صحيح أن الضائقة الاقتصادية تجاوزت الحدود وفاقت درجة تحمل المواطن على لأواء الحياة ورهقها بعد أن بلغ سعر الرغيفة جنيهاً كاملاً مرشحاً للتصاعد إلى اثنين وأكثر إن لم يكبح تمرد الدولار واستهزائه بكل المعالجات العاجزة التي لجأ إليها صُنّاع القرار السياسي والاقتصادي ولكني ، رغم ذلك ، سأتناول اليوم شأناً آخر ألح عليّ أن أعلق عليه بعد أن فرض نفسه على المشهد السياسي ردحاً من الزمان.
أفتأ أحدث بني وطني عن طلاب الحركات المتمردة الذين أحدثوا خراباً كبيراً بمسيرة التعليم الجامعي في كل أرجاء السودان بعد أن انقادوا إلى الشيطان الرجيم أسوة بكبارهم من لوردات الحرب الذين علموا اتباعهم من المتمردين الصغار أساليب القتل والحرق والتدمير وربوهم على الأحقاد وسوء الخلق فأضحوا وبالاً على بلادهم وأمتهم فلا حول ولا قوة إلا بالله.
أقول هذا بين يدي ما حدث مؤخراً في جامعة الدلنج بجنوب كردفان والتي تكرر فيها ما حدث لشقيقاتها من الجامعات في شتى أنحاء السودان مما دفع الإدارة إلى إغلاقها إلى مدى غير معلوم جراء قيام طلاب الحركة الشعبية (قطاع الشمال) بإحراق القاعة الكبرى بالجامعة والتي كلف إنشاؤها ومحتوياتها عشرة مليارات جنيه ، تتجاوز بأسعار اليوم أضعاف ذلك المبلغ ، بالإضافة إلى خسائر أخرى فادحة لم يكتمل حصرها حتى الآن.
العجيب أن متمردي (قطاع الشمال) قاموا بجريمتهم تلك بدون أدنى سبب ذلك أن أحد الجنود اقتحم حرم الجامعة وقام بأطلاق الرصاص على أحد الطلاب وإحدى الطالبات فأرداهما قتيلين ثم انتحر وأكد نائب مدير الجامعة د.قربة النميري في تصريح لصحيفة (القرار) أن الطالب القتيل لا علاقة له بالقتيلة.
إذن فإنه لا يوجد أدنى سبب يؤدي إلى تلك الأحداث سوى روح التمرد التي تلبست أولئك الطلاب المتمردين الذين تسببوا في حرمان غالب الطلاب من الدراسة وعطلوا الجامعة كما ظلوا يفعلون في كل جامعات السودان الذي رزئ بأولئك المخربين والذي أضاع طلاب جامعاته سنوات من أعمارهم جراء أولئك الحاقدين.
لو سألت أولئك المتوحشين عن سبب إحراق تلك المنشآت لن تجد إجابة غير تلك الروح الشريرة والحقد الدفين الذي أشرب قلوبهم المريضة وهل كان هناك سبب لعمليات القتل والحرائق التي أشعلوها في الجامعات الأخرى غير روح التمرد التي زرعت في قلوبهم المترعة بالسخائم والاحقاد؟!
د. قربة النميري أضاف أن قرار إغلاق الجامعة جاء حفاظاً على أرواح الطلاب والممتلكات ذلك أن هناك وحدات إساسية إذا أتلفت ستكبد الجامعة خسائر فادحة مثل وابورات الكهرباء ومكاتب الشؤون العلمية والمكتبة المركزية والإدارة المالية.
بالله عليكم هل يحق لهذه الحركات المتمردة أن ترفع شعارات التحرير والتعمير والنهضة وتعرض نفسها للشعب السوداني طالبة مساندته في الانتخابات بزعم أنها أحزاب ديمقراطية مسالمة بالرغم من أنها تقتل وتخرب وتشرد أهلها وتدمر وتحرق المنشآت وتعوق تطور الولايات والمناطق التي تزعم أنها ما ثارت إلا من أجلها؟!
بح صوتنا ونحن ننادي بإيجاد معالجات جذرية للجامعات بحيث لا يدخلها المتمردون وبحيث تحرس بشرطة جامعية تمنع تفلتات أولئك المتمردين الذين يزعمون أنهم طلاب وما هم بطلاب وبحيث يوقع أولياء أمور الطلاب قبل إلحاق ابنائهم بالجامعات على تعهدات تجيز لإدارة الجامعة فصل الطالب متى ما بدر منه سلوك مشين أو تخريب لمنشآت الجامعة ولكن .
لسنا ، والله العظيم ، راضين عن الأوضاع القائمة في بلادنا الآن سيما بعد الغلاء الطاحن الذي أرهق البلاد والعباد سيما بعد الموازنة الأخيرة التي أحدثت اضطراباً كبيراً وغضباً جهيراً ولكن ما أتعس الناس حين لا يجدون غير خيارين بائسين عليهم أن يفاضلوا بينهما كمن يفاضل ويقارن بين الرمضاء والنار ؟!
عندما تستدعي صور الموت والخراب والتشريد الذي خيّم على محيطنا الإقليمي سيما في الصومال وليبيا وسوريا والعراق وتعقد المقارنة مع أحوال السودان بهشاشة نسيجه الاجتماعي الموبوء بالحروب القبلية والجهوية والنزاعات والتمردات لا تملك غير التذرع بالصبر الجميل على حالنا البائس والعمل من تغيير هذا الواقع الأليم بكل الوسائل (السلمية) المتاحة رغم التضييق المفروض على الحريات فحسبنا الله ونعم الوكيل.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة