*أتاني بصحيفة (السوداني) قبل سنوات.. *كان يبدو حزيناً...وزالت عن محياه (نورة) الأيام الخوالي.. *أيام كان الطرب أصيلاً...والتلفزيون جميلاً...والضحك نبيلاً.. *أيام (تحرمني منك)...ولم تحرمنا الحياة من أي شيء.. *الآن حُرمنا...وحُرم هو...وحُرمت حتى (تحرمني) من قوة الصبر على الحرمان.. *وكانت أغنية حزائنية...لتضحى موضة لبسة فرائحية.. *ومنذ أن انزوى التلفزيون كئيباً وسط زحمة فضائيات جديدة لم أسمع هذه الأغنية.. *ولكني سمعت عبد الله البشير يؤديها يوماً فازددت حزناً.. *كان مقطع فيديو له وهو (يحرمها) من كل مقومات الطرب...والحزن... والشجن.. *والمكان هو فندق البستان اللبناني بالخرطوم (2).. *وسألت صاحبها- عبد العزيز المبارك - عن سبب الأسى الذي يكسو محياه.. *فأجاب إجابة كنت أعرفها سلفاً...ولكني أحببت سماعها منه.. *فالوطن ما عاد هو الوطن...والغناء ما عاد هو الغناء...والحال ما عاد هو الحال.. *كل شيء بدا غريباً عليه - يقول - عند عودته من الغربة.. *وما درى أننا عايشنا هذه الغرابة لحظة بلحظة...مذ كانت نطفة في رحم غربتنا.. *غربة الداخل التي لا تقل شعوراً بالحرمان من غربة الخارج.. *وكدت - على ذكر الحرمان - أن أناشده الترنم بأغنية (تحرمني منك)... لولا.. *لولا إنني خفت أن أشق عليه...وأرهقه من أمره عسرا.. *وعند وقوفي معه لدى الباب - مغادراً - طلب مني دعوته للغناء لي متى شئت.. *سواء كانت مناسبة فرح...أو مرح...أو (لا مناسبة).. *ولم تأت هذه المناسبة إلى يومنا هذا...ولا حتى (لاءاتها) المانعة لحركة المناسبة.. *ولكن إن نجحت لاءات حاتم الثلاث فربما نحتفي بها فرحاً.. *ومن ثم نحتفل بها طرباً...فننفض غبار النسيان عن بطاقة الدعوة الأثيرية تلك.. *وهي لاءات : لا عطش...لا كُوش...لا حُفر.. *فندعو المبارك ليسمعنا (بتقولي لا)...و(تحرمني منك)...و(ليه يا قلبي ليه).. *فقط ما لم يبدد حاتم مال لاءاته هذه كتبديده أموال التلفزيون.. *وليست الأموال وحدها التي بددها...وإنما الكفاءات والخبرات والنجوم كذلك.. *وصار حال التلفزيون الآن كحال العاصمة التي يريد تجميلها.. *فنحن في زمان الغربة والغرابة والتغرب بتنا لا نثق في وعود طابعها الصراخ.. *ولا نرى إلا عكس الذي نُبشر به في تلفزيون كله كلام.. *ولا نسمع أغاني وردي والكاشف وزيدان إلا بأصوات الفحيل والساتة والبندول.. *ولا نسمع العميد أحمد المصطفى إلا بإذن من ابنه عز الدين.. *ولا نسمع عبد العزيز المبارك إلا بصوت عبد الله البشير.. *فصبراً صاحب المحيا الحزين...فسوف يأتي يوم (لا نُحرم فيه منك).. *وتعود فرائحية أجواء موضة (تحرمني منك !!!).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة