|
Re: أخي الرئيس .. هلا أقدمت على هذه الخطوة؟ بقل (Re: الطيب مصطفى)
|
يا أخونا الطيب مصطفى السلام عليكم رئيسك لن يلتفت لتلك النصائح المبطنة ،، ولكن دعني أكشف لكم حقيقة ذلك الإنسان الذي يفتقد أدنى مقومات الإحساس والشعور بالآخرين ،، فهو جدل يختلف كثيراً عن الحكام الذين حكموا هذا السودان من قبل ،، وذلك الاختلاف يضعه سقوطا وهبوطا في الدرك الأسفل بكل القياسات وبكل المستويات ،، ولم يمر على السودان في مرحلة من المراحل مثل ذلك البشير البارد أحساساً الذي يماثل الكتلة الصخرية الصماء ., وهو يمثل أسوأ الرؤساء حين يكون الحديث عن الرؤساء الذين حكموا السودان منذ الاستقلال .
في سنوات حكم الرئيس ( الفريق إبراهيم عبود ) كان العرف السائد هو ذلك التواصل العميق بين الشعب السوداني وبين رئيس الدولة ,, ذلك التواصل الأدبي والهام بين القمة والقاعدة ,, وكان التواصل مقرونا بالإثارة والدعاية الجاذبة للجماهير السودانية .. حيث كانت الإذاعة السودانية تخاطب الأمة لساعات وساعات وهي تردد عبارة : ( بيان هام من الرئيس السوداني عبود للشعب السوداني فترقبوه !! ) .. ثم تلي ذلك معزوفة المارشات العسكرية للجيش السوداني ،، وبعد ساعات طويلة كانت الأمة السودانية تتجمع حول المذياع وهي تنتظر وتتوقع ذلك البيان الهام بتلهف شديد ،، وفعلاً كانت تلك البيانان الرئاسية تتسم بالأهمية القصوى وبالقوة التي تخلق التأثيرات النفسية ،، وكانت ذات قيمة عالية في مضامينها وآثارها ,, حيث رئيس البلاد الذي يلتقي بالأمة عند اللحظات الحرجة .
وهو نفس الأسلوب الذي كان سائداً في سنوات حكم الرئيس جعفر النميري .. حيث الترقب والانتظار للأمة السودانية حول المذياع والتلفزيون .. وحيث لقاء الأمة بقائد الأمة بعد تلك الإعلانات المثيرة التي تنادي وتنادي لساعات وساعات ،، بعدها كانت دائما تلك البيانات الهامة من رئيس البلاد النميري ,, وذلك الأسلوب السوداني الفريد كانت سمة خاصة بالسودانيين لبث القضايا الهامة التي تهم الأمة السودانية مباشرةً ،، والعجيب أن ذلك الأسلوب كان يتم أيضاً في حال وقوع الانقلابات العسكرية في البلاد .. حيث مخاطبة الأمة السودانية بالقول ( بيان هام للشعب السوداني فترقبوه ) ،، ثم موسيقى المارشات العسكرية ,، ويستمر ذلك الإعلان لساعات وساعات ،، وأخيرا كانت ترد تلك البيانات الهامة التي تمس مصير السودان ومصير الشعب السوداني .
أما بعد وقوع انقلاب نظام الإنقاذ بقيادة عمر حسن البشير في عام 89 فقد اختفت تلك المراسيم السودانية الأصيلة الهامة ،، والتي كانت تمثل الجسر والصلة المتينة القوية بين الشعب والقائد ،، وأصبح كل بيانات وخطابات الرئيس البشير مجرد نشرة فارغة تفتقد أدنى علامات الحلاوة والمذاق ،، وهي تلك الخطابات والثرثرة الفارغة التي تعني الكلام الممل الخالي من الإثارة الجاذبة للنفوس ،، وباختصار شديد فإن خطابات البشير لمدة 29 عاماً تجلب القرف والغثيان للنفوس ،، ولا يحس الإنسان السوداني بالتجاذب والتلهف لخطابات البشير إطلاقا ،، لأن خطاباته كالعادة تخلو من المصداقية وفي أغلبها هي مجرد مجاراة للبرتوكولات .. ولم يحصل خلال 29 عاما أن البشير أورد خطابا هاماً يدغدغ مشاعر الأمة السودانية بذلك القدر من الأهمية ،، وقد تعودت الأمة السودانية أن تتعامل مع خطابات وبيانات الرئيس البشير بنوع من عدم الاهتمام لأنها عادة فارغة في مضمونها وخالية من المنافع التي تذكر ،، ولا نجد عادةً إلا فئة صغيرة من الناس هي التي تزعم الاهتمام ببيانات وخطابات البشير .. وهي فئة مسخرة ومجبرة بأن تواكب البشير في السراء والضراء ،، في الحق وفي الباطل .
كان في إمكان ذلك البشير أن يخاطب الأمة السودانية مباشرة عبر الأجهزة الإعلامية في حال الظروف الاستثنائية ،، مثل الغلاء المستفحل الذي بضرب البلاد ,, وأن يناقش مشاكل المواطنين مع المواطنين مباشرةً وليس فرض الواقع بقوة السلاح !! ،، وأن يفتح صدره للصغير والكبير ،، وأن يخصص ساعات معينة للحوار والمناقشة المباشرة مع الشعب السوداني .. وحينها كان سيعرف ماذا يدور في الشارع السوداني ،، وماذا يجري في أذهان الشعب السوداني ،، وفي نفس الوقت حينها كان سيخلق نوعا من التقدير والاحترام للشعب السوداني على الأقل . والمعروف أن هذا الشعب الوفي المحترم دائما يقدم طقوس المجاملات والتواضع قبل كل شيئ ،، وأسلوب المودة بين القادة والقاعدة هو أسلوب حضاري يذيب الكثير من جليد الترسبات في الأنفس ،، ويذهب ذلك النوع من الاحتقان الذي بلغ الحد الأقصى في نفوس السودانيين .. فإذا كانت لك نصيحة فعلاً لابن أختك فأنصحه لكي يتنازل قليلاً عن عرش التكبر والتجبر .. وأن يجلس على الأرض مع الشعب السوداني ويتفاهم معه بمنتهى الاحترام .
|
|
|
|
|
|