في الوقت الذي انهالت أقلام المحللين السياسيين على مسألة رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان برزت تساؤلات "حتمية" عن ماهية هذا الرفع الموسوم بكلمة "اقتصادي" خاصة وأن القرار لم يقل بإزالة اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب لدى وزارة الخارجية الأميركية، ولا من لائحة العقوبات المفروضة من قبل مجلس الأمن الدولي على الدول ذات الصلة بالنزاع في دارفور والذي يمنع توريد الأسلحة والمواد ذات الصلة إلى الأطراف الضالعة في النزاع في دارفور. كل هذا كفيل بظهور مراوغة أو مناورة أمريكية في هذا المعترك بأن تفاجيء السودان بمآلات لاحقة. لا أحد يعلم. كما أن هناك تساؤلات عن هل سينعكس هذا الرفع على أوضاع المواطن السوداني الذي ظل يتحمل عبئا بعد عبء، ومعاناة بعد معاناة؟ وهل ستكافيء حكومة المؤتمر الوطني مواطنها الذي كان ضحية هذا الحظر الذي تسببت فيه الحكومة ؟ بل أضاع 27 عاما من حياته في انتظار الفرج. ؟؟ إننا بلا أدنى شك مستبشرون خيرا بالقرار، ونتمنى أن يصب الرفع في خانة (النفع المباشر) للمواطن ولن نتعجل بالسؤال عن "الكيفية" لأننا لا نعرف ملامح السياسة الاقتصادية التي سوف تسلكها الحكومة لتحقيق التعافي الاقتصادي ولكن من حق المواطن أن يتعرف على آليات هذا التعافي وأدواته خاصة وأن منظومة الاقتصاد السوداني خلال العشرين عاما الماضية "وهي عمر العقوبات منذ 1997" قد أضافت رموزا اقتصادية من خارج الحلبة، وتسنمت وزارة اقتصادنا أشباه اقتصاديين فرضوا نفسهم على الاقتصاد السوداني، وافتقر الوسط الاقتصادي إلى النزاهة، وتفشت "الشللية" في حين لابد من أن تتجرد رموز الاقتصاد في أي دولة من الانتماء السياسي الضيق والشللية وتتمسك بالمهنية وهي تتعامل مع قضايا ومشكلات الاقتصاد السوداني وتضع الخطط للسياسات الاقتصادية بما من شأنه رأب الصدع، وترميم الخلل Damage الذي حدث في سنوات الحظر. أما إذا كان الاقتصادي سوف يبني تصميمه للسياسة الاقتصادية وفق ما يرضي الساسة أو جمهورهم فلن تكون هناك حلول ناجعة ولن يجني المواطن ثمرة رفع العقوبات. وليس من باب التشاؤم ولكن مما يبعث على القلق أن الإدارة الأمريكية (التي أعلنت أن السودان قد استوفى شروطها في ملف حقوق الإنسان) سوف تكتفي بما طالبت به حكومة الخرطوم وهو مواجهة الإرهاب ولن تعبأ بتفاصيل حقوق الإنسان التي تهم المواطن السوداني المطحون الذي يعيش على هامش رفاهية المؤتمر الوطني الحاكم لسبعة وعشرين عاما. وللأسف لا يضع أحد الطرفين رفاهية المواطن السوداني في أولويات قائمته فشروط الحظر كانت تشمل العمل على استقرار الوضع في دولة جنوب السودان، ووقف دعم جيش الرب الأوغندي، وتحسين الوضع الإنساني في مناطق النزاع في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وتسهيل إدخال المساعدات إليها، فضلا عن وقف العمليات العسكرية في أماكن القتال، ومكافحة الإرهاب، والحد من عملية الاتجار بالبشر. وهذا ما عكفت الحكومة السودانية على تنفيذه خلال فترة الحظر. فهل بين هذه الشروط الأمريكية ما يلزم حكومة المؤتمر الوطني بالالتزام بحقوق الإنسان السوداني البسيط، التي من شأنها أن توفر له أبسط حقوق الإنسانية وتحفظ له ماء وجهه ؟ دع عنك رفاهيته. ؟ هذا هو السؤال الذي يجب علينا أن نبحث عن الإجابة عليه.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة