ماذا يستفيد الإنسان في هذا الزمان المر المذاق على جميع الأصعدة من فضيلة الإلتزام بما يقول و الثبات على المبدأ ، أليس من الممكن القول أن بعض الفضائل و الأخلاقايات قد لا تصلح لكل زمان و مكان ، و من شأن الثبات على القول في هذا العصر الغريب في أطواره و أحواله و أناسه أن يودي بك أحياناً إلى المهالك و الخسائر و السخرية و نعتك ( بالعبط ) .. و عكس ذلك مطلوب منك أن تكون ( مدردحاً ) .. و ( شِفتاً ) بمعنى أن تكون قادراً على المراوغه و الإستهبال و الإستغباء و التذاكي في آن واحد لكي تفلِت من ( ورطة ) أو ( تلهط ) لهطة هي في الواقع القانوني و العدلي ليست من حقك و تؤول لآخرين ، غير أن من أهم ما يجب أن يتصف به إنسان السودان اليوم إذا كان عازماً على صناعة حياة مريحة و خالية من المطبات و المشكلات العويصة هو أن يكون غير ثابتٍ على مبدأ و أن يكون قادراً على الرجوع في كلامه في رمشة عين إذا ما تراءت المصلحه أو (إستشاطت ) الورطة .. و لنا في سبيل إثبات صحة ذلك من الأمثلة الكثير ... فقد جرّمت الحكومة الإتجار و التعامل في العملة الصعبة و سنَّت في ذلك القوانين و أغلظت الوعيد ، ثم أقدمت على تنفيذ عقوبة الإعدام ردعاً للناس ، ثم عادت و ( رجعت ) في كلاما و تركت الدولار و أهله يبرطعون في عوالم الإقتصاد القومي و مصير الضعفاء و قوت يومهم ، ثم قالت الحكومة يوم إفتتاح سد مروي أن السودان إكتفى ذاتياً من الكهرباء و أننا قاب قوسين و أدنى من التصدير ثم ( رجعت ) في كلاما و قالت أن الإستهلاك أعلى من الإنتاج بنسبة الضعفين و أننا في طريقنا للإستيراد ، و قد قالت قيادات في الحكومة يوماً ما ( وحدة السودان ) أو الطوفان .. ثم ( رجعوا ) وقال فلينفصل الجنوب إحتراماً لرغبة الأشقاء في الجنوب و تقديساً لوهم الإستفتاء ، و حتى المعارضة قد خاضت في وحل النكوص عن المبدأ ، فمنهم من قال أن لا جلوس للحوار إلا تحت مظلة حكومة إنتقالية .. ثم ( رجعوا ) وجلسوا دون قيد أو شرط ، الأخ والي الخرطوم في بدايات الحماس السياسي لتوليه المنصب قال أنه مقدم على تغيير جذري في البنيه الإدارية و الفنية التي تقود التنمية العامة للعاصمة ثم ( رجع ) في كلامه و إستمر يدير مسئولياته بكامل الطاقم الوزاري و الإداري و الفني للوالي السابق ، حتى أصبحنا نحن ( عامة الناس ) في هذا البلد لا نكترث لتصريحات مسئول أو تبشير زعيم أو وعيد صاحب سلطة و جاه ، لأن ما جرى عليه الحال يفيد أن كل ما يقال يمكن أن يُذر هباءاً منثوراً في هواءٍ طلِق ، فإياك أخي القارئ و أختي القارئة أن تسرفوا في توخي الثبات على المبدأ أو تبالغوا في الإلتزام بما تقولون ، خشية أن تقعوا في مغبة السباحة ضد التيار فتصبحوا فيما ( إلتزمتم ) .. غارقون .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة