قبل نحو ثماني سنوات احتار الإمام وطلب مهلة للرد على الطلب.. الفريق صلاح قوش مستشار الأمن القومي وقتها يطلب زيارة الإمام الصادق في داره.. بالفعل حدثت الزيارة وكانت اللبنة الأولى في الحوار الوطني.. في سنوات لاحقة بادر قوش بزيارة الشيخ حسن الترابي وأدار معه حواراً في الفكر والسياسة.. حدث ذلك رغم المسافة الفاصلة بين الرجلين.. تلك كانت بوادر تغيير في تفكير رجل المخابرات السوداني بعد فترة إظلام تام في بداية عهده.
منذ أن قرر الرئيس البشير إعادة الفريق قوش إلى الملعب السياسي في ذات وظيفته السابقة كلاعب ارتكاز كان السؤال ما الجديد الذي يمكن أن يقدمه الرجل؟.. لم أكن على الصعيد الشخصي أتوقع لمسات سريعة من الرجل الذي جاء في مناخ مضطرب تسود فيه سياسة الحفر والدفن.. رغم ذلك صنع قوش بمهارة حدثين.. إطلاق سراح كافة المعتقلين بسبب التظاهرات الأخيرة.. الحدث الثاني الإعلان جهراً عن طرد إخوان مصر من السودان.
من المفيد أن نبدأ بطرد أنصار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي.. رغم أنني مثل كثيرين أتعاطف مع هؤلاء المشردين الذين اختطف منهم العسكر الحكم.. لكن ليس في وسع السودان تحمل هذه الفاتورة الباهظة التكاليف.. في أغلب التقديرات أن القرار قديم وتم إعادة التوافق عليه مؤخراً في اجتماعات اللجنة الرباعية التي ضمت وزيري خارجية البلدين بجانب رئيسي جهازي المخابرات في مصر والسودان.. بصمة قوش واضحة في أنه أراد أن يستفيد إعلامياً وسياسياً من الحدث.. فيما غيره كانوا يقومون بهذه الخطوات سراً.. مع إنكار وجود معارضين لحكومة مصر من الأساس.
أن يتخذ قوش في ظرف أسبوع قراراً في حجم إطلاق سجناء الرأي هذا يمثل مؤشراً يصلح للقياس.. كان بإمكان الرجل ألا يتحمل المسؤولية باعتبار أن القرار اتخذه سلفه.. وربما كان بإمكانه أن يتحجج بحاجته لمزيد من الوقت.. كما أن المعارضة لم ترم بعد قفاز التحدي وما زالت تتوعد الحكومة بمزيد من المواجهات.. حتى إخراج الحدث فيه مهارة عبر دعوة أجهزة الإعلام ووكالات الأنباء الأجنبية للتوثيق للحدث.. بل انتداب اللواء عبدالرحمن الصادق المهدي كضيف شرف وممثل للحكومة فيه قدر من الدهاء.. لن تهتف الجسورة سارة نقدالله في وجه الإمام الصغير.. حتى الشيوعيون لن يجدوا غير هتافات حماسية لا تعكر صفو تشريف مساعد الرئيس للمناسبة.
في تقديري.. مطلوب من المعارضة أن تستوعب المتغيرات الجديدة في بنية الحكم.. وأن تحاول الضغط على الحكومة بوسائل فعالة لا تسبب الاستفزاز.. من المهم الإشادة بخطوات قوش التي تسهم في النهاية من فك طوق العزلة عن بلدنا الطيب.. لم تعد في عالم اليوم هنالك ملفات داخلية وأخرى خارجية.. هذا ما يبدو بعض من الجديد الذي تعلمه الجنرال قوش من رحلة الجلوس على مقاعد المتفرجين خلال نحو تسع سنوات.
بصراحة.. ملف قوش في الأسبوع الأول فيه الكثير من المؤشرات الإيجابية رغم أنه رجل من الحرس القديم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة