|
Re: النخبة السودانية وجدلية الفشل والنجاح بق� (Re: فتحي الضَّـو)
|
يسمع الشعب السوداني اليوم نفس العبارات التي يرددها البعض كالببغاوات في كل مراحل الانتفاضات بالسودان ،، وتلك العبارات تحتاج اليوم إلى وقفة تأني ودراسة عميقة ,, ولا يجوز مجاراة تلك الأبواق التي تعودت أن تردد عبارات معينة غبية كالأعمى الذي لا يعرف الاهتداء إلا بالعصية ،، نسمع تلك الأبواق تردد عبارات لا معنى لها إطلاقاُ .. وهي عبارات عهدها الشعب السوداني في خضم كل الانتفاضات التي جرت في السودان من قبل ،، حيث يحلو للبعض من بسطاء الشعب السوداني ترديد وتكرار عبارة : ( سلموا السلطة للمدنيين فوراُ ) ،، وكأنهم بذلك النداء يحققون طموحات وآمال الشعب السوداني ،، وذلك الأمر يجافي الحقيقة جملة وتفصيلاُ .. وهي نفس العبارات الغبية التي رددها البسطاء من أبناء الشعب السوداني عند إسقاط حكومة الفريق عبود الديكتاتورية ،، حيث الإصرار الغبي البليد بتسليم الحكم للمدنيين دون شروط وضمانات يحفظ حقوق الشعب السوداني ،، فكان ما كان ،، وتم تسليم الحكم للمدنيين حسب رغبة هؤلاء البلهاء الذين يتعجلون الأمور لمجرد الحماس في الفارغة ،، فكانت الحكومة الانتقالية بقيادة ( سر الختم الخليفة ) ،، وفي ٍأعقابها كانت السلطة في أيدي الأحزاب السودانية حيث المهزلة والبهدلة التي أضاعت وقتلت ثورة الشهداء في أكتوبر 64 ,, ونفس التجربة تمت عند إسقاط حكومة النميري الديكتاتورية ،، حيث كالعادة كان الأغبياء ينادون بتسليم الحكم فوراُ للمدنيين ،، ثم كانت الفترة الانتقالية بقيادة المشير ( سوار الذهب ) ،، وبعد الفترة الانتقالية جرت مهزلة الأحزاب السودانية كالعادة ،، والآن يردد البعض نفس العبارات ( سلموا السلطة للمدنيين فوراُ ) كالببغاوات ،، ولا يفكر أحدهم إطلاقاُ ويسأل النفس يوماُ : ( ماذا استفاد الشعب السوداني من تسليم الحكم للمدنيين فوراُ في تلك التجربتين السابقتين !! ؟ ) ،، غير الخيبة والفشل والضياع ؟؟ ،، ولماذا لا يتعظ إطلاقاُ إنسان السودان من حالات الفشل التي تلاحق كفاح الشعب السوداني كل مرة حين يسلموا الحكم للمدنيين فوراُ استجابة لمطالب أغبياء الناس ؟؟ ،، ذلك التسليم الحماسي البليد الذي يسلم الحكم للمدنيين دون شروط يلتزم بها هؤلاء الخبثاء ،، وبالتأكيد فإن الذي ينادي بتسليم الحكم للمدنيين فوراُ هو جاهل بالفطرة وذلك الجهل هو سبب قتل الثورات السودانية في مهدها ،، عقلاء الناس ينادون اليوم بالصوت العالي المرتفع ويقولون : ( اللعنات على مسمى الحكم المدني لمجرد التسمية الغبية ) ،، وهو الشعب السوداني الذي لا يريد هذه المرة أن يسلم الحكم للمدنيين في طبق من ذهب كالعادة ،، بل يريد الضمانات والتعهدات من قبل أية جهة مدنية أو عسكرية مهما تكون تلك الجهة ،، وبالتالي لا يريد الشعب تسليم الحكم للمدنيين لمجرد نداءات البسطاء من الناس ،، ولا يسلم الحكم كذلك للجيش السوداني لمجرد أهواء العساكر ،، بل يريد الشعب السوداني تعهدات وضمانات من هؤلاء وهؤلاء .. لا بد من أن يلتزم الجيش بمهام الدفاع عن الوطن .. وكذلك لا يسلم الحكم لأية جهة مدنية لمجرد العناد ولمجرد إظهار العضلات أمام الجيش السوداني ،، ولكن بلا بد من الضمانات والتعهدات من كل الجهات ،، وعليه نرجو أن يكف هؤلاء البسطاء من ترديد تلك العبارات الغبية : ( سلموا السلطة للمدنيين فورا ) ،، وكأن المدنيون في السودان يمثلون الملائكة الكرام !.. والشعب السوداني يعلم جيداً أن المدنيين يمثلون اللعنة الحقيقية في كل تجارب الانتفاضات السابقة ،، كما أن الشعب السوداني يعلم جيداُ أن الموت والهلاك والخراب يكمن في تسليم الحكم للمدنيين فوراُ دون أي قيد أو شرط .. وقد يقسم الإنسان السوداني بالله صادقاُ إذا أقسم بأن اليوم الذي يتم فيه تسليم الحكم للمدنيين في السودان هو يوم الموت والإقبار لانتفاضة الشعب السوداني ،، وذلك القسم مرده التجارب المتكررة السابقة .
يوسف ناصر حسن
|
|
|
|
|
|