*داهمته هذه (الحالة) منذ أسبوع.. *حالة إحساسه المخيف بأنه ما عاد (هو).. *ويذكر جيداً كيف أن بدايتها كانت (قرصة) في ذراعه.. *فحين هب من نومه ليصلي الفجر وجد الفجر، ولكنه لم يجد نفسه.. *بل وجد كل شيء كما هو إلا هو لم يعد (هو).. *ويذكر- كذلك- كيف أنه أحس بألم القرصة ولكنه لم يحس بنفسه.. *أو ربما أحس بها ولكنه لم يحس بعقله.. *أو قد يكون الذي لم يحس بوجوده هو إحساسه بوجوده هو ذاته.. *وفتح المصحف ليصادف آية وقف عندها كثيراً.. *آية (فلما جاءت قيل أهكذا عرشك ........).. *ومثل إجابة بلقيس كانت إجابته هو عن سؤال وجهه لنفسه بشأن (عرشه).. *عرشه الذي كان على (ماء أحلام)؛ فتبخر.. *ثم انتظره ليتكثف، ويتجمع، ويبرق، ويرعد، ويهطل عليه (واقعاً ندياً).. *ولكن انتظاره طال مثل طول ليل العاشقين.. *بل طال ليل انتظاره لفجر عشقه-هو نفسه- فثبتت نجومه مثل ليل امرئ القيس.. *وطال ليل انتظاره لفجر اغترابه فلم يجن سوى (غربة الليل).. *وطال ليل انتظاره لفجر ترقيته فبات (يجنن) مثل ليل محمد سعيد دفع الله.. *وطال ليل انتظاره لفجر (الفجر) فبدا له (طفلاً يحبو).. *وأضحت لياليه كلها- من ثم- في مثل حلكة وظلال و سواد (حِنَّة الليلة ديك).. *ومنذ فجر الليلة (ديك) لم يعد هو (هو).. *أغلق المصحف وذهب إلى حمامه الصغير ينظر إلى وجهه في مرآته المشروخة.. *عكس له الشرخ وجهاً أشد (أُلفة) من الذي (يألفه).. *كان مشوهاً- نعم- ولكنه بدا له (حقيقياً) أكثر من الذي أُعجبت به حبيبته.. *أو الذي (كانت) تُعجب به قبل أن يعجبها (المسؤول).. *وطارت منه إليه مثلما طارت الترقية التي هو أحق بها إلى (قريب المسؤول).. *ومثلما طارت فرصة الاغتراب بفعل (المسؤول).. *ومفردة (المسؤول) هنا لا تخص مسؤولاً واحداً وإن بدا كلٌّ منهم (كأنه هو).. *ومع مرور الأيام أخذ يشعر بأن شيئاً فيه يتغير.. *وطفقت حالة أنه ما عاد (هو) ترسم ملامحها على عقله وقلبه و(وجهه).. *وصار يتجنب النظر إلى مرآته المشروخة.. *فلما بلغ به (التغرُّب) مبلغاً أليماً قرر أن (يثور) ولو مرة في حياته.. *ثورة على أرض الواقع لا فضاءات (الأسافير).. *ثم يضع حداً (حزيناً) لحياته هذه.. *قرر أن يصفع (أي مسؤول) في شخص (مسؤول وحدته).. *ولكنه مُنع من الدخول إليه رغم تعريفه بشخصه.. *وعلى مرآة المصعد (واجهه وجهه) فتذكر جملة قالتها السكرتيرة وهو خارج.. *قالت (والله كأنه هو !!!).