مثلما يدعو النافذون في حكومة المؤتمر الوطني الناس إلى التشمُّر للعمل والإنتاج ، وفقاً لما ألهمهم إياه تفكيرهم المُضني والذي دام عقوداً من الزمان إلى أن لا حل للواقع الإقتصادي الحالي المشين والمهين لإنسانية العباد ومقام البلاد إلا بمزيدٍ من الإنتاج ، كان هناك آخرون (يدعون) ربهم العلي القدير من عامة أهل السودان الشرفاء الذين أوصلتهم سياسات حكومة المؤتمر الوطني إلى مصاف الفقر المدقع بعد أن كانوا حتى زمانٍ قريب مستوري الحال أن يلهمهم في مصابهم صبراً جميلا ، ولسان حال المنطق يقول أيها الجالسون على مصاف كرسي الحكم وبين أياديكم مفاتيح الخير والشر لمستقبلنا المجهول ، كيف لهذا الشعب أن يعمل وهو (مُكبَّل) بكل ما ملكت أيديكم من سلاسل وقيود ، متى ينتج الشعب وهو يقضي ثلثي يومه في صفوف محطات الوقود ، وأمام نوافذ المخابز ، وفي معاملاته اليومية مع البنوك ، في أيي ساعةٍ يمكن أن يكون هذا الإنتاج وقد أصبح أكبر ما يمكن أن يعتبره الفرد (إنجازاً) في هذا الوطن المكلوم هو نجاحه في الحصول خبز وجبتين أو ثلاثة ، أو حصوله على ماله وحلاله من البنوك المؤتمنة ، لسان حال الناس يا من تقبعون في (كبسولاتكم) المُغلقة دون الواقع المرير ، وهذه البيئة النتنة التي تدحض كل يوم آمال وطموحات البسطاء ولو (تقزَّمت) في مجرد الحصول على الكفاف بيسرِ يمكَّنهم من الإلتفات إلى (إنتاج) ما يكفيهم شر العدم في غدٍ مقبل ، ولسان حال الحق يستمرُ في الإفصاح عن ذاتهِ الجليه بأن ما بُني على باطل فهو باطل ، فإن كان ضعف الإنتاج واقعٌ ماثل ، فما من سبب له غير إنتشار الفساد في حقبة أسميها (سكرة الإنتشاء) عندما كانت للشعارات المهرجانية صولات وجولات في عالم التخطيط السياسي والإداري والإقتصادي الذي طالما تعارض دائماً مع المصلحة الجماعية ، وطالما تكالب بلا تحريم ولا تجريم ولا كابح نحو تحقيق المصالح الذاتية والحزبية ، تارةً بإسم التمكين للدين والمُتدَّينين وتارةً بإسم المصلحة الوطنية العليا ، وتارة بلا إسم ولا عنوان ، إمعاناً في التمويه ومحواً لآثار الجريمة التي إرتكبها من وقفوا على أمانة إدارة مستقبل البلاد وقوت العباد ، وفي إحتفالاتهم المهرجانية و(الصوَّريه) باليوم العالمي للشباب ، يدعون الشباب الذي أضاعت آماله سياساتهم وإخفقاتهم ، أن لا يلتفتوا إلى التوظيف في الدوله ، وأن يتوَّجهوا إلى العمل التجاري عبر أكذوبة التمويل الأصغر ، الذي ما زالت تتقاذف المتورطين فيه من الشباب والأسر الفقيرة مطاردات البنوك والعجز عن سداد الرساميل ، بسبب كثرة النوافذ الضريبية والكساد الذي تعانيه الأسواق نتاجاً لضعف القوى الشرائية بما أصاب الناس من فقرٍ وقلة حيلة ، يدعون الشباب لأن لا يلتفت إلى حقه في التوظيف بعد أن صار بفعل الواسطة والمحسوبية والفساد التمكيني حكراً على الفئة التي ملكت جبراً كل خيرات الوطن ، متناسين أن مسألة التخطيط لتفعيل القوى البشرية داخل المنظومة الإنتاجية هو حقٌ أصيل ومن صميم واجبات الدولة ، الحكومة مهما تنصَّلت هي مسئولة عن حالة البطالة العامة للشباب وتدني الإنتاج ، وهي مسئولة عن إنخراط المؤهلين من الشباب في المهن الهامشية وأحياناً غير الشرعية ، لا نطلب منها أن ترُد ما سلبت من أحلامنا وتنمياتنا لما كان يمكن أن يكون عليه حال الوطن والمواطن ، نطلب منها فقط أن تعترف بالفشل ، وتتنحى وتمنح فرصةً (للآخر) .. ربما تراءى لهذا الوطن وشعبه أملٌ جديد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة