في شبابها... الوجوه التي كانت ترسم الإنفعالات علي مرآة النهر...تعمدت إلقاء الإبتسامة طعما لإغواء الضفة الشرقية..ناثرة الأصداف علي جدائل الشعر وجيدها الأسمر...أبدت الضفة الأخري شيئا من زينتها..هنا أشرقت ذات الوجوه تغسل أثواب أحزان حاضرها بسبائك الذكريات وتنثرها علي الطمي كي تجف الدموع..طربت السنطة العجوز* لضحكات قوية تفيأت ظلال أغصانها المتناثرة وساقها المائل..الأجساد التي أثمرت وتدثرت نسيجا من لوزات القطن -حين تبللها المياه- تثير القلوب..المعدية* هرمت وفقدت أسنانها وقبعت بعيدة عن أنين المراكب وضجيج الزوارق وهمسات اليخوت..عصفورة ملونة أخطأت الهدف ورسمت علي السطح بعض دوائر مرتبكة عجلي..إخترقت العصفورة سقف طموحاتها... وإختفت...تداخلت الدوائر وإتسعت أهدابها ثم تلاشت في مدارات هلامية...نسمة نافرة هبت علي جبين فتاة أحلام الماضي...لثمت عينيها وغضت الطرف عن ساقيها ...بصرت...ثم صاحت:"يا لهما من قدمين مخضبتين"...إلا أن النسمة هاجرت دون كلمة منها أو إشارة وداع..الأسماك -نقية أفئدتها- وكأنها في الماء تقدس وتسبح سبحانه القائل ((...وكان عرشه علي الماء...))...من يفقه تسبيحها الأسماك!جئنا نحمل البشارة للأرض الخضراء...قبسا من أنوار السماء...أبياتا من النظم...حبكة السرد...خلفية اللوحة بأبعادها...وقاعدة للتماثيل... راسخة..جئنا ندوزن النضال للشباب...كواليس المسرح...نوتة الألحان...وأوتار حبال صوتية...جئنا ندون التأريخ لأطفال أبرياءالنوبة في نبتةالفونج في سنارسلطنة بن دينارالمهدي من لبب إلي أبادقنة في سواكنوعبد اللطيف في أمدرمانقرشي الجامعةوالثوار الأحرارإنتفاضة الشعب...الرياح العنيفة التي أجتزت رأس طاغية الإفرنج* حتما ستقتلع غابات الأسمنت من الجذوروتزيح الأتربة عن طريق طويل... طويل... أرهقته التعب...■ حاشية:* السنطة: شجرة علي الضفة الغربية للنيل الأزرق عند مدينة سنجة ناحية القيادة العسكرية* المعدية: تلك التي كانت تبحر الأزرق تصل قرية مينا والقري الشرقية بمدينة سنجة* طاغية الإفرنج: هو غردون حاكم السودان في عهد المستعمر الإنجليزي■ الحاج خليفة جودة■ أمدرمان - أبو سعد أحدث المقالاتروابط لمواضيع من سودانيزاونلاين