المارحة ... تقرعها السدارة! بقلم إبراهيم سليمان/ لندن

المارحة ... تقرعها السدارة! بقلم إبراهيم سليمان/ لندن


01-10-2016, 06:52 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1452405129&rn=1


Post: #1
Title: المارحة ... تقرعها السدارة! بقلم إبراهيم سليمان/ لندن
Author: إبراهيم سليمان/ لندن
Date: 01-10-2016, 06:52 AM
Parent: #0

05:52 AM Jan, 10 2016

سودانيز اون لاين
إبراهيم سليمان/ لندن-لندن
مكتبتى
رابط مختصر


/ابراهيم سليمان

صوت من الهامش

السَّرحة والمرحة، من ادبيات البادية، واهلنا الأبّالة (رعاة الإبل) يسوسون إبلهم كما يسوس الحاكم او الزعيم السياسي أو القائد الثوري رعيته، ذلك أن الجِمال بقدر ما هي صبورة، وطويلة النَفَس، هي كذلك عنيدة وحقودة، لن تنسَ الإهانة وإن طال الزمن، ولن تستكين للخنوع متى ما كان قادراً على صد الإهانة، اضف إلى ذلك لها نزوات، وتعتريها تشنجات خلال دورة حياتها، ويتطلب التعامل معها الحكمة والروية، منها خرت القتاد والمرحة، أي الشرود والعرض خارج السرب او القطيع، باندفاع ودون إنذار مسبق. الأبالي لا يأبه كثيراً بالبعير المارِح، مفارقا القطيع، طالما كانت وجهته السدارة (التل الرملي او القوز)، إذ هي تمثل الكابحة الطبيعية لمثل هذه النزوة العابرة، وهم يعلمون أن مبعث المرح، لا يخرج من كونه الإحساس بالبدانة، او الشعور برتابة المسير او وجهته، وقد يكون مرده ضيق الحيز المسموح للعرض من قبلهم، لذلك تجدهم مطمئنين على البعير المارح من انتهازية الهمباتة، ذلك أن الشارد الأصيل صعب المِراس على الغرباء.

وكثيراً ما يلجأ الساسة إلى صفات الإبل في خطبهم السياسية، منها، لا ناقة لي لا فيها ولا جمل، دونها خرت القتاد، ذروة سنامه، ترك الحبل على الغارب، يَرغي ويَزبِد، وما هكذا تورد الإبل، خبط عشواء، والباب يفوِّت جمل، وفي التشظي تستخدم كملة "فصيل" وفصائل، وهو ولد الناقة إذا فُطم وأبعد عن أمه، ومن فقد مكانته السياسية أو الاجتماعية وتحسر على ماضية يقول: لقد كنتُ، وما يُقادُ بي البعير، وللذي يخالف الجماعة، ويولي الأدبار دائماً يقال: أخلف من بَوْل الجمل، لأَن بول البعير هو الوحيد إِلى الوراء دون سائر الحيوانات.

والمارِح الأصيل، غالباً ما يمرح وعيناه لا تبرحان القطيع، وليس أحمقٌ لتغيير وجهته 180 درجة، مهما عانى من يأس، وليس اخرقٌ للعن ماضية، او التفل في البئر التي شرب منها، مهما واجه من تجاهل، يشبع غروره، ويرضي نزوته، ويعود بالتدرج إلى مراحِه وإن طال المسير، أما غريبو الأطوار، والدخلاء، والمنافقون، والمؤلفة قلوبهم، فيتيهون في فلاة السياسة، يمرحون لأول شعور بالبدانة السياسية، ويشردون من أول مأزق يواجهونه، يعانون اللجاجة الفكرية متى ما تشابهت عليهم بقر السياسية، وفي آخر المطاف يجدون أنفسهم مشردون، يسألون الساسة إلحافا اعطوهم بثمنٍ باهظ من "قيمهم" او منعوهم بازدراء.

لا يخفى على المراقب السياسي، أن منازلة ثوار الهامش لنظام الإنقاذ قد طال أمده نسبياً، وأن مواجهة المعارضة المدنية لذات "الكابوس" قد إستطالت، الأمر الذي هدى بالكثيرين من مناوئي النظام بشقيه، من الشرود والمَرَح خارج السرب، زرافات ووحدانا، لأسباب لا تختلف ولا تخرج في مجملها عن دوافع مرح البعير من المُراح، لذلك لا ينبغي أن تكون هذه الظاهرة مصدر قلق لأحد، فهي طبيعية، ومهما اُعطيت هذه الشريحة من قوة وفاعلية، فليس في استطاعتها تغيير وجهة المسير عن جادة التغير الحتمي والراديكالي.

لقد اثبت المؤتمر الوطني أنه أكبر كابحة سياسية "للمارحين" من الثوار، والساقطين من ثقوب المعارضة المدنية، بسبب عدم استعداد رموزه الآثمين، السماح للأصلاء والصادقين من هؤلاء ــــ إن وجدوا، الصعود إلى قمة السدارة، ومشاهدة الجوانب المظلمة من نظامهم على الضفة الأخرى، بالإضافة إلى الشروط القاسية التي يمليها على هؤلاء، والتي تجردهم من كل نخوة للبقاء في كنف منظومتهم القائمة على الابتزاز وحياكة الدسائس، والمشاركة في ولائم السحت، لإبداء حسن النوايا. أما العامل الآخر، فيتمثل في أن هؤلاء الناشزين يراهون على بقاء النظام ليس إلا، وأن مستقبلهم على المحك مع أي تشكيل وزاري او منعطف سدّاري للنظام، وتتجلى "سدارة" نظام الإنقاذ، في أن الذين يلوذون به، بالضرورة أن يهتفوا بحياة جلاديهم، ويتغنوا بفضائل قاتلي أهلهم، طيلة فترة الحضانة، وبعدها يدخلون في نوبة هذيان إلى أن يصمتوا إلى الأبد.

وإذا كانت الحمير والخيول تتمتع بحاسة قوية في الاسترشاد نحو الاتجاه وتعرف طريقها، فإن الجمال لا تتمتع بهذه الحاسة، لذلك فإن الجمل الذي يتأخر عن القطيع ليرعى، يفشل في أغلب الأحوال في الاهتداء إلى باقي القطيع، ويظل يدور، ويدور إلى أن يسقط، وكذلك يفعل بعض الساسة التائهين، لكن الجمال الأصيلة، وكذلك السياسي الفحل، او الثائر ذوي الانتماء المتجذر، إذا تخلف احدهم عن القطيع أو ضل الطريق، فإنه يتجه رأساً إلى مسقط رأسه (الثوابت الوطنية، والمنطلقات الثورية).

يقول مثل آخر ذو صلة بالجِمال: الذود من هَدرة الفحل، لكن في الآونة الأخيرة، ازداد الريب من "الفحول" الهادرة، والنُوق "المتختخة"، إذ ان المبالغة في الهدر، اصبحت تنذر بالغدر، ولعل السبب انتشار ظاهرة البلوغ المبكر في الساحة، بسبب الهرمونات السياسية المسمومة، رخيصة الثمن والمفضلة لدى نظام الإنقاذ، وبلا شك أن الإكثار من جنس هذا "الكسب" المسموم، سيعجل من مفارقة النظام للحياة السياسية، بأعجل مما يتصور، فهنيئاً لهم، وبكل تأكيد، أن في مرح بعض الدخلاء على الثورة، خير على الثوار، وبركة على مسيرة التغييرة، و"المارحة تقرعها السدارة".

وقفة تأمل:

نحن نطارد العنزه الفارده ونحمي الدود مشارع النيل

خانني ذكائي، وخذلني اصدقائي في إدراك مقصد خليل افندي فرح من "العنزه الفارده" في هذا البيت من قصيدته الخالدة "الشرف الباذخ" وإن كان هنالك رابط بينها والدود في عجز البيت.

[email protected]

للإطلاع على المقالات السابقة:

http://suitminelhamish.blogspot.co.ukhttp://suitminelhamish.blogspot.co.uk




أحدث المقالات
  • حكايات الأنتحار – قصص واقعية بقلم هلال زاهر الساداتي
  • تذكرة عودة الي دار الزغاوة بقلم عبدالسلام كتر
  • المبادئ الثابتة لنظام الحكم وتنظيم المجتمع (5) (تابع ) بقلم عمر حيمري
  • التقرير السياسي عن المؤتمر السوداني ..إقرأ..فكر ..ناقش 4_6 بقلم منتصر ابراهيم الزين ابو ماريل
  • لحماية الشباب من الوقوع في شباك الغلو والعنف بقلم نورالدين مدني
  • ان رحلت الادبيات والنظام الاساسي عن فتح بقلم سميح خلف
  • شكراً للحرامي ..!! بقلم الطاهر ساتي
  • ماذا قال الشهيد الزبير محمد صالح قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بقلم جمال السراج
  • دعوة للقيادات الجنوبية التاريخية لتعزيز التصالح والتسامح الجنوبي يوم 13 يناير 2016 في عدن
  • في فيروز، قوقعتي ! بقلم محمد رفعت الدومي
  • بلداً فيها أيلا، يااا حِليل بقلم عبد الله الشيخ
  • مصطفى سيد أحمد وكورنيل ويست: مشروعان للتنمية الثقافية بقلم صلاح شعيب
  • عبد الرحيم بقادي: وعزتنا ما شالها تحرير: عبد الله علي إبراهيم
  • فى حضرة شهداء أرتريا _ الفدائي الفَذ العم/عبد الله داؤود بقلم محمد رمضان
  • خطر سعودي – إيراني يهدد فلسطينبقلم نقولا ناصر*
  • الاستقلال و الديمقراطية تزاوج لم يكتمل بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن
  • مهداة لروح الشاعر أحمد النعيمي بقلم الطيب الزين
  • ابني كاد يضيع من بين أيدينا !! بقلم نورالدين مدني