حق لنا أن نسمي ثورة (الاتصالات) بثورة (الشائعات) !! فقد وصلت رسائل الواتساب وغيره من وسائط التقنية في مجتمعنا أن ينشر فيها صورٌ لوثائق ثبوتية كالجوازات والبطاقات ويقال أسفل الوثيقة هذا فلان وهذه فلانة فعل وفعل وعمل في ذلك المكان أو قام بفعل كذا .. وتصل تلك الرسائل (مجهولة) المصدر ، وغير معلوم لمن وصلت إليه هل المعلومة صحيحة أم لا !! وحتى على فرض أن بعضها صحيح فهل يجوز شرعاً هذا العمل ؟! كيف بشخص يخاف من الله تعالى ويشفق على نفسه من حقوق الآخرين وسؤال الله عنها ومن مغبة تفريطه فيها أن يرسل صوراً شخصية أو صوراً لوثائق ثبوتية لأشخاص معينين يساء إلى أصحابها بها ؟! وقل مثل ذلك في التحذير من شركات بعينها أو مصانع بعينها من غير صدور ذلك من جهات الاختصاص ، وقل مثل ذلك في حديث أناس عن القضاء في دول معينة وتبرئتهم لمتهمين بأنهم أبرياء هكذا من على البعد ، وقل مثل ذلك في نشر شائعات عن مجموعات أو مسؤولين أو دول بأنها فعلت وفعلت دون أن يكون هناك بينة على ذلك !! والقائمة تطول تبّاً لتقنية تستخدم في مثل هذه المخازي ، وتستخدم في أذية عباد الله ، ومؤلم رؤية ثورة تقليد أعمى بتبادل رسائل تضر ولا تنفع ، حملات إعادة توجيه دون رعاية لأدنى حقوق الناس عموماً وحقوق المسلمين خصوصاً .. انتهاك للخصوصية ونشر صور للحوادث وقد يترتب على ذلك من الضرر ما لا يتصوره المصور أو الناقل. مؤسف جداً أن يسهم كثيرٌ من الناس في نشر كل ما يصل إليهم دون أن يكون لديهم من التروي والأناة ما أوجبه ديننا في مثل هذه الأمور، ومحزن أن كثيراً من الناس لم يستقيموا لتوجيهات الخالق سبحانه في قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين».. فما هو عذر من يعيد إرسال رسائل كهذه ويساعد في نشرها دون أن يتأكد من صحتها ودون أن يبذل جهداً في التبيّن والتثبّت من صدقها؟! ولا تخفى على مسلم خطورة نشر الشائعات والأكاذيب، خاصة ونحن نعيش في زمان أنعم الله تعالى علينا فيه بوسائل تقنية تساعد في سهولة التواصل وسرعة نشر المعلومات في لحظات قليلات، فهي «نعمة» استثمرها كثيرون في نشر الحق وكسب الحسنات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصلات الطيبة، فهي لهؤلاء «نعمة»، وإن أناساً آخرين سخّروها في نشر الباطل وكسب السيئات والأوزار والمساعدة - بتساهلهم وتفريطهم ــ في ترويج الأكاذيب والشائعات المفتريات، فكانت عليهم (نِقْمَة) والمؤسف – حقّاً - أن يكون نشر الشائعات المكذوبات على مستوى الصحف اليومية ، فتنشر الصحيفة ما يرد من معلومات مكذوبة في هاتف أحد موظفيها من الرسائل المجهولة المصدر دون أن تستوثق أو تقوم بأدنى واجبات الوظيفة الصحفية ، وبدون تقيد بأبسط قواعد أخلاق المهنة. وقد كان في ما سبق مكانة وهيبة للأخبار التي تنشر على الصحف حتى إنها لتعدُّ مصادر موثوقة ، ولكن في الفترة الأخيرة وجد ضعف نال بعض الصحف في جانب مهم من رسالتها ألا وهو نشر الأخبار الحقيقية وتمحيصها بعد التأكد منها ، فما هذه المهازل؟! إن بعض الجهات تتساهل في نشر مثل هذه الأخبار بدافع الإثارة ولكسب زيادة مشترين لترويج بضاعتها ، وقد سمّى صحيفة بعينها لها حضور في نشر الجرائم والأحداث في المجتمع لكنها باتت لا تهتم بصدق المعلومة حتى باتت بعض الصحف مضرب مثل في الأخبار (المضروبة) !! وأما أعضاء (المجموعات) في الواتساب وفي غيره من مواقع التواصل فإن عليهم أن يدركوا خطورة ما يتساهلون في نشره ، ما يتسبّب في تبعات من السيئات والأوزار عليهم .. وما تضيع وتنسف به حسناتهم ، خاصة الأخبار التي تتعلق بأشخاص معينين فإن حق المسلم عظيم ، والافتراء عليه شأنه خطير ، وهو حق مبني على المشاحة ، يصعب على من ولغ أو وقع فيه السلامة من مغبته .. ولننشر التوعية في هذه القضية التي باتت مصدر زعزعة ومورداً لنشر الفتن والافتراء على خلق الله .. والموفق من وفقه الله.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة