|
آخر مراحل إحتقار الشعب !! ,, بقلم اسماعيل عبد الله
|
10:42 PM June, 14 2018 سودانيز اون لاين اسماعيل عبد الله- مكتبتى رابط مختصر إن اكثر البلايا شراً هي الاكثر اضحاكاً للناس , فمن يعيش طويلاً يرى كثيراً من عجائب الخلق , نظام البشير لم يجد طريقة من طرائق اذلال و احتقار الشعب السوداني , الا و اتخذها سبيلاً لاستهداف المواطن في معاشه وامنه و استقراره , شهدنا تدافع الناس وتزاحمهم في بوابات البنوك وشبابيك اجهزة الصرف الآلي للنقود , و تراصهم في طوابير وصفوف مهينة و حاطة من انسانيتهم , بذلك القدر الذي يطرح تساؤلاً واستفهاماً ملحاً , وهو: اين ذهبت شخصية الانسان السوداني ؟ , تلك الشخصية ذات الملامح المعبرة عن العزة و الشهامة و النخوة ونجدة المظلوم , التي رسمت في عقولنا الواعية والباطنة وترددت على اسماعنا وطافت بابصارنا منذ نعومة الاظفار , هل ضاعت كل تلك الاهازيج القومية والملاحم الوطنية , التي رسخ لها الاعلام و مؤسسات التعليم في وجدان كل الاجيال المتعاقبة , هذه الاهازيج التي من امثلتها : (دخلوها وصقيرها حام) و(فرتاق للصفوف في اقل من لمحة) , فعندما يساوم المرأ في ماله و تزايد عليه الحكومة في مرتبه الشهري , وتحدد له سقف كمي لسحب مدخراته من العملة البيضاء , التي ظل يحتفظ بها في حسابه البنكي خصيصاً للايام السوداء التي تمر به الآن , حينها تكون هذه هي آخر مرحلة من مراحل الاذلال و الاحتقار الذي يمكن ان يمارس عليه , من قبل مثل هكذا نظام سياسي يحكمه ويسيطر عليه ويحبس انفاسه , ان اغلى وانفس شيئين للانسان هما المال و النفس , وفي احايين كثيرة يقدم المال على الانفس كاولوية , لانه الداعم لحيوات هذه الانفس وتلك الارواح , كدعمه الاطفال الذين هم في حاجة ملحة الى الحليب و الطعام , والشيوخ والكهول الذين ينتظرون ذويهم ليعودوا اليهم بالادوية المنقذة للحياة , من شاكلة ادوية القلب و المخ و الاعصاب و الكلي , فلا اظن ان هناك تنازلاً يمكن ان يقدمه الشخص اكثر من تنازله عن ماله وعرضه , فهذه الحال التي وصل اليها الناس من الاهانة والابتذال في هذه الايام العصيبة , وعدم احترام وتقدير الذات , والتساهل والتفريط في حقهم في التصرف في اموالهم وممتلكاتهم , يمكنها ان تفضي الى مرحلة اخرى قد يتعرضون فيها الى المزيد من امتهان الكرامة , مثل جرائم الاغتصاب و النهب المسلح لاموالهم من داخل بيوتهم , في حاضرات الاقاليم الكبيرة و المدن الثلاث لعاصمة البلاد القومية , كتلك الحادثة البشعة التي وقعت قبل ايام في احدى احياء مدينة بحري , و التي راح ضحيتها رب اسرة و زوجته عندما سطا عليهما مدججون بالسلاح الابيض , بهدف سرقة سيارتهما كما افادت مصادر الخبر. يتحمل المواطنون السودانيون بجميع صفاتهم , وباختلاف سحناتهم وتنوع انتمائاتهم الجغرافية نتائج هذا الخنوع , و اضرار هذا التردي الذي احاط بهم جراء بطش هذه العصبة الانقاذية بهم , فواحد من اهم العوامل التي جعلت هذه الكتل السكانية السودانية الكبيرة من الآدميين , تخفق في ان تتخلص من البطانة الفاسدة التي تتحكم بها وبمصيرها وتحكمها بمنهاج الحديد والنار , هي الانقسام المجتمعي الداخلي على الاساس القبلي و الجهوي والمناطقي , و اصطفاف النخب السياسية الحاكمة وتضامنها مع هذا الاتجاه الكارثي , حيث قام النظام باستثمار هذا الاصطفاف الجهوي في تمديد عمره واستمراريته , وذلك بممارسة الارهاب و التخويف بحق سكان السودان المركزي وتحذيرهم , من ذلك القادم المجهول الذي سيستولي على كرسي السلطة , فعندما يروج اعلام البشير لمثل هذا التساؤل (ماهو البديل) , انما يريد ان يقول للذين يستهدفهم بهذا الخطاب , اذا اطحتم بي و اجبرتموني على ترك القصر الرئاسي فسوف يعتلي عرش الحكم و القيادة في البلاد امثال هؤلاء , و (هؤلاء) هنا يعني بهم قادة المقاومة المسلحة في النيل الازرق و دارفور وجنوب كردفان , بل و بتفصيل اكثر , يعني بها اي قيادي او رمز سياسي ياتي من جغرافيا هذا المثلث الملتهب , حتى لو لم يحمل مجرد (مطوة) في مواجهة النظام , وبذا تتم استثارة النعرات العرقية والجهوية و يصطف هذا المواطن المقهور خلف قاهره , و لا يكترث للقضية الوطنية الكلية التي يعاني منها الجميع شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً , ومن ثم لا يعيرها ادنى اهتمام , بل يتحول كل تركيزه الى كيفية الحؤول دون وصول هذا الغول المجهول الملامح الى عمق البلاد ومركزها , تماماً مثلما كان اعلام الحكومات المركزية يقوم بفبركة الاخبار عن المقاومة المسلحة في جنوب السودان , فحينها اعتاد مخرجوا البرامج الموجهة على تأليف روايات وقصص خيالية , عن الرعب و الموت الذي سيطال المواطن من سكان شمال البلاد , اذا تمكن العقيد جون قرنق من تسلم مقاليد الحكم في السودان , وعندما صعد حفيد السلطان ديمبيور الى منصة الساحة الخضراء , اكتشف السودانيون خطل وخبث تلك الرواية الحكومية المغرضة , فرأينا الدكتور المناضل رجلاً فكهاً ممازحاً ذو ظل خفيف , لا يشبه تلك الصورة المشوهة التي تم عرضها في الحلقات المتواصلة لبرنامج (في ساحات الفداء) على الاطلاق , فلم نرى تلك الانياب المفترسة التي تسيل منها الدماء , ولم نشاهد رأس ذلك الذئب الوحشي المرعب الذي يكتسي وجهه بالصوف. لقد دفع سكان السودان المركزي ثمن سكوتهم ومباركتهم لمسيرة الانقاذ , بعد المفاصلة الجهوية والعرقية التي حدثت بين الانقاذيين المركزيين و رفقاء دربهم , الذين تعود جذورهم الى اقاليم غرب السودان الكبير (كردفان ودارفور) في رمضان من العام 1999م , نتيجة لانجرار جماعة البشير والمواطنين المركزيين المساندين له وراء الفوبيا القائلة: (لن يحكمنا الغرباوي) , هذه الفوبيا التي جعلت هؤلاء المواطنين يركضون في ذلة وانكسار واستجداء هذه الايام , ليحصلوا على حر مالهم وعرق جبينهم ولكي يتمكنوا من سحبه من حساباتهم الشخصية والخاصة من البنوك , فعندما كانت دارفور و جبال النوبة و الانقسنا تحترق بقنابل طائرات النظام اللعينة , كان الناس في المدن الخرطومية المكتظة بالبنوك والمصارف وماكنات الصارف الالي يرفلون تحت نعيم بترول هجليج , ويرددون مقولة النظام السمجة (قضية دارفور قضية مصطنعة) , ولم يرتجف لاحدهم جفن من فظاعة جرائم النظام بحق مواطن دارفور الاعزل , من اغتصابات جماعية للنساء وازهاق لارواح الاطفال الابرياء , بالحرائق المشتعلة من براميل الانتونوف المنقولة جواً من خرطوم كتشنر والمقذوفة على سكان القرى المساكين , فلم يرتفع صوت الضمير الانساني لديهم في الوقت الذي وقفت فيه كل شعوب الارض , مع ضحايا محرقة القرن بحق الانسان في هذا الاقليم المنكوب , ومن الادلة الاكثر حضوراً على انقسام وجدان الشعب السوداني في تناوله واستيعابه للقضية الوطنية الشاملة , حادثة التعذيب و التنكيل التي حاقت بالمواطن السوداني الذي يحمل الجواز الامريكي بمطار الخرطوم , عندما انبرى الكثير من الكتاب و الناشطين المركزيين الى توبيخ المجني عليه , و البحث عن مخرج للجاني و ذلك بمحاولات تبرير فعلته النكراء في يأس وخيبة أمل بائنة , فهم يقومون بتلك الدفوعات الباطلة لا لشيء , الا لان هذا المنكل به آت من تلك البقعة الجغرافية المغضوب عليها من مركز الحكم في البلاد. حديثاً قدمت اثيوبيا رئيساً لمجلس وزرائها من قومية الأورومو , والأورومو مكون سكاني مهمش في المشاركة