غضب انصار ابو قردة من مقالي الذي كتبته عنه ، وقد هاجمني أحدهم هجوما عنصريا ، وللاسف انجررت وراءه بأسلوبه . قام انصار ابو قردة بعمل اسكرين شوت ومحوا تعليقاتهم وبدأوا حملة ضدي مشيعين أنني عنصري. أنا لا أنكر العنصرية ؛ فلا أحد في السودان يخلو من العنصرية ، فالعنصرية إما عنصرية تبادر بالعدوان أو عنصرية مضادة. وان كانت العنصرية فيها الكثير من الجهالة إلا أننا يجب أن ننتبه الى مسألة شديدة الأهمية ؛ وهي أن الشعور بالعنصرية اخطر من العنصرية نفسها. الشعور بالعنصرية نفسها مرض خطير. لأن الذي يشعر بأنه يتعرض دوما للاضطهاد بشكل هوسي ؛ يعلق كل فشله على الآخرين. فكل فشل يمر به يبرره عقله الباطن بالوهم. سواء كان فشل سياسي او مالي او تعليمي او حتى عاطفي... لم يجد أنصار ابو قردة والذين لا يقلون جهالة عنه شيئا سوى محاولات بائسة بأسلحة بدائية جدا... اغلب انصار ابو قردة قليلي التعليم ، وهذا واضح من لغتهم الركيكة التي اقل من لغة طفل في الابتدائي. والحقيقة شعرت بأنهم يعلقون هذه المعضلة على شماعة العنصرية أيضا.. اي عنصرية المكون الشمالي ضدهم. ولذلك فهم لا يتحملون أقل نقد ، ومهما كان نقدك مؤسسا على المنطق فإنهم يأولونه تأويلات بعيدة جدا. قبل ايام علقت على منشور لصديقة وكتبت بشكل عرضي جدا كلمة فأر ، آحدى الفتيات دخلت وبدأت في السباب ونعتي بالعنصري ، فسألت صديق لي عن جوهر غضب هذه المرأة حينها أخبرني بأن كلمة فأر قد تعني (عب) ، بعدها بأيام كتب احدهم على صفحة عقارات السودان خبر القبض على شبكة تزوير ووصفهم بالسحالي ؛ فهاج الكثير من المصابين بطاعون الاضطهاد واعتبروا ذلك عنصرية. وهكذا تحولت كل اسماء الحيوانات والحشرات الى محفزات للشعور بالاضطهاد. حتى ان مجلة ناشيونال جوغرافيك بات عليها ان تغلق قناتها الفضائية حتى لا تتعرض للاتهام بالعنصرية. حقيقة لا يغيظني أكثر من تلك النفوس المريضة التي ترجع كل مشكلة لها الى الاضطهاد. لقد رأينا هذه الموجة من المقالات المريضة التي تهاجم المكون العربي في السودان تارة صراحة وأخرى ضمنا ، وصارت هذه موضة تلقفها حتى المثقفين ، وباتت تطرح بشكل اقصائي متعسف جدا. ورغم أنني لا اكترث كثيرا لمسألة الهوية هذه الا انني قد كتبت عن هذا الموضوع وقلت ان العروبة ثقافة وليست عرقا ، بالاضافة الى ذلك فلا يمكننا ابدا ان نفرض على الآخرين كيفية التعرف على هوياتهم. يمكننا ملاحظة هذا التوهم في مقالات عديدة تتحدث عن (المستوطنين) تارة و (الدخلاء) تارة أخرى و (الغزاة) ، و (المحتلين) ، ... وغير ذلك في محاولة لنفي السودانوية عن الآخرين. صحيح ان كل هذا لن يقدم ولن يؤخر ، فقد سبقتنا مجتمعات أخرى خاضت في نفس ما يخوضه هؤلاء ، وانتهى الامر بابادات ومجازر متبادلة راح ضحيتها ابرياء ، ثم توصل الجميع الى أنه ليس أمامهم سوى التعايش. وهذا ما كنا عليه شاهدين في رواندا ، التي استطاعت تجاوز جهالاتها وضلالاتها السابقة وباتت اليوم تخطو نحو الأمام بخطى ثابتة. لا يمكنك -مهما كان كرهك لعنصر - من عناصر المكون الثقافي لدولة من القضاء على هذا العنصر. هذا مستحيل.. ولذلك فالشعور المرضي السقيم بالاضطهاد لا يؤذي الا صاحبه ، حيث يتفاقم ويتعملق داخل الصدور ، بدون اي متنفس... حتى يتحول الى هوس مجنون لا علاج له. قلت مرارا أن هناك الكثير من المثقفين يستخدمون تلك الفرمانات الجاهزة للتسلق على اكتاف لا وعي العامة عبر استثارة مشاعر العصبية لدى العوام. وهذا أمر مشين جدا ولا يتفق مع الثقافة كوعي عالي بالحقائق على نحو مجرد والثقافة كرسالة توعوية لرفع درجة استيعاب الاختلافات.
العنوان
الكاتب
Date
الى جهلاء ابو قردة... نحن السماء استعصمت بالبعد عنكم بقلم د.أمل الكردفاني
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة