من بعض (هدايا) أو رزايا ما أحدثه حكم المؤتمر الوطني في أخلاقيات وقيِّم الشعب السوداني ذلك التضاؤل الذي كاد يصل حد التلاشي لفضيلة التواصل الإجتماعي والإخاء والتسامي على مغبة الإنكباب على ما لا تملك وغياب التسامح بين الفُرقاء ، طبعاً سيقول بعضهم حتي الأخلاقيات يا أهل المعارضة ستحمِّلون الحكومة مسئوليتها ، ولكن كالعادة لن نستسلم لكل تلك الهتافات الصاخبة التي لا تستهدف غير إخفاء الحقائق وإغراقها في مستنقع الفساد الذي أصبح هو مُجمل الناتج الوطني الإجمالي لحكومة المؤتمر الوطني وحلفائها من النفعيين والمطبِّلين ، فعلم النفس الإجتماعي إن كان هؤلاء فعلاً يقرأون ويتثقَّفون أوحتى يهتمون بمحيطهم الإجتماعي على (الضفة الأخرى) يُقِرُ ويؤكد ضلوع الفقر والمرض وإنتشار الأمية وتفشي التشرُد الأسري إبان الحروب ، في تغيير (جزئي) أو (كُلي) لعادات وتقاليد المجتمع بالقدر الذي يقلب الصور ويجعل بعض المفاهيم والأفعال تكتسب تفسيرات غير التي كانت عليها في السابق ، فالفساد والسرقة والمحسوبية لدى الموظفين وأصحاب المناصب تُعتبر اليوم مقبوله وعادية لدى المجتمع بإعتبارها نوعاً من (الشطارة) أو الفهلوة أو القدرة على إقتناص الفرص ، وقد سمعت الكثيرين حينما يُحكى أن فلان إستطاع أن يبني قصراً من مال الدولة والشعب يعلِّقون ببساطة (كويِّس إنو شاف نفسو وإستفاد) ، والتزلُف والمداهنة والمُراءاة لأصحاب السلطة والجاه والقرار أصبحت اليوم في أذهان الناس نوعاً من الدبلوماسية واللباقة ، طالما أنها تُفضي في نهاية الأمر إلى تحصيل المصلحة والثراء لفاعلها ، أما التسامح والتنازل والتغاضي عن الصغائر وإيثار الغير على الذات ، أصبح اليوم في مفاهيمنا الثقافية نوعاً من الغباء والمسكنة وقلة الحيلة والضعف ، إلى أن تمادى ذلك ليمس حتى الأسر الصغيرة فأصبح الأخوان يتشاكون في المحاكم وإختفى من على سطح الحياة الإجتماعية أخو الأخوان و(شيال التقيلة) و(خال فاطنة) ، كل ذلك كان نتاجاً لكسر شموخ الرجال والنساء من أبناء وبنات هذا البلد المجيد بالإفقار والتنكيل والتلجيم عن قول الحق أو التبشير بأفكار مُغايره لما تتبناه جحافل حماة السلطة الإستبدادية ، وقد إجتهدوا في تهميش تلك الكينونات الفكرية والسياسية والثقافية ومحاربتها بشتى السُبل كان أهمها مواجهتها بالشعارت والهتافات الدينية الخالية من الإلتزام والأمانة في الطرح ، وكذلك عبر الملاحقة والإعتقال والتعتيم الإعلامي لكل من أراد أن يُعبِّر بحرية عن رأيه السياسي والفكري أو يُدلي بدلوهِ وإسهامه في مسيرة هذه البلاد ، نعم إن ما يُعانيه الإنسان العادي من ضغوطات مادية ونفسية وإحساس بقلة الحيلة وعدم الإنتماء للمنظومة الفاعله في محيطه السياسي والإقتصادي والإجتماعي يمكن أن يكون موجِّهاً أساسياً لتغييرات جذريه في ثقافته وإيمانه بما إعتقد وورث من عادات وقيِّم وأخلاقيات ومباديء ، فالأغلبية العُظمى من شرفاء وشريفات هذا الوطن الشامخ يبدو وجودهم الحالي على خارطة الوطن وكأنهم (ضيوف) غير معنيين بما يحدث فيه من أحداث وقِلةٌ هم المستأثرين بمقاليد الأمور ومنابع ثروات وإمكانيات البلاد وهم في ذات الوقت أقل الناس من حيث التأهيل والإمكانيات المهنية والأمانة الشخصية التي تقتضي تقديمهم المصلحة العامة على مصالحهم الشخصية .. هذا زمان الهوان واللا مبدأ.. اللهم إنا نسألك السلامة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة