· اطلعت بالأمس في قروب بعض الأحبة على صورة مركبة عليها كباشن تُقرأ " صف قروش"، " صف فول"، صف بنزين"، " صف رغيف"، " صف غاز" وصف " مشي". · وحين سألت " وين صف الثورة يا جماعة الخير"، جائني رد ساخر من أحدهم على هيئة سؤال " الثورة بي النص ولا الشنقيطي"؟ · رد صديقنا المعروف بسخريته اللطيفة مفهوم طبعاً، فالرجل يبدو فاقداً لأي عشم في أن يثور هذا الشعب ضد هذا الظلم الذي يتعرض له. · والمرء يستغرب حقيقة لشعب يتحمل كل هذه المهانة والذلة دون أن يثور في وجه من يظلمونه وينتهكون أبسط حقوقه. · قبل عطلة عيد الأضحى المبارك سمعنا وقرأنا عن البنوك التي توقفت تماماً عن صرف رواتب وأموال المودعين. · ورأينا الذل في أوضح صوره لمواطنين يتراصون داخل صالات البنوك في رحلة الاستجداء اليومية لحقهم المشروع. · لم نسمع في أي بلدان العالم بزبائن يودعون أموالهم في البنوك وحين يريدون استرداد جزء منها، أو كلها ترفض المصارف بحجة عدم توفر السيولة. · لكن ذلك وأكثر منه حدث في سودان العجائب. · وبدلاً من أن يثور الناس في وجه الحكام الظالمين رأيناهم يحتجون على موظفي البنوك تارة، ويعتدون على بعضهم تارة ويستجدونهم في مرات آخرى لعل الواحد منهم يظفر ولو بمبلغ يسير. · بلغ السيل الزبى. · ولم يعد هناك أي عزاء يجعلنا نتخوف من ردة الفعل إن تعاملنا بصرامة وحزم مع ما نواجهه من استعلاء وغطرسة وظلم و ( حقارة). · فليس من حق الدولة أن تمنع عن الناس أموالهم تحت أي ذريعة كانت. · والحكومة التي تعجز عن الإيفاء بأبسط متطلباتها يفترض أن تتنازل عن الحكم. · وإن لم تفعل- ولن تفعل في حالتنا- فعلى الشعب أن يزيحها عنوة واقتداراً بدلاً من الاستكانة للذل والهوان الذي يحدث الآن. · وما يضاعف حزننا وألمنا أن يخرج عليك في خضم هذه المآسي والأزمات من يزعمون معارضتهم لما يحدث من داخل أجهزة يعلم الداني والقاصي مدى تحكم القائمين على الأمر فيها. · والأدهى والأمر دائماً هو احتفاء بعض السذج والبسطاء بمثل هؤلاء المعارضين ( الصوريين) الذين لا أرى سبباً لإدعاءاتهم سوى محاولة التنفيس عن حالة الغضب التي تعتري بعضنا. · بالأمس تداول الناس فيديو لمذيع يعمل بقناة أمدرمان الفضائية وصفه البعض بـ ( الشجاع). · كنا نسمع المذيع الهمام يصرخ بأعلى صوته محتجاً على ما يحدث في بلدنا. · لكن المثير للشفقة أن الفتى ظل يطرح أسئلة كان من الممكن أن يجيبه عليها أصغر طفل في السودان قبل أن يتوجه بها إلى أستديو قناة التطبيل الفضائية. · قال المذيع أن الشعب يمكن أن يفهم أن تكون هناك أزمات أو انعدام للسلع، لكنه، أي المواطن لن يفهم مطلقاً عدم خروج المسئولين لعقد مؤتمرات صحفية يوضحون فيها أسباب هذه الأزمات!! · لا أعرف توجهات أو إنتماءات المذيع الواثق. · لكن لأن المولى عز وجل عرفناه بالعقل وما شفناهو بالعين، لم يقبل عقلي نقد الواثق المزعوم. · صراخ وانفعال وحالة غضب مفتعلة عبر عنها المذيع في طرح أسئلة لا تحتاج لإجابات. · أولاً الشعب يا عزيزي الواثق لا يفترض أن يقبل أن تكون هناك أزمات تصل حد منعه من استرداد بعض مدخراته في البنوك. · ومن قال لك أن المواطن لن يرفض أن تكون هناك صفوف وندرة، أو انعدام تام لبعض السلع الضرورية؟! · أما طلبك بأن يعقد المسئول مؤتمراً صحفياً يخرج فيه للناس ليبين لهم أسباب انعدام السلع فهو مردود عليك. · فشعب السودان عرف منذ زمن بعيد الأسباب وراء الأزمة الإقتصادية الطاحنة التي عصفت بالبلاد. · وإن كنت تجهل ذلك أحيلك لأحد أطفال السودان كما أسلفت، وثق بأنك سوف تجد عنده الإجابة الشافية الواضحة الصريحة. · فالبلد نُهب بكامله يا عزيزي. · وثروات وطننا دخلت جيوب بعض اللصوص الذين سخروها لخدمة مصالحهم الخاصة. · وعائدات النفط المهولة لم تدخل خزينة الدولة، لأنه أصلاً لم تعد هناك خزينة مركزية في زمن التجنيب والتمكين. · والمشاريع الرئيسة بيعت أو دُمرت بفعل فاعل، وأنت ما زلت تسأل عن أسباب الأزمات وانعدام السلع وتريد من المسئولين أن يخاطبوا الشعب لكي يتفهم موقفهم؟! · للمرة المليون أقول يكفينا ما نعيشه من مصائب ومشاكل، ولا يجدر بنا أن نروج لبعض المحاولات العبثية. · فلا يعقل أن يخرج مذيع ( شجاع) حتى لو كان ( مختل العقل) عبر قناة فضائية وجدت كل الدعم والعون من حكومتنا ليعارض هذه الحكومة وينتقدها بشكل واضح وصريح، إلا إذا كان هناك غرض أوضح من مثل هذا النقد. · أنت أيها الشعب السوداني المنكوب لا تحتاج لتنفيس غضبك، بل تحتاج لأن تُفجر براكين هذا الغضب حتى يكف البعض عن استهتارهم بمقدراتك ويعيدون لك حقوقك المسلوبة.
العنوان
الكاتب
Date
مذيع فضائية أمدرمان الشجااااع !!! بقلم كمال الهِدي
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة