Post: #1
Title: ( تلقائياً ) ... !! بقلم هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 12-20-2018, 05:39 AM
04:39 AM December, 19 2018 سودانيز اون لاين هيثم الفضل-Sudan مكتبتى رابط مختصر صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح –
أنا من دعاة تبسيط الأمور ، و تحليلها إلى عواملها الأولية ، و ليس ذلك بالطبع من باب الإستسهال و التكاسل عن بذل طاقة الجسد و الفكر فيها ، بقدر ما هو جنوح للوصول للحقيقة بأسرع وقت ممكن و لو ضاق ( باب ) الدخول إلى عالمها الساطع ، و كنت منذ زمان ليس بقريب يراودني الشعور بالحزن و الألم كلما تأملت التعقيدات التي وصلت إليها قضية السودان في المجال السياسي بفرعياته المتعددة و التي يأتي في مقدمتها التداول السلمي للسلطة و إحترام حقوق التعدد الإثني و العقدي و الثقافي الذي هو سمة إيجابية تتميَّز بها الأمة السودانية ثم من بعد ذلك الإقتسام العادل للثروة ، و غيرها من الفرعيات التي قد تبدو للمتأمل من الوهلة الأولى كتلة من التفاصيل و التعقيدات التي يصعب أو يستحيل الوصول فيها إلى حلول ناجعة ، خصوصاً إذا كانت زاوية النظر هذي مستصحبة بين طياتها ما تعانية السلطة الحاكمة من داء إرتبط بإستمساكها اللا محدود و اللا مشروط بكرسي الحكم و بالتالي إبتعادها الإستراتيجي عن أيي حلول تدعو للتنازل و التضحية ، و من جهةٍ أخرى تقبع المعارضة على شتى تجمعاتها و أشكالها في نفس المربع المتعلق بفكرة الحصول على نسبة كلية أو جزئية من الوجه الشكلي للمشاركة السياسية و المسمى ( الجلوس على كرسي الحكم ) ، لكل ذلك أقول أن الفرقاء جميعاً في المعترك السياسي ليسوا مطالبين أبداً بالإتفاق على كل شيئ ، بل إن آلية التفاعل السياسي تفرض عكس ذلك من باب أن الإختلاف حول القضايا من منطق ( الجدل ) الإيجابي و الذي أقرته الشريعة الإسلامية ( وجادلهم بالتي كانت هي الأحسن ) ، إذن فالإتفاق على كلمة سواء يجب أن يكون حول الأساسيات التي ستشكل إطاراً دستورياً يرتضيه الجميع ، تنطلق منه بعد ذلك فكرة الإختلاف و الجدل حول الفرعيات مما سينتج نوعاً من الفحص الدقيق للقضايا و يجعل القائمين على أمرها أكثر إطلاعاً على زواياها المختلفة و الخفية ، فضلاً عن بيان و توثيق مواطن المصالح و المخاطر التي تنطوي عليها ، و بالرغم من أن تبسيط ما يجب أن يتفق عليه الفرقاء السياسين ينحصر في جملة واحدة هي ( التوافق على تأمين نظام سياسي عادل في مجال تداول السلطة و التساوي في الحقوق و الواجبات عبر إحترام التعدد بشتى أشكاله و بسط سلطة الدستور و القانون على الجميع ) ، يجعل من السهل أن تحصل الأمة السودانية على إنجاز سريع فيما يتعلق بقضاياها الملحة و المتعلقة بإيقاف الحرب في دارفور مما يسمح بإمكانية نماء إقتصادي ، و كذلك إفشاء نظام ديموقراطي قادر على التعبير الحقيقي عن إرادة الجماهير السياسية ، فضلاً عن إيجابياته المتعلقة بإطلاق حريات كثيرة مستلبة في الأنظمة الشمولية ، من أهمها حرية الممارسة السياسية و حرية التعبير مما يضفي شفافية إجبارية تؤثر إيجاباً في مؤشرات الفساد السياسي و الإداري و الفكري ، كل ذلك جعلني متأكداً أن مجرد الإتفاق العام حول إرساء نظام ديموقراطي و دستور يحترم التعددية ، سيؤدي ( تلقائياً ) إلى تقويم كل الأمور الفرعية ، فكل ما يُبنى على مبدأ العدالة المحضة لن ينتج في شكله و فحواه غير نفس المعنى ، و كل ما بني بالباطل و القسر و الإجبار تشوب نتائجه آفة الردة و النكوص و التوجس ثم التمرد ، إن إشكالية السودان الحقيقية هي إفشاء روح العدالة إبتداءاً من تداول السلطة و إقتسام الثروة و تحقيق الهوية المتعددة في شتى مسمياتها و أشكالها ، بعد هذا سيستقيم أمر كل خلاف ( فرعي ) و سيسهل جداً الوصول فيه إلى حلول سريعة و ناجعة.
هيثم 2.jpg
|
|