في الحكم , على مستوى حقيبة الرئيس و رئاسة الوزراء في ارض النجاشي زماناً ليس بالقصير , اذ كانت هذه الحقائب السيادية الى وقت قريب محتكرة ودولة ما بين قوميتي الامهرا و التقراي , وهما مكونان كثافتهما السكانية اقل من سكان اقليم اورومور , فسيطرا على مفاصل السلطة في اثيوبيا حتى انبلج فجر الصحوة و الوعي السياسي لدى هذا الشعب الاكسومي العريق , فتجاوز السلوك السياسي المناطقي و الجهوي في تصريف شئون الحكم , ان هذه الثورة الديمقراطية والشعبية الاثيوبية التي اندلعت ليست حدثاً معزولاً عن الشعوب الأخرى في المنطقة , فبحكم الوعي و الاستنارة التي شملت جيل اليوم , لم تعد الخرافة في الادعاء بامتلاك الحقيقة المطلقة والكاملة من قبل جهة معينة او شخص بعينه , تقنع هذه الاجيال الحاضرة المشرئبة الى الحداثة و الانصهار في المجتمع العولمي , فارهاصات وتفاعلات الاوضاع السياسية و الاقتصادية في السودان , سوف تأتي بما لا يتوقعه الناس من قادة وطنيين من قوميات ومكونات سكانية حرمت حقها الاصيل في التمثيل العادل في حكم السودان على المستوى السيادي , في مواقع دستورية مثل رئاسة الدولة و رئاسة مجلس الوزراء ورئاسة الاجهزة الامنية و المخابراتية , وهذه القوميات المهمشة هي الانقسنا والهدندوة و النوبة و الفور , هذا على سبيل المثال وليس الحصر , فعملية التحول والانقلاب الدستوري هذه سوف تعمل على ايقاف عرض مسرحية الرجل الواحد , التي مللنا مشاهدتها منذ فجر استقلال بلادنا المنقوص , فالسودان في مكونه الديمغرافي والاثني يشبه اثيوبيا الى حد كبير , وعلى كل الناس في جميع اركانه ان يعملوا على انزال موجهات ومعاني الملحمة الوطنية (انا سوداني انا) , الى ارض السودان واقعاً يمشي بين الناس , وخاصةً في الجزئية التي تقول : (كل ارجائه لنا وطن) , اذ لا يصح ان نتصارع نحن ويفنى الوطن لمجرد هذه المقولة الغبية (لن يحكمنا الغرباوي). اسماعيل عبد الله [email protected]
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
آخر مراحل إحتقار الشعب !! ,, بقلم اسماعيل عبد الله | اسماعيل عبد الله | 06-14-18, 10:42 PM |
Re: آخر مراحل إحتقار الشعب !! ,, بقلم اسماعيل عب | نيمو | 06-14-18, 11:41 PM |
Re: آخر مراحل إحتقار الشعب !! ,, بقلم اسماعيل عب | شطة خضراء | 06-15-18, 01:42 AM |
Re: آخر مراحل إحتقار الشعب !! ,, بقلم اسماعيل عب | ممكون وصابر.. | 06-16-18, 01:35 PM |
Re: آخر مراحل إحتقار الشعب !! ,, بقلم اسماعيل عب | نحن قبيل شن قلنا ؟ | 06-16-18, 04:52 PM |
Re: آخر مراحل إحتقار الشعب !! ,, بقلم اسماعيل عب | شطة خضراء | 06-16-18, 10:54 PM |
Re: آخر مراحل إحتقار الشعب !! ,, بقلم اسماعيل عب | ياغبي يا شطة خضراء | 06-17-18, 06:14 AM |
Re: آخر مراحل إحتقار الشعب !! ,, بقلم اسماعيل عب | علام | 06-17-18, 06:59 AM |
Re: آخر مراحل إحتقار الشعب !! ,, بقلم اسماعيل عب | ابن السفيه علام | 06-17-18, 07:22 AM |
Re: آخر مراحل إحتقار الشعب !! ,, بقلم اسماعيل عب | شطة خضراء | 06-17-18, 07:31 AM |
Re: آخر مراحل إحتقار الشعب !! ,, بقلم اسماعيل عب | ممكون و صابر | 06-17-18, 12:15 PM |
Re: آخر مراحل إحتقار الشعب !! ,, بقلم اسماعيل عب | nour tawir | 06-17-18, 01:43 PM |
Re: آخر مراحل إحتقار الشعب !! ,, بقلم اسماعيل عب | ممكون وصابر.. | 06-17-18, 09:01 PM |
Re: آخر مراحل إحتقار الشعب !! ,, بقلم اسماعيل عب | نزار | 06-18-18, 02:51 AM |
Re: آخر مراحل إحتقار الشعب !! ,, بقلم اسماعيل عب | طاهر مضوى | 06-19-18, 03:51 PM |
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|