* لم أصدق أن يصل الاستهتار والعبث وعدم المسؤولية وعدم المبالاة من كبار المسؤولين فى التصدى لمسؤولياتهم والقيام بواجباتهم فى هذه الظروف الحرجة التى يعانى فيها المواطنون أشد المعاناة من التضخم والغلاء الفاحش وانعدام السلع الضرورية، ويهجرون منازلهم ليستوطنوا الشوارع، ويقفوا فى الصفوف الطويلة بالايام والليالى فى سبيل الحصول على بعض الوقود من اجل لقمة العيش لهم ولأسرهم، إلا عندما قرأت فى الصحف ان وزير المالية يقضى اجازة مع اسرته فى السعودية منذ أسبوع ومنها سيتوجه الى دولة كوريا لإكمال بقية الاجازة، وأن رئاسة الجمهورية طالبته بقطع الإجازة والعودة فورا الى الخرطوم !!
* بالله عليكم هل هنالك استهتار وعبث وعدم مسؤولية أكثر من هذا الذى يحدث فى بلد يشهد حالة انهيار كاملة وأزمة إقتصادية ومالية حادة، لدرجة أن رئيس حكومته يعلن على الملأ أنهم فشلوا فى تدبير مبلغ (102 ) مليون دولار فقط من اجل صيانة مصفاة الجيلى وتوفير الوقود للمواطنين، بينما يذهب وزير المالية فى إجازة الى السعودية ومنها الى كوريا برفقة أعضاء أسرته ؟!
* تخيَّل أن اسرتك تعانى الفقر والمسغبة والجوع والمرض، ولا تجد ما تشترى به الدواء لطفلك الصغير الذى يصارع الموت من الحمى والقئ والاسهال الحاد، بينما تسافر أنت لقضاء إجازة غير مبالٍ بما يحدث لهم، أو أن يكون أبوك أو أمك فى النزع الأخير بينما تلهو أنت فى الخارج .. ماذا تسمى هذا الوضع، وماذا تطلق على نفسك من صفات عندما يصحو عقلك أو ضميرك .. وهل تستحق أن تكون مسؤولا من هذه الأسرة، أو حتى أن تعيش ؟!
* دولة ترتفع فيها نسبة التضخم كل ثانية، وتهوى عملتها الى الأرض، وتمنع الحكومة مواطنيها من سحب اموالهم من البنوك، وتُعطِّل صرافات النقد، فيتعذب الناس فى الحصول على اقل القليل من المال، ويمنع بنكها المركزى استيراد معظم السلع ومدخلات الانتاج حتى للزراعة التى هى عصب البلد بسبب شح العملات الأجنبية، وتعجز عن توفير الوقود والغاز، وتستدين الكهرباء من اثيوبيا، وتتكفف الدول أعطتها أو منعتها، ويبلغ حجم ديونها الخارجية ستين بليون دولار، وتفشل فى سداد الفوائد فتُجِّمد المؤسسات المالية الدولية التعامل معها، وتقف بعض الدول مثل الصين على بابها كما يقف الدائن على باب المدين يطالبه بتسديد الدين، أو يحجز على منزله أو ارضه، بل وصل بها الحال بعد ان أهدرت كل ما كان لديها من خير ومال كثير على ملذاتها ومساخرها، الى بيع دماء وأرواح جندها وإراقة ماء وجهها مقابل المال .. ورغم كل هذه الظروف القاسية والمعاناة التى وصلت حد الموت .. يسافر المسؤول المالى الأول فيها لقضاء اجازته مع أسرته فى الخارج .. تخيلوا !!
* لنفترض أن هذا المسؤول عابث أو فاسق، وهو أقل ما يمكن أن يوصف به، فما هو الفسق إن لم يكن أن يهجر الأب ابنه المريض الذى ينازع الموت ليلهو فى الخارج، ولكن بماذا نصف من سمح له بالسفر رغم كل هذه الظروف القاسية؟!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة