من يعيش في بلاد الغربة ثم يعود للوطن يجد الكثير والكثير من الاختلافات في أساليب التفاهم والتواصل بين الناس .. حيث هنالك الكلمة وغطائها تكفي لإيصال المفهومة .. أما هنا في السودان فقد تعود الناس أسلوب التكرار والإعادة لنفس الموضوع مرات ومرات بطريقة مملة وممجوجة .. وخاصة إذا كان الموضوع متعلقاُ بخبر جديد يجلب الإثارة !.. فكأن الإنسان السوداني لا يملك المقدرة في الاستيعاب السريع .. أو لا يملك المقدرة في توصيل المفهومة بطريقة سريعة !..وتلك حالة تمثل نوعاُ من الغرابة في حوارات أهل السودان !.. ومن يتشكك في تلك الظاهرة عليه أن يراقب الحوار بين الناس في التجمعات السودانية أو في المناسبات أو في المرافق العامة أو في الأحياء أو في المساجد ودور العبادات أو في المقاهي والمطاعم .. فمن المستحيل أن يكتفي المتكلم السوداني بالخبر الجديد من أول مرة .. بل لا بد أن يكرر ذلك النبأ والخبر لعشرات المرات !! .. وقد تعود الأذن السوداني الاستماع للخبر المتكرر بنوع من النشوة والارتياح .. وقد يطلب السامع المزيد والمزيد من التكرار والإعادة دون أي تأفف أو تذمر .. ومثل ذلك الإسراف والإسهاب في نقل الكلام ونقل الخبر بطريقة متكررة غير مستساغ لدى الآخرين في بلاد العالم .. بل قد يجد البعض تلك الظاهرة نوعاُ من التخلف وقلة المقدرة الذهنية والاستيعاب .. والأعجب من ذلك أن البعض من الناس في البلاد المتقدمة ( في الغرب والشرق ) قد اكتسب مع مرور الأزمان نوعاُ من سرعة البداهة والنباغة في تلقي الجديد من الأنباء بمجرد الإشارة والتلميح !.. ولا يحتاج أطلاقاُ لذلك النوع من التكرار الممل .. وبالمنطوق السوداني فقد تلاشت لدى الآخرين في دول العالم كثرة ( اللت والعجن ) في الكلام .. ولكن هنا في السودان مازالت تلك الظاهرة قائمة ومحتكرة على أشدها .. ومتمكنة لدى الأغلبية .. أما البعض من الناس فقد بدأ يتذمر من تلك الظاهرة ومن ذلك التكرار الممل .. ولكنه في الغالب لا يتجرأ بالإفصاح .. بل قد يسخط من ذلك التكرار ولسان حاله في السر يقول : ( ما خلاص عرفنا !! ) .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة