غربة وطن ... ؟ !! - - بقلم هيثم الفضل

غربة وطن ... ؟ !! - - بقلم هيثم الفضل


12-25-2018, 05:04 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1545710651&rn=0


Post: #1
Title: غربة وطن ... ؟ !! - - بقلم هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 12-25-2018, 05:04 AM

04:04 AM December, 24 2018

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر



سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة



لماذا نشعر بالحنين لأرضنا الأم و نحن في إغتراب بعيدين عنها ؟ ، و لماذا يتحيَّز الإنسان دائماً إلى مسقط رأسه دون الأقاليم الأخرى ؟ ، و لماذا نعتقد دائماً أن البيئة التي نشأنا فيها و تربينا فيها الأمثل و الأوفق بين كل أشكال البيئات التي ننتقل إليها أو تحيط بمكان تواجدنا ؟، هل هي الفطرة الإنسانية التي تعمل بالضرورة على الربط العاطفي غير المشروط بين الإنسان و الوطن ؟ أم أن الأمر مجرد حالة تعوُّد و تجانس مصطنع أو مكتسب يربط الإنسان بالمكان الذي في ما بعد أُطلق عليه ( وطن ) ، و هل الوطن مجرد مكان و جغرافيا و تضاريس و مناخ ؟ ، أم هو مرتبط بأشياء أخرى كالمجتمع أو الناس من حولك الذين يشاركونك فيه ، و هل للزمان مكان في تحديد إرتباط العاطفة الوطنية بالإنسان ؟ ، أسئلة كثيرة و متشابكة ، دارت برأسي و أنا أتابع عن كثب تطور فكرة ما كنا نسميه بالإغتراب في زمان سابق ، عند الشباب إلى مفهوم آخر يشبه أو يُطابق ما أتفق عليه إصطلاحاً بالـ ( الهجرة ) .. و للوهلة الأولى يبدو الفرق واضح بين المصطلحين أو المفهومين ، فالإغتراب مؤقت و أسبابه محدده و أهدافه معروفة و مدته تنتهي في العادة بإنتهاء أسبابه ، أما الهجرة فهي على ما يبدو من ما يتحدث به شباب اليوم فإنها نهائية و غير محدده بأهداف مرجوة ( كل المطلوب الإبتعاد عن دائرة العجز و اللا مستقبل ) ، إذن فالأمر على ما يبدو ثقافة جديدة تلعب فيها الدولة دوراً غير مباشراً لما آلت إليه الحالة الفكرية و الثقافية و الإقتصادية للشباب السوداني ، فالظلامية المترامية في مستقبل السواد الأعظم من جيل اليوم المنتمين إلى قوائم تصنيفية مختلفة ، خريجون و حرفيون و فلاحون ورعاة و غيرهم ، لا إشارات واقعية تشير إلى أنهم سيحصدون ما حصدته أجيال سابقة و لو على حد الرمق ، فيما يتعلق بتحقيق الأمنيات ( العادية ) و الضرورية التي تكفل لهم مجرد الإنضمام إلى ( أرتال المعذبون في الأرض ) الذين يجوبون شوارع الوجع الرسمي في وطن الهموم و المصاعب الحياتية التي تنقطع ، حتى من ذلك هم مستثنون و لا سبيل لهم للخوض في لهيب المعاناة ، لأن المعاناة في وطننا السودان تبدأ بحصولك على عمل ، و هذا أصبح من المستحيلات إذا لم تكن تحظى بوساطة أو إنتماء سياسي لأهل السلطة و النفوذ ، و لما كانت المناهج المدرسية و ما يُبث في الأجهزة الإعلامية على شتى مشاربها من معالم فكرية و ثقافية ، غير محايدة و لا مأمونة على تدوين سجل التاريخ الوطني الذي سبق و لا محايدة في تحليل ما يحدث الآن من حِراك سياسي ووطني ، كان من الطبيعي أن يؤثر ذلك في عقلية الشباب و عواطفهم الوطنية التي يكنونها للوطن ، لتتقلص حدود الإحساس الوطني في ذواتهم بمطالبهم الشخصية و إحتياجاتهم الأسرية على أقصى تقدير ، سؤال يجب أن يخطر على البال : ما الذي يجعل كل زورق للهجرة السرية إلى أوروبا أو غيرها لا يكاد يخلو من عدد من شبابنا النضر رغم أن نسبة النجاة من الغرق في أغلب الأحيان تكون أقل من 5%؟؟. سؤال آخر أكثر أهمية : ما الذي جعلهم اليوم يؤمنون بالوطن و نجاته من وهدة الفقر و التسلط و الجبروت ؟.