| 
  
  | 
  
  
     حق البطالة بقلم حاتم محمد 
   | 
   
   
  03:38 PM October, 01 2018 سودانيز اون لاين مقالات سودانيزاونلاين-phoenix Arizona USA مكتبتى رابط مختصر 
  تقديم : 
  قد تبدو لك الفكرة غريبة بعض الشيء , عزيزي القارئ
  لكن هذه الإحساس ليس سليماً على الطلاق , يمكن مراجعة الاطروحة التي نشرناها سابقاً على صفحات الانترنت :
  الجنيه السوداني التجاري ( فصل الاقتصاد المحلي عن الميزان التجاري العالمي ),,
  Sudanese Trading Pound (STP)
  في المقدمة , اسمحوا لنا أن نذكركم , بأن مصيبتنا الكبرى في السودان , ان السياسية هي التي تقود الاقتصاد , وفي حين إن المنطق يقول : ( أن الاقتصاد هو الذي يحدد ومن ثَم يقود السياسة ) , فعكس هذا المفهوم عبر السنين , رسخ لدى المجتمع السوداني المفهوم البسيط التالي : ( اقصر الطرق للغنى والتمييز , هو ممارسة السياسة ( إن كان ذلك مع الحكومة , أو معارضة , أو حتى التمرد عليهما معاً ) ومن ثم تأتي بعد ذلك المهن الأقل سوءاً , مثل السمسرة , والتجارة السوداء , والمهن الهامشية ... الخ  , الى أن احترف الشعب فكرة ( الدورة السريعة رأسمال ( بيع واقلب القروش ) ).
  في الواقع أن المشاكل الأخيرة التي ظهرت بالمجتمع , تنبع اساساً من الركود الاقتصادي وانخفاض معدلات الإنتاج , وبالتالي شلل السوق المحلي , وما هذه الطوابير الطويلة من العاطلين عن العمل , إلا اخفاق حقيقي لسياساتنا عبر العصور , وليست هذه الحكومة فقط , فتحكم أصحاب رؤوس الأموال في المجتمع , وفرضهم لسياسات هدامه , تمثل نقاط على هذا المنحنى الشاذ , وحقيقةً أن للحكومات المتعاقبة دور جزئي في هذا الموضوع , فالشعب والسياسيون الذين يرمون اللوم على الحكومة الحالية فقط , يتناسون مسئوليتهم اتجاه انفسهم والوطن , لذلك تراهم يتكالبون على المناصب والمساومات السياسية مع الحكومة .
  ونحن نقولها بالمء الفم , إن الضمان الحقيقي للمستقبل ليس في خلق امبراطورية مالية أو اقتصادية كبيرة , يورثها الإباء للأبناء , كما يحاول الكثيرين فعله , - فهذه هي الفكرة المغلوطة ( الغبية ) التي نعيش بها , اثبتت فشلها تام , لكن الضمان الحقيقي , لك , ولي , ولأبنائنا هو أن نترك لم دولة قادرة على السيطرة والدفاع عن مصالحها ومصالح ابناءها , بهذا فقط استطيع ضمان مستقبل ابنائي , وهذه هي الفكرة الرئيسية , الغائبة تماماً , عن المجتمع والساسة والمثقفين ايضاً .
  ما هو حق العطالة ؟
  بمفهوم بسيط جداً , حق العطالة , مبلغ من المال – مرتب شهري – يقبضه العاطلين عن العمل شهرياً , لقد قام به الهندي 1968 م  , واشتهر لاحقاً باسم : ( كادر الهندي ) .
  واكثر ما يحيرني – أنا شخصياً - أن عدد لا بأس به من المعارضين في أروبا تحديداً, يعيشون على حق العطالة هذا , وللمفارقة – يتذمرون بشدة , لا يخجلون عند قول ( أنه ليس كاف ) ويطالبون ببجاحه في زيادته  -  وبما فيهم بعض القائمون على الامر اليوم , فقد درسوا في أوربا , أو زاروها , رأوه واستفادوا منه ايضاً , وعندما نسألهم عن انشاءه في السودان , تأتي إجابة واحدة , كأنهم اتفقوا عليها سابقاً :  لا يمكن أقامته في السودان ؟ الاقتصاد لا يتحمل ؟ تخيلوا !!! مدى السخافة والدهشة ( كفى , لا داعي لأكثر من ذلك )
  تأثير حق العطالة على الاقتصاد ؟
  سنفترض بعض الافتراضات التالية لتقريب المفهوم للناس  :
  1-              حق العطالة سيكون حوالي 500 جنيه , لكل من يجلس في داره ولا يفعل شيئاً يطور من نفسه .
  2-             حق العطالة للذي يطور نفسه 1000 جنيه , ويبحث عن مهن بديلة لمهنته . ملحوظة هذا الحق لكل من يحاول تطوير نفسه , بمن فيهم الاميين والطلبة والدارسين والموظفين ... الخ 
  ·       فحسب التقديرات الأخيرة أن نسبة البطالة في السودان حوالي  20% , وهذا يعني حوالي 5 مليون شخص , وبالتالي سيكون معدلات الصرف من الميزانية العامة حوالي 60 مليار دولار ضمان اجتماعي , في حالة أن جميع العاطلين يحاولون تأهيل انفسهم .
  اليكم مؤشرات عما لما سيحدث :
  1-             ارتفاع نسبة الضخم , هذا امر بديهي , ولكن يمكن السيطرة عليه ايضاً , وهو ليس معضلة , طالما ان المبالغ توجه للإنتاج , *راجع المقال السابق
  2-             ارتفاع الأسعار , لكن عمليا يمكن السيطرة عليها , بمنتجات أرخص أو بديلة تنافس بأسعار تؤدي الى الاستقرار فيما بعد
  3-             ترك الكثيرين لوظائفهم , لان الراتب سيكون ضعيف مقابل الاعانة التي تقدم للذي سيتأهل
  4-             ارتفاع متوسط معدل الأجور , ما يعني أن صاحب العمل سيدخل في مشكلة حقيقية , في ان يضطر الى رفع معدل الأجور , وبالتالي الأسعار .
  لكن بالمقابل لذلك , ستحدث اثار أخرى تحرك المجتمع وتجعله , يعيش في حالة تؤدي الى رفع معدلات الإنتاج في فيما بعد سيكون أولها :
  1-             ستقل معدلات الفساد في المجتمع تلقائياً .
  2-             عودة الامن للمجتمع , لن يضر  الناس للاحتيال ولا المحتاجين للسرقة ومداهمة البيوت , أي سيحدث نوع من الاستقرار الأمني
  3-             سيتمكن العاطلين من العمل , من الحركة وابتداع أفكار تزيد دخلهم داخل السُلم الإنتاجي , بمثال بسيط , فاليوم عدد كبير من المؤهلين لا يستطيعون البحث عن وظيفة , فقط لأنه لا يملك المال الذي يركب به المواصلات العامة , وبتالي ترتفع معدلات المنافسة , وتلقائياً ستقل الأسعار والتضخم فيما بعد .
  4-             ستنشأ مراكز خدمية وتعليمية كثيرة , تقدم تأهيل بديل في مهن حرفية , لا يستطيع الخرجين والفقراء تعلمها مثل الحدادة والنجارة والصيانة والبناء ... الخ , * ملحوظة مهمة : ( هذه المهن هي التي تبني الدول , وليست التجارة , والسمسرة )
  5-             ستنشأ مراكز للبحوث العلمية , بالنسبة للخريجي المهن العلمية , فاليوم عدد كبير من خريجي العلوم والفيزياء والصيدلة والزراعة والهندسة والعلوم التطبيقية , يمتلكون أفكار كثيرة ومثمرة قد تقلب موازين الاقتصاد ليس على المستوى السودان فقط , بل على مستوى العالم , لا يستطيعون الحركة , ولسبب بسيط جداً انه لا يملك ثم تذكرة المواصلات العامة .
  6-             سيتحرك السوق العام ايضاً . فحركة المال الذي سيكون بأيدي هؤلاء الباحثين عن العمل , على الأقل سيكفل لهم حاجاتهم الأولية , مما يعني أن السوق سيكون افضل حالاً , من حالة الركود الحالية .
  7-             سيقل الضغط على ارباب الاسر تلقائياً , وسيجد رب الاسرة وقت اكثر في تأهيل نفسه شخصياً ,  للمشاركة والابداع اكثر , فالجميع يعلمون , أن مصاريف وهموم الابن العاطل عن العمل والمستقبل المظلم الذي ينتظره , اشد وطأً من التربية في حد ذاتها
  8-             ستزيد تحويلات المغتربين , ورغبتهم في فتح اعمال جديدة , ولذلك لانخفاض معدلات انفاقهم , فالضغط عليهم سيقل , إن لم نقل سينعدم تماماً
  9-             هذه المعالجات الاجتماعية البسيطة , لو اتبعتها إجراءات أخرى , ستغير من المجتمع تماماً خلال عدد معين من السنين
  10-        ستزيد من معدلات الهجرة من المدينة الى الريف , حيث يكمن الابداع والإنتاج , تلقائياً .
   
