أخشى ما أخشاه على ثقافة (التغيير) التي يعتبرها الكثيرون مقدسة وغير قابلة للنقد ولا التماهي مع (إختلافات الآراء عند الآخرين) حول ماهيتها وعناوينها ومبادئها ، أن تغوص هي أيضاً كما غاصت الإنقاذ في مستنقع نفي الآخر وإقصاائه عبر إعمال آلة (التطرف) في التعبير عن كل ما هو سامي ومقبول من أهدافها وشعاراتها ، أقول هذا بعد الهجوم االعنيف واللامبرَّر والذي لا يمُت بصلة لشعارات المنهج الديموقراطي وحرية الناس في التعبير عن آرائهم وتوجهاتهم حتى عن الثورة ومبدأ التغيير الذي نتبنَّاه ومعنا آخرين ، فلا مبدأ على وجه البسيطة قابل لأن يُعلن فرضاً وقسراً ليصبح قناعةً عند الآخرين ، ولو كان ذلك المبدأ هو الإسلام نفسه (ولكم دينكم ولي دين) ، أن يتم إتهامم كل من يمارس عمله الذي هو مصدر عيشه الإحترافي والوحيد بأنه (عدو) أو منحاز للحزب الحاكم أو يتخذ موقفاً مناوئاً لفكرة التغيير وخط الثورة على الماضي المظلم لهذه البلاد ، بلاشك في ذلك الكثير من مظاهر التطرف و لعنت والمبالغة في محاسبة الأخرين ، أقول ذلك من باب المحافظة على المباديء الأخلاقية للمنهج الديموقراطي وعلى خلفية ما تم تداوله من فيديهوهات مناهضة للفنان طه سليمان والمذيع محمد عثمان على إثر مشاركتهما في إحتفال بمدينة حيدر أباد بالهند ، وإن كان الإحتفال خاصاً بالحكومة أو بحزب المؤتمر الوطني أو كان غير ذلك فطه سليمان و المذيع محمد عثمان كلاهما محترفان في مجال مهنتهما ، ولهما كامل الحق في التعاقد والعمل مع أياً كان ، مثلما لا نسأل التجار عن زبائنهم الذين يبيعون لهم في المتجار هل هم مع الثورة أم ضدها ، ومثلمما يفعل نفس الشيء أصحاب المركبات والمؤسسات العاملة في شتى مجالات الخدمة ، كلنا نتعامل مع الحكومة ومع أشخاص آخرين يختلفون معنا في الرأي والمنهج ، نتبادل معهم المنافع وكلٌ يواصل طريقه الذي إختار ، مهمتنا أن نوصل هذه البلاد إلى مرحلة أن تصبح دولة مؤسسات يؤمها دستورٌ جامع ومنهج قانوني يضمن العدالة والمساواة والحرية ، حينها سيكون محور خلافنا مع بعضنا هو صناديق الإقتراع ، طه سليمان ومحمد عثماان لا علاقة لخطتهما المهنية بالثورة ولا بقاء النظام أو زواله ، هما ليسا سوا شخصين يعملان من أجل الحصول على ما يعينهما على مواجهة متطلبات الحياة مثلهم و لايين السودانيين أياً كانواا (مع) أو (ضد) النظام الحاكم ، يا هؤلاء عليكم أن تنتبهوا أن لا عمل يمكن أن يحوز على إحترام الآخرين وإلتزامهم بمناصرته لأنه يرفع راية الحق ، دون الإلتزام (المثالي) بالقيِّم والأخلاقيات والمُثل التي تعتبر جوهر رسالته التي يسعى لترويجها بين الناس .. كونوا على حذر.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة