحتفاء سوى بمقطع من جلالة عسكرية لم يعد يتذكرها حتى افراد سلاح الموسيقى انفسهم’ و كانها من عناها من قال:
 ااحرامٌ على بلابله الدوحُ    حلال للطيور من كل جنس
 و اقتنع بعدها اهل تلك المناطق بانهم شعب الانجليز المختار ’ فصاروا هم طلاب المدارس و كليات الشرطة و الادارة’ و تخرجوا كباراً للموظفين و الادارين و المحامين و المعلمين’ و فوق كل ذلك انجليزاً من الدرجة الاولى.
 و تم تعيينهم حكاما و مفتشين  لمناطق لا يمتون لها بصلة و لم يالفوها و لم تؤلف لهم, و احدثٌ هذا شرخاً كبيراً و خصوصاً بعد التعامل المتعالي و المتكبر الذي مارسه اولئك الخريجون الذين تاثروا بانجليزهم في كل شئ’ كلاماً و سلوكا و طبيعة السكن و الذي اغلقوا عليهم ابوابهم حتى من اهلهم و عشيرتهم الذين كانوا ياتون لزيارتهم من فترة لاخرى’ و لكنهم عادوا بخفيٌ حُنيْن!
 ارتدى اولئك القوم لبس الفرنجة و لباسهم و حتى ربطة عنقهم و غليونهم و سيجارهم و ما يشربون, و شدوا الرحال في كل وقت و حين لعاصمة الضباب و نالوا جنسيتها و هم فرحون و مغتبطون, و تزوجوا منهم و عاشوا معهم و بهم’ و صاروا انجليزا سمرا و سود ’ ليس اكثر!!
 و عندما قرر الانجليز انه قد ان اوان الرحيل و حزموا امتعتهم على مهل و حددوا يوم رحيلهم في 1956م اخذوا علمهم فقط و لكنهم تركوا ابناءهم ليعيشوا هم و احفادهم كتواصل لتلك الحقبة المظلمة, و لم يمر علي رحيلهم يوماُ او بعض يوم , حتى طالب احد الاحزاب الطائفية العريقة ان ننضم تحت التاج البريطاني كنكاية في الحزب الاخر و الذي راى انه من الخير لبلادنا ان تقبع تحت الطربوش المصريٌ و تتم الاستفادة من عائد العمالة لابناء شعبنا هناك كبوابين و سفرجية و جناينية و طباخين و مرمطونات و غيرها و ينال سيدنا و دائرته الجهنمية نصيبه اولاً و الباقي  او ما تبقى للوطن’ فما كان للوطن يصل للسيد و ال بيته’ و ما كان لمولانا و ستنا  لا يصل للوطن, الا ساء ما يحكمون!
 و تواصل الامر في باقي الحقب السياسية حتى المنقضية حديثاً و التي راينا فيها اشخاصاً في وظائف و مناصب سيادية حساسة في الامن و الدفاع و الداخلية و الخارجية و الاقتصاد و هم يحملون الجنسية الانجليزية و يقسمون بالولاء للملكة و ان يحفظها الله’ و لا يظهرون جوازهم السوداني الا عند الحضور للبلاد ’ حتى لا يتسخ جوازهم الاصلي البريطاني بتاشيرات دول مثلنا.
 و الان و في العهد الذي يظنه الكثيرون جديداً لم يختلف الكثير’ فابناء الانجليز السمر و اصحاب الجنسيات الاخرى هم من يمسكون بمفاصل الحراك السياسي’ و يستمر الامر بعد ان عاد الانجليز مرة اخرى للحكم و لكن  باشكال جديدة ’ ليس فيها البرنيطة  و القبعة و انما اكثر’ و لا يسعنا الا ان نبارك لهم العودة و ننشد معهم سلامهم الوطني متمنين لهم دوماً ان يحفظ الله لهم الملكةٌ!!
 | 
 |