  قد تكون الفكرة جنونية , خلال السنين الأولى , ولكن على المدى البعيد , سيكون لها اثار كبيرة , على الأقل على مستوي الإنتاج المحلي , فهنالك منتجات بسيطة , يمكن انتاجها خارج المدن الكبيرة وبأسعار شبه مجانية , لكن الباحث عن العمل لا يستطيع السفر والاستقرار هنالك , بسبب عدم توفر ادنى حد كرامته .
  هنالك نقاط لابد من ذكرها :-
  ·       أن الحكومة بإمكانها انشاء مشاريع ضخمة , للعمالة السودانية فقط , ستعمل على توظيف هؤلاء الباحثين عن العمل  , في مهن أخرى , غير التي درسوها , مما سينعكس على الاقتصاد مباشرة .
  ·       هنالك نقطة مهمة يجب الإشارة لها هنا , ان سياسيونا , يبحثون عن مكاسب لنيل مراكز سياسية إضافية , لذلك عندما ينفذون شيء , لا يصبون الهدف , بسبب الفكرة الوضيعة التي ينطلقون منها .
   
   | 
 
 
 
 
 
  
  
 
 
 
 
  
 
 
 
 
 
 
 
 
 |  
  
  
   
      
           
  
 
 
 | 
 | 
   |   
  |