سقط الديكتاتور عمر البشير يوم 11 أبريل 2019 بفعل الثورة الشعبية التي انطلقت شرارتها الأولى في ديسمبر 2018 في مدينة عطبرة شمال ثم سرعان ما عمت كل مدن السودان، ولم يسقط بفعل ما يسمى بالجيش السوداني أو ميليشيات الجنجويد اللذان يمسكان بالسلطة عبر "المجلس الانتقالي" اليوم بذريعة الحفاظ على استقرار البلاد ومنع الفوضى. الشرعية عند تجمع المهنيين الذي يمثل صوت الثوار، وهذه الشرعية نابعة من الثورة والثوار ومن خلفهم الملايين من أبناء السودان الثائرين الذين يفترشون حتى الآن الطرقات والأرصفة والأزقة حول القيادة العامة للجيش وأماكن أخرى في السودان، وليس للجيش السوداني أو ما يسمى بقوات الدعم السريع "الجنجويد" بقيادة حمدان دقلو. ولطالما الشرعية للشارع ولتجمع المهنيين كممثل شرعي ووحيد له، فإن الطريق الطبيعي لاستكمال الثورة وتحقيق أهدافها هو سرعة تكوين حكومة انتقالية من "مستقلين" دون التفات للمجلس العسكري غير الشرعي ومشاكساته للتمسك بالسلطة تحت ذريعة حفظ الأمن والاستقرار. عزيزي القارئ.. غني عن البيان أن الشرعية الثورية التي نتحدث عنها، هي حالة خاصة ومؤقتة، وأنها ستؤول حتما إلى الشرعية الدستورية المستقرة. لكن طالما هناك إصرار من جانب المجلس العسكري على التمسك بالسلطة دون تسليمها للمدنيين ليشكلوا حكومتهم الانتقالية فورا، فإن التعبئة الثورية عبر المظاهرات والاعتصامات وغيرها، ستستمر حتى تحقيق الثورة لكل أهدافها والوصول إلى غايتها النهائية وهي إقامة دولة المواطنة المتساوية عبر انتخابات حرة ونزيهة. إن الظرف الشرعي الثوري الذي تعيشه السودان اليوم، كان يتطلب من ممثلي الثورة تكوين حكومتهم سريعا استنادا إلى الإرادة الشعبية، إلآ أن تجمع المهنيين اعطى المجلس العسكري الانتقالي شرعية لا يستحقها من خلال الدخول معه في مساومات ومفاوضات حول تشكيل هيئة مشتركة من العسكريين والمدنيين للإشراف على البلاد لحين إجراء انتخابات. ليس هذا فحسب، بل المضحك في الأمر هو أن للمجلس العسكري الانتقالي رؤيته الخاصة للمرحلة الانتقالية في البلاد. لا افهم بالضبط.. لماذا يتفاوض تجمع المهنيين أصلا مع المجلس العسكري الانتقالي، فالأخير لا يمتلك لا شرعية دستورية ولا شرعية ثورية ولا أي شيء.. هل هو الخوف من جيش عبد الفتاح البرهان وميليشيات حمدان دقلو.. أم هو التهافت نحو السلطة ولو دون تحقيق أهداف الثورة كاملة؟ إن شرعية الثوار في القيادة العامة وغيرها من أماكن الاعتصام في السودان، أقوى من أي شرعية أخرى مدعاة، فهي أساس الثورة، فوجود المجلس العسكري في المشهد السياسي كشريك لهم، إنما خيانة والتفاف على الثورة، ويتعين عليه -أي المجلس العسكري تسليم السلطة للمدنيين فورا والعودة إلى ثكناته، ذلك أن مهمة الجيش هي حماية الوطن من العدو الخارجي وليس حشر أنفه في السياسة.. ويا حبذا لو بالمرة مشوا وحرروا مثلث حلايب من المصريين والفشقة من الأثيوبيين ومنطقة الطينة من إدريس ديبي. ويا تجمع المهنيين.. إن الشرعية الثورية والشارع معك، ومجلس الأمن والسلم الأفريقي الذي منح المجلس العسكري الانتقالي ثلاثة أشهر ولم يبقى منه سوى أسبوعين أيضا معك، الاتحاد الأوروبي ودول الترويكا وأمريكا معك، العالم كله معك. وعليك عدم مفاوضة أو مساومة المجلس العسكري الكيزاني في شيء حتى لا يرميكم الثوار في المزبلة كما فعل بالمخلوع وأعوانه.
العنوان
الكاتب
Date
لماذا يساومون ويفاوضون المجلس العسكري غير الشرعي؟ بقلم عبدالغني بريش فيوف
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة